صفعة ليلة الانتخابات.. واشنطن تعتبر غولن "شخصية سياسية" وأنقرة تحتج

صفعة ليلة الانتخابات.. واشنطن تعتبر غولن "شخصية سياسية" وأنقرة تحتج


23/06/2019

صفعة أمريكية جديدة، تطول رجب أردوغان وحزبه الحاكم العدالة والتنمية، لكنها مختلفة هذه المرة، ذلك أنها تأتي عشية ليلة الإعادة على رئاسة بلدية إسطنبول، كما أنها تخص الرجل الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء مسرحية الانقلاب التي وقعت منتصف عام 2016، حيث اعتبرت واشنطن، المفكر التركي فتح الله غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، "شخصية سياسية"، ليرى النظام التركي نفسه لا يملك سوى الاحتجاج.

وفيما يركز إردوغان أنظاره على مصير مدينته المفضلة المهددة بالضياع، جاءته الصفعة المباغتة من الولايات المتحدة، لتثير أحزان وغضب ديكتاتور أنقرة الذي يشعر بأنه محاصر هذه الأيام كما لم يكن من قبل.

غضب أردوغان
تقرير "الحريات الدينية في العالم لعام 2018" الذي أصدرته الخارجية الأمريكية الجمعة، أثار موجة استياء داخل أروقة نظام أنقرة، استشاط إردوغان غضبا من توصيف واشنطن لخصمه وعدوه وصديق الماضي القريب رجل الدين المعارض فتح الله غولن بـ "الداعية الإسلامية والشخصية السياسية".

أردوغان كان يمني النفس بإقناع واشنطن بتسليم غولن الموجود في ولاية بنسلفانيا، إلى السلطات التركية، لكنها أحلام بددها الموقف الأمريكي الرافض للاتهامات الجزافية التي تلحقها تركيا بغولن وأبرزها الوقوف خلف مسرحية الانقلاب المزعوم في يوليو 2016.

الخارجية التركية سارعت للتعبير عن مكنونات إردوغان، وأصدرت بيانا السبت، هاجمت فيها تقرير "الحريات الدينية في العالم". المتحدث باسم الخارجية حاكي أقصوي، قال: إن اللهجة الإيجابية للتقرير عند الحديث عن غولن تعد "دعما للمحاولة الانقلابية".

أقصوي قال بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول" الرسمية: "من النفاق وصف من يقف وراء محاولة انقلابية على الديمقراطية في دولة حليفة بالأبرياء ورجال الدين"، متهما جهات لم يسمها بكتابة تقارير الخارجية الأمريكية، مؤكدا أن طريقة كتابة التقرير: "تُظهر بوضوح المجموعات التي كُتب التقرير تحت تأثيرها، والنوايا المغرضة خلفه".

القس الأمريكي
ملف غولن لم يكن النقطة الوحيدة التي أثارت استياء أنقرة، بل أن تناول تقرير الخارجية الأمريكية لقضية القس أندرو برونسون، تسبب في امتعاض نظام إردوغان، الذي كان يتوقع إشادة بعدما رضخ لأوامر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأفرج عن القس في أكتوبر الماضي، ثم سمح له بالعودة إلى واشنطن بعدها مباشرة.

الخارجية الأمريكية قالت: إن اعتقال القس كان جزءا من انتهاك الحريات الدينية في تركيا، الأمر الذي دفع أقصوي إلى القول إن هذا ليس سوى "سوء استغلال من الإدارة الأمريكية للأمر، ومحاولة لانتقاد تركيا بغير حق".

المتحدث باسم الدبلوماسية التركية قال: إن قضية برونسون لا تتعلق بالاعتقاد الديني وإنما حُكم عليه بسبب الإرهاب، وتم إطلاق سراحه بأمر قضائي بعد قضائه فترة حكمه، وليس بسبب عقوبات وتهديدات، لكنه على ما يبدو نسي أو تناسى أن تلويح ترامب بعقوبات اقتصادية هو ما أجبر إردوغان على إطلاق القس البريء الذي حاول ديكتاتور أنقرة استغلاله كورقة ضغط على واشنطن لتسليم غولن.

وتشهد العلاقات الأمريكية التركية موجات من التوتر الشديد منذ أزمة القس الأمريكي والتي شهدت فرض عقوبات أمريكية على مسؤولين أتراك، ما أدى إلى أكبر تراجع في قيمة الليرة خلال عقدين في أغسطس الماضي، ثم عاد التوتر سيد الموقف بسبب الرفض الأمريكي لاعتزام أنقرة إتمام صفقة منظومة الدفاع الصاروخية الروسية S400، والتي ترى فيها واشنطن تهديدا خطيرا على مقاتلة F35، لذا أوقفت تسليم المقاتلات الحديثة لتركيا منذرة بعقوبات اقتصادية قاسية على نظام إردوغان.

وفي آخر التطورات، قالت مصادر مطلعة إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس ثلاث حزم من العقوبات على تركيا بسبب إصرار الأخيرة على شراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400.

ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن ثلاثة مصادر القول إن الحزمة الأشد من العقوبات التي يدرسها المسؤولون في مجلس الأمن القومي الأمريكي ووزارتي الخارجية والخزانة ستؤدي إلى شلل شبه كامل للاقتصاد التركي المتعثر بالفعل ، مضيفة أن أي عقوبات جديدة ستكون إضافة إلى القرار الأمريكي السابق بإلغاء صفقة بيع الطائرات المقاتلة طراز إف 35 إلى تركيا إذا أصرت على شراء صواريخ S-400 كما تعهد إردوغان.

وأشارت بلومبرج إلى أن الاتجاه الأقوى لدى المسؤولين الأمريكيين يتمثل في فرض عقوبات على عدد من الشركات التركية الكبيرة العاملة في مجال الصناعات العسكرية وفقا للقانون الأمريكي المعروف باسم قانون محاسبة خصوم أمريكا من خلال العقوبات الذي يتيح فرض عقوبات على المؤسسات التي تتعامل مع تجاريا مع روسيا. وهذه العقوبات ستؤدي إلى حرمان الشركات التركية من التعامل مع النظام المالي الأمريكي وهو ما يعني أنه سيكون من شبه المستحيل بالنسبة لها شراء المكونات الأمريكية لمنتجاتها أو بيع هذه المنتجات إلى الولايات المتحدة.

وأدت هذه الأنباء إلى تراجع الليرة التركية أمام الدولار بنسبة 5.1% في بداية تعاملات الجمعة الماضية.

عن "عثمانلي"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية