سعيد يسبق المشيشي بخطوة في احتجاجات التونسيين

سعيد يسبق المشيشي بخطوة في احتجاجات التونسيين


20/01/2021

كلمة رئيس الحكومة هشام المشيشي أصابت التونسيين بالإحباط، فهي لم تسفر عن أيّ جديد يُذكر، أو خطة موجودة لدى الحكومة لتحسين أوضاع التونسيين ممّن دفعهم تردّي الأوضاع إلى الشارع في احتجاجات لا تخلو من تخريب والهجوم على بعض المنشآت وقوات الأمن.

لا يستطيع المتابع للمشهد التونسي الفكاك من مقارنة ستعقد حتماً بين رئيس دولة يلتحم بالمواطنين، وبين رئيس الحكومة الذي خرج في خطاب متلفز يحمل التهديد والوعيد

وبات المشهد في تونس منقسماً إلى صباح ومساء، في الصباح تبث مقاطع مصورة تظاهرات لشباب سلمي يستعيد هتافات الثورة من "شغل وحرّية وكرامة وطنية"، وأخرى مثل "لا مكان لليمين في قضايا الكادحين"، وثالثة تندّد بحركة النهضة التي تُعدّ إحدى الفصائل الرئيسية المشكلة للحكم في تونس، حيث تملك الأغلبية البرلمانية.

وتقف الحكومة وحركة النهضة في الخندق ذاته من حيث التنديد بالتظاهرات، التي تهدّد سلطة كليهما، فيما يتقدّم الرئيس التونسي قيس سعيد خطوة على المؤسستين "الحكومة والبرلمان"، فقد أصدر تصريحه الوحيد عن التظاهرات من وسط المواطنين، أوّل من أمس، خلال زيارة ميدانية إلى أحد أحياء تونس.

ولا يستطيع المتابع للمشهد التونسي الفكاك من مقارنة ستعقد حتماً بين رئيس دولة يلتحم بالمواطنين، ويواجه العنف بعبارة ذكية تشير إلى أنّ ما يقع من تخريب هو تخريب في أموال التونسيين، في إشارة إلى أنّ الشعب هو صاحب السلطة والمال والدولة في المقام الأول، وبين رئيس الحكومة الذي خرج في خطاب متلفز يحمل التهديد والوعيد دون خطة حقيقة للعمل، بعد 4 أيام من اتساع رقعة التظاهرات.

وقال الرئيس التونسي: أدعو كلّ الشباب التونسي إلى ألّا يتعرّضوا لأيّ كان، لا في ذاته، ولا في عرضه، ولا في ممتلكاته.

 

محمد الجويني: إنّ كلمة رئيس الحكومة مساء أمس لم تحمل في طياتها أي جديد، وهي كلمة كلاسيكية وعادية جداً، دون تقديم مقترحات جدّية

 

كما أكد رئيس الدولة مجدداً على حقّ الشعب التونسي في الشغل والحرّية وفي الكرامة الوطنية، منبّهاً الشباب، في المقابل، ممّن يسعى بكلّ الطرق إلى توظيفهم والمتاجرة بفقرهم وبؤسهم، وهو لا يتحرك إلا في الظلام، وهدفه ليس تحقيق مطالب الشعب بقدر سعيه لبث الفوضى، ثم تجاهل الضحايا منهم، بحسب بيان للرئاسة.

وفي إشارة إلى التحالفات التي لا يرضى عنها سعيد نفسه قال: إنّ إدارة الشأن العام لا تقوم على تحالفات ومناورات، بل على قيم أخلاقية ومبادئ ثابتة لا يمكن أن تكون موضوع مساومة أو ابتزاز، كما لا يمكن أن تكون الفوضى طريقاً إلى تحقيقها.

اقرأ أيضاً: محاولة لتشريح الصراع داخل "حركة النهضة" التونسية

وغداة ذلك المشهد، خرج رئيس الحكومة ببيان من خلف مكتبه، يؤكد أنّ "الأزمة حقيقية، والغضب مشروع، والاحتجاج شرعي، لكنّ الفوضى مرفوضة وسنواجهها بقوة القانون".

وأضاف رئيس الحكومة: "صوتكم مسموع، وغضبكم مشروع، ودوري ودور الحكومة جعل مطالبكم واقعاً والحلم ممكناً".

ومن جانبه، قال الباحث التونسي في علم الاجتماع محمد الجويني: إنّ كلمة رئيس الحكومة مساء أمس لم تحمل في طياتها أيّ جديد، وهي كلمة كلاسيكية وعادية جداً، دون تقديم مقترحات جدّية، بحسب تعبيره.

 

رئيس شورى النهضة: من يستعملون قُصّراً لمعاقبة الشعب التونسي ومهاجمة المؤسسات لا يقلون خطورة عن الإرهابيين، وعلى القضاء الكشف عن هؤلاء

 

وتعقيباً على الاحتجاجات الليلية التي شهدتها مختلف ولايات الجمهورية، قال محمد الجويني في حوار لبرنامج الماتينال: إنّ هؤلاء القُصّر الذين خرجوا للاحتجاج هم أبناء أحياء شعبية، واحتجاجاتهم تكمن في الخروج عن السائد، وتصل إلى حدّ التصادم مع قوات الأمن، بحسب ما أوردته إذاعة "شمس إف إم".

اقرأ أيضاً: التيار المدني يواجه اتحاد القرضاوي في تونس

وأضاف الجويني: إنّ الاحتجاجات تتغير بحسب الزمن، على غرار الاحتجاجات الليلة التي لا تحمل شعارات باعتبارهم يتحركون داخل شبكات، وهي شبكات المخدارات وغيرها، لأنهم رافضون للنظام، وحتى للاحتجاج الكلاسيكي .

وأوضح محمد الجويني أنّ هؤلاء المحتجين خارجون عن كلّ المنظومات، على غرار المنظومة التربوية والعائلية والاجتماعية، بحسب تعبيره، لأنهم ينتمون لشبكة .

وعن إمكانية تغييرهم، قال الجويني لا بدّ من فعل شيء يمتصّ ذلك الغضب، وهو ما فشل في تمريره يوم أمس رئيس الحكومة خلال الكلمة التي ألقاها .

اقرأ أيضاً: هل تونس حقاً بخير بعد الثورة؟

وقال الباحث في علم الاجتماع: الفرص موجودة لاحتواء هؤلاء المحتجين، ولا بدّ من تغيير الخطاب معهم.

النهضة

في غضون ذلك، هاجم رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني الاحتجاجات، وقال بحسب تصريحات متلفزة نشرتها صفحة النهضة الرسمية عبر فيسبوك: الذين يستعملون قُصّراً لمعاقبة الشعب التونسي ومهاجمة المؤسسات لا يقلون خطورة عن الإرهابيين، وعلى القضاء الكشف عن هؤلاء.

وكانت التظاهرات أمس قد هاجمت حركة النهضة خلال مسيرة في شارع الحبيب بورقيبة، بحسب ما أوردته جريدة "النهار"، وقال النائب في مجلس نواب الشعب منجي الرحوي عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد في تصريح لوكالة أنباء تونس: إنّ "هذه المسيرة الاحتجاجية التي شهدت مناوشات واشتباكات وصدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن بلغت حدّ إطلاق الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريقهم، نظّمها مجموعة من الشباب العاطلين عن العمل وطلاب وتلاميذ احتجاجاً على تردّي الأوضاع في تونس".

اقرأ أيضاً: الجيش التونسي يتدخل للسيطرة على الاحتجاجات.. ما الجديد؟

ورأى أنّ هذه المسيرة هي "من أجل استكمال واستعادة المسار الثوري الذي وقع نهبه واختطافه من طرف الأغلبية الحاكمة، وتحديداً حركة النهضة رأس حربة السلطة القائمة منذ ما بعد الثورة"، وفق تعبيره.

ويتأزم الوضع في تونس أكثر، وسط دعم جهات عدة للتظاهرات السلمية في إطار التنديد بتردّي الأوضاع، ومن ضمن تلك الجهات الاتحاد العام للشغل، الذي كان قد طرح مبادرة للحوار خلال الفترة الماضية.

وبحسب ما أورده موقع "فرانس 24"، فإنّ الاتحاد العام للشغل عبّر عن تضامنه مع مطالب المحتجين المهمّشين، واتّهم الدولة بتبديد آمال الثورة.

الصفحة الرئيسية