سنودن: إنهم ينتهكون خصوصية الجميع على هذا الكوكب

سنودن: إنهم ينتهكون خصوصية الجميع على هذا الكوكب


كاتب ومترجم جزائري
11/07/2018

ترجمة وإعداد: مدني قصري


أجرى مؤسس ومدير "WikiTribune"، جيمي ويلز، مؤخراً، مقابلة مع الموظف السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، إدوارد سنودن، الذي كشفت تصريحاته السابقة عن برامج مراقبة عالمية، تدير العديد منها وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA)، بالتعاون مع الحكومات وشركات الاتصالات الأخرى.

هذه المقابلة جرت بينهما عن طريق "السكايب"، بين لندن وموسكو التي أصبح فيها سنودن منذ ما كشف عنه من أسرار، لاجئاً في روسيا وغير قادر على العودة إلى الولايات المتحدة، خوفاً من المقاضاة، وقد تطرّق الحوار للتجسّس الجماعي، والصحافة، والتسريبات والمخاطر على الحياة الخاصة المرتبطة بمنصات الإنترنت، مثل؛ الفيسبوك، ناهيك عن وكالات الأمن التي تمتص اتصالاتنا.

خصوصية الجميع على الكوكب متاحة

سنودن: لا أحكم بالقول إن كانت "ويكيليكس" قد فعلت الشيء الصحيح أو الخطأ

لنبدأ بسؤالك عما هو موقفك من منظمات مثل "ويكيليكس" التي تكشف مخابئ لمعلومات هائلة؟

لا أحكم بالقول إن كانت "ويكيليكس" قد فعلت الشيء الصحيح، أو الشيء الخطأ؛ لأنّني أعتقد أنّ هذا النوع من التجارب مهمّ، يجب علينا أن نرفض الأساليب التقليدية (الأرثوذكسية).

نحن في حاجة إلى التشكيك في الافتراضات التي تقول إنّ ما نقوم به حالياً، والوضع الراهن، هو أفضل ما في جميع العوالم الممكنة، وأنه أفضل ما يمكننا القيام به، بدل ذلك، نحن نختبر مبادئنا بشكل متكرر وبطرق مختلفة، وما فعلته هو أن رأيت أن في قلب حكومة الولايات المتحدة، بدأت وكالة الأمن القومي تنتهك الدستور بطريقة غير مسبوقة، ودون تمييز.

اقرأ أيضاً: جوليان أسانج.. قرصنة اللعب مع الكبار

إنّهم يقومون بجمع سجلات الهواتف، والتسجيلات على الإنترنت، وكل المعلومات عن المعاملات الخاصة بالأنشطة الخاصة بالأشخاص: التفاصيل الأكثر خصوصية وسرية من حياتهم اليومية، بغضّ النظر عما إذا كانوا مجرمين أم لا، ومن معرفة ما إذا كان هناك أيّة مشكلة للاشتباه في تورّطهم في أي خطأ كان.

بدل ذلك، طوّروا هذا النموذج الجديد.

هذا النموذج أسموه "اجمع كلَّ شيء" (The Guardian)؛ حيث يجمعون كلّ ما يمكنهم جمعه عن كل شخص بريء، لذلك لديهم أطنان من المعلومات حول خصوصية كل شخص على هذا الكوكب، بحيث يمكنهم بعد ذلك فرزها في وقت لاحق، والتنقيب فيها عن طيب خاطر، في حال أيقظت اهتمامهم بك، إذا أصبحت مثيراً للاهتمام سيلجؤون إلى جهاز معاودة زمن المراقبة؛ حيث يمكنهم الرجوع إلى الوراء عبر الزمن، بحسب نوعٍ المحتوى، وحجم المحتوى، في أيّ مكان كان، من ثلاثة أيام إلى حوالي خمسة أعوام.

"لم نعد مواطنين بقدر ما صرنا مجرد موضوعات"

نحن نصوّت حتى نعبّر بوضوح عن اختياراتنا السياسية

ما رأيك، ما هي عواقب هذا النوع من جمع البيانات على العلاقة بين المواطنين والحكومة؟

في النهاية، الحقيقة هي أن الرأي العام الأمريكي قد ضلِّل بطريقة مثيرة للاهتمام حقاً؛ لأنه عندما نفكر في الديمقراطية، وعندما نفكر في نظام حكومتنا، فإن كل ديمقراطية قائمة على مبدأ واحد، وشرعية حكومته تنبع من موافقة المحكومين (Dictionary.com).

نحن نصوّت حتى نعبّر بوضوح عن اختياراتنا السياسية، لتوجيه مستقبل الحكومة، لكنْ إذا كذبوا علينا، وفهمنا الكيفية التي تجري بها العمليات الحكومية، وفهمنا أن ما تفعله الحكومة نيابة عنا وضدنا، ليس صحيحاً، وإذا صوّتنا وفق هذه المقدمات، فإنّ ما يحدث هو أننا بدأنا في فقدان مكاننا على طاولة الحكومة، فأصبحنا موضوعات أكثر منّا مواطنين.

ما هي مخاوفك حول نمط المراقبة التي انخرطت فيها الولايات المتحدة بقوة؟

بحكم حاجتها إلى تطوير القدرة على معرفة ما يفعله الأعداء المحتملون، فقد طوّرت حكومة الولايات المتحدة قدرة تكنولوجية تسمح لها بمراقبة الرسائل التي تمر عبر الأجواء (The Guardian) . وهذا أصبح ضرورياً الآن، ومهمّاً للولايات المتحدة، ونحن ننظر إلى الخارج إلى أعداء حقيقيين، أو أعداء محتملين، يجب أن نعرف، في الوقت نفسه، أنّه في أيّ وقت يمكن أن تنقلب هذه القدرة ضدّ الشعب الأمريكي، وأنّه ما من مواطن أمريكي سيمتلك خصوصيته؛ أي حياته الخاصة، هذه هي القدرة على مراقبة كلّ شيء، المحادثات الهاتفية والبرقيات، أياً كانت. لن يكون هناك أيّ مكان للاختباء إذا أصبحت هذه الحكومة يوماً طاغية، إذا استولى دكتاتور على السلطة في هذا البلد.

إنّ القدرة التكنولوجية التي قدّمها مجتمع الاستخبارات للحكومة قد تمنح لها فرض الاستبداد التام، ولن تكون هناك أيّة طريقة للرد، إنّها الهاوية التي لا خلاص منها.

محكمة سرّية

تبعت المحكمة السرية المؤسسات التي كانت تنتهك القواعد بإساءة فهمها واستخدامها

يبدو أنّ الناس يعتقدون أنّ مراقبة الأفراد هي تطوّر حديث، لكنّ التاريخ أظهر لنا أنّ الحكومة الأمريكية تحقّق منذ فترة طويلة في الأشخاص الذين تعدّهم تهديدات لها.

بعد مرور يومين فقط على تقديم مارتن لوثر كينغ خطابه "لديّ حلم"، قرّر مدير مكتب التحقيقات الفدرالي للاستخبارات الداخلية "FBI"، بأنّ مارتن لوثر كينغ هو أكبر تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة، حدث هذا في السرّ، ولم نكتشفه إلا بعد أعوام فقط، في لجنة الكنيسة.

اقرأ أيضاً: وزير الخارجية الأمريكي متهم بانتهاك القانون الاتحادي

لكنّ هذا تطورٌ طبيعي في مصالح استخبارات غير خاضعة للرقابة، ودون عوائق في أيّ بلد، هذه ليست مشكلة أمريكية فقط؛ لقد رأينا هذا بالفعل يحدث في بلدان أخرى، السؤال، إذاً، مرّة أخرى: ما العمل؟ نحن في حاجة إلى نظام من الضوابط والكوابح والتوازنات، كانت الفكرة وراء هذه القضية الهائلة هي إنشاء محكمة سرية، تقوم في الأساس بإصدار أوامر بإجراء تحقيقات حول الاستخبارات، كما كانت الحال بالنسبة إلى التحقيقات الجنائية التقليدية.

من المفترض أنها محكمة متخصصة تستوعب كل الصعوبات الحالية، والجميع فيها يحصلون على أذونات، فلن يكون هناك أيّ خوف من حدوث تسريبات، ولفترة معيّنة كان هذا النظام يسير على ما يرام، لكن المشكلة هي أنه ابتداءً من السبعينيات، عندما أصبحت الطلبات المقدَّمة إلى هذه المحكمة، قليلة، وهي طلبات خطيرة للغاية، بدأت المؤسسات التي كانت تنتهك القواعد، في فهم كيفية إساءة استخدام نظام هذه القواعد، وهكذا تبعتها المحكمة السرية.

الرؤساء يرفضون تدخل مجلس الشيوخ

سنودن: لدينا 535 عضواً في الكونغرس، لكن 20 فقط منهم لديهم الحق في الاطلاع

ما هو، إن وجِد، الدور الذي يلعبه الكونغرس في كل هذا؟

لا يسمح للعديد من أكبر منتقدي المراقبة في الكونغرس، بالمشاركة في الجلسات حول مراقبة الاستخبارات، لدينا 535 عضواً في الكونغرس، لكن 20 فقط من هؤلاء الأشخاص لديهم الحق في الاطلاع على هذه الأنواع من برامج المراقبة الوطنية، وهنا تكمن المشكلة المركزية. لديك كادر، رئيس لا يريد أن يخضع للمراقبة، ومرة أخرى، ليس لأنّه سيئ، لكن لأنّ هذا ما يفعله كلّ رئيس، الرؤساء لا يريدون أن ينظر أعضاء مجلس الشيوخ فيما يفعلونه، ولا يريدون أن تقول لهم المحاكم ما يمكنهم فعله، وما لا يمكنهم فعله.

اقرأ أيضاً: ضحايا تحرش ترامب يطالبن الكونغرس بالتحقيق معه

لقد رأينا ذلك مؤخراً، مع قرار دونالد ترامب ضدّ المسلمين، والذي بمجرد أن تلقته المحاكم، وعلمت به، وأدركت أنّ لديها دوراً تلعبه، وأصبح بإمكانها أن تقول: "لدينا دورٌ نلعبه هنا"، وقالت بالفعل: "اسمعوا، إننا نفهم ما تحاولون القيام به هنا، لكنّ هذا انتهاك للدستور، ولا يمكنكم فعله". الرؤساء إذاً، يريدون أن يوقفوا الناس، فتقول المحاكم أكثر وأكثر: "نحن آسفون، لا يمكننا مساعدتكم"، حالما تقول الحكومة: "هذا سرٌّ، ولا يمكنكم إثباتُ أنه يحدث بالفعل"، ثم إنّ الكونغرس على مرّ العقود اعتاد على الاعتقاد أنّ أفضل شيء يمكنك القيام به في حملتك الانتخابية هو ألا تنظر للأمور عن كثب، وأن تفتح جيوبك، وهذا النظام أتاح لأكثر من عقد الزمن ظهور شبكة وطنية غير دستورية.

نُقّاد كبار ضد التسريب، أمثال جون ماكين وهيلاري كلينتون، أكدوا أنّ الكشف عن معلومات حساسة يُعرِّض حياةَ الناسَ للخطر، ما رأيك في ذلك؟

لم نرَ حالة واحدة على الإطلاق تم تحديدها من قبل الحكومة، وكان يمكن لشخص ما أن يتأثر بأحد هذه التسريبات، لكن من الناحية النظرية، على الأقل، هذا ممكن. وهذا هو السؤال المركزي: كيف يجب أن نضع في الميزان هذه القرارات الصعبة عندما، من ناحية، تذكرُ أنت المخاطرَ النظرية للصحافة في مجتمع حرّ ومفتوح، ومن ناحية أخرى، تتحدث عن أضرار ملموسة، قابلة لقياس كمّي لسياسة سيئة، وانتهاكات حقوق يتم التحقق من صحّتها بالأدلة؟

الصحافة والإدانة واحد

لا يمكن أن يكون لدينا صحافة حقيقية دون مصادر موثوقة

ما هي الدروس التي يمكن للصحافيين تعلمها مِن هذا؟

كثير من الناس يحبّون عدّ الصحافة والإدانة موضوعين منفصلين، لكن، في الواقع، الموضوع واحد؛ لا يمكن أن يكون لدينا صحافة حقيقية دون مصادر موثوقة، قادرة على أن تقول للصحافيين ما يحتاجون إلى معرفته، بدل أن تقول لهم فقط ما يحقّ لهم معرفته، إمّا من خلال السياسة أو الإجراء، أو الرؤساء، وإما بموجب القانون، إذا كان القانون منتهكاً، وإذا تم انتهاك حقوق الناس، يجب أن يتمكن الصحفيون من الوصول إلى هذه المواد، لكن إذا كان الحديث مع الصحافيين جريمة في حدّ ذاتها؛ فالآن وقد بدأت أنت في إثارة أسئلة حقيقية حول الحقوق: هل يمكنك التأكد من أن ذلك يحدث؟ أعني بذلك أنّه في عالم اليوم، سواء أحببنا ذلك أم لا، فإنّ الصحافة الحقيقية باتت تعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا، وأنّ هذا الاتجاه ينمو بمرور الوقت، وهذا يعني: نعم، يمكنك الوصول إلى الحقائق، من خلال اعتماد آليات مثل التشفير.

ما هو الفرق الرئيس بين كيفية جمع البيانات الخاصة اليوم، وكيفية جمعها في الماضي؟

لقد كانت المراقبة الجماعية موضوع جدل في الأعوام الأخيرة، وهذا يعني مراقبة دون اشتباه، في حين أنّ الحكومة تسمّيها "الجمع بالجملة" لملفات الناس، دون أن تنشغل بما إذا كانوا قد فعلوا شيئاً، أو لم يفعلوا شيئاً، وهذا أمر غير عادي؛ فهذا ليس أمراً طبيعياً، هو شيء لم يحدث تاريخياً، وليس شيئاً فعلته المجتمعات السابقة.

إنّ وسائل التحقيق التقليدية، التي نعرفها، وتعمل جيداً، على عكس هذا الترصد الجماعي، الذي كان الرئيس أوباما قد راجعه من قبل مفوّضَين اثنين مستقلَّين، وقال كلاهما إنه غير فعّال وبلا طائل.

الخصوصية مصدر كلّ الحقوق الأخرى

يجب أن تكون قادراً على قراءة وتجريب واختبار أفكار جديدة

يبدو أنّ كثيراً من هذا النقاش يستند إلى الاعتقاد السائد، بأنّه إذا لم يكن لديك ما تخفيه، فلا يجب أن تقلق بشأن أيّ تدخل في حياتك الخاصة، ما رأيك في ذلك؟

الخصوصية ليست مسألة شيء تخفيه، هي مسألة حماية، الخصوصية هي مصدر كل الحقوق الأخرى، هي المكان الذي تأتي منه الحقوق؛ لأنّها هي حقّ الشخص لنفسه، الخصوصية هي الحق في حرية الفكر، الخصوصية هي القدرة على حصول الشخص على شيء، أي شيء، لنفسه أو لذاته، لا تعني حرية التعبير الشيء الكثير إذا كنت لا تستطيع أن تكون لك أفكارك الخاصة بك، وكي تكون لك أفكارك الخاصة، تحتاج إلى مساحة آمنة لتطوير تلك الأفكار، لفهم ما تؤمن به حقاً، ثم عليك اختبار هذه الأفكار بشكل انتقائي مع أشخاص تثق بهم، لتحديد ما إذا كانت الفكرة جيدة حقاً أم أنها غباء.

اقرأ أيضاً: فضيحة تهز أركان الكونغرس الأمريكي

إذا كانت كل الأفكار التي عبّرتَ عنها قد التقِطت في حينها، وتم تسجيلها ومتابعتها حتى نهاية حياتك، فلن تنجو أبداً من أدنى الأخطاء التي تكون قد ارتكبتها. إنّ الحرية الدينية والمعتقد، لا معنى لها، فهي لا توجد حقاً، إذا كنت فقط قد ورثتَ معتقدات آتية من عائلتك أو أشخاص من قبلك، أو من الدولة، يجب أن تكون قادراً على قراءة وتجريب واختبار أفكار جديدة، وأن تكتشف ما الذي تمثله حياتك حقاُ بالنسبة إليك.

في الأعوام الأخيرة، رأينا أيضاً أنّ صحفيين في جميع أنحاء العالم مستهدفون بسبب وصولهم إلى مصادر ومعلومات سرية، ما هي الآثار المترتبة على حرية الصحافة؟

حرية الصحافة لا يمكن أن تكون حقيقية ومفيدة، إلا إذا كان بإمكان الصحفيين الاتصال بمصادرهم، في ثقة وسرية، لاطلاعهم على ما يجري بالفعل، وهذا من أعلى المستويات إلى أدنى المستويات في مجتمعنا، الأمر لا يتعلق فقط بأن يكون الصحافي في مأمن من التفتيش والمصادرة التعسفية. ليس مهمّاً أن تقول الحكومة: حسناً، نحن لا نتنصّت على مكالماتك الهاتفية، إذا كان يجمع بالفعل ملفات عنها؛ لأنّ مصادرة هذه الملفات إجراء غير دستوري. مرة أخرى، معجمنا والكلمات التي نستخدمها، والجمل، والملكية الخاصة، تعني شيئاً ينتمي إليك لا للمجتمع، فإذا ألغينا حماية الخصوصية، فإننا نلغي الفردية، ونلغي الأنا، ونقول إننا لا ننتمي إلى أنفسنا، وإننا ننتمي إلى المجتمع، وهذا أمر خطير للغاية؛ لأنه عندما ندخل هذه الحالة الذهنية؛ حيث تصبح الحقوق غير ذات أهمية، لأننا لا نستخدمها الآن، فمن الصعب في هذه الحالة أن نفهم لماذا لدينا حقوق.

الحقوق ليست للأغلبية وليست للأقوياء فهي تتيح لهم أن يشكلوا ويصيغوا قوانيننا إنها لمن هم الأقل قوة

حماية الخصوصية أتاحت للنساء والأقليات تنظيم حملات سياسية للدفاع عن حقوقهن، في كثير من الحالات تم هذا خارج مجال رؤى الدولة.

حرمان النساء من حقهن في التصويت، والقول إنهنّ لا يستطعن التصويت، ليس عدلاً، أياً كان المبرر، فأيّ تقدّم بدأ كفكرة أقلية، رأي أقلية، وهو احترام الحياة الخاصة التي سمحت لهؤلاء الأشخاص بتنسيق وتطوير هذه الأفكار، وتنظيم الأشخاص الذين دعموها، ونشر هذه الأفكار، حتى تصل إلى تلك الكتلة الحساسة التي غيّرت العالم، وجعلت كل واحد منا أكثر حرية، وجعلت حياتنا أكثر عدالة، وجعلت مستقبلنا أكثر استنارة، ودون ذلك، ودون خصوصية، فأنت تخلق، ليس فقط عالماً معادياً للمجتمع، لكنك تخلق عالماً محروماً من الحرية، وأنت لست أكثر أماناً، فحتى في السجن، في أكثر البيئات أمناً التي نمتلكها، يتعرض الناس للاعتداء دائماً، وما يزال الناس يتعرّضون لسوء المعاملة، وما يزال الناس يقتَلون دائماً.

فيما وراء الآثار اليومية لخروقات الخصوصية والأمن تأثير أعمق على حقوق المواطنين كأفراد؛ هل استخلصتَ أيّ استنتاجات في هذا الشأن؟

الحقوق ليست للأغلبية؛ وهي ليست للأفراد ذوي الامتيازات، فالحقوق ليست للأقوياء؛ لأنهم لا يحتاجون إليها، وصولهم إلى التأثير يتيح لهم بلورة الحقوق؛ فهي تتيح لهم أن يشكلوا ويصيغوا قوانيننا، وتسمح لهم بتحديد، وبالتأثير على أداء المجتمع، الحقوق هي لمن هم الأقل قوة، هي للذين ليس لديهم سلطة؛ فهي للأقلية، هي للمختلفين، إنها للضعفاء.


المصدر: courtierenbourse.xyz



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية