صراع الإخوان: هل يلعب قسم الأخوات دوراً في الأزمة الداخلية للجماعة؟

صراع الإخوان: هل يلعب قسم الأخوات دوراً في الأزمة الداخلية للجماعة؟


13/01/2022

تشهد جماعة الإخوان كثيراً من التغيرات، على المستوى الداخلي، في خضم الصراع المحتدم بين جبهتي إبراهيم منير ومحمود حسين، أبرزها يتمثل في تنامي دور بعض الأفرع أو الروابط التنظيمية داخل الجماعة، في مقابل تقليص مجموعات أخرى وتلاشي دورها، ويبرز قسم الأخوات أو الدور الذي يقمن به في الوقت الراهن والقدر الذي يمثلنه على ميزان الحسم، موقعاً مهمّاً في الدراسة والتقصي، لوضع تصور شامل حول المتغيّرات والنتائج المترتبة عليها، التي سترسم بلا شك ما سيكون عليه الإخوان خلال الأعوام المقبلة. 

زوجات قيادات التنظيم المحبوسين يحشدن لتأييد مجموعة إسطنبول في مقابل جبهة لندن 

وبشكل تدريجي بدأ قسم "الأخوات" في التحرك من مربع الظل إلى الحراك بعد العام 2011، بالتزامن مع الثورات والأحداث المتلاحقة في المنطقة العربية، لكنّ المرحلة التي تمثل تحوّلاً جذرياً في الأدوار كانت في أعقاب ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013، وما تبعها من سقوط الإخوان عن الحكم في مصر، وصدور أحكام قضائية بتصنيف الإخوان على قوائم الإرهاب في عدة دول عربية، مثل؛ مصر والإمارات والسعودية، ومن ثمّ وضع عدد من قيادات التنظيم في السجون لاتهامهم بالإرهاب، وكنتيجة طبيعية بدأت الأخوات بالتحرّك كبديل استراتيجي. 

تحركات لدعم جبهة إسطنبول

وبحسب مصادر مصرية مطلعة تحدثت لـ"حفريات"، وفضلت عدم ذكر أسمائها، يشهد قسم الأخوات داخل تنظيم الإخوان حالة خاصة من النشاط خلال الفترة الحالية، بالتزامن مع احتدام الصراع بين مجموعة لندن وإسطنبول، موضحين أنّ عدداً من زوجات قيادات التنظيم المحبوسين في مصر، وأيضاً العناصر الفاعلة داخل التنظيم النسائي، يتولين مهمّة الحشد لتأييد مجموعة إسطنبول في مقابل جبهة لندن. 

وتوضح المصادر أنّ قسم الأخوات متفاعل مع الأزمة الداخلية بشكل كبير، ومنقسم على نفسه في تأييد كلا الطرفين، لكنّ القطاع البارز أو القياديات داخل التنظيم يدعمن محمود حسين وإخوان مصر بوجه عام في معركتهم ضد مجموعة التنظيم الدولي، أو المعروفين باسم "مكتب لندن".

 قسم الأخوات سيرسم ما سيكون عليه الإخوان خلال الأعوام المقبلة

وحول التحرّكات الأخرى على مستوى النشاط التنظيمي، قالت المصادر: إنّ الأخوات ينشطن في عقد الاجتماعات الأسرية والتنظيمية فيما بينهن داخل المنازل وخلال اللقاءات العامّة، مشيرة إلى أنّ النساء لديهنّ مساحة أكبر للتحرك بعيداً عن أعين السلطات، وهذا الأمر هو ما دفع إلى توظيفهنّ خلال الأعوام الماضية لتبادل المعلومات ونقل الأموال بين الداخل والخارج، وقد تصدّت مصر لتلك المحاولات، وتجري الآن محاكمة عدد من عناصر التنظيم النسائي بتهم دعم الإرهاب، أبرزهنّ عائشة الشاطر نجلة القيادي الإخواني ونائب المرشد خيرت الشاطر. 

وفي ملمح يكشف انحياز الأخوات لمجموعة محمود حسين، أعلنت الشيماء مرسي نجلة الرئيس الإخواني المعزول الراحل محمد مرسي، وهي واحدة من قيادات التنظيم النسائي، دعمها لحسين، وذلك في وقت سابق عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلة: "وأمرهم شورى بينهم، لا سمع ولا طاعة لمن يتجاوز الشورى أو يتجاهلها أو يقامر بها، وكوني وليّ دم لا طاعة عندي لمن يطالبنا بالاستسلام أو يفرضه، نحن مؤسسة لا وجود عندنا لحكم الفرد، وبناء عليه أنا كعضو عامل في جماعة الإخوان المسلمين أؤيد قرار الشورى العام بكلّ ما جاء فيه جملة وتفصيلاً".

اقرأ أيضاً: هذا هو الدور الذي لعبته "الأخوات" في صناعة الإرهاب داخل الجماعة

خطر محدق

ومن جانبها، ترى الدكتورة داليا زيادة مديرة المركز المصري للدراسات الديموقراطية الحرة أنّ "الانقسامات المتصاعدة بين قادة الإخوان المسلمين، وما يترتب على ذلك من انسحاب تدريجي للداعمين السياسيين والماليين الأجانب للجماعة، ينبغي أن يكون أقلّ ما يقلق الجماعة، في هذه اللحظة الحرجة. لكنّ القلق الأكبر ينبع من ميل العضوات الشابات، اللواتي يُطلق عليهن اسم "الأخوات المسلمات"، لاتباع أقرانهنّ من الذكور في طريق الجهاد. فلطالما كانت الأخوات المتدينات، وغير المرموقات في جماعة الإخوان المسلمين، العنصر السرّي الذي أنقذ الجماعة من الانهيار في أوقات الأزمات، وفي ظلّ الأزمة الحالية ربما تكون الأخوات المسلمات آخر شريان حياة لا تستطيع المجموعة تحمّل غيابه".

وفي دراستها المنشورة في موقع المجلة في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تحت عنوان: "الأخوات المسلمات: من تربية الأطفال والإنجاب إلى الجهاد"، أوضحت زيادة أنّ "الأخوات المسلمات، وخاصة من الأجيال الأكبر سنّاً، يلعبن دوراً مشابهاً (تقصد الدور الخاص بالأخوات إبّان عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر) في عصرنا الحالي، فبعد الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين في مصر في العام 2013، فرّ عدد كبير من كبار القادة إلى تركيا وقطر والمملكة المتحدة، في حين تمّ اعتقال المرشد العام وعدد قليل من الأشخاص الآخرين. وما بين عامي 2014 و2015، اعتقلت قوات الأمن المصرية جميع القادة المتوسطين لجماعة الإخوان المسلمين أو قُتلوا في مواجهات مسلحة. خلق هذا فجوة تطلبت من نساء الإخوان المسلمين أن يتقدّمن لملئها. ومنذ ذلك الحين، بدأت الأخوات الأكبر سنّاً في لعب دور القادة الوسطيين، لإبقاء المجموعة حيّة في الظل؛ على أمل أن يأتي رئيس في المستقبل بعد السيسي، يعيد الجماعة إلى الحياة العامّة، كما فعل السادات عندما تولى السلطة بعد عبد الناصر".

ليس لهنّ بيعة

في مقاله المنشور في موقع المرجع تحت عنوان: "لماذا لم تبايع "نساء الإخوان" إبراهيم منير مرشداً للجماعة؟" أجاب الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي عمرو فاروق على نقطة محورية تتعلق بمدى أهمية الحشد أو التأييد من جانب الأخوات لطرف دون الأخر، مؤكداً بالدليل أنّ الأخوات ليس لهنّ بيعة. 

وقال فاروق: إنّ "الحقيقة التي تغيب عن الكثير منّا هي أنّ "الأخوات" داخل جماعة الإخوان ليس لهنّ بيعة، ولا يمكنهنّ قول رأيهنّ في اختيار المرشد، أو رفضه أو تأييده، أو حتى اختيار قيادات مكتب الإرشاد، فهنّ مجرد كائن ثانوي لا يُسمح له بممارسة العملية الانتخابية أو إقرار نتائجها أو رفضها".

داليا زيادة: لطالما كانت الأخوات المتدينات، وغير المرموقات في جماعة الإخوان العنصر السرّي الذي أنقذ الجماعة من الانهيار في أوقات الأزمات

وتابع: ""فالبيعة المباشرة" مقصورة فقط على دوائر محددة داخل القطاعات التنظيمية من الرجال دون النساء، وعلى القواعد التنظيمية أن تقرّ هذه البيعة بينها وبين نفسها أوّلاً، نزولاً على رغبة القيادات العليا، ثمّ أخذها عن طريق الوكالة فيما بعد، وقد تمّ استثناء "الأخوات" من منهجية "البيعة" بشكل كامل، سواء عن طريق الأسلوب المباشر أو غير المباشر، وفقاً للأدبيات الفكرية والفقهية لجماعة الإخوان، التي تعتبر أنّ "البيعة" ليست من حقّ النساء بشكل عام".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية