ساسيون لـ"حفريات": الفكر الأيديولوجي الصهيوني يعارض إقامة دولة فلسطينية

ساسيون لـ"حفريات": الفكر الأيديولوجي الصهيوني يعارض إقامة دولة فلسطينية


12/10/2021

أكد مراقبون ومحللون فلسطينيون أنّ إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، على رفضه قيام دولة فلسطينية، وكذلك لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يأتي في سياق الفكر الأيديولوجي الصهيوني، وسياسة الأحزاب اليمينية المتشددة، حيث تعدّ حكومة بينت امتداداً لحكومة رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو.

وأكد هؤلاء في تصريحات لـ"حفريات" بأنّ إسرائيل لا يمكن أن تتصور أن توجد دولة في قلبها، أي الضفة الغربية، بالتالي، هي ترفض رفضاً قاطعاً إقامة نواة دولة فلسطينية في الضفة الغربية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت

ويقول المحلل السياسي والأكاديمي الفلسطيني، الدكتور ناجي شراب، لـ "حفريات": "إسرائيل تريد بقاء السلطة الفلسطينية، كما هي عليه حالياً، وهي سلطة حكم ذاتي بأقل من دولة وأعلى من حكم ذاتي، مع قبولها بدولة بروتوكولية تمارس مسائل ومهام التمثيل الدبلوماسي وبعض الاتفاقيات الاقتصادية وغيرها، بالتالي، الاحتلال يرفض إقامة دولة فلسطينية بالمعنى السيادي، وهذا ليس مستغرباً من حكومة بينت، والذي رأيناه في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد تجاهل فيه ذكر القضية الفلسطينية".

استبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي الوصول إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، معتبراً أنّه يمكن معالجة معظم المشكلات، بما في ذلك الصراع مع الفلسطينيين من خلال الاقتصاد

ولفت إلى أنّ "اللقاءات التي عقدها الرئيس عباس بوزير الدفاع الصهيوني، غانتس، قبل عدة أشهر، وبأعضاء من حزب ميرتس قبل عدة أيام، هو يأتي ضمن سياسة قائمة منذ وقت طويل في التعامل مع هذه القوى اليسارية، حيث لا يمكن فصل لقاء غانتس وعباس عن البعد السياسي، وذلك على اعتبار أنّ غانتس يشغل منصباً سياسياً أكثر منه أمنياً؛ لذلك فإنّ الحكومة الصهيونية تريد إبقاء النوافذ مفتوحة مع الفلسطينيين، إما لضغط أمريكي أو عربي، بغرض الانفتاح السياسي معهم، إلا أنّ هذه اللقاءات لا أعتقد أنّها تحمل حلولاً لبعض القضايا، وهي لن تقدم أو تأخر شيئاً في القضية الفلسطينية".

إقرأ أيضاً: محللون لـ "حفريات": لهذا ظهر الأسرى مبتسمين

شراب أكّد أنّ "قرار الرئيس عباس بطرح خيارات بديلة لحلّ الدولتين، ومن بينها المطالبة بقرار التقسيم لسنة 1947م، أو ما يعرف، بحسب الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار رقم (181)، والذي تجاوزه الزمن فعلياً، لا قيمة له حالياً، في ظلّ رفض إسرائيل قيام دولة فلسطينية على حدود أقلّ من عام 1967"، مبيناً أنّه "لا يمكن أن نتصور موافقة الاحتلال على قيام دولة فلسطينية على مساحة 44% من مساحة فلسطين التاريخية، بالتالي، فحديث الرئيس الفلسطيني هو ورقة ضغط، لا تأثير لها على أرض الواقع".

حلّ الدولتين مجرد وهم

وشدد الأكاديمي الفلسطيني على أنّ "الشرعية الدولية الموجودة منذ 70 عاماً تحتاج لمنطق القوة، والقوة غير متوافرة؛ إذ لا يمكن للقرار (181) أن يسقط بالتقادم، لأنّه لم يعد قائماً، وهذا يدلّ على أنّ الشرعية الدولية مرتبطة بالقوة، وهذه القوة مرتبطة بمجلس الأمن، والذي يربط الأخير بالفيتو الأمريكي، حتى بات موضوع حلّ الدولتين مجرد وهم، وهو ما تأكده حكومة بينت، والتي هدفها ليست المفاوضات وتحقيق السلام، إنما الانتقال من مرحلة حلّ الصراع إلى إدارة الصراع، ومن ثم إلى تقليص الصراع".

د. ناجي شراب

وبيّن شراب؛ أنّ "الإسرائيليين حالياً باتوا يتحدثون عن مسائل اقتصادية واجتماعية، وتوسيع نطاق الحقوق، ومحاولة الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، والتوجه نحو الحلول الإقليمية، عبر ربط غزة بمصر بموجب اتفاقيات اقتصادية، وكذلك ربط الضفة الغربية بالأردن، مع ممارسة السلطة الفلسطينية لدولة بروتوكولية في الخارج".

وبسؤاله عما هو المطلوب فلسطينياً خلال هذه المرحلة، أكّد الأكاديمي الفلسطيني؛ أنّ "المطلوب حالياً هو بناء نظام سياسي قوي وتوافقي، وبناء إطار لصناعة القرار السياسي الفلسطيني، وضرورة وجود رؤية فلسطينية وطنية انتقالية لتفهم مكونات القضية الفلسطينية وتحولات موازين القوى الإقليمية والدولية، وكذلك إنهاء الانقسام الفلسطيني، وبناء قوة اقتصادية واجتماعية، إضافة إلى تجديد مؤسسات الشرعية السياسية، ويبدو أنّ هذه المطالب غير متاحة في الوقت الحاضر، والجميع ينتظر رهان مرحلة ما بعد الرئيس عباس".

دولة أبارتايد

وفي السياق ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور عبد المجيد سويلم ؛ أنّ "الأيديولوجية التي يتبناها بينت نحو الفلسطينيين تقوم على التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، ومبدأ إقامة الدولة الفلسطينية، في حين يرجع رفضه القاطع للقاء الرئيس عباس، لأنّه يرى في ذلك زعزعة للأفكار الأيدلوجية والسياسية التي يدعو لها، في ظلّ عدم اعترافه بالشعب الفلسطيني، وتجاهله للقضية الفلسطينية".

الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عبد المجيد سويلم

ويضيف سويلم، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ الحكومة الإسرائيلية التي يترأسها بينت ليست وحدها التي تعارض إقامة دولة فلسطينية، "فهناك إجماع صهيوني من قبل الأحزاب الصهيونية، عدا حزبي ميرتس والقوائم العربية، على رفض إقامة دولة فلسطينية، وإنما التوافق على مبدأ حكم ذاتي تحت مسمى دولة، وهذه سياسة الاحتلال الحالية".

ولفت إلى أنّ "الظروف تبدو مواتية حالياً للاحتلال لاستكمال مخططاته الاستعمارية كدولة أبارتايد، دون الاصطدام بموقف القانون الدولي، وهذا لا يخفي الأزمة الكبيرة والمركبة التي تمرّ بها الحكومة الصهيونية، في ظلّ تعارضها الشديد مع القانون الدولي، والذي لا بدّ أن تواجهه في كلّ مخطط استيطاني جديد تقوم به".

ما الحل الأمثل؟

سويلم أوضح أنّ "اللجوء لبدائل أخرى لحلّ الدولتين؛ كإقامة اتحاد كونفدرالي في ظلّ السياسية الصهيونية الحالية، هو هدف بعيد المنال، أما مقترح الدولة الواحدة فهو موجود على أرض الواقع، ويمثله الاحتلال الصهيوني بسياساته العنصرية"، مشيراً إلى أنّ "الحلّ الأمثل هو اللجوء لحلّ الدولتين، أو أن يتم الذهاب في نهاية المطاف نحو قرار التقسيم، والذي يفرض على المجتمع الدولي فرض القانون على إسرائيل، وذلك بمساعدة كافة القوى الديمقراطية حول العالم".

المحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم لـ"حفريات": اللجوء لبدائل أخرى لحلّ الدولتين؛ كإقامة اتحاد كونفدرالي هدف بعيد المنال، أما مقترح الدولة الواحدة فهو موجود على أرض الواقع

وأكّد الكاتب والمحلل السياسي؛ أنّ "جامعة الدول العربية باتت هيكلاً متهاوياً ومتردياً، ولا قيمة لها في العالم العربي، حيث بقيت الدول العربية إما مستعدة لإقامة علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، أو البقاء على درجة معينة من التقارب مع الشعب الفلسطيني، دون أن تحرك ساكناً لدعمه ومناصرته، بالتالي، فإنّ أيّة محاولة فلسطينية للانسحاب من الجامعة العربية لا فائدة منه، بعد أن انتهى دورها فعلياً على أرض الواقع".

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، إنّه لن يجري أيّة مفاوضات مع السلطة الفلسطينية

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، أعلن أنه يعارض إقامة دولة فلسطينية، وإنّ حدوث ذلك سيكون خطأ.

وكانت القناة العبرية الـ 12، قد أجرت، في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي، حواراً مطولاً مع بينيت، بمناسبة مرور 100 يوم على توليه مهام منصبه كرئيس للوزراء في بلاده، والذي أعلن فيه بينيت معارضته إقامة دولة فلسطينية، بدعوى أنّ من الخطأ إحضار الوضع السيئ للغاية في غزة إلى الضفة الغربية، مستطرداً "نعي أنّ لدينا جيراناً فلسطينيين، فإذا اعتنينا بظروف معيشتهم سيكون ذلك أفضل".

إقرأ أيضاً: وادي غزة: من مستوطنة للقوارض والأفاعي إلى محمية طبيعية

ونقلت هيئة البثّ الإسرائيلية "كان"، عن نفتالي بينيت، بخصوص إمكانية لقائه بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قوله: "ليس من المنطقي، بالنسبة إلي، التحدث إلى رجل رفع دعوى قضائية ضدّ قادة الجيش الإسرائيلي في محكمة لاهاي".

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، إنّه لن يجري أيّة مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، كما أنّه يعارض إقامة دولة فلسطينية، مشدداً على أنّ حكومته ستواصل التوسع بالمشروع الاستيطاني بالضفة الغربية.

واستبعد بينيت الوصول إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وهو في منصبه برئاسة الحكومة، ولا حتى في المستقبل المنظور، معتبراً أنّه "يمكن معالجة معظم المشكلات، بما في ذلك الصراع مع الفلسطينيين من خلال الاقتصاد".

وكان عباس، قد لوّح، في 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، بخيارات بديلة عن حل الدولتين في الصراع مع إسرائيل، في تطور غير مسبوق بالموقف الفلسطيني في ظلّ تعثّر عملية السلام مع تل أبيب منذ سنوات.

إقرأ أيضاً: إسرائيل المرعوبة: قبضنا على الأسرى الأربعة من دون دم فلماذا التصعيد؟

وقال عباس لدى استقباله في رام الله، في وقت سابق، فعاليات من محافظتي الخليل وبيت لحم في الضفة الغربية؛ إنّ "رفض إسرائيل لحلّ الدولتين يفرض علينا الذهاب إلى خيارات أخرى".

وأضاف عباس: "تلك الخيارات تشمل "العودة للمطالبة بقرار التقسيم للعام 1947، أو الذهاب إلى الدولة الديمقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية التي تتحقق فيها الحقوق السياسية والمدنية الكاملة للفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية، لا الدولة الواحدة التي تقوم على تأييد الاحتلال وفرض نظام الأبارتهايد والفصل العنصري".

وطالب الرئيس الفلسطيني المجتمع الدولي بـ "تحمّل مسؤولياته لإحقاق الحق الفلسطيني وردع إسرائيل عن مواصلة احتلالها وارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني".

إقرأ أيضاً: بالأمعاء الخاوية يتحدى الأسرى الفلسطينيون السجّان الإسرائيلي

وفي ثاني اجتماع رفيع المستوى في الأشهر الأخيرة، التقى محمود عباس، في 3 تشرين الأول (أكتوبر)، الوزيرين الإسرائيليين؛ نيتسان هوروفيتس وعيساوي فريج، من حزب "ميرتس" اليساري في رام الله.

وقال وزير الصحة هوروفيتس؛ إنّ حزبه يعمل على "إبقاء حلّ الدولتين على قيد الحياة" داخل الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي يرأسها رئيس الوزراء اليميني نفتالي بينيت.

وكان عباس قد التقى، في 29 آب (أغسطس) الماضي، وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في رام الله بالضفة الغربية.

وذكر مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي في بيان؛ أنّ غانتس أبلغ عباس، في الاجتماع الذي يعد الأرفع من نوعه أنّ إسرائيل ستتخذ إجراءات لدعم الاقتصاد الفلسطيني.

وجاء في البيان؛ أنّهما "بحثا أيضاً التعامل مع الأوضاع الأمنية والاقتصادية في الضفة الغربية وغزة، واتفقا على مواصلة الاتصالات بشأن القضايا التي أثيرت خلال الاجتماع".

وتأتي هذه الزيارات المتلاحقة بعد نحو عقد من تجميد العلاقات بين الجانبين، تجاهل خلالها عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو بعضهما.

إقرأ أيضاً: هل تعرقل روسيا نشاط سلاح الجوّ الإسرائيلي في سوريا؟

وطالب عباس، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام فيما أمهل إسرائيل عاماً واحداً للانسحاب من أراضي 1967.

وقال عباس، في كلمة متلفزة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 24 أيلول (سبتمبر)2021: "أطالب الأمين العام بالدعوة لمؤتمرٍ دوليٍ للسلام، وِفقَ المرجعياتِ الدوليةِ المعتمدة، وقراراتِ الأممِ المتحدة، ومبادرةِ السلامِ العربيةِ وتحت رعايةِ الرباعيةِ الدولية، فقط وليس غيرها"، مؤكداً أنّ "الجانب الفلسطيني ملتزم بالعملِ السياسيِ والحوارِ طريقاً لتحقيقِ السلام".

وأضاف: "وحتى لا تبقى مبادرتنا هذه دون سقفٍ زمني، نَقولُ إنَّ أمامَ سلطات الاحتلالِ الإسرائيليِ عاماً واحداً لتنسحبَ من الأراضيِ الفلسطينيةِ المحتلةِ منذُ عام 1967، بما فيها القدسُ الشرقية".

الصفحة الرئيسية