راشد الغنوشي تحت مقصلة الشعب التونسي

راشد الغنوشي تحت مقصلة الشعب التونسي


07/05/2022

"لا أطمح في السلطة وسأترك مكاني قريباً"، عبارة أطلقها رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، فور عودته إلى تونس، عام 2011، وتابع في حوار لموقع "فرانس 24"، بتاريخ 26 نيسان (أبريل) 2011؛ "الشباب هو الذي قام بالثورة، فلا بدّ من تشجيعه ليكون في الواجهة"، بيد أنّ رئيس الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين يأبى إلا أن يكرّر المصير نفسه الذي يعيشه إخوان مصر.

تاريخ يتجدد، ليجد الغنوشي نفسه متصدراً قائمة انعدام الثقة بين التونسيين، بـ 89%؛ بحسب استطلاع للرأي الشهر الماضي، أجرته مؤسسة "سيجما كونساي". اللافت للانتباه؛ أنّ تاريخ الإعلان عن الاستطلاع بانعدام الثقة يأتي في اليوم نفسه لإعلان الغنوشي؛ أنّه لا يطمح في السلطة، وسيترك مكانه قريباً.

الاستطلاع ليس الأول الذي يجلس فيه الغنوشي على كرسي السياسي الأكثر فقداً لثقة الشعب التونسي، فقد تصدّر الغنوشي مؤشر انعدام الثقة بنسبة 68% في استطلاع أجرته "سيجما كونساي"، بتاريخ 5 حزيران (يونيو) 2020، وتصدّر الغنوشي القائمة نفسها في حزيران (يونيو) 2021، بنسبة 81%، بذلك أصبح راشد الغنوشي، الذي انتُخب عام 2019، رئيساً للبرلمان التونسي بـ 123 صوتاً من أصل 217، هو السياسي الأكثر رفضاً من التونسيين، بعد أعوام ثلاثة من تصدّره المشهد السياسي التونسي.

الكذب يقود الغنوشي للهاوية

رئيس حزب التحالف من أجل تونس، سرحان الناصري، يرى أنّ تصدّر الغنوشي مؤشرات إعدام الثقة في السنوات الأخيرة، نتيجة طبيعية للكذب الذي بدأ به مشواره السياسي فور عودته إلى تونس.

يشير الناصري، في تصريحه لـ "حفريات"، إلى أنّ الغنوشي خلال العشرية الأخيرة، وبعد رجوعه من المهجر، استهلّ بداية مشواره الجديد بالكذب: "أعلن، في ٢٠١١، أنّه سيعتزل العمل السياسي، وأنّه لن يشارك في أيّ مشروع سياسي في البلد، لكن سرعان ما عاد في الصورة من خلال حركة النهضة".

سرحان الناصري: الغنوشي خلال العشرية الأخيرة، وبعد رجوعه من المهجر، استهلّ بداية مشواره الجديد بالكذب

يضيف الناصري: "تاريخ راشد الغنوشي تاريخ أسود، لم يرَ منه الشعب التونسي أيّ إنجاز يصلح لبناء الدولة، والمعروف عنه انتماؤه وبيعته لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي، وهو تنظيم إرهابي وإجرامي، حيث ارتبطت بهم كلّ جرائم العنف والاغتيالات والفوضى وتسفير الشباب التونسي لبؤر التوتّر".

ينوّه الناصري إلى نفوذ الغنوشي لم يقتصر على زرع الكره والفتنة والحقد بين صفوف التونسيين، ممّا أدى إلى انقسامات في صفوف الشعب: "بل عمد إلى تدمير الاقتصاد الوطني خدمة لاقتصادات دول أخرى من داعمي مشروعه الإخواني مثل تركيا وقطر".

على الرغم من المصير الذي آل إليه راشد الغنوشي وحركة النهضة، إلا أنّ إخوان تونس يرفضون التسليم برغبة الشعب التونسي، مستمرّين في تمسّكهم بأحقية رئاسة البرلمان

ويرى الناصري؛ أنّ "ما شهده المواطن التونسي خلال العشرية السوداء الأخيرة من توافقات سياسيّة بتخطيط لراشد الغنوشي أتى على الأخضر واليابس، جعله يتأكّد من أنّه يلعب دور المخرّب، وهو مثل مرض السرطان، عافانا وعافاكم الله، الذي انتشر في الدولة التونسية ومؤسّساتها".

يضيف الناصري: "اليوم، راشد الغنوشي، يحصد ما زرعه من فتنة وكراهية وحقد ليتصدّر نتائج سبر الآراء كأكثر شخصيّة مكروهة ولا تحظى بثقة المواطن التونسي، وهو ما سيعجّل بنهايته السياسية بشكل مأساوي".

الغنوشي لم يحقّق شيئاً للشعب

وتؤكد الباحثة والإعلامية التونسية، رباب علوي، أنّ زعيم الحركة الإسلامية، الذي تصدّر المشهد السياسي منذ الثورة، وحكمت حركته خلال العشر سنوات الأخيرة، لم يحقق شيئاً للشعب التونسي.

وتوضح علوي، في تصريح لـ "حفريات": "اقتصادياً، تعيش تونس أزمة خانقة؛ فالبطالة اليوم تقترب من مؤشر 18%، في الوقت الذي كانت فيه قبل الثورة، سنة 2009 و2010 لم تتجاوز نسبة البطالة خلالها 14%".

تستكمل علوي: "أكثر من عشر وزارات مالية حول تسع حكومات، أغلبها حكمتها حركة النهضة، التي حظيت بأغلبية في البرلمان خلال السنوات العشر الأخيرة، لم تتمكن من إيجاد حلول لهذه الأزمة الاقتصادية".

تضيف علوي: "ومن بين المؤشرات الأخرى التي تدقّ ناقوس الخطر؛ تراجع النمو في تونس بشكل واضح، في الوقت الذي كان فيه، عام 2010، 3%، واليوم نكاد نقول إنّ تونس تعيش في أزمة اقتصادية بمديونية خانقة، نظراً لتراجع الاستثمارات نتيجة لتراجع نسبة النمو وعجز الميزانية".


الباحثة التونسية رباب علوي لـ"حفريات": الوعود التي أطلقتها حركة النهضة كثيرة، لكن لم يحدث أيّ شيء من هذه الوعود التي كثيراً ما نسمعها خلال الحملات الانتخابية
 

تشير علوي إلى أنّ حجم ديون تونس وصل اليوم، عام 2022، إلى 105.7 مليار دينار، ومؤشر الاقتراض وصل إلى 85.8، "هذه المؤشرات تفضح حجم الخسارة التي تسبّبت بها حركة النهضة".

تنوّه علوي إلى أنّ الوعود التي أطلقتها حركة النهضة كثيرة: "لكن لم يحدث أيّ شيء من هذه الوعود التي كثيراً ما نسمعها خلال الحملات الانتخابية".

وطبقاً للباحثة رباب علوي؛ فإنّ تلك المؤشرات هي التي أدّت إلى سخط وغضب الشارع التونسي: "وهي التي كشفت تراجعاً كيبراً في نسبة الثقة في رئيس حركة النهضة".

النهضة سبب في 25 تموز

توضح علوي أنّه طبقاً لاستطلاع الرأي الذي أجري مؤخراً وتصدّر فيه الغنوشي مؤشر انعدام الثقة؛ فقد تلاه زعيم آخر في حركة النهضة، وهو وزير الداخلية السابق علي العريض، مضيفة: "في الوقت الذي ينتظر فيه التونسيون حلولاً اقتصادية وحلولاً سياسية أيضاً، لذلك يمكن القول إنّ القرار الذي أخذه رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، يوم 25 تموز (يوليو)، كان مبرراً، نظراً إلى الأزمات التي كان الشعب التونسي يعيشها، والتي كانت حركة النهضة سبباً رئيساً فيها".

تستدرك رباب علوي: "ورغم تحمّل حركة النهضة المسؤولية بشكل كامل، إلا أنّ رئيس الجمهورية عليه مسؤولية هو الآخر، وإن كان بشكل أقل؛ لأنّ رئيس الجمهورية لم يتَّخذ إلى اليوم قرارت مسؤولة، سعياً إلى إخراج تونس من هذه الأزمة الاقتصادية".

الغنوشي يحصد ما زرعه من فتنة وكراهية وحقد

وعلى الرغم من المصير الذي آل إليه راشد الغنوشي وحركة النهضة، إلا أنّ إخوان تونس يرفضون التسليم برغبة الشعب التونسي، مستمرّين في تمسّكهم بأحقية رئاسة البرلمان، وسط دعوات متعاقبة من حركة النهضة لعقد اجتماعات البرلمان التونسي افتراضياً، هذا القرار يتمسّك به الغنوشي في ظلّ تحقيقات أمنية بدأتها السلطات التونسية ضدّ نواب من البرلمان المنحل، بما في ذلك رئيسه راشد الغنوشي، بسبب عقد جلسة عامة افتراضية، في 30 آذار (مارس) الماضي.

وفي نهاية آذار (مارس) الماضي أيضاً، أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيّد، حلّ مجلس النواب، بعد ثمانية أشهر من تعليق أعماله، وتولي سعيّد كامل السلطة التنفيذية والتشريعية، في  تموز (يوليو) 2021.

كما طلبت وزيرة العدل التونسية من وكيل الدولة بمحكمة الاستئناف فتح تحقيق ضدّ عدد من النواب، بتهمة "التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إجرامي"، المسألة التي  أعقبتها شكوى قدّمتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تتهم فيها زعيم إخوان تونس بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية التي وجدت في فترة حكم الجماعة.

السقوط المدوي لمشروع حركة النهضة، لسان حال جماعة الإخوان المسلمين في تونس، يلحق، وفق مراقبين، بمشاريع الإخوان الأخرى في المطقة العربية، التي سقطت سابقاً في دول أخرى، وفي مقدمتها المشروع المصري، الذي حكمت فيه الجماعة الدولة المصرية عاماً كاملاً، منذ حزيران (يونيو) 2012 وحتى حزيران (يونيو) 2013، قبل أن يثور المصريون ضدّهم، في 30 حزيران (يونيو) 2013.

مواضيع ذات صلة:

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

اعترافات الغنوشي: إعلان هزيمة أم خداع سياسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية