سياسيون لبنانيون لـ "حفريات": تمويل قطر لحزب الله جريمة بحقّ الإنسانية

ما تزال أصداء الدعم القطري لحزب الله، الذي كشف عنه تقرير نشرته قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، تتداعى، في ظلّ الغضب الشعبي اللبناني تجاه هيمنة الحزب على الدولة والحكومة، واتهامات بتورطه، من قريب أو من بعيد، في انفجار مرفأ بيروت.

ونشرت الصحافة الألمانية وقناة "فوكس يوز" تقارير عدّة خلال الشهر الماضي، ومطلع الشهر الجاري، عن تورط قطر في تمويل صفقات أسلحة إلى حزب الله. وحاول السفير القطري في بروكسل منع نشر التقرير الذي أعده متعاقد أمني، عمل لصالح المخابرات الألمانية، بتقديم رشوة قدرها 750 ألف دولار، لكنّه رفض.

اقرأ أيضاً: هل تتدخل قطر في رسم استراتيجيات حزب الله؟

ويهدّد الدعم المالي لسلاح حزب الله المصالح الأمريكية والغربية، وأمن الدول العربية، لارتباط الحزب بالأجندة الإيرانية التي تستهدف الخليج العربي والمصالح الأمريكية.

خفايا القصة

وكانت قناة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية قد نشرت تقريراً، الخميس الماضي، عن تمويل أحد أفراد الأسرة المالكة في قطر صفقات أسلحة لحزب الله، وأعدّ التقرير متقاعد أمني ألماني، يُعرف باسم" جيسون ج"، وعمل سابقاً لصالح المخابرات الألمانية.

ووفق التقرير؛ استغلت قطر مؤسساتها الخيرية في لبنان في تمرير الدعم إلى حزب الله، وذكر التقرير اسم جمعيتي:  "الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية"، و"مؤسسة التعليم فوق الجميع"، كوسيلة لتمرير الأموال القطرية إلى الحزب.

وتعود العلاقة بين قطر وحزب الله إلى عام 2006، عقب حرب تموّز (يوليو)، بين إسرائيل والحزب، والتي خلفت دماراً كبيراً في لبنان، وقدّمت قطر مساعدات كبيرة للحزب، لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية في بيروت.

النائب اللبناني السابق مصطفى علوش لـ"حفريات": ما هو غير مفهوم أنّ قطر بأكملها تكاد تكون قاعدة أمريكية، وأنّ الولايات المتّحدة في خصام مع حزب الله، ورغم ذلك تموّل قطر أعداءها

وفي ذلك يقول سياسي لبناني في تيار المستقبل (فضّل عدم الكشف عن اسمه): "قدمت قطر دعماً سخياً لحزب الله، عقب حرب تموّز (يوليو) 2006، ودفعت الأموال لشركات تابعة له، في خطوة حدّدت موقفها من لبنان، وهو التعامل مع الحزب حصرياً".

ويضيف السياسي اللبناني: "استثمرت قطر في تلميع صورة حزب الله كرمز للمقاومة، وهي الصورة الزائفة التي هدفت منها إيران وقطر إلى السيطرة على لبنان، وعلى مشاعر الجماهير العربية، لكنّ دخول الحزب إلى سوريا، وقتله الشعب السوري جعل الشعوب تستفيق من هذا الوهم، وتدرك أنّ الحزب مجرد أداة لخدمة المشروع الإيراني فقط".

اقرأ أيضاً: تسجيل صوتي مسرب يكشف تورط قطر في تمويل حزب الله

وفي السياق ذاته؛ يقول منسق قطاع الشباب في تيار المستقبل، فرع طرابلس، علاء أرناؤوط: "قبل الثورة السورية، عام 2011، كانت علاقة قطر بحزب الله قوية جداً، ومنحازة لأجندته على حساب الشعب اللبناني، لدرجة جعلت المواطنين في طرابلس يحرقون سيارة النقل المباشر لقناة "الجزيرة"، عام 2011، لدعمها لحكومة حزب الله التي ترأسها نجيب ميقاتي".

ويردف أرناؤوط، لـ "حفريات": "لكن بعد الثورة السورية تغيّرت العلاقة، ولم تنقطع، لكنّها لم تعد علنية".

جريمة بحقّ لبنان

ويحمّل لبنانيون حزب الله، المسؤولية الأولى عن تفجير مرفأ بيروت، سواء بتورط مباشر، أم عبر هيمنته على الحكومة طيلة 15 عاماً، تسبّب خلالها بتفشي الفساد، وترهل الدولة، واختفاء دور المؤسسات الرقابية.

فضلاً عن ذلك؛ يسيطر الحزب على موانئ لبنان، ويدير أجزاء واسعة فيها لحسابه الخاص، يتربّح منها تجارياً، وينقل عبرها الأسلحة، دون وجود رقابة من الدولة بحجة سلاح المقاومة.

ويرى عضو مجلس النواب اللبناني السابق، مصطفى علوش؛ أنّ أيّ تمويل يذهب إلى حزب الله هو اعتداء على الشعب اللبناني، الذي يعاني من تسلّط وإرهاب الحزب، ومرفوض من أحرار لبنان بشكل قاطع.

وطالب علوش، في تصريح لـ "حفريات"؛ بأن يحقّق المجتمع الدولي في التفاهم القطري مع إيران، وتمويلها لحزب الله، مؤكداً أنّ أيّة مساعدة للحزب في أيّ مكان، داخل أو خارج لبنان، هي اشتراك في جرائم الحزب الإرهابية، باسم إيران.

وذكر البرلماني اللبناني؛ أنّ المال القطري ساعد الحزب في سفك دماء العرب كافةً، وليس لبنان فقط؛ ففي العراق واليمن وسوريا ومصر استفاد الحزب من أموال قطر في ارتكاب جرائمه بحق العرب.

ما هي مكاسب قطر؟

ويرى مراقبون أنّ الموقف القطري غير مفهوم من دعم حزب الله؛ كوّنه في عداء مع التنظيمات التي تدعمها قطر في سوريا، ولا يحقق لها أهدافاً مباشرة.

ويبدو، في نظر المراقبين؛ أنّ قطر، مدفوعة بعدائها للسعودية في المقام الأول، وفي ذلك يقول علاء أرناؤوط؛ "قطر دولة صغيرة، ولديها قدرة مادية كبيرة، إضافة لوسيلة إعلامية مهمة وعالمية، وهي قناة "الجزيرة"؛ التي صنعت مكانة كبيرة إعلامياً لقطر، جعلتها تحلم بأن تكون منافساً للسعودية في المنطقة".

ويضيف منسق قطاع الشباب في تيار المستقبل، فرع طرابلس، لـ "حفريات"؛ قطر عملت على فتح خطوط اتصال مع أيّة جهة لا تتفق مع المملكة، لذلك دعمت حزب الله، بعد التنسيق مع إيران، التي يعمل الحزب وفق خطتها.

عضو تيار المستقبل علاء أرناؤوط: قطر دولة صغيرة، ولديها قدرة مادية كبيرة، إضافة لقناة "الجزيرة"؛ التي صنعت مكانة كبيرة إعلامياً لقطر، جعلتها تحلم بأن تكون منافساً للسعودية في المنطقة

ومصداقاً لذلك؛ بدأ التمويل القطري لسلاح الحزب عام 2017، وهو العام الذي شهد صفقة قطرية-إيرانية؛ بموجبها أفرجت ميليشيا كتائب حزب الله العراقية عن رهائن قطريين، وأُعيد رسم علاقة قطر بإيران وحزب الله؛ واستؤنفت العلاقات بينهما، بعد فتور امتدّ 6 أعوام.

ويربط السياسي اللبناني بين الحدثَين؛ فيقول إنّ "المقاطعة العربية لقطر لم تأتِ فجأة؛ بل بعد أنّ فاض الكيل بالدول العربية من تآمر قطر مع إيران وتركيا ضدّ المصالح العربية، ودعمها للجماعات المتطرفة؛ سواء النصرة، أو داعش، أو القاعدة، أو الحوثيين، أو حزب الله".

وأثار تقرير "فوكس نيوز" تساؤلات غربية عديدة حول سلامة القوات الأمريكية في قطر، التي يبلغ عدد أفرادها بالآلاف، في ظلّ اعتبار إيران وحزب الله أنّ أمريكا هي العدو الأول لهم.

وتستضيف قاعدة العديد في قطر مقر القيادة المركزية الأمريكية، ومقر القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية، والسرب رقم 83 من القوات الجوية البريطانية، وجناح المشاة الجوية رقم 379، التابع للقوات الجوية الأمريكية. وعام 2017؛ تجاوز عدد القوات الأمريكية في قطر 11 ألف جندي.

اقرأ أيضاً: خبراء فلسطينيون لـ "حفريات": لهذه الأسباب تدعم قطر حزب الله

وبخصوص ذلك، يقول مصطفى علوش: "ما هو غير مفهوم أنّ قطر بأكملها تكاد تكون قاعدة عسكرية أمريكية، وأنّ الولايات المتّحدة في خصام مع حزب الله، ورغم ذلك ترتبط قطر بتمويل أعداء الولايات المتحدة".

ويزول سوء اللبس ذلك؛ بمتابعة تناقض تصريحات الرئيس ترامب، عام 2017، حين اتهم قطر علناً بدعم أعداء الولايات المتحدة من الإرهابيين، ثمّ تراجع بعدها في العام التالي، وامتدح تعاونها في مكافحة الإرهاب، وهو التغير الذي أرجعته قناة "فوكس نيوز" في تقريرها السابق إلى الضغوط التي يمارسها المال القطري داخل أروقة مؤسسات الحكم في واشنطن".

وطالب علوش بموقف أمريكي حازم تجاه ما ورد في التقرير عن تمويل قطر لحزب الله، ولم يستبعد استغلال قطر جمعياتها الخيرية في لبنان، كغطاء لتمويل الحزب، بعيداً عن الرقابة الدولية.