صناعة الحلال جعلت الدين سوقاً ضخمة لرؤوس الأموال

ماليزيا

صناعة الحلال جعلت الدين سوقاً ضخمة لرؤوس الأموال


07/06/2018

شهدت فكرة الحلال في العقود القليلة الماضية تحولاً من كونها مجرد تحرّي المسلمين الأغذية الحلال، لتصبح صناعة وسوقاً ضخماً يجتذب رؤس الأموال على مستوى العالم، وتحضر "صناعة الحلال" اليوم في مجالات الاستثمارات والمعاملات البنكية والأعمال المصرفية، إلى جانب الموضة وعالم الأزياء، والمستحضرات الطبية والتجميلية والصيدلية وقطاع الخدمات، وآخرها ما باتت تُعرف بالسياحة الحلال. وماتزال هناك في كل عدة سنوات منتجات جديدة تدخل في هذا السوق التنافسي الصاعد.
تعد ماليزيا، بطبيعة الحال، من الدول الرائدة عالمياً في صناعة الحلال، ويعود اهتمامها بهذا المجال إلى عام 1974، حين بدأت بفكرة تطوير صناعة الحلال بتأسيس مركز الأبحاث في دائرة الشؤون الإسلامية، بهدف أن تؤدي صناعة المنتجات الحلال إلى زيادة دخلها القومي، وتصدير المنتجات الماليوية إلى الأسواق العالمية. ومن هنا ارتبطت صناعة الحلال بإنعاش الاقتصاد الماليزي.

الاستهلاك الغذائي للأطعمة والمشروبات الحلال يبلغ 1.24 تريليون دولار

يحقق اليوم قطاع الحلال عوائد كبيرة لماليزيا؛ فقد وصلت القيمة التصديرية السنوية إلى 43 مليار رينجيت ماليزي واجتذبت استثمارات بقيمة 13.3 مليار في عام 2016. وأفادت وكالة طومسون رويترز بأن الإنفاق العالمي على المنتجات الحلال التي تضم التمويل والسياحة والأزياء ستصل إلى 3 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2021، بحيث سيرتفع نمو الإنفاق على الأغذية والمشروبات الحلال لوحده إلى 1.9 تريليون دولار.
عاصمة الحلال في العالم
انطلاقاً من خبرتها في مجال المنتجات الحلال، والدور المهم الذي لعبته هذه الصناعة في زيادة دخلها القومي، وضعت ماليزيا خطة عشرية لكي تصبح عاصمة الحلال في العالم بحلول عام 2020، وتسعى إلى أن تكون هذه الصناعة بمثابة رافد جديد للاقتصاد المحلي ولمواجهة التقلبات الاقتصادية التي تعصف بالعالم،  حيث تقدم الحكومة الماليزية تسهيلات وخدمات للشركات المحلية والأجنبية لدخول عالم صناعة الحلال في ماليزيا، حيث تشمل هذه التسهيلات إصدار شهادة المنتج الحلال والبنية التحتية وخدمات الاستيراد والتصدير.
وفي هذا الإطار، تم تأسيس وكالة التنمية الإسلامية (Jakim)  التابعة لوزارة التجارة والصناعة الدولية في عام 2006. وبعد عامين، أطلقت الحكومة الخطة الرئيسية لصناعة الحلال في الفترة ما بين 2008-2020. وتبذل ماليزيا جهوداً متواصلة لدعم هذا القطاع من خلال خطط وبرامج تنموية عبر إقامة وتنظيم مؤتمرات ومعارض ترويجية وبشكل سنوي، حيث يعتبر معرض "أسبوع الحلال" -الذي يُعقد في ماليزيا بشكل سنوي- منصة عالمية للشركات العالمية المنتجة للحلال والعاملين في السوق التجاري من بائعين ومشترين، إضافة للعديد من رجال الأعمال والمستوردين والمستشارين.

وينمو قطاع مستحضرات التجميل مع ابتكار طلاء الأظافر والماكياج الحلال

وفضلاً عن أسبوع الحلال، تستضيف ماليزيا اثنين من أهم الفعاليات السنوية في قطاع صناعة الحلال في العالم، وهما معرض ماليزيا الدولي للحلال (MIHAS) والمنتدى العالمي للحلال (WHF)، ويلعب كلاهما دوراً محورياً في بناء سمعة ماليزيا كمركز عالمي مرجعي ومركز تجاري لصناعة الحلال. مع دعم الحكومة الكامل ومشاركاتها الواسعة، فقد ذكر الدكتور أحمد زاهد حميدي، نائب رئيس الوزراء السابق، في معرض ماليزيا الدولي للحلال في العام الماضي، أن ماليزيا ملتزمة بتعزيز تسهيل الأعمال التجارية ووضع ماليزيا في مركز صناعة الحلال العالمية، كي تصبح بصمتها واضحة في جميع دول العالم فيما يتعلق بهذه الصناعة بأشكالها كافة. وأضاف أنّ ماليزيا من خلال المجلس الماليزي للحلال لديها خطة لإنشاء هيئة سلطة الحلال الدولية التي ستشرف على منتجات الحلال عالمياً.

معرض ماليزيا الدولي للحلال

وفي سياق متصل، تنتشر في الأماكن العامة في ماليزيا مثل المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية عبارات كتب عليها "حلال" أو "الذبح على الطريقة الإسلامية"، كما أنّ أغلب المطاعم الماليزية والتركية والعربية تضع علامة حلال على واجهاتها وفي قوائم الطعام التي تقدمها، وتحرص دائماً على إبراز شهادة "حلال" فيها، مما يجعل ماليزيا عاصمة للحلال على مستوى المظهر أيضاً.

الموضة والأزياء الإسلامية
كون ماليزيا بلداً ذا أغلبية مسلمة محافظة، ينتشر فيه ارتداء الحجاب، فقد كان لذلك ميزاته الاقتصادية، بحيث تتزعم ماليزيا حالياً سوق الأزياء الإسلامية في العالم. وتدعم الحكومة الماليزية تنظيم معارض للأزياء الإسلامية، تتوافد عليها عشرات الآلاف من مسلمات جنوب وشرق آسيا وحتى  من دول الشرق الأوسط.
ووفقاً لتقرير أعدته غرفة تجارة وصناعة دبي، عن قطاع الملابس والأزياء والتصميم الإسلامي، فإنّ المسلمين في أنحاء العالم أنفقوا حوالي 243 مليار دولار أمريكي في سوق الحلال. وهو ما يمثل نحو 10.6% من الإنفاق العالمي على هذا القطاع، ويتوقع أن يرتفع هذا الإنفاق إلى 322 مليار دولار خلال العام الحالي 2018، أي ما يعادل 11.2% من الإنفاق العالمي.

وتنظم في مدينة كولالبمور سنوياً أسبوع الموضة الإسلامية في آسيا. ويتم عرض الأزياء الإسلامية فيه، والمستلزمات ومستحضرات التجميل الحلال، وغيره من مستلزمات الموضة. وكانت قد أعلنت شركة نايكي في وقت سابق من هذا العام أنها ستغامر  في ابتكار حجاب رياضي للمرأة المسلمة في ربيع عام 2018 ، مما يظهر اهتماماً عالمياً في تنامي هذا الخط.

أسبوع الموضة الإسلامية في آسيا

بشكل عام، لا تزال منتجات الأغذية تحتل الحصة الأكبر في صناعة الحلال، فقد ذكر تقرير الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2017-2018 ، أن الاستهلاك الغذائي للأطعمة والمشروبات الحلال يبلغ 1.24 تريليون دولار أمريكي. وينمو قطاع مستحضرات التجميل الحلال مع ابتكار طلاء الأظافر والماكياج الحلال. كما يتوقع أن يصل إنفاق المسلمين على الأدوية إلى 132 مليار دولار بحلول عام 2022.
إذاً، تنمو صناعة الحلال بشكل مطرد، وتكتسب قوة جذب بين الشركات العالمية والماليزية. ومن المقرر في هذا العام أن تستثمر شركة فارمانياغا، وهي شركة أدوية ماليزية ، 100 مليون رينجيت ماليزي لتطوير لقاح حلال، في ظل تساؤلات عن كيف سيتخلف اللقاح الحلال عن اللقاح الطبيعي.

السياحة الحلال
تعد السياحة الحلال أو السياحة الشرعية أو الإسلامية، ظاهرة بارزة في عالم  السفر والسياحة اليوم، الذي يشهد تنافساً بين دول مسلمة وغير مسلمة على حد سواء. وهي واحد من أسرع قطاعات السفر نمواً في العالم، بمعدل نمو يقدر بنحو 4.8٪ مقابل متوسط الصناعة البالغ 3.8٪.
ووفقاً لتقرير صدر حديثاً من Amadeus عن صناعة السفر العالمية بعنوان "السفر الحلال 2016" ، فمن المتوقع أن يرتفع المبلغ الذي ينفقه السياح المسلمون من 145 مليار دولار في عام 2014 إلى 200 مليار دولار (840 مليار رينجيت ماليزي) بحلول عام 2020.
وتحتل ماليزيا المركز الأول في جذب المسلمين في منطقة جنوب وشرق آسيا. وتظهر إحدى نتائج تقرير تقييم Amadeus أن 46٪ من أبناء جيل الألفية المسلمين يسافرون مرتين إلى خمس مرات في السنة لمدة تتراوح من أربعة إلى ستة أيام للرحلة الواحدة. وتعد اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وإسبانيا وجنوب أفريقيا من بين الدول التي تحاول أن تكون جذابة للقطاع الإسلامي، في توفيرها مناطق للصلاة في المواقع السياحية والمطارات، ووجود خيارات الأغذية والمشروبات الحلال.

أسست ماليزيا في 2009 مركزاً للسياحة الإسلامية يجري البحوث ويضع الإستراتيجيات والخطط لتنمية قدرات السياحة الحلال

ويتوقع أن يشهد عام 2020 خروج 168 مليون سائح مسلم في سفر، باحثين عن مناطق ودول يقضون فيها إجازاتهم، ويقدر ما سينفقه هذا العدد بنحو مئتي مليار دولار أمريكي وهو ما يساوي 11% من واردات السياحة عالمياً في ذلك العام، وقد استفادت بعض الدول من هذه الظاهرة وأولها ماليزيا التي أسست مبكراً، ومنذ عقود، البنية التحتية والخدمية والوجهات السياحية الخضراء والحضرية المناسبة لجذب ملايين السياح، وأسست ماليزيا في عام 2009 مركزاً للسياحة الإسلامية يبتع وزارة السياحة يقوم بإجراء البحوث ووضع الإستراتيجيات والخطط لتنمية وتعزيز قدرات السياحة الحلال.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية