عمرو موسى: تدخلات إيران وتركيا تؤجج الصراعات في المنطقة

عمرو موسى: تدخلات إيران وتركيا تؤجج الصراعات في المنطقة


18/02/2020

هبة ياسين

تعج المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج بأزمات متراكمة ومترابطة جغرافيا وسياسيا، أججتها في العقد الأخير الكثير من التطورات الراغبة في التغيير وحوّلتها إلى نزاعات تمتد من ليبيا وتصل إلى الشرق الأوسط، ما أفرز انعداما للأمن والاستقرار خاصة بعد تمدّد الجماعات الإرهابية في دول عربية كثيرة.

بشأن كل هذه التطورات التي قطعت خاصة مع نظم سياسية قادت دولا عربية عديدة طيلة عقود، لا يوجد أفضل من عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية كي يتحدّث عما خفي من كواليس بعض ثورات الربيع العربي أو عن مواقفه مما يحصل في الشرق الأوسط من نزاعات غذّتها تدخلات تركيا وإيران، ما ساهم في تأجيج الصراعات بالمنطقة.

التقت “العرب” عمرو موسى، وزير الخارجية المصري سابقا بين 1991 و2001، والأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق بين 2001 و2011. ويشغل موسى حاليا منصب رئيس هيئة الحكماء بمفوضية الاتحاد الأفريقي. وتحدث الرجل في حوار وصّف فيه أزمات المنطقة، طارحا الفرص الممكنة لتجاوزها.

ظلت تهمة الموافقة عام 2011 على دخول حلف شمال الأطلسي “الناتو” إلى ليبيا، وما تلاها من تدهور، تطارد موسى رغم تأكيده في أكثر من مرة براءته منها.

وقال موسى إن الجامعة العربية، خلال فترة توليه منصب الأمين العام لها، لم تمنح قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) مظلة شرعية لدخول ليبيا عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي في فبراير 2011. وتساءل “ممن يأتي الاتهام بالضبط؟ ثم استطرد ممن كانوا يعادون الانتفاضة في ليبيا من أنصار العقيد القذافي بالطبع”.

وأضاف أن “الجامعة العربية لم تسمح بهذا ولم تطالب الناتو بالتدخل، كما أنها لا تملك منح الشرعية لحلف أجنبي ليحتل دولة، وهذه الشرعية التي يتم الحديث باسمها قائمة على التزييف والمزايدة وبث أخبار كاذبة“.

وأوضح “الجامعة العربية وقتها طلبت حماية المدنيين في ليبيا بقرار من مجلس الوزراء العرب بتصويت الغالبية، وحظر جوي على طائرات نظام القذافي التي كانت قد بدأت في ضرب المدنيين، إذ كان هناك اقتناع كبير بضرورة حمايتهم، ويتوجب على  مجلس الأمن أن يعطي هذه الميزة المتمثلة في حظر جوي لعدم استخدام الطيران ضد المدنيين، لكن ما حدث لاحقا هو ابتعاد قرار مجلس الأمن عن مطالب الجامعة العربية، وبناء عليه حدث تدخل الناتو، وجرى استغلال الموقف العربي المهم الذي اتخذ لإنقاذ المدنيين، على أنه لا يوجد سبب للاعتراض أو التصويت ضد طلب حماية المدنيين في ليبيا، لاسيما أن التقارير الواردة آنذاك أفادت بأن هناك المئات بل الآلاف من القتلى المدنيين بفعل استهدافهم بالطائرات”.

وتابع “ما طلبناه هو الحماية، لكن مجلس الأمن والدول العظمى استغلا هذا المطلب وحرفا أهدافه، وهو ما شرحته ضمن الجزء الثاني من مذكراتي الذي سوف يصدر في غضون شهرين، وقد قاطعت الاجتماعات الدولية المتعلقة بتنفيذ قرار مجلس الأمن بعد ذلك وأعربت عن رفضي تدخل الناتو في ليبيا، وأبلغت الكثير من القادة الأوروبيين بأننا لم نتحرك لحماية المدنيين من القذافي كي نعرضهم لقاذفات غربية من الناتو أو غيره، فغايتنا حماية هؤلاء من كل ما يأتي من نار من الجو وكان هذا موقفي الواضح والمعلن”.

لم تفلح كل المحاولات في تبديد التهمة التي تلاحق عمرو موسى، فهناك قطاعات كبيرة من الليبيين ترى أن دخول “الناتو” كان وبالا، حيث أدى القصف المتواصل إلى تخريب البلد، وتمكين المتطرفين والعصابات المسلحة من السيطرة على مفاصل أمور كثيرة في ليبيا، وهو ما جعل عملية التسوية صعبة الآن بعدما خرجت قوات الناتو من ليبيا دون أن يتحقق الاستقرار المطلوب.

وثائق ليبية دامغة

أكد عمرو موسى أن ثمة وثائق دامغة على أن الجامعة لم تسمح أو تطالب بتدخل الناتو، ومنها الاتصالات التي جرت بينه شخصيا وبين الوفد الليبي في الأمم المتحدة، قائلا “ما حذرتهم منه، هو ما أكده مندوب ليبيا الدائم في الأمم المتحدة عبدالرحمان شلقم الذي قال بالحرف ‘كنا خائفين من عمرو موسى ونحاول إرضاءه بكل الطرق، إذ تمسك بعدم دخول أي جندي أجنبي واحد إلى ليبيا وحرص على احترام السيادة الليبية وأن يكون التدخل لحماية المدنيين الليبيين'”.

وكشف أن الوفد الليبي في الأمم المتحدة وليس الجامعة العربية، هو من طلب عقد جلسة لمجلس الأمن للنظر في الوضع السياسي في ليبيا، مؤكدا اصطدامه مع الوفد الليبي المعارض للقذافي ورفضه التدخل الأجنبي وكل ذلك موثق، بحسب قوله.

ما زالت إشكالية ملف ليبيا تتصاعد بعدما دخلت تركيا على هذا المسرح بإعلان موقفها الداعم لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، وأرسلت الآلاف من المتشددين والمرتزقة والإرهابيين والمعدات المسلحة، بما أججج الصراع، وضاعف من تحديات التسوية السياسية، التي طالب موسى بأن يكون للاتحاد الأفريقي دور حيوي فيها.

قال الأمين العام السابق للجامعة العربية لـ”العرب”، “إن الصراع في ليبيا هو صراع دولي، لأن هناك قوى كبرى (رفض تسميتها) لها مصالح استراتيجية ولها تابعون وحلفاء يتدخلون معها وتحت جناحها، ما أدى إلى تداخل وارتباك الأوضاع في ليبيا”.

وأشار إلى أن التدخل التركي في ليبيا، ودعمها لحكومة الوفاق، عليه علامات استفهام كثيرة، شارحا “هو حركة استراتيجية ضخمة، ولا أعتقد أن تركيا قامت به دون علم دول ودعم من من قوى عظمى، ومن المؤكد أن هذه الدول لم تمنح أنقرة الضوء الأخضر مباشرة، لكن غضت الطرف وأشاحت بوجهها عما تقوم به تركيا، وهذا يفتح أمامنا عددا من الاحتمالات لدراسة هذا الموقف والمقصود به”

ورأى رئيس هيئة الحكماء بمفوضية الاتحاد الأفريقي، أن حل الأزمة الليبية من الضروري أن تسهم فيه دول الجوار والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي وليس دولة أوروبية بعينها، وليس حلف الناتو، بحيث يمكن طرح حل سياسي يطمئن الليبيين ويمنع التدخلات الخارجية السلبية التي أتت بعناصر داعش والميليشيات إلى ليبيا ومدتها بالأسلحة، وتلك مسائل ينبغي توقفها لكونها أحد الأسباب الرئيسية في الفوضى العارمة الراهنة.

وحول دور الاتحاد الأفريقي في الأزمة مستقبلا قال “الأدوار التي لعُبت حتى الآن لم تكن فاعلة للاتحاد الأفريقي الذي يستطيع بالفعل أن يخدم القضية، ويتفهم مصالحها أكثر من مجموعات أخرى”.

وشدد على أن ليبيا دولة مدنية، وينبغي أن تظل هكذا، لأن كل المحاولات لإقامة دول دينية في الدول العربية باءت بالفشل ولا يصح تجربتها مرة أخرى في ليبيا، وينبغي أن تكون دولة تحتضن الجميع وتشمل كل مواطني ليبيا، ويتوجب أن ينتهي الشد والجذب بين طرابلس وبنغازي، لأن بعض الأطراف المتصارعة تتدخل بناء على تعليمات تتلقاها من الخارج، وليس على أساس وطني، ويشعر الليبيون الآن أنهم بلغوا نقطة فاصلة تتحتم فيها المصالحة.

غطرسة إيران

تواصل إيران زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط بتدخلها في الكثير من قضايا الدول العربية عبر زرعها لميليشيات تأتمر بأوامرها في العراق ولبنان واليمن وسوريا.

وقال موسى في هذا الصدد “إن إيران تنتهج سياسة إقليمية بها الكثير من التحدي للعرب، وتفاخرها السابق بأنها تدير الأمور في أربع عواصم عربية لم تستصغه قطاعات عريضة في الدول العربية، لأن تلك التصريحات تعتبر إهانة للعرب، وتؤكد غياب الحكمة السياسية وسوء التقييم”، لافتا إلى أن “اقتحام طهران المجال السياسي لعدد من الدول العربية هز أركان الاستقرار فيها وأفسد حاضرها وهدد مستقبلها”.

كما عبر موسى عن آماله في أن تنتهي الأوضاع في سوريا بالوصول إلى حل يعيد الاستقرار المطلوب، وعلى أنه من الضروري أن يتم ذلك بتوافق السوريين بمختلف أوصافهم، وتوقف سياسات السيطرة الإقليمية عليهم، سواء كانت إيرانية أو تركية، وضبط التلاقح الدولي حول سوريا.

وعن ضمان أمن دول الخليج، قال “ليس مسؤولية خليجية فقط، بل عربية وإقليمية ولا شك عالمية، باعتبار أن النفط والغاز واقتصادياتهما تمس مصالح ضخمة، والمقامرة في منطقة تعج بالثروات محفوفة بمخاطر هائلة دائما، ويتطلب ذلك حماية دول الخليج فلا يمكن السماح لإيران بمهاجمتها أو المساس بها، كما لم يُسمح في السابق لعراق صدام حسين”.

عند مناقشة مسألة أمن الخليج، تجدر الإشارة إلى أن ثمة اتفاقا عربيا اسمه “إعلان دمشق” أُطلق بعد غزو العراق الكويت، وتضمن الدور العربي في حماية الخليج، ويعد التزاما عربيا بالدفاع عن الخليج وحمايته في مواجهة الأطماع الإقليمية، وكان الأكثر تهديدا آنذاك هو “عراق صدام حسين”، وفي الوقت الراهن طالما أن دولة إيران تحمل أطماعا فهذا من الضروري أن يحمل مخاطر ضخمة ويدفع إلى التصدي لها.

ولفت إلى أن إثارة النزعات الطائفية والنعرات المذهبية بين شيعة وسنة عهد لا بد أن ينتهي، فهذا خطأ حضاري وديني وثقافي وسياسي، و”أطالب إيران بألا تتصرف على أساسه، والبحث عن طرق سياسية لمعالجة المشكلات المتفاقمة في المنطقة، والتي أصبحت تشكل ضررا بالغا على الجميع في الوقت الراهن أو المستقبل القريب والمتوسط، ولا بد من التحسب لذلك والعمل على إنهائه، وثمة حاجة إلى حركة استراتيجية عربية لوزن كل الأوضاع الموجودة”.

ولم ينكر موسى في حواره مع “العرب”، “أن إيران وتركيا من هذه المنطقة شئنا أم أبينا، ولذلك وجب التعايش بين العرب والإيرانيين والأتراك، ولا يحق لهما الدفع نحو السيطرة على العرب، فنحن لا نبحث عن عداوة معهما، ولا بد من إعادتهما النظر في سياستهما الإقليمية”.

وأضاف “آن الأوان أن تعي إيران وتركيا أن مستقبل وجودهما الهادئ سيعود عليهما بالكثير من المصالح والمكاسب، ويقتضي التفاهم مع العالم العربي وليس تحديه أو احتلال أراضيه أو التفاعل السلبي مع جماهيره، فنحن نقترب من إعادة بناء النظام الإقليمي، ودور دولة مثل إيران أو تركيا سيحدده مدى القبول الذي يلقيانه، وتلك مسألة كبرى لا يتسع لها هذا الحديث”.

من بغداد إلى بيروت
خرجت في الأشهر الأخيرة الجماهير في العراق ولبنان لتطالب بحقوقها السياسية، وتتحرر من قيود المذهبية وتسقط الطائفية، وانطلقت ثورات من نوع جديد، قد تكون نواة لإسقاط ملوك الطوائف وتجار المذهبية، وتزامنت مظاهرات بغداد وبيروت وتشابهت أيضا في الشعارات والمطالب.

وفي هذا الصدد، قال عمرو موسى “أرى أن الرئيس العراقي برهم صالح، رجل عاقل للغاية ويشعر أن العراق جزء من العالم العربي، وأوجه له التحية لأنني رأيته أخيرا في منتدى دافوس، وكيف التقى بالرئيس الأميركي دونالد ترامب وآخرين، مدافعا عن بلاده وشارحا الموقف في العراق بكفاءة عالية”.

في المقابل، يرى أن الوضع في لبنان ذهب إلى أبعد مما نظن، وبات في وضع سيء للغاية اقتصاديا وسياسيا، وهناك اتهامات متبادلة تصاحبها حركة هجرة للشباب، وهو شيء مؤسف، لكن المظاهرات التي انطلقت تعد مؤشرا جديدا يتماشى مع أجواء القرن الحادي والعشرين.

وأضاف “الشباب اللبنانيون يتحدثون عن أنفسهم وحقوقهم كمواطنيين وليس من منطلق أن هذا مسيحي وأن ذاك مسلم شيعي أو سني، فتلك أوضاع رجعية، تستثمر في الجهل والجهلاء وسوف تسقط في غضون سنوات قليلة، بدايتها كانت في ميادين وشوارع لبنان، وتزامنت معها في شوارع العراق، نعم ربما ثمة ردة لكن المؤكد أنه لولا هذه الاحتجاجات ما خرجت الأصوات المرتفعة لتنادي ‘كفانا طائفية، كفانا مذهبية’، وهو شأن مهم للغاية”.

وذكر أن مقومات الدولة المدنية والإصلاح الإداري واحترام الدستور أصبحت من الأمور التي يعيها الناس ويطالبون بها، مع احترام الدين كقوة روحية وضميرية ومصدر للتشريع ومرجعية لترتيب الأحوال الشخصية.

تحركات عربية عاجلة

كانت القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية لعقود عدة، لكنها تراجعت لحساب انتشار الصراعات الإقليمية الجديدة والحرب على الإرهاب، لكن موسى يعتقد أن هذا التراجع، “ظاهري ومؤقت والحرب على التنظيمات المتشددة سوف تأخذ وقتها وتنتهي، أما القضية الفلسطينية فقد أضعفها الانقسام، وهو أيضا ظاهرة ليست مستدامة”.

وأشار موسى إلى أن خطة السلام الأميركية المطروحة بشأن القضية الفلسطينية “لا تشكل صفقة لأن الطرف الآخر غير قائم، والموقف العربي الرسمي واضح، وعبر عن نفسه في اجتماع وزراء الخارجية بمقر الجامعة العربية مطلع فبراير الجاري”.

واقترح التفكير بصورة عملية وماذا سنفعل كعرب؟ وهل يدير الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي ظهريهما، وينتهي الأمر لتفعل تل أبيب ما تريد، في ظل التأييد الأميركي الكبير، وحينها فالأرض كلها سوف تستوطن وتهود، ولن تتوافر أي فرصة للتوافق بعد ذلك.

وأضاف “هناك ضرورة إلى الدخول في مسار تفاوضي سريع وفوري يضع الجانب الفلسطيني ووراءه الجانب العربي على طاولة مفاوضات مبادرة السلام العربية، والتي توازن بين التزامات وحقوق الفلسطينيين ونظيرتها الإسرائيلية، ومن ثم لا تكون خطة ترامب هي الوثيقة الوحيدة المطروحة على طاولة المفاوضات”.

وأضاف “إذا توفرت فرصة للتفاوض يجب ألا تعتبر هذه الصفقة موقفا نهائيا، إنما هي رأي أميركي – إسرائيلي، في مقابله رأي آخر تمثله المبادرة العربية وقرارات الشرعية، وهذه المفاوضات يجب أن تتم  تحت رعاية الدول الخمس الكبرى، والرباعية الدولية، مع ضرورة وجود مصر والأردن.

أورد وزير الخارجية المصري الأسبق، ضمن الجزء الأول من مذكراته التي عُنونت بـ”كتابيه“، الصادرة منذ ثلاثة أعوام، أنه خلال مؤتمر شرم الشيخ للسلام عام 1996 لاحظ تجاهل الملفات المهمة التي تمثل صلب القضية الفلسطينية فيما كان الاهتمام الواضح بمسارات أخرى، على رأسها المبالغة في مناصرة ملف الأمن الإسرائيلي،  ما طرح التساؤل حول مدى استمرار نفس النهج في الوقت الراهن.

وأجاب موسى “العرب” بقوله “انطلق موقف الولايات المتحدة مستندا إلى وضع  أسس الأمن الإسرائيلي على رأس أولوياته مع إفساح مساحة لحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما ذكره لي شخصيا الرئيس الأميركي بيل كلينتون آنذاك، إذ كنت غاضبا للغاية لعدم التوازن الخطير، فقال لي أمام عدد من الدبلوماسيين في ذلك الوقت، أعرف مدى غضبك، لكن أؤكد لك أنه بالفعل الاتفاق على موضوعات الأمن الإسرائيلي جزء من ملفاتنا، لكن لا نستبعد أبدا العمل على إقرار حقوق الشعب الفلسطيني وعدم تجاهلها”.

وشرح أن “مواقف الإدارات الأميركية المتتابعة، حتى إدراة جورج دبليو بوش، تحاول ألا يأتي اتفاق يحمل الانحياز الكامل لإسرائيل، وإنما معظمه، إذ كانت تحرص على تحقيق قدر ولو قليل من التوازن، لكن اختلف موقف الإدارة الأميركية خلال حكم باراك أوباما الذي أدار ظهره للقضية برمتها، لأنه رأى أنها مصدر صخب وإزعاج دون طائل أو إمكانية في الوصول إلى حل، فيما اعتبر أنها تكبده تكاليف داخل الولايات المتحدة دون أن تقابلها مكاسب تشعر بها الإدارة أو الشعب الأميركي”.

واستطرد “من الواضح أنه خلال عهد ترامب ثمة وحدة في الموقف الأميركي – الإسرائيلي، وهذا يجعل من الصعب أن تقوم أميركا بالوساطة، لأنها أصبحت طرفا غير محايد بعدما اتخذت موقفها من القدس وإلحاق قطع من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 بإسرائيل، ومن ثم يصبح من الصعب قيامها بأي عملية وساطة”.

في ظل كل العواصف التي تموج بها المنطقة والمصير العربي، قال موسى “العرب في حيص بيص (اضطراب وحيرة) ولا يعرفون ماذا هم فاعلون، وأعتقد أن غياب مصر أودى بالعرب إلى هذه النتيجة، فمصر هي القادرة على قيادة العرب وإدارة عدد كبير من شؤونهم في العلاقات البينية أو الإقليمية أو الدولية، وهو ما كان جليا خلال عقود من العمل المشترك، علما بأن الحصيلة لم تكن كلها فشلا”.

وفسر تراجع الدور المصري في المحيط الإقليمي، بأنه يعود إلى كثرة المؤامرات التي حيكت ليس بالضرورة لإفشال مصر فحسب، لكن أيضا لمنع العرب من التقدم والتطور والوصول إلى مرحلة المنعة والقدرة على التنافس السليم على مستوى العالم، ولا مفر من عودة مصر، ولو أن هناك قوى عاتية (لم يسمها) تعمل على ضمان عدم عودتها.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية