دراسة: جرعة واحدة من اللّقاح قد تكفي للوقاية من كورونا

دراسة: جرعة واحدة من اللّقاح قد تكفي للوقاية من كورونا


22/02/2021

ترجمة: محمد الدخاخني

حصلت الجهود المبذولة لتطعيم سكّان العالم ضدّ "كوفيد 19" على دَفعة، الجمعة، بعد أن أظهرت أبحاث أنّ بعض اللّقاحات تتيح حمايةً قويّةً بجرعةٍ واحدة، وأنّه يمكن الآن تخزين أحد اللّقاحات في برّاداتٍ عاديةٍ بدلاً من البرّادات شديدة البرودة.

وفق البحث الجديد؛ يولِّد الّلقاح، الذي طوّرته "فايزر" بالتّعاون مع "بايو إن تيك"، مناعةً قويّةً بعد جرعةٍ واحدة، كما أظهرت بيانات أخرى أنّ لقاح جامعة "أكسفورد "و"أسترازينيكا بي إل سي" يقي بالمثل من "كوفيد 19" حتّى مع تباعد الجرعات لمدّة ثلاثة أشهر.

باحثون: يمكن لجرعتين من الّلقاح تقليل الحالات بنسبة 50%، وهو رقم أقلّ لأنّه يشمل أشخاصاً يعانون من أعراض أو لا يعانون منها

يمكن أن تعزّز هذه النّتائج الحجج المؤيّدة لتأجيل الجرعة الثّانية من الّلقاح الّذي يتطلّب جرعتين، كما فعلت المملكة المتّحدة، ويمكن أن يكون لها، أيضاً، آثار كبيرة على سياسة الّلقاح وتوزيعه في كافّة أنحاء العالم، ممّا يبسّط لوجستيّات التّوزيع.

وقالت شركتا "فايزر" و"بيو إن تيك"؛ إنّهما قد طلبتا من الجهات الأمريكيّة المنظّمة السّماح بتخزين اللّقاح ونقله في درجات حرارةٍ متوافقةٍ مع معايير التّبريد القياسيّة، حوالي 20 درجة مئويّة تحت الصّفر، بعد نجاح اختبار الاستقرار الدّاخليّ، ويجري إعداد ملفّات مماثلة في بلدان أخرى.

في حال موافقة الجهات المنظّمة

وفي حالة موافقة الجهات المنظّمة على طلب شركة "فايزر"؛ فإنّ هذا يعني أنّ لقاحها سيوسّع بشكلٍ كبيرٍ الوصول إلى المناطق الرّيفيّة حول العالم، وكذلك الصّيدليات وعيادات الأطبّاء، وذلك وفق خبراء الصّناعة والمسؤولين.

سيَسمح تغيير الملصق بالاحتفاظ بالجرعات بشكلٍ أساسيٍّ في أيّ مكانٍ يمتلك فيه مقدّمو الخدمة برّادات عادية، ممّا سيجعل من السّهل التّعامل مع الجرعات وإتاحتها على نحوٍ محتملٍ في البلدان الفقيرة، التي لا إمكانيّة لديها للوصول إلى معدّات التّوزيع والتّخزين شديدة البرودة، وسيكون لقاح "فايزر"، أيضاً، قادراً على العودة إلى درجات الحرارة شديدة البرودة بعد وجوده في درجات الحرارة القياسيّة.

يقول إيفان ديكيتش، مدير معهد الكيمياء الحيويّة الثّاني في جامعة غوته في فرانكفورت: "هذه أخبار ممتازة، وستحسّن تعميم الّلقاح بشكلٍ كبير"، ويضيف: "سيكون البروتوكول المُحسَّن أسهل بكثير في التّعامل بالنّسبة إلى كلٍّ من البلدان الغنيّة والنّامية في كافّة أنحاء العالم".

ومن جانبها، تخطّط شركة "فايزر" لطلب تغيير الملصق من وكالة الأدوية الأوروبيّة، أيضاً. وإذا وافقت الوكالة على الطّلب، فقد يتمّ تسريع عمليّة تعميم اللّقاح في الاتّحاد الأوروبيّ، ولم تستجب الوكالة لطلب التّعليق، الجمعة، وقال معهد "روبرت كوخ" الألمانيّ، وهو وكالة مكافحة أمراض تضمّ لجنةً استشاريّةً للّقاحات، في بيانٍ؛ إنّه سيعيد النّظر في إرشاداته مع ظهور بيانات جديدة.

وكانت متطلّبات التّخزين شديد البرودة للجرعات عقبةً رئيسةً أمام بعض مقدّمي الخدمة والإدارات الصّحّيّة المحلّيّة، ممّا دفعهم في الأشهر الأخيرة إلى شراء معدّات خاصّة، وساهمت القيود، أيضاً، في إبطاء وتيرة تعميم الّلقاح في أوروبا، ممّا جعل من المعقّد إعطاء الّلقاح في غرف المعاينة العامّة ودور رعاية المسنّين.

اقرأ أيضاً: كيف كشفت جائحة كورونا تفوّق الديمقراطية على الاستبداد؟

هذا، وتمّ إهدار جرعات في وقتٍ مبكّرٍ من عمليّة الطّرح؛ حيث فشلت السّلطات المحلّيّة في الالتزام بقواعد التّعامل الصّارمة، وفي ولاية بافاريا الألمانيّة، تمّ التخّلص من ألفي جرعة بسبب تعرّضها لدرجات حرارة أعلى.

وفي الولايات المتّحدة، تمتلك سلاسل البيع بالتّجزئة، مثل "سي في إس هيلث كورب"، ومحلّات البقالة والأنظمة الصّحّيّة الرّئيسة، وغير ذلك من مقدّمي الخدمات، بعض البرّادات فائقة البرودة، لكنّ مجتمعات أخرى كثيرة لا تمتلك ذلك.

تغيير الإرشادات

ويقول خبراء؛ إنّ تغيير الإرشادات يمكن أن يساعد في التّخزين مع زيادة الإمدادات، ومع توافر المزيد من مواقع التّطعيم لعامّة النّاس، ويمكن للصّيدليّات ومكاتب الأطبّاء، التي كان من الممكن استبعادها لولا ذلك، أن تمنح اللقاح بسهولةٍ أكبر.

وقال مُنصِف السّلاوي، كبير المستشارين السّابق لعمليّة "وورب سبيد"، برنامج الاستجابة لـ "كوفيد 19" خلال إدارة ترامب، في مقابلةٍ، الجمعة: "إنّ ذلك، بالتّأكيد، يزيد من عدد المواقع"، وأضاف: "معظم مواقع خدمات الوقاية تضمّ برّادات بـ 20 درجة مئويّة تحت الصّفر مثل أيّ شخص في المنزل".

ويقول خبراء اللّقاحات؛ إنّ التحدّيات ما تزال قائمة؛ لأنّ لقاح "فايزر" سيستمرّ في الشّحن في علبه المخصّصة، التي يمكن أن تحمل ما يصل إلى 975 قارورة، ممّا يجعل التّعامل صعباً بالنّسبة إلى المواقع الصّغيرة، مثل عيادات الأطبّاء والصّيدليّات الّتي قد لا تحتاج إلى جرعاتٍ كثيرة.

هذا وما يزال تخزين اللقاحات المنافسة أسهل، فيمكن تخزين لقاح شركة "مودرنا" في درجات تبريدٍ قياسيّةٍ، لمدةٍ تصل إلى ستّة أشهر، ويمكنه أن يبقى في الثّلاجة لمدّة تصل إلى 30 يوماً، ويمكن الاحتفاظ بلقاح "جونسون آند جونسون"، الذي يقيّم المنظّمون الأمريكيّون ترخيصه، والّذي ثبت أنّه يحمي بأمانٍ من "كوفيد 19"، في البرّادات العادية لمدّةٍ تصل إلى عامين، مع إمكانية بقائه ثلاثة أشهر على الأقلّ في الثّلاجة.

ومن المرجّح أن تُجدّد النّتائج المتعلّقة بفاعلية الجرعة الواحدة الجدل حول ما إذا كان ينبغي تعديل جداول الجرعات وسط محدوديّة إمدادات الّلقاح.

تلقّى ما يقرب من ثلث السّكان البالغين في المملكة المتّحدة الآن جرعةً واحدةً على الأقلّ، ونفّذت أجزاء من كندا وأوروبا إجراءات مماثلة

وفي بحثٍ نُشر الجمعة، في مجلة "لانسيت" الطبيّة، تبيّن أنّ جرعةً واحدةً من لقاح "فايزر" فعّالة بنسبة 85 في المئة في الوقاية من المرض المصحوب بأعراضٍ، بعد 15 إلى 28 يوماً من إعطائها، وفق دراسةٍ محكمةٍ على حوالي  9000 شخص أجراها المركز الطبّي الحكوميّ الإسرائيليّ "شيبا".

وقالت شركتا "فايزر" و"بيو إن تيك"؛ إنّ الجرعة الثّانية يجب أن تُعطى بعد ثلاثة أسابيع، وهو الجدول الزّمني الذي تمّ استخدامه في دراستهما المتأخّرة، والّتي وجدت أنّ الّلقاح وقائيّ بنسبة 95 في المئة. وقالتا، أيضاً، إنّهما لم تقوما بدراسة جداول الجرعات البديلة، لكن يجب أن تكون التّغييرات متروكة للسّلطات الصّحّيّة.

المملكة المتّحدة تؤجل الجرعة الثّانية

وأجّلت المملكة المتّحدة الجرعة الثّانية لمدّةٍ تصل إلى 12 أسبوعاً؛ حتّى تتمكّن من استخدام الإمدادات المحدودة لتوصيل جرعةٍ واحدةٍ لعددٍ أكبر من الأشخاص، وتلقّى ما يقرب من ثلث السّكان البالغين في المملكة المتّحدة الآن جرعةً واحدةً على الأقلّ، ونفّذت أجزاء من كندا وأوروبا إجراءات مماثلة، بالرّغم من أنّ العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتّحدة، لم تفعل ذلك.

اقرأ أيضاً: هل غيّرت جائحة كورونا طبيعة الإرهاب في أوروبا؟

وجاءت النّتائج الإسرائيليّة من بياناتٍ واقعيّةٍ حول تأثير الّلقاح، والّتي تمّ جمعها خارج التّجارب السريرية، وأعطت إسرائيل الجرعة الأولى لما يقرب من نصف مواطنيها، البالغ عددهم 9.3 مليون نسمة.

ومع ذلك، لاحظ مؤلّفو الدّراسة أنّ النّتائج لا تبرّر تغيير جداول الجرعة، وأنّ هناك حاجة إلى مزيدٍ من المتابعة لتقييم الفعالية طويلة المدى لجرعةٍ واحدةٍ قبل اتّخاذ قرار بتأجيل الجرعات الثّانية.

يقول إيال ليشيم، مدير مركز "شيبا" لطبّ السّفر وأمراض المناطق المداريّة وأحد مؤلّفي الدّراسة: "هذه هي الدّراسة الأولى الّتي تقيّم فعاليّة جرعة واحدة من الّلقاح في ظروف الحياة الواقعيّة وتظهر الفعاليّة المبكّرة، حتّى قبل إعطاء الجرعة الثّانية".

وتقول جيلي ريجيف يوشاي، وهي من مؤلّفي الدّراسة أيضاً؛ إنّ "النّتائج قد تختلف عن نتائج أخرى؛ لأنّ المشاركين كانوا أصغر سنّاً وأكثر صحّة"، وتضيف: "الدّراسة لم تستطع تأكيد المدّة الّتي ستستغرقها الحماية من جرعةٍ واحدة، حيث تلقّى معظم الأشخاص جرعةً ثانية".

ويوم الجمعة، في لانسيت أيضاً؛ أظهر اللّقاح الّذي طوّرته جامعة "أكسفورد" و"أسترازينيكا"، فعاليته بنسبة 81 في المئة في منع "كوفيد 19"، ذي الأعراض، عندما تباعدت الجرعات 12 أسبوعاً، مقارنةً بـ 55 في المئة عندما تباعدت الجرعات ستّة أسابيع أو أقلّ، وفق نتائج دراسة محكمة. 

وأفاد باحثون، أيضاً، بأنّه يمكن لجرعتين من الّلقاح تقليل الحالات بنسبة 50 في المئة، وهو رقم قال باحثون إنّه أقلّ لأنّه يشمل أشخاصاً يعانون من أعراض أو لا يعانون منها، وقالوا إنّ تأثير الّلقاح في كبح الحالات الّتي لا تظهر عليها أعراض أقلّ.

وحدّثت دراسة الجمعة البيانات المنشورة هذا الشّهر، والّتي لم تتمّ مراجعتها من جانب باحثين مستقلّين حتّى الآن.

نظام الجرعتين فعّال

ووجدت دراسة "فايزر" المتأخّرة، الّتي أجريت على 44.000 شخص؛ أنّ نظام الجرعتين فعّال بنسبة 95 في المئة في الحماية من "كوفيد 19" ذي الأعراض، ووجدت الدّراسة؛ أنّ الّلقاح يكون فعّالاً بنسبة تزيد عن 52 في المئة بعد جرعةٍ واحدة، لكنّها لم تُحدّد أكثر الوضع قبل إعطاء الجرعة الثّانية.

وخلال الفترة التي تمّ فيها جمع بيانات الدّراسة الإسرائيليّة، شكّلت السّلالة المتحوّرة لفيروس كورونا، التي تمّ اكتشافها للمرّة الأولى في المملكة المتّحدة، والّتي تعدّ معديةً بشكلٍ أكبر من المُمرِض الأصليّ، أكثر من 81 في المئة من الإصابات المؤكّدة، وترقى البيانات إلى دليلٍ قويٍّ على أنّ الّلقاح فعّال للغاية ضدّ طفرة أجبرت الحكومات الأوروبيّة على إطالة فترات الإغلاق.

اقرأ أيضاً: لماذا تعامل "داعش" و"القاعدة" بانتهازية مع جائحة كورونا؟

وقال أوغور ساهين، المؤسّس المشارك لشركة "بيو إن تيك"، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في كانون الأوّل (ديسمبر)؛ إنّ الجيل التّالي من جرعات "كوفيد 19" ربما يتكوّن من جرعةٍ واحدة.

ويقول أرنون أفيك، نائب المدير العامّ لمركز "شيبا": "يدعم هذا البحث الرّائد قرار الحكومة البريطانيّة البدء في تلقيح مواطنيها بجرعةٍ واحدة من الّلقاح".

المصدر:

جاريد هوبكنز - بوجان بانشيفسكي، "وول ستريت جورنال"، شباط (فبراير) 2021



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية