رمضان في بيت لحم عندما يمتزج دم المسيحي بالمسلم

رمضان في بيت لحم عندما يمتزج دم المسيحي بالمسلم


28/05/2018

يحمل شهر رمضان في مدينة بيت لحم الفلسطينية مبادرات تعكس التعايش والتسامح بين المسلمين والمسيحيين، وتظهر التآزر والتضامن في مواجهة كافة الصعاب، مبادرات متميزة تمزج دماء المسيحيين بالمسلمين.

مبادرة نظمها "الحراك الشبابي المسيحي" في بيت لحم تقوم على التبرع بالدماء لصالح المرضى في رمضان

من لوحات التآخي والتعايش في بيت لحم، مبادرة نظمها "الحراك الشبابي المسيحي" في حيّ بيت ساحور شرقي المدينة، تقوم على التبرع بالدماء لصالح المرضى، وقد أنقذت مصابين كثراً وما تزال تجمع مستودعاً للدماء للحالات الطارئة، خاصّة أنّه في شهر رمضان تكثر حوادث السير في طرق المدينة وفي بعض الأحيان، تكون هذه الحوادث دامية ما يحتاج المصاب فيها إلى وحدات من الدماء، وفق تقرير لـ "دويتشه فيله".

جريس الأطرش؛ وهو أحد منظي مبادرة التبرع بالدم في شهر رمضان، يقول: "إنّ الصائم لا يستطيع التبرع بالدم، ومن هنا جاءت الفكرة، نحن 150 شاباً، كلّ أسبوع يذهب من 20 إلى 30 شاب ويتبرعون بدمائهم لبنك الدم في المستشفى".

"تكية ستنا مريم" تقدم وجبات غذائية ساخنة وطروداً غذائية لآلاف الأسر المحتاجة من مختلف الديانات في محافظة بيت لحم

وتفاعل سكان حيّ بيت ساحور مع المبادرة، فأخذ الدم المسيحي بالسريان في عروق المسلم، ولم تكن هذه المبادرة الوحيدة للحراك الشبابي الساحوري؛ فهو يقوم بجمع التبرعات للمرضى من مختلف الديانات، ثم يتم توزيعها عليهم حسب حالة وحاجة كلّ مريض.

لم تكن مبادرة التبرع بالدماء الوحيدة في مدينة بيت لحم ترحيباً برمضان، فهناك "تكية ستنا مريم"؛ إذ تقدم وجبات غذائية ساخنة وطروداً غذائية لآلاف الأسر المحتاجة من مختلف الديانات في محافظة بيت لحم. تقول ساجدة علان، إحدى المتطوعات في التكية: "ثلاثة من أعضاء اللجنة التي شكلت التكية مسيحيون، أكثر المتطوعين من الكشافة من مختلف الطوائف، يقومون بسكب الطعام وتغليفه وتسليمه للعائلات المستفيدة".

وجمعت المبادرة شباناً مسلمين ومسيحيين كمتطوعين ومستفيدين: "أنا كمسلمة رأيت مفهوم التعايش جلياً في تقديم أعمال الخير من الطرفين في التكية".

الأب ماريو حدشيتي يشارك المسلمين رمضان بتوزيع المياه والتمر على الصائمين المتأخرين عن موائدهم على الإشارات الضوئية وقت آذان المغرب

وفي هذا السياق، يقول يوسف شاهين، وهو رجل مسيحي في الخمسينيات من العمر، من المتطوعين في التكية: "لا يوجد لدينا مسلم ومسيحي، في عيد الميلاد المسلمون يوزعون الحلويات علينا، وفي عيدهم نزورهم ونهنئهم، أفراحنا وأحزاننا واحدة."

كثير من المسيحيين ينتظرون شهر رمضان لمشاركة أصدقائهم المسلمين شعائرهم؛ حيث آزر الأب ماريو حدشيتي ونادي الراعي الصالح، سكان مدينة أريحا المسلمين على طريقته الخاصة، في أول يوم من رمضان؛ من خلال توزيع المياه والتمر على الصائمين المتأخرين عن موائدهم على الإشارات الضوئية وقت أذان المغرب.

وامتدت مبادرة ميشيل أيوب، على مدار سنوات عدة، وما يزال صداها يتردد على مسامع أهالي البلدة القديمة بعكا؛ فالفلسطيني الكاثوليكي تطوع للعمل كمسحراتي خلال شهر رمضان؛ إذ يصدح صوته فجراً منادياً "سبحان الحي القيوم، سبحان الدايم، اصحَ يا نايم، يا صايم وحد الدايم قوموا لسحوركم خلي رمضان يزوركم".

المسيحي ميشيل أيوب تطوع للعمل كمسحراتي خلال شهر رمضان لأنّه يؤمن بأنّ يسوع المسيح دعا للمحبة والسلام ورمضان شهر المغفرة والرحمة

ميشيل؛ يعمل في مجال البناء، ويرى أنّ تطوعه واجب عليه، فهو يتعامل مع الناس في منطقته كبشر يعدهم إخوة له بعيداً عن الديانة التي ينتمون إليها، ويؤمن بأنّ يسوع المسيح دعا للمحبة والسلام: "رمضان شهر الرحمة والمغفرة، شهر المحبة التي يجب أن تسود بين الجميع"، كما يقول في حوار سابق مع " DWعربية"، مضيفاً أنّه "لن يتردد في أن يكون سبباً في سعادة أي شخص".

ويرتدي أيوب خلال عمله كمسحراتي سروالاً عربياً تقليدياً، مع شِملة دمشقية تلف خصره، مسدلاً على كتفيه كوفية، ومعتمراً عمامة بيضاء.

ونشر المركز المسيحي للإعلام فيديو يُظهر ميشيل أثناء تجواله لإيقاظ المسلمين على إيقاع طبله المنتظم وصوته الجهوري، وردود فعل السكان على هذه المبادرة.

جوليا؛ إيطالية الأصل متزوجة من شاب فلسطيني، قالت في حوار مع "دويتش فيله": إنّها حاولت مشاركة زوجها وعائلته شهر رمضان، فتدرجت بالصيام حتى باتت تشاركهم الآن الصيام وإعداد الطعام وتتناوله معهم بسعادة". مضيفة: "أجواء رمضان مختلفة؛ البسطات تنتشر لبيع العصائر والقطايف والتمر، وفي صلاة التراويح يملأ صوت المؤذن المكان بأسره".

أما يوسف؛ وهو المسلم الوحيد وسط زملاء عمله المسيحيين، فيقول: "أكون سعيداً بالشعور باحترام زملائي لشعائري الدينية؛ فهم يفضلون عدم تناول الطعام والشراب داخل المكتب خلال رمضان"، مضيفاً أنّ زملاءه يبادرون بتنظيم إفطارات جماعية ويشاركونه الصيام.

انتشرت هذه التعليقات والصور كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث ينشر المستخدمون صورهم وهم يتشاركون مناسباتهم الاجتماعية المختلفة، ومن ضمن هذه الصور احتفال المسيحيين والمسلمين بشهر رمضان واجتماعهم أمام مائدة الإفطار.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية