غليان مكتوم في الجنوب اللبناني بأمر حزب الله.. ما القصة؟

غليان مكتوم في الجنوب اللبناني بأمر حزب الله.. ما القصة؟


17/12/2020

رغم تعقيد إشكاليات تشكيل الحكومة التي اعتادها اللبنانيون، لم تعد العاصمة بيروت محور الاهتمام فحسب؛ إذ يعيش الجنوب حيث سطوة نفوذ الثنائي الشيعي "حركة أمل" و"حزب الله"، حالة احتقان لافتة، وسط تردي الأوضاع المعيشية والأزمات الخانقة، فيما يزيد طين الجنوب بلّة السطوة الأمنية لحزب الله، الذي يعمل على إرهاب المواطنين لكبت غضبهم، فضلاً عن مناوشات وأعمال عنف وإطلاق نيران، مجهولة المصدر، غير أنّها تشير، بحسب وسائل إعلام لبنانية، إلى مناوشات بين الفصيلين الشيعيين.

 

كبح حزب الله مظاهرة دعت إليها مجموعة تابعة لحركة أمل منتصف الشهر الجاري

المناوشات، بل والمواجهات بين عناصر ومجموعات حركة أمل وحزب الله، ليست بالجديدة في الجنوب، غير أنّها تغلي مؤخراً في صمت، في ظل حرص قيادات كلا الحركتين على الظهور بالمظهر التوافقي التام، لإتاحة الفرصة لحزب الله للعب دور الوسيط بين الرئيس، ميشيل عون، ورئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، إثر خلاف يعرقل تشكيل الحكومة منذ أسابيع، طفا على السطح بتراشق للبيانات والبيانات المضادة.

وفيما نقل موقع "لبنان 24" اللبناني، أمس، تدخل حزب الله على خط المواجهة بين الرئيس والحريري لتهدئة الأجواء، ولعب دور الوسيط، فإنّ أنباء تخرج على استحياء من الجنوب تشير إلى توتر في الأوضاع الأمنية، وتواصل لإطلاق أعيرة نارية وانفجار سيارات.

اقرأ أيضاً: 13 دولة حول العالم تنتفض ضد إرهاب حزب الله

يأتي ذلك عقب أيام من كبح "حزب الله" لمظاهرة دعت إليها مجموعة تابعة لـ"حركة أمل" في 14 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، للمتضررين اقتصادياً في المدينة، على أن يتم الاعتصام في ساحة القسم تحت عباءة السيد موسى الصدر للمطالبة برفع الحرمان عنهم، ولكن لعدم التنسيق مع "حزب الله في المدينة، عمَّم الحزب على مناصريه عدم المشاركة، ما أثار بلبلة وخلق جوّاً من التوتر، دون الإعلان عن إلغاء الاعتصام او تأجيله، بحسب ما أورده "مرصد مينا".

 

التظاهرة لم يشارك فيها أحد نهائياً خوفاً من حدوث اشتباك بين الطرفين

ونقل المرصد عن مصادر في الجنوب، لم يسمّها، أنّ التظاهرة لم يشارك فيها أحد نهائياً، وأنّ ذلك جاء خوفاً من حدوث اشتباك بين حركة أمل وحزب الله، بعد تهديدات الأخير بفض الاعتصام بشتى الطرق ولو بالسلاح إن لزم الأمر.

ومساء اليوم ذاته، ورغم غياب المتظاهرين، فإنّ عنصراً محسوباً على حزب الله، وكان ضمن المقاتلين في سوريا، ويدعى جهير قام بـ"غزوة" قنابل في صور حيث رمى قنبلتين، وعلى مفرق العباسية ألقى مثلهما.

اقرأ أيضاً: حزب الله والسياسة بثياب عسكرية

وتواصلت حالة الاضطراب الأمني، حتى أمس، حين كثرت حوادث إطلاق الرصاص في الأحياء، فللمرة الثالثة على التوالي في بنت جبيل جنوباً، أطلق مجهول الرصاص أول من أمس بين البيوت في حي مأهول بالسكان، حيث كانت المرة الأولى في أطراف المدينة، والثانية في سوق بنت جبيل الشعبي والممتلئ بالناس وفي وضح النهار، بحسب ما أورده موقع جنوبية.

وأرجع موقع "المركزية" اللبناني الحالة في الجنوب إلى أن "حزب الله يُفضّل في هذه المرحلة الخطاب الهادئ والمتّزن على الكباش السياسي الذي يُستخدم فيه سلاح الطائفية والمذهبية فيوتّر الاجواء في وقت البلد المنهار اقتصادياً ومعيشياً وهو بغنى عن هذا الشحن الطائفي".

 

يعيش الجنوب حيث سطوة نفوذ الثنائي الشيعي حالة احتقان لافتة

ويضيف الموقع نقلاً على مصادر في قوى 8 آذار، "أنّ حزب الله متمسّك أكثر من أي وقت بوحدة الصفّ الشيعي، وتحالفه مع حركة أمل الذي نجح في تحقيق مكاسب سياسية مهمة لن يتخلّى عنها ولن يُفرّط بها. فهو حريص اليوم على تحصين البيئة الشيعية من خلال تقوية تحالفه مع الحركة من أجل الوقوف بوجه محاولات تفكيك تحالف الثنائي الشيعي وتفسخه".

انتفاضة الجنوب

وكان الجنوب ضمن المناطق الحاضرة في ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي، غير أنّ سطوة الحزب الأمنية، بالتزامن مع تردي الأوضاع المعيشية، وتراخي الأمن في المنطقة لصالح القوتين المسيطرتين "حركة أمل" و"حزب الله"، فإنّ الأهالي دخلوا في حالة من الكمون، مصبوغة بـ"قلة الحيلة"، لاسيما في ظل التهديدات الإسرائيلية والغارات المتواصلة.

 

المناوشات بل والمواجهات بين عناصر ومجموعات أمل وحزب الله ليست بالجديدة

ولا يختلف الجنوب في ذلك عن عموم لبنان، الذي تتعمق أزمته يوماً بعد يوم، مع انغلاق أفق أي انفراجة سياسية، وضبابية فرص تشكيل حكومة في القريب العاجل، في ظل الخلاف والتراشق بين عون والحريري.

موقف حزب الله

وتفسر الكاتبة اللبنانية، غادة حلاوي، أن ما يراه "حزب الله" ملحّاً هو تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن لاسباب داخلية وخارجية، غير أنّ هذا الأمر يحتاج أولاً الى تفاهم بين الرئيسين، ومن دون ذلك لا حكومة، وأن تسود وحدة المعايير ليسود الارتياح لدى كل المكونات المعنية بتشكيل الحكومة في ظل الحاجة الى اتخاذ قرارات خطيرة كرفع الدعم وغيرها.

وأضافت، في مقال لها في صحيفة "نداء الوطن":  حين رأى حزب الله أنّ الأمور لم تعد تسير مثلما يلزم، وهناك عقد داخلية وخارجية ورهانات، "شعرنا أن من واجبنا أن نتحاور مع رئيس الحكومة المكلف ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس الجمهورية لضرورة تشكيل الحكومة".

 

تواصلت حالة الاضطراب الأمني حتى أمس حين كثرت حوادث إطلاق الرصاص بين البيوت

وتقول مصادر مطلعة أنّ حزب الله بصدد الجلوس وتبادل الأفكار مع رئيسي الجمهورية والرئيس المكلف، "من دون أن نكون وسطاء لأنّ العلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف هي علاقة مباشرة"، ولا تنفي تلك المصادر أنّ حزب الله كان له دور في تهدئة الأوضاع، ووقف التراشق بين بعبدا وبيت الوسط، وقد وجد ذلك ضرورة لاستحالة تشكيل الحكومة في ظل مثل هذه الأجواء.

وكان حزب الله من الداعين للتهدئة كمقدمة أو شرط للحوار بين الأطراف، لا سيما وأن "حركة امل" تستعد بدورها بعد "الحزب الاشتراكي" للتقدم بدعوى قضائية على خلفية تفجير مرفأ بيروت وغيره من الملفات؛ ما سيسعى إليه "حزب الله" اولاً هو التهدئة لعودة مسار العلاقة بين عون والحريري الى مسارها الطبيعي لتشكيل الحكومة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية