ديمقراطية "الإخوان"

ديمقراطية "الإخوان"


05/07/2021

لم يكن الاعتداء بالضرب الذي تعرضت له عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض في تونس، تحت قبة البرلمان يوم الأربعاء الماضي، حالة استثنائية أو غريبة عن ممارسات جماعات الإسلام السياسي، خصوصاً «الإخوان» الممثلة بحركة النهضة والموالين لها.

 الحقيقة أن عبير موسي التي تشكل رأس حربة المعارضة ضد حركة النهضة، قد عرّت هذه الحركة وكشفت عن ارتباطاتها المشينة بتنظيم جماعة الإخوان الدولي، ومخططاتها التخريبية، وعلاقاتها الخارجية وسعيها الدائم للسيطرة على المؤسسات الدستورية مقدمةً للسيطرة على تونس.
 وكانت عبير موسي تدرك أنها في مواجهة مع جماعة ظلامية لا تتورع عن استهدافها، لذلك سبق أن نبهت إلى أنها تتعرض للتهديد والمضايقات، وقد تتعرض للقتل لثنيها عن أداء عملها النيابي، لذا جاء حادث الاعتداء عليها مرتين من قبل النائب الصبحي سمارة، ثم النائب سيف الدين مخلوف، وهما محسوبان على التيار الإسلامي، ومؤيدان لحركة النهضة، أمراً متوقعاً.
 لقد أثبتت التجربة أن جماعة الإخوان تلجأ إلى الديمقراطية لمرة واحدة ثم تتخلى عنها في حال نجحت في الوصول إلى السلطة، ومن ثم تعود إلى أصلها كحركة لا تؤمن بحكم القانون ولا بفصل السلطات ولا بالحقوق والحريات، لأن كل هذه القيم تتعارض مع مبادئها التي تقوم على الانتهازية والعنف.
 أن يقول الرئيس التونسي قيس سعيّد إن االلاعتداء الذي حصل في البرلمان قد تم الترتيب له قبل ثلاثة أيام، ويدعو إلى محاسبة من يلجأ إلى العنف، فهذا يعني أن الاعتداء لم يكن عفوياً أو ابن ساعته، إنما هو مخطط له بهدف إسكات الأصوات المعارضة التي تفضح ممارسات «الإخوان»، وتكشف عن دورها في الحالة المأساوية التي وصلت إليها تونس من جراء الفساد المستشري. وبدلاً من أن يقوم رئيس مجلس النواب، رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي برفع الحصانة عن النائبين اللذين اعتديا على موسي تمهيداً لمحاكمتهما، فإنه تقدم بشكوى ضد كتلة الدستوري الحر «لتعطيلها أشغال البرلمان»، في خطوة تنم عن تأييده التعرض بالضرب لرئيسة الحزب المذكور.
 المشكلة في الأساس تكمن في الديمقراطية التي أوصلت حركة النهضة إلى السلطة ورئاسة البرلمان، وهي ديمقراطية تحمل في بعض جوانبها خروجاً على المعايير في اختيار ممثلين للشعب لا يستحقون هذا التمثيل، كما حصل مع هتلر وصعود النازية، أو كما حصل مع ارتفاع رصيد الشعبوية المتطرفة في أوروبا، أو مع انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة.
 ذات يوم قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل إن الديمقراطية أسوأ نظام، وقال الفيلسوف جان جاك روسو الذي فجّرت كتاباته الثورة الفرنسية.. «بالمعنى الحقيقي لم تقم الديمقراطية بعد»، لأنها لا تخلو من بذور الكثير من التناقضات، كما تحمل في طياتها التشجيع على الكذب السياسي، والتستر على الفضائح أو ارتكابها، كما هو حال «الإخوان».

عن "الخليج" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية