طائرات "الدرون": السلاح الأخطر في الحروب الجديدة

طائرات "الدرون": السلاح الأخطر في الحروب الجديدة


23/09/2019

تتغير وبأشكال متسارعة تقنيات الحروب الجديدة، بتغيّر الأدوات والوسائل والأهداف، وفي ظلّ هدف جوهري، هو: تقليل الكلفة البشرية والمادية، والتركيز على عنصرَي؛ الزمان والمكان، بأن تكون الحروب خاطفة وسريعة، وأن تكون ساحاتها أرض الخصم، وبفضل التطورات التكنولوجية لم تعد الحروب تجري بين الخصوم في الصحارى والمناطق المفتوحة، باستخدام أسلحة تقليدية: "مدافع ودبابات وجنود مشاة، ...إلخ"، ولا ترتبط نتائجها بقوة الجيوش وعددها وعتادها، ولا بما كان يعرف بحجم الإيمان بالعقيدة القتالية، ومشروعية الحرب.

اقرأ أيضاً: هل انطلقت الدرونز الإسرائيلية على الضاحية من لبنان؟
برز في مناطق الصراعات في الشرق الأوسط، وعلى نحو لافت، التوسّع في استخدام الطائرات المسيَّرة، في العراق وسوريا ولبنان والخليج واليمن، وفي الصراع الدائر في ليبيا، ويلاحظ أنّ كافة القوى المتصارعة تستخدم هذا السلاح الجديد، بما فيها الدول والجيوش المنظمة، والمنظمات والميليشيات على السواء، رغم الفروق في كفاءة تلك الطائرات تبعاً لنوعياتها والبرمجيات التي تستخدمها، وقدراتها القتالية، خاصة أنّ جميعها يعتمد على التقنيات التكنولوجية، ومدى تقدّمها.

ارتبطت استخدامات الطائرات المسيرة بمهمات استخبارية في الاستطلاع وتطوّرت لتصبح أداة قتالية

ورغم أنّ دولاً عديدة تمكّنت من إنتاج وصناعة هذا النوع من الطائرات، بما في ذلك الطائرات المستوردة، وإجراء تعديلات عليها، كما هو الحال بالنسبة إلى تركيا وإيران وباكستان، إلا أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل، تعدّ الأكثر براعة في صناعة هذه الطائرات وبيعها، في ظلّ التحدي الذي تواجهه هذه الطائرات والمتمثل بقدرة الطائرة المسيرة على البقاء في السماء لأطول مدة ممكنة، وحجم ونوعية الأسلحة التي يمكن أن تحملها، وقدراتها على إصابة أهدافها بدقّة، إضافة إلى حجم تطورها وقدرتها على الانفصال عن المشغّل؛ حيث تتحوّل لغرفة عمليات وتحكم، تستطيع معالجة البيانات بما فيها "التكتيك" بالانسحاب والهجوم واختيار الأهداف وتنفيذ الهجمات.

اقرأ أيضاً: مجلة إسبانية تكشف كيف تزود إيران الحوثيين بالدرون والأسلحة
ارتبطت استخدامات الطائرات المسيرة بمهمات استخبارية في الاستطلاع، وتطوّرت لتصبح أداة قتالية، إلا أنّها بقيت في إطار العمل الاستخباراتي، خاصة بالنسبة إلى أمريكا؛ إذ ترتبط استخداماتها حتى الآن بمهمات لـ "سي آي إيه"، تحديداً ضدّ أهداف تتبع لتنظيم القاعدة؛ حيث كان التوسّع باستخدام تلك الطائرات ضدّ قيادات القاعدة في اليمن، ومناطق الحدود الباكستانية- الأفغانية، إضافة للعراق والصومال، وفي المقابل؛ تمكّنت فصائل جهادية، سنيّة وشيعيّة، من استخدام أنواع "مطورة" من هذه الطائرات، أقلّ جودة في العراق وسوريا، إلا أنّ فعاليتها في إصابة أهدافها كانت كبيرة، بما فيها الضربة الإيرانية لمنشآت نفطية تتبع لأرامكو بالمملكة العربية السعودية مؤخراً، وضدّ قاعدة حميميم الروسية في سوريا، التي تمّ استهدافها أكثر من مرة.

أهمّ طرق مواجهتها التشويش الإلكتروني واستخدام برامج الذكاء الاصطناعي ما يعني أنّ قدرات المواجهة ترتبط بمدى القدرة على امتلاك التكنولوجيات

من المرجح أنّ التوسّع في استخدام الطائرات المسيَّرة سيزداد في المدى المنظور؛ لأسباب مرتبطة بالكلف المنخفضة لاقتناء هذه الطائرات التي لا يتجاوز سعر الواحدة منها، في بعض الأنواع الـ "500" دولار، إضافة لسهولة التشغيل، وقدراتها الفائقة على المناورة، وعدم قدرة حتى الرادارات المتطورة على اكتشافها، مقابل الكلف الباهظة للطائرات الحربية من جهة، والمدافع الأتوماتيكية، ومنظومات الصواريخ المضادة لها، وهو ما يعني أنّ اقتناء هذا النوع من الطائرات، وربما تطويرها، بما يضمن وصولها لمسافات أبعد، وزيادة حمولتها من متفجرات وصواريخ، سيبقى هدفاً ثابتاً في مخططات الجماعات والتنظيمات "الإرهابية".
ووفق كثير من الخبراء؛ فإنّ مواجهة الطائرات المسيَّرة، ترتبط بالدرجة الأولى بنوعية الطائرة وتقنياتها المستخدمة، غير أنّ أهمّ طرق مواجهتها هو التشويش الإلكتروني، واستخدام برامج الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعني أنّ قدرات المواجهة ترتبط بمدى القدرة على امتلاك التكنولوجيات المتطورة، إضافة إلى استخدام وسائل استخبارية "فنية أو بشرية" في الوصول إلى معلومات حول مراكز تخزين تلك الطائرات ومواقع تطويرها، والتعرف إلى برامجها ونوعياتها، وضربها قبل استخدامها.

حروب عنوانها "الذكاء الاصطناعي" تزداد خطورتها بتساوي القدرة على استخداماتها بين الدول وأشباه الدول والتنظيمات

ومع ذلك؛ فإنّ التجارب أثبتت أنّ بعض أنواع الطائرات لا تحتاج لتكنولوجيات متقدمة، كما هو الحال مع الطائرات الإيرانية، التي تمّ استخدامها من الحوثيين ضدّ أهداف سعودية مختلفة، تمكنت من الوصول لأهدافها، رغم المنظومات الدفاعية المتطورة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الدفاعات الروسية؛ حيث تمكّنت طائرات بجودة ونوعية متدنية من الوصول إلى قاعدة حميميم على الشواطئ السورية.
صناعة الطائرات بدون طيار والتوسع في استخدامها بالصراعات الدائرة، يبدو أنّه في بداياته، ومن المؤكّد أنّه ستظهر في سماء الشرق الأوسط أنواع جديدة من تلك الطائرات، أكثر تعقيداً، وربما أقلّ كلفة، ستكون بمتناول فئات متعددة، بما فيها التنظيمات الإرهابية، يعزز ذلك التطورات التكنولوجية المتسارعة، التي تؤكد أنّ مفهوم الحرب شهد تغييرات جذرية سترتب مخاطر على الدول والحكومات في مواجهة جماعات لا يعنيها الالتزام بقيم الحرب، وربما يتزامن التطوير في هذه الصناعة مع ظهور "الريبوتات" واستخداماتها الحربية، وهو يعني حروب عنوانها "الذكاء الاصطناعي"، تزداد خطورتها بتساوي القدرة على استخداماتها بين الدول وأشباه الدول، والتنظيمات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية