صناعة الإرهاب المتوحش.. رحلة في عقل تكفيري

صناعة الإرهاب المتوحش.. رحلة في عقل تكفيري


16/08/2018

أكرم القصاص


واضح أن التنظيمات الإرهابية تتطور مع الوقت لتصبح أكثر وحشية وعنفا، وبالرغم من أن الإرهاب يفقد الكثير من الأنصار، فإنه يشير إلى تحولات في شكل ونوعية ما يمارسه من عنف. فقد كان داعش مثلا أكثر وحشية ودموية من القاعدة، والذي كان أكثر عنفا من سابقيه، وإن كان أغلب أفكارهم تنبع من أساس السعي لنشر الرعب. وظهر ذلك في حجم العنف وعمليات القتل والذبح والحرق التي يمارسها داعش.
 
وخلال السنوات الأخيرة اهتمت بعض المراكز بمحاولة بحث الكيفية التي يتم بها تجنيد صناعة الإرهابيين، بعد ظهور معطيات تلغي تفسيرات ربطت الإرهاب فقط بالحالة الاقتصادية والاجتماعية للإرهابي، بعد ظهور إرهابيين انضموا لداعش وهم مولودون في أوروبا في أسر مستقرة ماديا وتعليميا.  
 
لهذا وجدوا أن  ملف الإرهاب ربما يحتاج إلى دراسات نفسية وعقلية، للتعرف على كيفية تحويل الشاب العادى إلى قنبلة أو إرهابي مجرم يمارس أقصى درجات الوحشية التي تتجاوز أحيانًا كثيرة سلوك المجرمين المشهورين بالدموية في ارتكاب جرائمهم. ويمارس الواحد منهم القتل بدم بارد، لايفرق معه نوعية الضحية أو براءتها، وبالتالي فإن الإرهابي تكون لديه من الأساس ميول إجرامية، يغلفها بغلاف من العقيدة ليبرر لنفسه القتل بلا رحمة.

هناك اعترافات من خلية مسطرد أنهم كانوا يحرصون أثناء إعداد القنابل، على وضع كميات من المسامير والرولمان بلى، بعد أن يغمسوها في مادة سامة، وأنهم  تدربوا على تمزيق ضحاياهم وإيلامهم. نحن هنا أمام نوعيات تجمع بين المرض الإجرامي والرغبة في القتل والتعذيب بشكل قاس، الإرهابيون يقتلون أو يفجرون مواطنين لايعرفونهم، ولاتربطهم بهم صلة، ومع هذا فإن الإرهابي يتقن عملية إعداد القنابل وتسميمها ليقتل ويصيب أكبر عدد من ناس لايعرفهم ولا يربطهم به أو يربطه بهم شيء.

وربما تكون التنظيمات أو من يخططون وينفقون المال، لهم مصالح ما من تجارة الإرهاب، فما هى مصلحة الإرهابي الذي يتبرع بقتل وتفجير نفسه ليقتل مواطنين بلا رحمة، يفعل ذلك وهو يتصور أنه يقترب من الجنة، بينما هو يقتل ويسرق وينفذ تعليمات لقيادات ربما لايعرفهم، وربما يكون المال أحد العوامل التي يعمل الإرهابي من أجله، متجاوزًا المجرم الذي يتم استئجاره ليقتل آخرين بالأجر، يطلق النار على ضحيته ويهرب، من دون أن يسمم قنابل أو يسمم الرصاص قبل إطلاقه لكن الإرهابي يفعل.

ومن المهم التعرف على نوعية الإرهابي المنفذ، وكيف يتم اختياره، وهل له مواصفات نفسية أو عقلية معينة تجعله قابلا للتجنيد وفاقدا للتفكير المستقل، يتصور أنه يقتل من أجل الجنة.
طبعا من الصعب أن نحاول إقناع أمثال هؤلاء الإرهابيين، بأنهم يجرمون ويقتلون الأبرياء، بعد برمجتهم وغسل رؤوسهم، من خلال أدوات وأجهزة تحترف هذا النوع من التجنيد، ثم إن إنشاء خلايا إرهابية وسط التشديدات الأمنية يعني رغبة جهات التخطيط والتمويل في تنفيذ أي عملية يمكن أن تثبت أن هذه التنظيمات موجودة، ويختارون لتنفيذ العمليات نوعيات مختارة لها صفات، أهمها السمع والطاعة، قبل المال، ثم أن عناصر المراقبة والتمويل ونقل التعليمات تتصور أنها بمأمن عن الكشف، طالما الإرهابي يفجر نفسه وتنقطع الحلقة بينه وبينهم. لهذا فإن ضبط متهمين أحياء في خلية مسطرد يمثل خطوة مهمة ربما تقود لكشف خطوط الاتصال بين المراكز والخلايا العنقودية. ومحاولة التعرف على روابط التجنيد والتمويل التي تمثل حلقة مهمة في التعرف على صناعة الإرهاب.


عن "اليوم السابع"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية