سباق دولي لفرض عقوبات على روسيا... لماذا استُثني بوتين؟

سباق دولي لفرض عقوبات على روسيا... لماذا استُثني بوتين؟


23/02/2022

مع تصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية، بعد اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلال المنطقتين الانفصاليتين لوغانسك ودونيتسك في شرق أوكرانيا، سارعت دول غربية واليابان، مساء أمس، إلى فرض عقوبات استهدف معظمها كيانات اقتصادية لها دور في دفع روسيا لديونها السيادية، وعدّة أشخاص في دائرة صنع القرار الروسي.   

وفيما يبدو أنّه استعداد لحرب واسعة النطاق، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان مساء أمس، أنّها ستجلي موظفيها الدبلوماسيين من أوكرانيا قريباً "لحماية حياتهم"، بعد أن سمح المشرّعون لبوتين باستخدام القوة في الخارج، مضيفة: "من أجل حماية أرواح الدبلوماسيين وسلامتهم قرّرت القيادة الروسية إجلاء موظفي البعثات الخارجية الروسية في أوكرانيا، والذي سيتم تنفيذه في المستقبل القريب".

 

اقرأ أيضاً: أزمة أوكرانيا وعلاقتها بالسعودية وأوبك+

وفي تحدٍّ جديد للغرب، واصلت روسيا رغم العقوبات تعزيز قواتها العسكرية على حدود أوكرانيا الشرقية، حيث بثت وسائل إعلام غربية فيديو لعشرات الأرتال من القوات العسكرية الروسية متوجهة إلى دونيتسك ولوغانسك، وسط أنباء غير رسمية عن وقوع انفجارات في لوغانسك.

 سباق عقوبات غربية يستثني بوتين

فجّر قرار الرئيس الروسي بالاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين سباقاً جديداً، ولكنّه هذه المرّة معادياً، حيث توالت عليه اللعنات والعقوبات من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا، حتى أنّ دولاً آسيوية مثل اليابان دخلت سباق العقوبات نكاية بالصين حليفة روسيا.

في تحدٍّ جديد للغرب، واصلت روسيا رغم العقوبات تعزيز قواتها العسكرية على حدود أوكرانيا الشرقية

هذا، وأعلن مساء أمس وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي، أنّ الكتلة الأوروبية وافقت "بالإجماع" على حزمة من العقوبات التي وصفها ممثل الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل بأنّها "ستضرّ بروسيا، وستضرّ كثيراً".

 

اقرأ أيضاً: روسيا وأوكرانيا و"نورد ستريم 2": كيف تنطفئ أزمة أشعلها الغاز؟

وقال بوريل: "إنّ العقوبات سوف تستهدف (351) مشرّعاً صوّتوا لصالح الاعتراف، إلى جانب (27) فرداً وكياناً يهددون الأراضي والسيادة الأوكرانية، ومن بين هؤلاء شخصيات من قطاع الأعمال والإعلام والسياسة الروسية، الذين أشار إليهم بوريل بـ "الأوليغارشية".

 

سارعت دول غربية واليابان مساء أمس إلى فرض عقوبات استهدف معظمها كيانات اقتصادية لها دور في دفع روسيا لديونها السيادية، وأشخاص في دائرة صنع القرار الروسي

 

ونقلت وسائل إعلام غربية عن مسوّدة مسرّبة للعقوبات أنّ جميع المتورطين في "القرار غير القانوني" في أوكرانيا سيكونون مستهدفين شخصياً بالعقوبات، إلى جانب البنوك التي تموّل الجيش الروسي والعمليات الأخرى في تلك المناطق.

والغريب أنّ العقوبات الأوروبية التي طالت العديد من المشرّعين الذين وافقوا على قرار الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك، لم تطل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه.

 

اقرأ أيضاً: ماذا يريد ماكرون من وراء وساطته لحل أزمة أوكرانيا؟.. محلل إيطالي يجيب

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن العقوبات: "تحرّكنا اليوم هو رد على السلوك العدواني لروسيا"، محذّرة: "إذا استمرت روسيا في تصعيد هذه الأزمة التي خلقتها، فنحن مستعدون لاتخاذ مزيد من الإجراءات ردّاً على ذلك".

اعترف بوتين باستقلال منطقتي "لوغانسك" و"دونيتسك" الانفصاليتين شرقي أوكرانيا

ومن خارج بروكسل، أعلنت بريطانيا سلسلة من العقوبات ضد روسيا، شملت تجميد أصول (5) بنوك، إلى جانب (3) من أصحاب المليارات الروس الذين سيتعرّضون أيضاً لحظر سفر في المملكة المتحدة. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: إنّ تصرفات روسيا ترقى إلى مستوى "غزو متجدد"، وإنّ العقوبات كانت "وابلاً أوّلياً".

 

اقرأ أيضاً: عملية "العلم الكاذب" إحداها... ما سيناريوهات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا؟

ومن أوروبا إلى كندا، حيث أعلن رئيس الحكومة الفيدرالية جاستن ترودو عن سلسلة عقوبات جديدة استهدفت الاقتصاد الروسي، متوعداً بمزيد من العقوبات، إذا فشل الكرملين في وقف ما وصفه ترودو بأنّه "غزو إضافي" لأوكرانيا.

 

توالت على روسيا اللعنات والعقوبات من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا، حتى أنّ دولاً آسيوية مثل اليابان دخلت سباق العقوبات نكاية بالصين حليفة روسيا

 

وقال ترودو: "سوف نحظر على الكنديين الانخراط في شراء سندات الدين الحكومية الروسية، وسنفرض عقوبات إضافية على المصارف الروسية المدعومة من الدولة، ونمنع أيّ تعاملات مالية معها"، لافتاً إلى أنّ العقوبات الإضافية التي أعلنت أمس بأنّها "دفعة أولى" ردّاً على إجراءات الكرملين الأخيرة.

وكانت الحكومة الكندية قد فرضت قائمة طويلة من العقوبات على روسيا منذ أن ضمّت منطقة القرم الأوكرانية في 2014.

مطرقة ثقيلة على القطاع المالي الروسي والدين السيادي

يبدو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لم تأخذ وقتاً طويلاً للتفكير في حزمة العقوبات الأمريكية ضدّ روسيا، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مجموعة من العقوبات التي قال: إنّها "سوف تحجب الحكومة الروسية عن التمويل الغربي"، فضلاً عن إدراج النخب المستفيدة من سياسات الكرملين التي وصفها بايدن بـ"الفاسدة".

ووفقاً لبايدن، فإنّ العقوبات قد استهدفت بنكين روسيين كبيرين، والديون السيادية للبلاد، ممّا يعني أنّه لم يعد بإمكانها جمع الأموال من الغرب، وتداول ديون جديدة في الأسواق الأمريكية أو الأوروبية.

 

اقرأ أيضاً: غزو وشيك أم تراجع؟.. تصريحات موسكو وواشنطن تربك مراقبي المشهد الأوكراني

وأضاف الرئيس الأمريكي أنّه "اعتباراً من اليوم الأربعاء ستفرض الولايات المتحدة أيضاً عقوبات على النخب الروسية وأفراد أسرهم". وتابع بايدن أنّ تلك العقوبات لم تكن إلّا "شريحة أولى من الإجراءات العقابية التي تستعدّ الولايات المتحدة لاتخاذها"، مشيراً إلى أنّها ستتجاوز بكثير الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ردّاً على الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم في عام 2014

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مجموعة من العقوبات.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ المسؤولين الأمريكيين على استعداد لاتخاذ "مطرقة ثقيلة" على النظام المالي الروسي، من خلال استهداف البنوك الحكومية وقطع الإقراض الأجنبي، ومبيعات السندات السيادية، والتكنولوجيات للصناعات الحيوية، من بين خطوات أخرى.

ووفقاً للصحيفة الأمريكية، عقوبات على هذا النطاق، التي تستهدف دولة بحجم روسيا، هي عقوبات جديدة، وتخاطر بحدوث اضطرابات في النظام المالي العالمي، فضلاً عن الانتقام الروسي المتوقع.

لهذا السبب تمّ استثناء بوتين من العقوبات

في الحرب الكلامية المكثفة بين واشنطن وموسكو، وجّه بايدن ما يبدو أنّه تهديد من المستوى التالي: إذا تحدّت القوات الروسية الغرب، واندفعت إلى أوكرانيا، فقد تفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات شخصية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وفي ردّه على تهديد بايدن، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: إنّ الإجراء المباشر ضدّ بوتين سيكون "مدمّراً سياسياً" للعلاقات الأمريكية الروسية، لكنّه لن يكون "مؤلماً" لرئيسه.

التصعيد بالتصعيد

عقوبات القوى الغربية، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، كانت مصحوبة بتحذير شديد اللهجة لروسيا من غزو أوكرانيا، حيث قال بايدن في خطاب من البيت الأبيض: "سنواصل تصعيد العقوبات، إذا صعّدت روسيا"، واصفاً تحركات بوتين بأنّها "بداية غزو روسي لأوكرانيا".

اقرأ أيضاً: أزمة أوكرانيا: روسيا تراقب بقلق وأمريكا تتأهب.. ما أبرز التطورات؟

ولم يكشف بايدن ما إذا كان ذلك سيتسبّب في حرب شاملة، تتورط فيها دول أوروبية أخرى، وتقودها القوى النووية الكبرى أمريكا وروسيا، إلّا أنّه قال: إنّ الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدة الدفاعية لأوكرانيا في غضون ذلك، وقال إنّه سمح بتحركات إضافية للقوات والمعدات الأمريكية المتمركزة بالفعل في أوروبا "لتقوية حلفائنا في البلطيق، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا".

 

"نيويورك تايمز": المسؤولون الأمريكيون على استعداد لاتخاذ "مطرقة ثقيلة" على النظام المالي الروسي، من خلال استهداف البنوك الحكومية وقطع الإقراض الأجنبي، ومبيعات السندات السيادية، والتكنولوجيات للصناعات الحيوية، من بين خطوات أخرى

 

وقال: "اسمحوا لي أن أكون واضحاً، هذه تحركات دفاعية تماماً من جانبنا. ليست لدينا نية لمحاربة روسيا، على الرغم من ذلك، نريد إرسال رسالة لا لبس فيها، مفادها أنّ الولايات المتحدة، مع حلفائنا، سوف تدافع عن كلّ شبر من أراضي الناتو، وستلتزم بالالتزامات التي قطعناها على أنفسنا تجاه الناتو".

في خطوة مماثلة، أمر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بنشر (460) آخرين من أفراد القوات المسلحة الكندية -الجيش والبحرية والقوات الجوية- للانضمام إلى مهمّة الناتو في أوروبا الشرقية لطمأنة الحلفاء على الحدود مع روسيا.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية