سيرة ناقصة لجماعة الإخوان

سيرة ناقصة لجماعة الإخوان


02/02/2019

فاروق يوسف

لولا تلك السنة المشؤومة التي حكمت فيها جماعة الإخوان المسلمين مصر لما تحمس الكثيرون للبحث عن وسائل تعينهم على اعلان وفاة تلك الجماعة والتخلص من بقايا إرثها الذي توزع بين البلدان.

ما سبق تلك السنة كان أهم منها بالنسبة للإخوان.

ولو أنهم يملكون القدرة على مواجهة الذات ونقدها لاعترفوا بأن وصولهم إلى السلطة التي لطالما حلموا بها كان أعظم خطأ ارتكبوه في حياتهم، بل كان الخطأ القاتل الذي سلمهم إلى التهلكة.

لا أحد ينكر أن جماعة الاخوان استطاعت أن تبني لها قاعدة شعبية عريضة في مصر. لسنوات طويلة عملت تلك الجماعة على ترسيخ وجودها عموديا وأفقيا في المجتمع المصري. كما أن تأثير افكارها العدمية الهدامة كان قد تخطى الحدود المذهبية والدليل على ذلك ما تنطوي عليه علاقة إيران وأتباعها الطائفيين من اعجاب بالمنطلقات النظرية للجماعة التي تضمنتها كتب سيد قطب التي يمكن اعتبارها معجما للإرهاب بمعناه المعاصر.

كل ما فعله تنظيم داعش مستلهَم من تلك الكتب.

كل ذلك لا يعني أن كانت الجماعة صالحة لحكم مجتمع مثل المجتمع المصري في عصره الراهن.

هناك عوامل كثيرة مكنتها من المصريين حين كانت حركة محظورة. العوامل نفسها جعلت المصريين ينفرون منها ويرفعون أيديهم عنها ويتركونها وحيدة حين استلمت الحكم.

الفقر والتمييز والظلم وغياب العدالة الاجتماعية والمرض.

ليس ما مارسته وهي في الحكم يمت بصله لما سبق لها وأن ضخته في عقول الفقراء من أجل أن تخضعهم وتستطيع من خلالهم الوصول إلى الحكم.

جماعة الاخوان المسلمين لها أهداف تقع في مكان لا يتعلق بحاجة المجتمع إليها. إنها لا تفكر في اصلاح المجتمع عن طريق تعليمه والعناية به صحيا والارتقاء بمستواه الفكري وحياته المدنية وتحقيق المساواة وفرض القانون وإقامة نوع من العدالة الاجتماعية.

كل تلك الأهداف كانت أشبه بالدعاية الانتخابية الزائفة.

حين نزعت قناعتها يوم حكمت بدت على حقيقتها.

فالجماعة التي تدافع عنها دول وأجهزة مخابرات عالمية لا ترى في الفقر عارا ولا في الجهل نقصا ولا في المرض قسوة ولا في التمييز عيبا. فتلك بالنسبة لها ظواهر طبيعية يتعرض لها الإنسان من أجل اختبار مستوى ايمانه. وهو ما يعني أن حكمها المظلل بالعناية الإلهية لن يكون وسيلة للوقوف ضد ظواهر طبيعية ينبغي من وجهة نظرها الاستسلام لها.

ولهذا يمكن القول إن سنة حكم الاخوان المسلمين كانت ضرورية للمصريين لأنها نزعت الغشاوة عن عيونهم وجعلتهم يتعرفون على الجماعة التي تدعو إلى هدايتهم على حقيقتها.

لقد أدرك المصريون يومها ما معنى الهداية التي كانت جماعة الاخان تبشر بها وتضعها في مقدمة شعاراتها.

فالهداية تعني إعادة صياغة مجتمع بما يناسب الأهواء الاخوانية. وهو ما يعني محو تاريخ ذلك المجتمع بأكمله. وهو الشيء نفسه الذي تتعرض له الآن مجتمعات عربية في لبنان والعراق واليمن، حيث أتيح لأحزاب وجماعات متأثرة بفكر الإخوان أن تحكم هناك.

هداية مجتمع بالنسبة للإخوان تعني البدء من الصفر. مقارنة بالعالم المعاصر فإنها تعني البقاء في ذلك الصفر الذي هو درجة تمزج بين البدائية والتوحش والثأر والخوف من الآخر والرغبة في الانتقام منه.

سيرة الاخوان يمكن تلخيصها بواحد من أهم أهدافهم وهو الانتقام من المجتمع الكافر اذي يحيط بهم.

ما فعله المصريون حين أنهوا حكم الإخوان المسلمين كان عين الصواب.

تاريخيا يحسب لهم أنهم وهبوا العالم العربي أملا في بدء تاريخ جديد، تكون فيه الشعوب على دراية بالجماعات التي تنضوي تحت لواء الإسلام السياسي.

"الإسلام هو الحل" كذبة كشفتها سنة واحدة من حكم الجماعة التي أطلقتها.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية