سرحان بشارة على موعد مع الحرية: هل قتل كينيدي حقاً؟

سرحان بشارة على موعد مع الحرية: هل قتل كينيدي حقاً؟


04/09/2021

حصل سرحان بشارة سرحان، قاتل السيناتور الأمريكي روبرت كينيدي على إفراج مشروط، يوم الجمعة، السابع والعشرين من الشهر الماضي، بعد أن دعا اثنان من أبناء كينيدي إلى إطلاق سراحه، ورفض المدعون القول بأنه يجب أن يظل وراء القضبان.

ووفقاً لوكالة "أسوشييتد برس"، يشكل القرار انتصاراً كبيراً لسرحان البالغ من العمر 77 عاماً، رغم أنه لا يضمن إطلاق سراحه.

وستتم مراجعة القرار الصادر عن اللجنة المكونة من شخصين في جلسة استماع خلال الـ 90 يوماً القادمة من قبل مسؤولي لجنة الإفراج المشروط في ولاية كاليفورنيا، ثم يتم إرساله إلى حاكم الولاية، الذي سيكون أمامه 30 يوماً ليقرر ما إذا كان سيمنح قرار الإفراج أو يرفضه أو يعدّله.

وقال دوغلاس كينيدي، الذي كان رضيعاً عند اغتيال والده عام 1968، إنه بكى متأثراً بندم سرحان، وأشار إلى أنه يجب إطلاق سراحه إذا لم يكن يمثل تهديداً للآخرين.

وقالت أنجيلا بيري، محامية سرحان، إنّ لجنة الإفراج المشروط يجب أن تتخذ قرارها بناء على حالة سرحان في الوقت الحالي.

هل يكون سرحان بشارة سرحان على موعد قريب مع الحرية؟

هنا عشر محطات في حياة هذا السجين الأكثر شهرة في التاريخ المعاصر:

أولاً: سرحان فلسطيني من أسرة مسيحية ويحمل الجنسية الأردنية. هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1957، وحسب شهادة أدلى بها لاحقاً فإنه كان قد خطط لقتل كينيدي بعد تصريحات للأخير دعم فيها صفقة بيع 50 طائرة من طراز "F-4" لإسرائيل بعد أقل من عام على حرب حزيران (يونيو) 1967 بين إسرائيل وجيرانها العرب. وحسب ما كتب سرحان بنفسه في 18 أيار (مايو) 1968، فإنّ اغتيال كينيدي كان قد "أصبح ضرورة أكثر وأكثر قبل الخامس من يونيو".

ألمح كثيرون إلى أنّ سرحان كان ضحية مخطط معقد وغامض، ويرى مؤيدو نظرية المؤامرة أنّ سرحان مجرد غطاء لقوى أخرى استخدمته لقتل المرشح روبرت كينيدي

ثانياً: في 5 أيار (يونيو) 1968 أقدم سرحان على "الإدلاء بصوته مسبقاً" في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وكانت مقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) من ذلك العام، لكنه فعلها على طريقته الخاصة: أطلق 4 رصاصات، غيّرت، بحسب موقع "العربية" الدولة الأكبر بالعالم، وقتلت مرشحاً كانت الاستطلاعات تشير إلى أنه الفائز الأكيد، فأرداه بعمر 42 سنة، بعد دقائق قليلة من إلقائه كلمة في مهرجان انتخابي، اكتظت قاعة فندق "إمباسادور" بمحتشديه في مدينة لوس أنجلوس.

اقرأ أيضاً: اتهامات للإخوان بالتخطيط لاغتيال الرئيس التونسي

ثالثاً: كان سرحان، بحسب الأنباء، أسير القلق من فوز مرشح وعد بتأييد أمريكي مطلق لإسرائيل، وتزويد سلاحها الجوي بمزيد من طائرات "فانتوم" الشهيرة ذلك الوقت، فقد وجدوا أنه كتب في يومياته قبل أسبوعين من الاغتيال: "السيناتور RFK يجب أن يموت. يجب قتله"، فقام في 5 حزيران (يونيو) 1968 وسرق مسدساً يملكه شقيقه منير، وبه نفذ عملية اغتيال استغرقت ثواني معدودات، وسريعاً اعتقلت الشرطة شقيقيه منير وعادل، ثم أفرجت عنهما بعد ثبوت براءة الاثنين، في حين تقول شهادات وردت في المحاكمة إنّ سرحان قام بشراء مسدس من أحد متاجر السلاح، كما شوهد وهو يتدرب على استخدامه في نادي سان غابراييل فالي للسلاح في يوم إطلاق النار نفسه.

سرحان في حضن والدته

رابعاً: وفق ملفات مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، انتهى كينيدي من كلمته بعد حوالي 15 دقيقة من منتصف الليل، وتوجه إلى قاعة أخرى لكي يتحدث إلى ممثلي وسائل الإعلام. أحد العاملين في الفندق قاده عبر ممرات المطبخ باتجاه القاعة الأخرى عندما استوقفه بعض العاملين لمصافحته، ليظهر بشكل مفاجئ سرحان بشارة ويطلق النار عليه. ووفقاً للشهود فإن كينيدي كان يصافح العاملين في الفندق، عندما اقترب منه سرحان مبتسماً ليصيح قبل إطلاقه الرصاص: "كينيدي يا ابن الزانية".

اقرأ أيضاً: اغتيال ناشط كردي في أربيل.. من المتهم؟

خامساً: أصيب كينيدي بثلاث رصاصات الأولى في إبطه، والثانية في ظهره، والثالثة في رأسه من الخلف وراء أذنه اليمنى فسقط على الأرض وهو ينزف. وصرخ سرحان، كما تذكر "بي بي سي": "دعوني أوضح، بوسعي التوضيح، لقد فعلت ذلك من أجل بلدي، فأنا أحب بلدي." وقبل انتزاع المسدس من يده كان خمسة آخرون قد أصيبوا في الحادث. توفي كينيدي في المستشفى بعد مرور 24 ساعة على إطلاق النار عليه. وتم دفن جثمانه في "مقابر أرلينجتون" بالقرب من جثمان أخيه جون كينيدي الذي كان أغتيل أيضاً عام 1963.

سادساً: اعتقل سرحان في القاعة التي اغتال فيها المرشح الأبرز، وحوكم وأدين بالاعدام، ثم خففت العقوبة إلى السجن مدى الحياة، ورُفض في غضون ذلك 15 استئنافاً لإطلاق سراحه من سجنه المستمر فيه منذ 53 سنة في مدينة سنتياغو. لكن أعيد فتح الموضوع أواخر الشهر الماضي.

السيناتور الأمريكي روبرت كينيدي بعد إطلاق النار عليه

سابعاً: تذكر تقارير أنّ سرحان انضم للكنيسة المعمدانية، ولكن في عام 1966 أي قبل الحادث بعامين تحول إلى طائفة روحانية سرية ذات نزعة فلسفية هرمسية تدعى الصليب الزهري أو "روسيـكروسيانـيـسـم" نسبة لمؤسسها كريستيان روسينكريوز الذي توفي في 1484. وتدعو إلى التآخي بين النـاس، وترى أنّ الإنسان لديه طاقة أكبر ومن الممكن أن يستعملها ليصبح أفضل وأسعد، بحسب موقع صحيفة أتنلانتا.

خلال مراحل المحاكمة دفع محامو سرحان بأنه مختل عقلياً، وزعم سرحان أنه لا يتذكر أي شيء عن إطلاق النار على كينيدي وأنه كان مخموراً

ثامناً: في أيلول (سبتمبر) 2019 تعرّض سرحان لحادث طعن داخل سجنه في كاليفورنيا. وذكرت إدارة الإصلاح والتأهيل في الولاية في بيان أنّ "الضباط تعاملوا بسرعة مع الهجوم". والمهاجم هو زميل لسرحان في السجن، وتم وضعه قيد الحبس الانفرادي بعد الحادث، بحسب وسائل إعلام أمريكية. ولم يكشف المسؤولون عن الدافع وراء الهجوم.

اقرأ أيضاً: خطف واغتيالات... مؤسسة حقوقية تكشف جرائم إيران في الخارج

تاسعاً: خلال مراحل المحاكمة دفع محامو سرحان بأنه مختل عقلياً، وزعم سرحان خلال المحاكمة أنه لا يتذكر أي شيء عن إطلاق النار على كينيدي، مشيراً إلى أنه كان مخموراً في الليلة السابقة للحادث الذي أودى بحياة المرشح الديمقراطي الأوفر حظاً. ولو فاز روبرت كينيدي كان سيعمل جاهداً على إعادة القيم الأمريكية التي سلبت باغتيال شقيقه وحرب فيتنام، كما يقدر باحثون، حيث يؤكد البروفيسور بيتر إلدمان من جامعة جورج تاون: "باغتيال روبرت كينيدي خسرنا رئيساً كان سينهي حرب فيتنام بسرعة، ويعمل بقوة لتحقيق العدالة في ما يتعلق بقضايا الفقر والتفرقة العنصرية".

خلال مراحل المحاكمة دفع محامو سرحان بأنه مختل عقلياً

عاشراً: ألمح كثيرون إلى أنّ سرحان كان ضحية مخطط معقد وغامض، ويرى مؤيدو نظرية المؤامرة أنّ سرحان، مثل لي هارفي أوزوالد المتهم بقتل الرئيس الأمريكي جون كينيدي، مجرد غطاء لقوى أخرى استخدمته لقتل المرشح الرئاسي، وفق "بي بي سي".

وكان محامو سرحان زعموا في وثائق أنهم تمكنوا من جعله يتذكر ما حدث من خلال قيام طبيب نفسي بتنويمه مغناطيسياً، مشيرين إلى أنه لم يقتل كينيدي وإنما شاهد من أطلق الرصاص على المرشح الرئاسي من الخلف، وأنّ فتاة أغوته للذهاب إلى موقع الحادث.

وكان فريق الدفاع قد قال عام 1969 إنه من المستحيل لسرحان أن يقتله، لأنّ الرصاصة القاتلة جاءت من الخلف وهو كان يقف أمام كينيدي.

وفي جلسة طلب عفو عام 2016 قال بول شريد، أحد الشهود الذين أدانوا سرحان عام 1969: "إنه يعتذر لسرحان لأنه لم يحاول مساعدته من قبل، فهناك ما يشير إلى وجود مسلح آخر في مطبخ الفندق في ذلك اليوم."

هل كان سرحان ضحية مخطط معقد وغامض؟

ومن بين نظريات المؤامرة ما يتحدث عن تصفية الاستخبارات الأمريكية للشقيقين كينيدي.

كما تحدث تقرير إذاعي عن إطلاق 13 طلقة في الحادث، في حين أنّ سعة مسدس سرحان 8 طلقات فحسب، وذكر روبرت كينيدي الابن نجل المرشح الرئاسي أنه قد التقى سرحان في سجنه، وقد تحدث لصحيفة "واشنطن بوست" عن وجود مسلحين في مطبخ الفندق في تلك الليلة، مشيراً إلى أنه "ليس بوسعك إطلاق 13 رصاصة من مسدس سعته 8 رصاصات".

الصفحة الرئيسية