فرانس برس: الإمارات تطمح لنفوذ أكبر بعد 50 عاماً على تأسيسها

فرانس برس: الإمارات تطمح لنفوذ أكبر بعد 50 عاماً على تأسيسها


01/12/2021

بفضل ثروتها النفطية الضخمة ورؤية قيادتها، أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة ذات البدايات المتواضعة مع خيم ومنازل صغيرة مبنية من طين، واحدة من أكثر الدول نفوذاً في منطقة الشرق الأوسط في العقد الأخير.

اقرأ أيضاً: الإمارات واستشراف المستقبل: خط سكة حديد البلطيق نموذجاً

وبعد (50) عاماً على تأسيس دولة الإمارات، فإنّ من أكبر نجاحاتها، بحسب تقرير نشرته أمس وكالة "فرانس برس"، إمارة دبي التي تحوّلت من قرية معروفة بصيد اللؤلؤ إلى محطة استقطاب مالية وسياحية وإعلامية مهمّة في غضون عقود قليلة، حتى باتت مركزاً لمقرّات شركات كبرى يزورها ملايين الأشخاص سنوياً.

وبعدما كان عدد سكانها قبل (5) عقود نحو (300) ألف فقط، يعيش في الإمارات حالياً نحو (10) ملايين شخص، 90% منهم أجانب، وتُعتبر الإمارات نقطة جذب مهمة للمستثمرين والشركات الكبرى.

النظام الفيدرالي الوحيد الفعّال عربياً

وتقول إلهام فخرو من معهد "مجموعة الأزمات الدولية" لوكالة فرانس برس: "مؤسّس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان يؤمن بشدة بالقومية العربية، وعمل على توحيد الإمارات الـ7 في اتحاد واحد"، وتابعت: "تظلّ الإمارات اليوم النظام الفيدرالي الوحيد الفعّال في العالم العربي".

 

حصل نمو سريع للاتحاد الإماراتي منذ السبعينات؛ مدفوعاً بثروته من النفط والغاز، علماً أنّ الإمارات حالياً من بين أكبر منتجي النفط الخام على مستوى العالم

وقد حصل نمو سريع للاتحاد الإماراتي منذ السبعينات؛ مدفوعاً بثروته من النفط والغاز، علماً أنّ الإمارات حالياً من بين أكبر منتجي النفط الخام على مستوى العالم.

اقرأ أيضاً: الإمارات تحتفل بعيد الاتحاد الـ50

وينوّه محللون إلى أنّ "الحِقبة العربية التي انبثق فيها الاتحاد الإماراتي كانت مليئةً بالشكوك والريبة والهواجس من أيّ مبادرة للوحدة وتكامل الكيانات السياسي، ولعلّ قصة نجاح اتحاد دولة الإمارات، بإماراته الـ7، كانت درساً مستقىً من أسباب فشل التجارب الوحدوية العربية، حيث بدت نزعة الاستفراد لدى طرف، أو أكثر، في هذه التجارب سبباً رئيسياً في تقويضها بسرعة، خصوصاً مع اتّساع عامل فقدان الثقة بين أطراف التجارب تلك، وعدم قناعتهم الكافية بأنّ فوائد وثمار الاتحاد تفوق ما قبله، وهذا ما تجنبته الإمارات، فبنت اتحاداً يرى جميع أبنائه وقياداته أنّ قوتهم في قوة هذا الاتحاد وتماسكه وازدهاره".

وبحسب هؤلاء المحللين، فإنّ من العوامل التي مكّنت الاتحاد الإماراتي من تعزيز مكتسباته مع مرور الأعوام عنصر "التراكمية"، وهو وثيق الصلة بعنصر "القيادة". فقد كان استمرار قيادة المُؤسِّس الشيخ زايد للدولة لنحو (4) عقود عاملاً أساسياً في إثراء التجربة الإماراتية، بجميع جوانبها، وعدم انقطاع مراحل نضجها ونموها وتماسكها واستقرارها. لقد تركت شخصية الشيخ زايد وأسلوب قيادته تأثيراً عميقاً في المجتمع الإماراتي. إنَّ حالة الإجماع الإماراتي على الشيخ زايد والإنجاز التنموي والوحدوي الذي كان الشيخ المؤسّس عاملاً أساسياً في بنائه، جعله يحظى بمكانة مركزية في تشكيل الهُوية الإماراتية كـ"أب للأمّة"، التي انتقلت من إمارات متفرقة غير موحدة تعيش على الصيد واستخراج اللؤلؤ وبعض صنوف التجارة والأعمال إلى دولة تنموية مميزة ومتحدة.

النفوذ الإقليمي

وقد استثمرت الإمارات بشكل كبير في النهوض وتطوير اقتصادها (الثاني بعد السعودية عربياً)، إلّا أنّها سعت أيضاً، وفقاً لـ"فرانس برس"، للحصول على نفوذ سياسي إقليمي، في مرحلة فقدت فيها قوى إقليمية تقليدية، مثل مصر والعراق وسوريا، هذا الدور لصالح دول الخليج الغنية.

 

كان استمرار قيادة المُؤسِّس الشيخ زايد للدولة لنحو (4) عقود عاملاً أساسياً في إثراء التجربة الإماراتية، بجميع جوانبها، وعدم انقطاع مراحل نضجها ونموها وتماسكها واستقرارها

وتضيف "فرانس برس": أسّست الإمارات في الأعوام الـ10 الماضية سياسة خارجية تنافسية، ولعبت دور الوسيط في نزاعات في الشرق الأوسط، وحتى في أفريقيا.

وتقول فخرو المتخصصة في شؤون الخليج: "كانت الإمارات العربية المتحدة قلقة بشأن هشاشة وضعها، إذ تحيط بها في المنطقة دول أكبر وأكثر قوّة". وكانت سياستها بعد التأسيس "محايدة نسبياً، لكن منذ الربيع العربي تبنّت سياسة خارجية أكثر نشاطاً، تهدف إلى إعادة تشكيل الأحداث في المنطقة لصالحها".

مزيد من المسؤولية 

وتضيف "فرانس برس": الإمارات وجهة مفضّلة لكثيرين، وخصوصاً الشباب العرب الباحثين عن فرص عمل غير متوافرة في بلادهم وعن حياة أفضل. وتُعتبر الإمارات من أشدّ الدول المعارضة للتطرّف وحركات الإسلام السياسي.

اقرأ أيضاً: النجاح الإماراتي... الشيخ زايد لا يزال يبني

وقد احتلّت الإمارات مكانة رائدة في المنطقة في مجالات ومشاريع الطاقة النووية السلمية والفضاء والطاقة الشمسية والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي ودبلوماسية اللقاحات، والسبق في الإعلان والالتزام بمبادرات "الحياد الكربوني" (2050)، وتعزيز الاستثمار في أنظمة زراعية ذكية مناخياً، أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر غلاسكو الأخير بالشراكة مع دولة الإمارات، بالإضافة أيضاً إلى مبادرات أعلنتها الإمارات بخصوص التسامح الديني وتعزيز التعايش والتنوع.

 

"فرانس برس": أسّست الإمارات في الأعوام الـ10 الماضية سياسة خارجية تنافسية، ولعبت دور الوسيط في نزاعات في الشرق الأوسط، وحتى في أفريقيا

وفي كلمة أمام "مركز الإمارات للسياسات" في أبو ظبي الشهر الماضي، سلّط أنور قرقاش، أحد أبرز وجوه الدبلوماسية الإماراتية في العقد الأخير، الضوء على الدور الدبلوماسي الذي تحاول الدولة الحديثة النشأة تنميته، كما أوردت "فرانس برس".

وقال قرقاش، وهو مستشار للرئيس الإماراتي ووزير دولة سابق للشؤون الخارجية: "لقد رأينا العديد من الفراغات على مدى العقد الماضي؛ ونتيجة لذلك، كانت هناك منافسة على ملء هذه الفراغات، سواء من القوى الإقليمية أو من الجهات الفاعلة غير الحكومية"، في إشارة إلى حركات وأحزاب إسلامية نافذة في المنطقة.

وأضاف: "لا يمكننا (في الإمارات) أن نقف مكتوفي الأيدي (...)"، متابعاً: "بصفتنا جهة فاعلة إقليمية ودولية، نُدرك أنّنا بحاجة إلى تحمل المزيد من المسؤولية حيال تحديد مستقبل منطقتنا".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية