غموض يلف المشهد العراقي عشية اختيار رئيس وزراء جديد

العراق

غموض يلف المشهد العراقي عشية اختيار رئيس وزراء جديد


18/12/2019

بين حينٍ وآخر، يتصدر وسائل الإعلام العراقية، اسم مرشحٍ معينٍ لمنصب رئيس الحكومة القادمة، بعد استقالة الحكومة الحالية، بناءً على ضغوط الاحتجاجات الشعبية المندلعة في العراق، منذ الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي ولغاية الآن، لكن ما إن يلبث اسم المرشح على شريط الأخبار المحلي، حتى تنفي جميع الكتل ترشيحه للمنصب الشاغر.

وفيما تؤكد الكتل السياسية احتمالية الذهاب لـ "كابينة وزارية مؤقتة" تعمل على تمشية الأمور لحين إجراء انتخاباتٍ مبكرة، دعا الرئيس العراقي برهم صالح، ممثلي التظاهرات والكتل السياسية إلى الاتفاق على مرشحٍ موحد.
وأفادت أنباء أنّ صالح تسلم، أول من أمس، قائمة تضم عدداً من الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة المقبلة، بعيداً عن الكتلة الأكبر.

اقرأ أيضاً: ما المطلوب من المرحلة الانتقالية في العراق؟
يأتي ذلك في وقتٍ ينفي نواب مستقلون، إمكانية تشكيل كتلة أكبر داخل البرلمان، تأخذ على عاتقها تسمية رئيس الوزراء المقبل، مؤكدين صعوبة حصول توافقات آنية في ظلّ ظروف التشتت والانقسام السياسي في البلاد، ويُشترط على رئيس الجمهورية العراقية، تكليف الكتلة الأكبر عدداً في مجلس النواب، بتقديم مرشحها لمنصب رئيس الوزراء، في مدة لا تقل عن 30 يوماً، في حين تخلو الساحة النيابية من "كتلةٍ أكبر" لغاية الآن، نتيجة الاضطراب السياسي وانتقال النواب من كتلة لأخرى، أدّى إلى إضعاف الكتل الفائزة في الانتخابات الأخيرة.

العراقيون يواصلون احتجاجاتهم اليومية في مختلف مدن الوسط والجنوب

استهلاك الأسماء المرشحة
شهدت الميديا العراقية، تصدر عدة أسماء لمنصب رئيس الحكومة الجديدة، أبرزها إبراهيم بحر العلوم (سياسي شيعي مستقل)، ومحمد شياع السوادني (حزب الدعوة)، وعبد الحسين عبطان (من تيار الحكيم سابقاً)، ووزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار، وقصي السهيل (وزير التعليم الحالي)، فيما رشّح المتظاهرون عدة أسماء أبرزها القاضي رائد جوحي.

وسائل الإعلام العراقية تعجّ بعدة أسماء مرشحين لرئاسة الحكومة القادمة والمخاض السياسي عاجز عن التوافق

ويعلق الكاتب والصحفي ضرغام الحامد، على طرح أكثر من مرشحٍ لشغل المنصب الحكومي المنتظر، قائلاً: "تعتمد الكتل السياسية المتنفذة في البلاد منذ 16 عاماً، سياسة خرق أسماء المرشحين لأيّ منصب سيادي مبكر، وذلك لتمرير مرشحيها المنتظرين للدور الجديد في السلطة"، مبيناً "في كلّ تشكيلة حكومية جديدة، يتم طرح أسماء عدة، في النهاية لن يحصل أي من المرشحين المطروحين على رئاسة الحكومة أو الوزارة المعنية؛ حيث دائماً ما يأتي شخص من خارج التوقعات".

ويضيف لـ "حفريات": "الإعلام العراقي، ينشغل بكل طارئ وحادث تتناوله الأروقة السياسية، حتى لو كان هامشياً أو غير واقعي، وذلك لمجرد البقاء في الحدث والتواصل معه"، مؤكداً أنّ "عاملَين يسهمان بترشيح رئيس وزراء جديد، هما: الأحزاب الموالية لطهران، والمرجعية الدينية الشيعية في النجف".

اللجوء لتشكيل حكومة مؤقتة

إلى ذلك؛ أكّد تحالف الفتح وجود حوارات بين الكتل السياسية لتشكيل "حكومة مؤقتة" تعنى بحفظ الأمن والتهيئة للانتخابات المقبلة.
وقال النائب عن التحالف، حسن شاكر، لـ "حفريات": "هناك رغبة من قبل أغلب الكتل السياسية لتشكيل حكومة مؤقتة تستمر بين 8 أشهر إلى سنة، ولا تستمر لثلاث سنوات، لكنها لم تصل لغاية الآن إلى اتفاق رسمي".
وأشار شاكر إلى أنّ "هناك إجماعاً ضمنياً من قبل الجميع على تشكيل حكومة مؤقتة تتولى مسؤولية حفظ الأمن والاستقرار والتهيئة لإجراء الانتخابات المقبلة"، مبيناً أنّه "لم يتم حتى الآن تحديد شخص رئيس الوزراء الجديد".

اقرأ أيضاً: من وراء تصفية واختطاف ناشطي الحراك الشعبي في العراق؟

بدورها، قالت كتلة الحكمة النيابية؛ إنّ الحكومة المقبلة ستكون مؤقتة وتعمل على التحضير لإجراء انتخابات مبكرة على ضوء قانون الانتخابات المنصف الذي يتم تشريعه في البرلمان.

وقالت النائبة عن تيار الحكيم، أحلام الحسيني، لـ "حفريات": إنّ "التطورات الأخيرة في البلاد وملف التظاهرات، كانت محور الحديث في مجمل الاجتماعات السياسية"، مؤكدة أنّ "القوى السياسية تسعى للإسراع في تسمية رئيس حكومة يحظى بمقبولية شعبية، إضافة إلى توفر معايير القدرة والكفاءة في إدارة البلاد".

الرئيس يطالب بمرشح توافقي
من جانبه، دعا رئيس الجمهورية، برهم صالح، المتظاهرين في ساحات الاحتجاج، والكتل السياسية لاختيار من "يرتضوه" رئيساً للوزراء.
وقال صالح، في كلمةٍ له بمناسبة ذكرى الانتصار على داعش: "وفيما نستذكر تلك البطولات التي ما تزال حية نابضة فينا، فإننا جميعاً نعيش الآن أيضاً يوميات تاريخ جديد، تاريخ يكتبه شبابنا وبناتنا في ساحات الاعتصامات والتظاهرات السلمية مطالبين بالعيش الكريم".

الرئيس العراقي يدعو لمرشح توافقي بين المحتجين والكتل السياسية لقيادة الكابينة الوزارية الجديدة والسير نحو المستقبل

وخاطب صالح، المتظاهرين والقوات الأمنية، قائلاً: "اجعلوا من الساحات والجسور نقاط تلاقٍ لا تقاطع، ولا تسمحوا للأعداء بأن يشوهوا تاريخنا وانتصاراتنا من خلال المندسين والمخربين الذين يريدون بالعراق وأهله سوءاً"، مضيفاً: "بعزمكم وهمتكم جميعاً دعونا نكمل معاً مسيرة إصلاح نظامنا وتقويم مكامن الخلل والخطأ بالتأسيس لحكم رشيد".

ودعا الرئيس العراقي المتظاهرين والكتل السياسية قائلاً: "لنتعاون جميعاً من أجل تسمية من نرتضيه ونتفق عليه لتكليفه برئاسة مجلس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة ضمن المدد والسياقات الدستورية تتكفل بحلّ المشكلات وتعيد إعادة إعمار البلد والمؤسسات وتنهض بما يطمح إليه شبابنا وشاباتنا وأطفالنا وكهولنا ونساؤنا، وكلّ أطياف المجتمع العراقي".

خلوّ البرلمان من الكتلة الأكبر

وفي ظلّ المأزق الدستوري، بانعدام وجود الكتلة النيابية الأكبر داخل مجلس النواب، لتسمية رئيس وزراء جديد، أكّد نواب مستقلون أنّ المجلس ما يزال يعاني من وجود هذه الكتلة التي تأخذ على عاتقها التكليف الرسمي لتشكيل الحكومة الجديدة.

النائب محمد الخالدي، أكد لـ "حفريات"؛ أنّ "البرلمان الحالي يخلو من كتلة كبيرة تأخذ على عاتقها التسمية الرسمية لرئيس الوزراء المقبل، وهذه مشكلة تواجه أغلب الكتل السياسية المتصدية داخل البرلمان"، نافياً "وجود تشكيل نيابي جديد يقدم عليه عدد من النواب".

اقرأ أيضاً: الحرس الثوري يقود حملة لتصفية معارضي خط إيران في العراق
وأضاف: "هناك أكثر من 130 نائباً لديهم رؤى مشتركة بشأن قضية اختيار رئيس الوزراء الجديد، وأهم مشتركات هؤلاء النواب، أن يكون المرشح مقبولاً من قبل المتظاهرين، وتنطبق عليه المواصفات التي ينادي بها المتظاهرون ونحن نعمل على ذلك".
وشدّد قائلاً: "سنمانع ترشيح أيّة شخصية لا تنطبق عليها تلك المواصفات، ولن نصوّت لها، لكن هذا لا يعني أنّ هؤلاء النواب شكلوا كتلة أكبر، أو هم من سيرشحون رئيس الحكومة الجديد، وهم ينتظرون ما سيقدمه رئيس الجمهورية، برهم صالح، في القريب العاجل".

ترجيحات بتسمية رئيس الوزراء في نهاية الموعد المحدد

بدورهم، رجح عدة نواب من كتل مختلفة، أن يتمّ حسم اسم مرشح منصب رئيس مجلس الوزراء، في الأيام الأخيرة من الموعد المحدد دستورياً لهذا الأمر.
وقالت شذى وائل، نائبة كردية عن حزب مسعود بارزاني: "الحراك الموجود لدى جميع القوى السياسية، ومن بينها القوى السياسية الكردية، أن يتمّ الاتفاق على شخصية وطنية كفؤة نزيهة، تلبي طموحات الجماهير للتصدي لمنصب رئيس مجلس الوزراء خلال الفترة المحددة دستورياً"، مبينة أنّ "الاجتماعات ما تزال مستمرة، وبشكل مكثف بغية اختزال الوقت وتقريب الرؤى حول الشخصية التي تنطبق عليها المواصفات المطلوبة للمرحلة".

اقرأ أيضاً: العراق... بين انتفاضتين و"بين احتلالين"

وأضافت لـ "حفريات": "عودتنا العملية السياسية ب‍العراق أن يكون اليوم الأخير، من المدة المحددة لأية قضية مهمة أو حساسة، هو الموعد النهائي لحسم تلك القضايا"، لافتة إلى أنّ "الشخصية، وبحسب تلك التجارب السابقة، نتوقع أن يتم حسمها في اللحظات الأخيرة".

فيما رجح النائب عن كتلة السند الوطني، عباس الزاملي، أن يتم تكليف مرشح رئاسة الوزراء، خلال الأيام المقبلة، مشدّداً على أنّ الموضوع في غاية الصعوبة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية