عبدالجواد ياسين: جماعة الإخوان سرقت السلطة بانتهازية مكشوفة

عبدالجواد ياسين: جماعة الإخوان سرقت السلطة بانتهازية مكشوفة


16/09/2021

صابر رمضان

الحديث مع المفكر الكبير عبدالجواد ياسين شائك شائق، شائك لأنه مفكر من العيار الثقيل تصعب محاورته، ولابد أن تعد له العدة قبل أن تلتقيه، وشائق لأنه يمتلك مشروعا مميزا، اتسمت مؤلفاته بنقد التراث الديني، ودارت حول أنساق التدين التوحيدى وعلاقتها بظواهر الأصولية والعنيفة خصوصا في المحيط الإسلامي المعاصر.

وقد طرح مشروعه فى كتاب «السلطة فى الإسلام» بالإضافة إلى مؤلفاته الأخرى الثرية التي تأخذك إلى عمق كتاباته وقوة حجته التي تظهر فىي منهجه الرصين ورؤيته الاستشرافية التي -ربما- تتصادم مع دعاة الإسلام السياسي ومن يناصرهم.

عبدالجواد ياسين الذى بدأ مشواره بموقف سلفي متشدد، أثار -آنذاك- جدلا فكريا واسع النطاق، لكنه استطاع كسر أغلال السلفية المتشددة، وقدم مؤلفه «السلطة فى الإسلام.. نقد النظرية السياسية». وتناول فى الجزء الأول منه العقل الفقهى السلفى بين النص والتاريخ ثم رصد فى الجزء الثانى علاقة الدين بالسياسة، وقدم بعده أحد مشاريعه الأقرب صدورا وهو «الدين والتدين: التشريع والنص والاجتماع» ليبين عن منهجه ورؤيته فى التمييز بين الدين وبين أفعال المتدينين.

«ياسين» مواليد مدينة الزرقا بمحافظة دمياط عام 1954 تخرج فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة 1976 وتدرج فى سلك النيابة العامة والقضاء منذ تخرجه، وقد درس الفلسفة إلى جانب القانون فى آن واحدٍ بكلية الآداب، ثم تقدم باستقالته فى النيابة حتى انتقل للعمل بدولة الإمارات واستقر بها متفرغا للكتابة والبحث.

اهتم بقضية أساسية وهى قضية الحرية، ولذلك كان موقفه من النظام السياسى الفائت موقفا سلبيا باعتباره أنه رأى أن هناك مشكلات فى الحرية.

المفكر الكبير لم يكن قريبا -يوماً ما- من فكر الإخوان المسلمين بل كان يتكلم عن الإسلام -حسب كلامه هو- أو الحالة الإسلامية أو ما يسميه نمط التفكير الدينى ككل بوجه عام.

عبدالجواد ياسين يعتبر الإخوان المسلمين تيارًا من التيارات وكان وهو فى الحالة الإسلامية ينظر إلى الإخوان باعتبارهم تيارا متساهلا وسطحيا، بسبب انشغاله بالسياسة أكثر من الدين.

المفكر الذى صدر كتابه الأول «مقدمة فى فقه الجاهلية المعاصرة» ما أثار غضب السلطة المصرية فى ثمانينيات القرن الماضى وهو كتاب منسوخ بالنسبة له -كما يعتبره- الآن، فهو كان يعبر عنه فى مرحلة الحالة الإسلامية المتطرفة التى كان عليها والتى يكرر أنها لم تكن حالة انتماء لأى تنظيم من التنظيمات القائمة ولكن كانت حالة مستقلة بذاتها تتعاطف مع التيار الإسلامى القائم ومع روح الدين انتصارا لفكرة الإيمان ذاتها، ولذلك يعرف نفسه بأنه قاضٍ مصرى يفكر فى الدين يتحدث دوما عن غلبة مظاهر التدين والكهنوت على أصل الدين، ولذلك فقد اهتم بما تثيره الظاهرة الدينية من إشكالات عبر تطورها التاريخى فى صلتها بالسياسة والاجتماع والقانون والتشريع.

واشتغل على نصوص لها مرجعيات مختلفة منها كتب التفسير والفقه ومصنفات علم الكلام والتاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع والقانون، وقد أعطى قيمة كبرى للمسألة الأخلاقية فى دراسته للظاهرة الدينية.

"الوفد" التقت المفكر عبدالجواد ياسين في هذا الحوار:

 بدأت رحلتك الفكرية بموقف سلفى متشدد ظهر فى كتاب «فقه الجاهلية المعاصرة» الذى أثار جدلا واسعا حتى انتقدك البعض ورآك مقلدا وآخرون أيدوك باعتبار أن الكتاب بعث جديد لسيد قطب واستكمال لأطروحته «معالم على الطريق» حتى قدمت كتابك «السلطة فى الإسلام.. نقد للنظرية السياسية» وصولا للتحول الكبير فى فهم الشريعة والدين والتدين والشريعة والعلمانية فى كتابك «الدين والتدين» وانشغالك بمحاكمة العقل الفقهى السلفي؟ فما سر التحول فى مسارك الفكرى؟

الأصل فى الأشياء التحول وليس الجمود، هذه طبيعة الاجتماع وطبيعة الفكر، على المستوى الفردى تحدث التحولات بشكل طبيعى عند ممارسة التفكير، المشكل هنا فى الفكر المتحول، بل فى ذهنية الطرح الفقهى الموروث الذى يصر على فكرة «الإجماع» وفكرة «البدعة»، ما يعنى التنكر لقوانين الاجتماع الطبيعى: قانون «التعدد» وقانون «التطور».

 في رأيك هل الأصولية الإسلامية تعد ظاهرة أيديولوجية؟

- الأيديولوجيا بالمعنى الضيق مفهوم تبلور فى الغرب بعد ظهور «الاشتراكية» كحزمة أفكار منظمة فى إطار نظرى مقابل للرأسمالية التى كانت قد توفرت على إطارها النظرى فى وقت أسبق. نشأ المفهوم كإفراز مباشر لثقافة عصر التنوير الحداثية التى بلغت ذروتها فى القرن التاسع عشر الأوروبى، والتى قامت على فكرة المعارضة الجذرية لأسس النظام الدينى السياسى السائد، ولذلك يمكن القول إنها بدأت من نقطة تناقض مع الدين، وبدا لبعض الوقت أنها تستطيع سد الفراغ الناجم عن تراجع الدين وانسحابه من دائرة المجال العام.

لكن لاحقا ومن وجهة نظر بعد حداثية، ستبدو الأيديولوجيا ضربًا من الميتافيزيقا شبيها بالدين. فهى مثل الدين تقدم تفسيرًا كليًا للعالم، يحمل نفسًا توجيهيًا مشربًا بالسياسة، وتعد بنوع من الحياة الثانية أو الخلاص قابل للتحقق على الأرض فى الزمن المنظور يحمل الحماس الأيديولوجى عادة ملامح التعصب الدينى ونزوعاته النافية للآخر. فى واقع الأمر تمثل الأيديولوجيا نوعا من الأصولية الفكرية، بقدر ما تمثل الأصولية نوعًا من الأيديولوجيا الدينية. لكنه النوع الأكثر خطرًا، حيث تصل نزوعات النفى إلى أقصى درجة، وحيث يمكن تبرير العنف بفكرة المقدس الإلهى.

* بعض المفكرين دعوا إلى تأسيس «خطاب عربى إسلامى متجدد» فمن المؤهل لإنتاج هذا الخطاب- فى نظرك- وهل نحن فى حاجة إلى خطاب عربى إسلامى موحد؟

- نحن أولا بحاجة إلى التخلى عن فكرة «الإجماع» الذى لا يتحقق أبدا على أرض الواقع، والإقرار «بالتعددية» التى تفرض نفسها كواحد من قوانين الطبيعة والاجتماع. وإذا كان ضروريا أن نتحدث عن خطاب ما فنحن فى حاجة إلى خطاب مصرى علمى عملانى بنزعة إنسانية. التراث الإسلامى مكون أساسى من مكونات ثقافتنا، وفى هذا الإطار تظهر أهمية النقاش حول مشكلة التجديد الدينى.

سؤال التجديد لم ينقطع داخل العالم الإسلامى منذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأ طرح السؤال بقوة تحت صدمة الاحتكاك بالحداثة الغربية، وظل يدور حول تلك العلاقة الملتبسة بين ثقافة التراث الدينى وحالة التراجع الحضارى المزمنة التى كشفت عنها الصدمة. فى هذا السياق المبكر ظهر تيار «النهضة» وجرى استخدام مصطلح «الإصلاح» الذى يعبر عن الحاجة إلى إدخال تعديلات هيكلية فى بنية النظام الدينى الموروث، بغرض التوفيق بينه وبين النظام الاجتماعى الآخذ فى التطور. لكن اللحظة الإسلامية الراهنة تكشف عن تراجع نسبى لهذا الزخم التجديدى. فرغم تفاقم حجم التطور الاجتماعى الجارى قياسا إلى بدايات القرن الماضى، تبدو طموحات الفكر التجديدى اليوم وكأنها تتقلص من مستوى الحديث عن إصلاح موضوعى شامل إلى الحديث عن تطوير لغة «الخطاب الدينى» وهى صياغة مخففة لفكرة التطوير تبدو اعتذارية، وتعكس بوجه خاص حالة التحسس السياسى المبالغ فيها حيال المشكل.

هذا التراجع يقرأ بوجه عام فى إطار رد الفعل المباشر لمتغيرين صريحين: 1- ظهور وتفاقم الفكرة الأصولية التى تحولت بفعل عوامل داخلية وخارجية مساعدة إلى تنظيمات سياسية موجهة وتيار فكرى واعٍ بذاته وبقدرته على تصدير ضغوط اجتماعية مضادة. 2- تراجع جاذبية «الحداثة» كفكرة تنويرية، جرى تجاوزها تحت سهام النقد النظرى والسياسى بعد أن تم ربطها فى الفكر الغربى بأزمات التطور «العلمى» ومشكلات «العلمانية» والنظام الرأسمالى بوجه خاص.

مطلب التجديد يرتبط بأزمة الواقع، أى يطرح لحساب النظام الاجتماعى المتململ من هيمنة الثقافة الدينية التقليدية. وجرى التعبير عن هذا المطلب فى صيغة عفوية صريحة: النظام الدينى لم يعد قادرا على تقديم إشباع كامل أو سلس لحاجات النظام الاجتماعى، أو: النظام الاجتماعى لم يعد قادرا على تحمل الإكراهات التقليدية للنظام الدينى.

لكن عملية التجديد تشتغل فى الوقت نفسه لحساب النظام الدينى الذى يتعين عليه الآن مواجهة الضغوط التى يفرضها قانون «التطور» والقيام بعملية تغيير جزئى فى مدونته التكليفية بغرض إعادة التكيف مع الواقع. فمن المؤهل للقيام بهذه العملية؟ من له صلاحيات اقتراح ومناقشة واعتماد التغيير فى متن المدونة الدينية فى ظل غياب مؤسسة رسمية جامعة ذات صلاحيات إنشائية (بما أن النص الإسلامى لم يسند مثل هذه الصلاحيات بعد النبي إلى أي فرد أو مؤسسة، ولم يأخذ بنظام الكهنوت الرسمى المعتمد فى اليهودية والمسيحية)؟

نظريا وفى ظل الوضع الراهن، لدينا أطراف ثلاثة مرشحة للقيام بهذه المهمة أو لعب دور رئيسى فيها: 1- الهيئة الفقهية التى يشار إليها أحياناً وعلى نحو مجازى باسم المؤسسة

الدينية، والتى تمثلها فى مصر مؤسسة الأزهر. 2- الدولة التى ظلت رغم بنيتها «الوطنية» الحديثة تحافظ على دور دينى معلن. 3- تيارات الفكر التى تنتمى إلى الثقافة الإسلامية بالمعنى الواسع.

الهيئة الفقهية لا تبدو متحمسة للقيام بهذا الدور ورغم توافقها الإجمالى مع التوجه الحداثى المعتدل للدولة، لم تكشف هذه الهيئة عن توجه تجديدى جدى، ولم تقدم أى مساهمة نظرية بارزة على مستوى الأصول، بل تصر على ممارسة دورها الوصائى، وتقف فى مواجهة القوى التحديثية كخصم مباشر يدافع عن فكرة «التراث» الذى يختلط معناه على نحو فج بمعنى الدين، وظلت تحافظ على مسافة ضمنية فاصلة بينها وبين الدولة. وفى هذا السياق يثار النقاش حول دور «تعطيلى» تلعبه هذه المؤسسة، وحول قابليتها من حيث المبدأ للتحمل بدورٍ تجديدى حقيقى وشامل، يتجاوز فكرة الوقوف فى وجه التطرف والعنف الأصولى إلى فكرة التصدى لإشكاليات التحول الكبرى التى يواجهها الإنسان المعاصر فى المجتمعات الإسلامية على المستوى الاقتصادى، الاجتماعى، العقلى، والروحى.2- موقف الدولة يبدو أكثر تعقيدا، فهى رغم دورها الدينى المعلن لا تقدم نفسها كممثل مباشر للنظام الدينى، وتسلم ضمنيا بهذا التمثيل للمؤسسة الدينية، التابعة لها، الدولة هنا محكومة بحسابات التوازن السياسى. ولا تزال تظهر الكثير من التردد أمام الضغوط الأصولية رغم تقلص هذه الضغوط وتراجع زخمها السياسى والثقافى داخل المجتمع.

لقد كان تشكل الدولة الوطنية فى مصر فى القرن التاسع عشر يمثل فى حد ذاته «واقعة» تجديدية (تجاوزت التراث). وكقاعدة عامة، تستجيب «الدولة» لمثيرات التطور الكلى بوتيرة أسرع من حركة «المجتمع» الذى يبدى بدوره استجابة أسرع لهذه المثيرات من حركة الكهنوت. وبالتأسيس عل ذلك تقع على عاتق الدولة دائما مهمة القيام بدورٍ ريادى لقيادة وتوجيه حركة المجتمع باتجاه حاجاته الجديدة، ومواجهة رد الفعل المضاد من قبل القوى المحافظة، والتى ستدافع غريزيًا عن مبرراتها التراثية النظرية ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية المكتسبة تاريخيًا وبطبيعة التكوين، تتوفر الدولة دائما على الإمكانيات اللازمة لإنجاز هذه المهمة. 3- تيارات الفكر النظرى التى تنتمى إلى الثقافة الإسلامية بالمعنى الواسع تستطيع أن تقدم مقاربات تجديدية من خارج الإطار التقليدى للمؤسسة. وهى بحكم موقعها الخارجى أكثر وعيًا من المؤسسة بحجم التطور الاجتماعى وإشكالياته الجذرية، وأكثر جرأة منها على اقتراح تعديلات هيكلية.

 هل هناك تعارض بين «الدين والحداثة» وهل الدين عائق يحول دون إيجاد حلول لقضايا المسلم الراهنة؟

 لدينا مفهومان للدين ومفهومان للحداثة:

ثمة فارق بين الدين بما هو فكرة كلية ذات جوهر أخلاقى مطلق، وهذا هو «الدين فى ذاته» والدين بما هو نسق تاريخى محدد له مدونة تحتوى على نظام لاهوتى خاص ولائحة تشريعية مفصلة، وهذا هو الدين فى التاريخ، أو كما صنعه تاريخ التدين فى سياق اجتماعى زمنى جغرافى معين.

بالمعنى العام يمكن فهم الحداثة بمعنى التجدد الزمنى، أى مطلق التطور، لكن مصطلح الحداثة بالمعنى الضيق يشير إلى جملة المفاهيم والتصورات التى أفرزها عصر التنوير الأوروبى والتى مثلت انقلابا على أسس النظام الاجتماعى (السياسى/الاقتصادى/ الثقافى) السائد والخاضع إجمالا لهيمنة الدين.

تاريخيا، تشكلت مفاهيم الحداثة على وقع الصراع مع الدين بالذات (ممثلا فى الكنيسة الكاثوليكية) بوصفه السلطة «الماضوية» الأكثر نفوذا، والتى تعطل حركة الإنسان عن تحقيق ذاته الطبيعية. وفى هذا السياق نجحت الحداثة فى إنجاز هدفين رئيسيين: 1- تنحية الدين عن هيمنته التقليدية على المجال العام (السياسى التشريعي) أى فرض العلمانية.2- تقليص نفوذ الدين فى مجال المعرفة (لا فى نصوص الطبيعة فحسب بل أيضاً الاجتماع)، أى تكريس «العقلانية» وسلطة «العلم» لقد تطورت هذه المفاهيم فى الغرب كتجربة ثقافية خاصة عبر الاندماج فى النظام الرأسمالى. ومع النجاحات الاقتصادية والسياسية المبكرة، التى ترجع إلى إنجازات التقنية وبريق الفكرة الديمقراطية، صارت تمثل بالنسبة إلى العالم نموذجا ثقافيا جذابًا ومحملًا بالوعود الباذخة، لكن التداعيات الحداثية فى القرن العشرين أدت إلى خلق «أزمات» جديدة ذات طابع هيكلى وواسع النطاق، ناجمة عن ممارسات العلمانية والعلم على السواء. وبالنسبة للتيار ما بعد الحداثى، كشفت هذه التداعيات عن فشل الحداثة فى الوفاء بوعودها حول الحرية والرفاهية وبتعبيرالفيلسوف الفرنسى «ليوتار» صار نصف البشرية يواجه التعقيد، والنصف الآخر يواجه المجاعة.

كانت الحداثة الغربية قد انتهت عمليا إلى صيغة العلمانية «الجزئية» التى تستوعب حضورات الدين فى المجال الخاص للأفراد، أى تقر بوجوده داخل المجتمع لا الدولة. وكان معنى ذلك أن معركة الحداثة مع الدين لاتدور أساسا حول شقه الإيمانى الأخلاقى، بل حول شقه التشريعى الشمولى المتعلق بالسياسة والدولة.

الحداثة ببساطة هى الاستجابة لمنطق التطور الطبيعى المتعدد. والدين فى ذاته لا يتعارض مع هذا المنطق. ما يتعارض مع هذا المنطق هو نسق التدين التاريخى الفقهى، الذى يلصق بالدين صفة الجمود والحصرية، وهو النسق المرشح على الدوام لإفراز الأصولية الموقف التجديدى الراهن فى المحيط الإسلامى يعمل فى مواجهة سلفية مضاعفة، لا تأتى من ضغوط الحالة الأصولية الزاعقة التى تنشر الإرهاب والخوف فحسب، بل قبل ذلك من نسق التدين التاريخى الذى يحرسه الفقه الرسمى. على الموقف التجديدى الآن أن يغادر موقع الدفاع إلى مواقع هجومية صريحة كى يعلن أن هذا النسق الفقهى التاريخى – وليس الأصولية الزاعقة فحسب- لا يمثل جوهر الدين المطلق بل يمثل مفهوم القرن الثالث الهجرى للدين، ويعكس الخصائص الزمنية المحلية لهذا العصر.

 ما زالت العلمانية تثير حساسية الكثيرين فى عالمنا وواقعنا المعاصر فما رؤيتكم وهل ترون فيها مخرجا مما نعانيه الآن من أزمات؟

 الفكر الإسلامى المعاصر يعانى من حالة تضارب داخلى بين مكوناته التراثية ومثيراته الحداثية. قيم الحداثة السياسية لم تتحول إلى مكونات بنيوية لديه، لكن حضورها المتفاقم يشكل ضغوطا كافية لتوتير وعيه بالمشكل. تطرح الحداثة السياسية على هذا الفكر حزمة من الأسئلة الشائكة عن تكوين الدولة، والمجتمع المدنى، وطبيعة السلطة، وشكل الحكومة، وفى هذا السياق يبرز السؤال الإشكالى المزدوج: الأوثوقراطية والثيوقراطية.

السؤال الأكثر إشكالية هو سؤال «الثيوقراطية» أو الحكومة الدينية من حيث المبدأ، بما هى معضلة يصعب حلها دون صدام مع الأصول التأسيسية للمدونة الإسلامية. فى الذهن السياسى الحديث تتحلل الثيوقراطية إلى أو توقراطية مضاعفة، بما هى سلطة مطلقة تمارس باسم الله، أى بما هى مزيد من السلطة المقدسة التى تحمل خصائص المطلق ولا تقبل النقاش، ومن هذه الزاوية تظهر الثيوقراطية بوصفها أخطر صور الأوتوقراطية أى الحكم الفردى، وتظهر العلمانية بوصفها الحل الوحيد لمشكل التوفيق بين فكرة السلطة ومبادئ الاجتماع الطبيعى (التعددية/ التطور).

ما أعنيه بالعلمانية هنا هو معناها الضيق الذى يستبعد من الدين سلطة التنظيم السياسى التشريعى، وليس المعنى الواسع الذى يهدف إلى تقليص أو نفى الدين ككل من صفحة الواقع الاجتماعى.

الدين – بما هو جوهر أخلاقى مطلق – جزء من صلب الطبيعة الإنسانية، وهذه حقيقة قديمة قدم الوجود الإنسانى، وغير مرشحة للتغير فى المستقبل المنظور، وكما يقول بيتر بيرجر، وهو أحد علماء الاجتماع الكبار فى العالم، فإن «تغييرالدافع الدينى إلى الأبد سيتطلب ما لا يقل عن تحول كامل فى العرق البشرى». الدين المطلق لم يتراجع أمام الحداثة كما توقعت نبوءات التنوير الأوروبى، بل تراجع الدين التاريخى الذى صنعه تراث التدين، الشق الذى تقلص بالفعل أمام الحداثة هو الشق التنظيمى الجمعى أى الشق المتعلق بالمجال العام، الأمر الذى يكشف عن طبيعته النسبية التاريخية التى تخضع لقوانين العالم. وهذا هو معنى العلمانية.

بهذا المعنى العلمانية لا تتعارض مع الدين بما هو جوهر أخلاقى مطلق. هى فقط تتعارض مع الدين بما هو مدونة تاريخية كتبها تاريخ الفقه. وهى بهذا المعنى ليست مجرد خيار ثقافى مباح، بل ضرورة لا مفر منها لتثبيت مصداقية الدين، ولرفع القيود عن المجتمع.

فى أوروبا هناك ظاهرتان راسختان.. تطرف إسلامى

وتطرف ضد الإسلام "الأصولية" و"الإسلاموفوبيا" كيف ترى هذا الثنائى الخطير؟

- ملامح هذا المشكل أخذت تظهر فى أوروبا قبل بداية القرن الحالى فى ظل عاملين متزامنين: 1- تضخم الحجم النسبى لكتلة السكان المسلمين بسبب الهجرة. 2- تزايد الحجم النسبى للأصولية السياسية داخل هذه الكتلة لأسباب تتعلق جزئيا بالسياسات الحكومية الغربية. مع تراجع معدلات النمو الاقتصادى، وصعود التيارات اليمينية (المتطرفة) لم تتهيأ الظروف أمام المهاجرين للاندماج فى المجتمع، الذى ظل بدوره محافظًا حيال فكرة الهجرة عمومًا والمسلمة بوجه خاص.

فى غضون ذلك، كان الجيل الثانى من الأصولية الإسلامية (الأكثر تشددا وعنفا) يظهر مزيدا من التحرش بالغرب، وأخذت التوجهات اليمينية تكتسب نبرة دينية جديدة، جرى استدعاؤها بسهولة من المخزون التراثى المحمل بذكريات خصومية حيال الديانة الإسلامية بالذات، وصارت التوترات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن العزلة والتهميش تكرس حقيقة التناقض الثقافى وتعبر عن نفسها بشكل دينى سياسى صريح.

بالنسبة إلى شريحة واسعة فى الغرب تمثل الأصولية حضورا فجائيا جديدا يشكل خطرًا على المجتمع والدولة. لقد عادت ملامح الصورة النمطية السلبية للإسلام الموروثة من العصور الوسطى. وحتى بالنسبة إلى التيارات الأكثر اعتدالا فى الفكر الغربى نجحت الأصولية الإسلامية فى استثارة تصورات بربرية قديمة تنتمى إلى العصور السابقة على الحداثة.

بأدائها الزاعق وتمددها إلى الغرب، ساعدت الأصولية الإسلامية على استفزاز العناصر الأكثر محافظة وإيقاظ كوامنها ذات الجذور «الدينية» وهى -بالنسبة لى- مسئولة بشكل مباشر عن تنشيط الأصوليات المسيحية المعاصرة، الأقل تطرفا، والتى تظل مدجنة نسبيًا بضوابط التطور الحداثى السياسية والاجتماعية فى المحيط الغربى، صحيح أن العالم يشهد منذ أواخر القرن الماضى، تفاقما واسعا لحجم الظاهرة الدينية وتداعياتها الأصولية، لكن الأصولية الإسلامية تبرز بوصفها الأصولية الجديدة الأسبق ظهورا، والأكثر تسيسًا وعنفًا والأوسع تمددًا خارج محيطها الإقليمى.

هل تؤمن بنظرية المؤامرة من العالم الغربى ضد الإسلامى وكيف ترصد موقف أمريكا من العالم الإسلامى؟

- مصطلح «العالم الإسلامى» كمصطلح العالم العربى تعبير افتراضى يشير إلى نوع من الرابطة الثقافية. النموذج السياسى السائد اليوم هو نموذج «الدولة الوطنية» ذات الحدود الجغرافية المعترف بها. وفى هذه الحالة يصبح الحديث عن مؤامرة موجهة من الغرب إلى العالم الإسلامى يعنى الحديث عن مؤامرة مسيحية موجهة إلى الإسلام كدين، وهو معنى قروسطى عفا عليه الزمن.

ومع ذلك يمكن الحديث - بالطبع – عن مخلفات ثقافية موروثة من تاريخ الصدام الدينى والسياسى الطويل الذى امتد لما يقرب من ألف عام (من قلب العصور الوسطى حتى نهاية الحقبة الاستعمارية). والذى خلف صورة نمطية سلبية متبادلة لدى الطرفين. صورة تسمح على الدوام باستدعاء فكرة المؤامرة التى تظهر عادة لأسباب نفسية معروفة لدى الطرف المهزوم.

مع التداعيات الناجمة عن المرحلة الاستعمارية جرى الخلط فى الوعى الإسلامى (العربى خصوصا) بين مفهومى «الغرب» و«المسيحى» وبامتداد القرن العشرين مع نمو المد القومى بخلفياته العلمانية طغى المعنى السياسى لمصطلح «الغرب» على حساب حمولته الدينية، بمعنى أن المصطلح كان يشير إلى الغرب الاستعمارى الإمبريالى المحتل، لكن المعنى الدينى ظل «كامنا» تحت السطح السياسى حتى ظهرت الحركات الأصولية، التى استعادت للمصطلح نفسه الدينى.

الغرب مسئول عن حضور وتفشى الظاهرة الأصولية فى المنطقة منذ أواخر الحقبة الاستعمارية. صحيح أن الثقافة الدينية الموروثة تنطوى على قابليات ساكنة ومرشحة للإفراز الأصولى، لكن التحول بالقابلية الأصولية إلى فعل سياسى ظاهر ومعاكس لحركة التطور الحداثى الناشئة تم بفعل الهندسة السياسية التى مارسها الغرب عن تصميم مسبق فى الساحة الإسلامية (فى الهند شجع البريطانيون حزب «العصبة الإسلامية» الساعى إلى التقسيم ضد حزب المؤتمر الوطنى سعيا لتأسيس باكستان وفى مصر سهلوا عملية «إخراج» جماعة الإخوان المسلمين كحائط صد دينى مقابل للتيارات الشيوعية والحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال).

ظل البريطانيون يعتقدون بإمكانية وجدوى استخدام الدين فى المنطقة الإسلامية لتحقيق أغراض سياسية واقتصادية متنوعة. وتحول هذا الاعتقاد إلى استراتيجية غربية ثابتة بعد أن ورثها الأمريكيون (من إنشاء النموذج «الجهادى» فى أفغانستان، إلى إعادة تبنى جماعة الإخوان، حتى العمل بشكل محسوب على توليد وتوظيف كيانات أصولية جديدة فى العراق وسورية).

هذه الاستراتيجية تنطوى على نوع من «اللعب» السياسى شديد الغموض والخطورة، إلى الحد الذى يبرر قراءته لدى البعض تحت عنوان المؤامرة: الغرب الحديث، الذى تجاوز بعد معاناة طويلة، إشكاليات التسيس الدينى، يبدو وكأنه ينقلب على مبادئ الحداثة العلمانية عندما يتعلق الأمر بالأغيار. وبدلا من مساعدتهم على تجاوز معاناتهم التاريخية الخاصة بهم، والخروج من حالة الشعوذة السياسية والاجتماعية، يلعب على هذه الحالة لتحقيق مصالحه الاقتصادية المباشرة.

كيف قرأت تجربة جماعة الإخوان المسلمين فى الحكم؟ وهل يمكن اعتبار ما حدث فى تونس مؤخرا وما شهدته البلاد العربية من ويلات بسبب الإسلام السياسى بمثابة إعلان وتأكيد لفشل هذا المشروع؟

 جماعة الإخوان سرقت السلطة فى لحظة الارتباك أو الدوار السياسى الذى نتج عن زلزال يناير 2011. تم ذلك بانتهازية مكشوفة، وبدعم عربى أمريكى مباشر، لكن المجتمع قام بحركة تصحيح طبيعية سريعة. يعتقد الغرب أنه يستخدم جماعة الإخوان، وتعتقد الجماعة أنها تستخدم الغرب، وكل منهما يدرك نوايا الطرف الآخر. بحسب التحليل الغربى ستظل المنطقة لفترة طويلة غارقة فى إشكاليات الاجتماع الدينى السابقة على الحداثة، ومن هنا رهانه على توظيف الإسلام السياسى لخدمة مصالحه الاقتصادية والسياسية، أما التحليل الإخوانى فيخلط بسذاجة بين النزوعات الدينية العامية، وقابليات التحول الأصولى، ويراهن على مخزون «التدين الشعبى» الموروث متجاهلا خصائصه البنيوية المرنة والمعتدلة، أى المنافية بطبيعتها للتطرف. كلا التحليلين يتنكر لحجم التحولات الحداثية ذات الطابع المدنى التى تتراكم فى الوعى المصرى منذ قرنين، والتى تتمدد بوتيرة متسارعة فى العقود الأخيرة بفعل الانفجار التواصلى على مستوى العالم. واقعيا، لم يكن المجتمع مستعدا لهذا النوع من الحكم «الدينى» وهو ما عبر عنه بشكل واضح فى ثورة 30 يونية، ولم تكن الجماعة ذات التكوين الثقافى والسياسى المحدود مهيأة لتجربة الحكم، وهو ما كشف عنه أداؤها البدائى المرتبك فى فترة الحكم الخاطفة.

ما يحدث فى تونس هو عملية تصحيح جزئى من نفس النوع، لكنها تجرى بشكل أقل صخبا، بسبب فوارق الأداء «النسبية» بين جماعة النهضة التونسية والجماعة المصرية الأم الأقل ثقافة ومرونة.

يكشف الأداء المرتبك والعنيف للإسلام السياسى داخل وخارج تجربة الحكم عن درجة عالية من «الاغتراب» حيال الواقع الاجتماعى الحديث. وبوجه عام، يمكن رصد التراجع النسبى للزخم الأصولى على المستوى الشعبى، لكن الوقت لايزال مبكرا «بعض الشىء» للإعلان عن انتهائه كمشروع سياسى لسبب «رئيسى» هو تواصل الدعم الغربى الأمريكى.

الإسلام وحده من بين الديانات توجه له سهام الغرب متهمة إياه بالإرهاب فلماذا من وجهة نظرك؟

لسببين: الأول: هو أن العنف الأصولى هو أكبر أشكال العنف التى يواجهها الغرب فى اللحظة السياسية الراهنة. والثانى: هو الصورة النمطية الموروثة فى الثقافة الغربية عن الإسلام كديانة عنيفة جرى نشرها بحد السيف تطبيقا لأصولها النظرية. هذه الصورة كامنة فى الوعى العامى الغربى إجمالا، وتحضر بشكل مبهم فى خلفية الأداء السياسى.

ومع ذلك هناك قراءات غربية مختلفة لا تلقى بمسئولية العنف على عاتق الإسلام وحده، بل أيضاً على عاتق الحداثة، والأداء السياسى والأخلاقى العام للغرب بإيقاعه الأمريكى، وتتوقف بوجه خاص أمام فكرة العولمة «دريدا» فيلسوف التفكيكية مثلا يقرأ الإرهاب كعرض من أعراض الحداثة الغربية أو ما يسميه اضطراب المناعة الذاتية الناجم عن الفصل الحاد والسريع بين الأبعاد الدينية والعلمانية، وبحسب «بورديار» يكمن الإرهاب فى طبيعة العولمة من حيث هى تقوم على نفى الآخر المخالف، ولا تتورع فى سبيل ذلك عن استخدام القوة. ما يعنى أننا بصدد نوع من «الحصرية العلمانية» مقابل «الحصرية الدينية» التى تقوم بدورها على نفى الآخر ولا تتورع عن فصل ذلك بالقوة.

لكن بعيدا عن مسئولية الحداثة والغرب، يلزم الوقوف أمام قابليات العنف الكامنة فى صلب التدين التاريخى عموما وفى المدونة الفقهية الإسلامية بوجه خاص: العنف الأصولى إفراز ضرورى مرشح للتولد بشكل دورى عن هذه المدونة، بغض النظر عن أسباب استفزازه فى الواقع المعاصر، الفقه يتحدث عن جهاد الطلب، وهو قتال هجومى مبتدأ لنشر الدين أو لتثبيته، ما يعنى أنه فى التحليل الأخير قتال على العقيدة. وهو معنى يتناقض أولًا مع الطبيعة الاختيارية للإيمان، ثانيًا مع الجوهر الأخلاقى الأصلى للدين، وأخيرا مع القيم الكلية المنصوصة فى القرآن. لكن الفقه يؤسس أحكامه الجهادية على «نصوص» قرآنية صريحة تجاور نصوص القيم الكلية ذات الطابع السلمى. ولما كانت صراحة النصوص تحد من إمكانية تأويلها لتتوافق مع القيم السلمية القرآنية، فمؤدى ذلك أن المشكل يصل فى النهاية إلى دائرة النص. ما يستدعى تحويل النقاش لإعادة النظر فى «المفهوم» النصى الوروث من تاريخ الفقه الذى يسبغ صفة الإطلاق على جميع مفردات النص، هذه الإعادة مطلوبة تلافيًا لتعريض النص لمشكل تناقض كلى أو لمشكل مصداقية.

لقد كرس الفقه اجتماعيات الغزو القبلية التى سجلها القرآن كوقائى، وحولها بصياغاتها التفصيلية المحلية إلى أحكام دينية ثابتة أى إلى قيم مؤبدة لمجرد ورودها فى النص.

 هناك مدارس كثيرة من مدارس التفكير العلمانى تتهم التراث بأنه سبب الضعف والتخلف وأنه كثقافة لم يعد صالحا للتفاعل مع علوم العصر ونظرياته العلمية والفلسفية والأدبية فما رأيك فى هذا الطرح؟

- فى الوعى الكتابى عموما- حيث يرتبط النص الدينى بحقبة التأسيس- يظل «الماضى» حاضرًا فى كل حقبة لاحقة، لا بوصفه إطارا تاريخيا للدين، بل بوصفه جزءا من بنية الدين ذاته. ورغم أن العقل الإسلامى النظرى يستطيع أن يفرق بين الشريعة والفقه، وبين العقيدة والكلام، أى بين النص الملزم والمدونة الاجتهادية التى تشكلت حوله، يصعب عمليا فصل النص عن مدونته التفسيرية الموروثة بسبب التداخل العضوى الذى تم بينهما فى مرحلة التدوين، والذى أسفر عن «تنصيص» جزء من مادة المدونة، فضلا عن تثبيت سلطتها كشارح حصرى للنص الأصلى.

الماضى لا يحضر هنا كتعبير عن حنين عاطفى للعصر الأول فحسب، بل كسلطة معرفية مفروضة على جميع الأجيال اللاحقة، يؤكد الشافعى على هذه السلطة الواسعة وينسبها إلى الله: «لم يجعل الله لأحد بعد رسول الله أن يقول إلا من جهة علم مضى قبله».

هذه الرؤية التى تحتم المرور على «فهم السلف» تحولت إلى جزء غير مرئى من الوعى الدينى السائد، وتشتغل على نحو لا شعورى حتى بالنسبة إلى التيارات التأويلية الأكثر تحررا. الموقف النقدى من فهم «فهم السلف» يظل محكوما بفهم السلف. وهذه هى الإشكالية الأصعب فى مسألة التراث: الماضى يظل حاضرا فينا على الدوام من خلال التراث، فالتراث هو ثقافتنا الراهنة المتسربة إلينا من الماضى، أو هو الجزء الماضوى من ثقافتنا الراهنة. فالمسألة لم تعد هى هل «يجوز» استبعاد التراث؟ أى لم تعد مسألة فقهية، بل مسألة إمكان أو عدم إمكان طبيعى. السؤال الأكثر أهمية هنا هو: كيف يستطيع الوعى من خلال الحاسة النقدية أن يفصل نفسه عن مكوناته المتداخلة، وأن يمارس حيال مادة التراث نوعا من الانتقاء الموضوعى (يستبعد العناصر السلبية والقمعية خصوصاً) بغرض التوافق مع حاجاته الراهنة التى يفرضها الواقع المتطور.

أخيرا.. رسالة توجهها فماذا تقول؟

 محبتى للجميع.

عن صحيفة "الوفد"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية