فلسطين تلبي نداء جامعة الموصل

فلسطين

فلسطين تلبي نداء جامعة الموصل


11/12/2018

في محاولة لدعم التعليم في العراق وتعزيز العلاقات بين الشعبين العراقي والفلسطيني، قامت جمعية الصداقة العراقية الفلسطينية ووزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية بإرسال آلاف الكتب والمؤلفات المتنوعة لجامعة الموصل العراقية، التي تعرضت مكتبها المركزية للتدمير من قبل عناصر داعش، الذين احتلوا المدينة وتمكنوا من السيطرة عليها في شهر حزيران (يونيو) 2014، وذلك بعد مبادرة أطلقتها مجموعة طلابية أطلقت على نفسها اسم "عين الموصل"، للتبرّع بالكتب للجامعة المدمرة لإعادة تأهيلها مجدداً.

اقرأ أيضاً: جامعة الموصل تعود للحياة

ورغم معاناة فلسطين من نقص حادّ في أعداد المكتبات والمؤلفات المتنوعة، إلا أنّ حملات وطنية عدة تمّ إطلاقها بداخل الأراضي الفلسطينية لجمع الكتب وإعادة اعمار مكتبة هذه الجامعة.

تمّ إطلاق حملات فلسطينية لجمع الكتب والمساهمة في إعمار مكتبة الموصل

رداً للجميل

سعد خليل، رئيس جمعية الصداقة العراقية الفلسطينية، يقول إنّ "الحملة جاءت مساعدة وتضامناً مع الجمهورية العراقية، ولدعم جامعة الموصل، التي تعدّ من أهم الصروح العلمية والثقافية في العالم العربي، التي كانت لسنوات عديدة تعمل على تزويد الطلبة العرب والعراقيين بالعلوم والمعرفة والفنون، قبل أن تتعرض للخراب والحرق والتدمير من قبل العناصر الإرهابية؛ لطمس معالمها الثقافية والحضارية التي تحملها المكتبة، التي ترفد بها الأجيال المتعاقبة".

مؤسسات تعليمية وثقافية دولية قامت بتلبية نداء جامعة الموصل بدعمها وترميمها

وبين خليل في حديثه لـ "حفريات" أنّ "المبادرة جابت جميع الأراضي الفلسطينية لحشد الدعم والتأييد وجمع أكبر قدر ممكن من الكتب العلمية المتنوعة، وترأس هذه الحملة مجموعة كبيرة وعريقة من الأكاديميين والمثقفين الفلسطينيين لزيارة المؤسسات الثقافية والبحثية والجامعات الفلسطينية، للتبرع لجامعة الموصل بالكتب، لإعادة ربط هذه الجامعة العريقة بالعالم الخارجي؛ لتعود جامعة الموصل، كما عاهدناها سابقاً، مركزاً علمياً ومنارة ثقافية مهمّة".

وأضاف أنّ المبادرة تمكّنت خلال المرحلة الأولية من جمع أكثر من 5 آلاف كتاب في مجال الأدب والتاريخ والجغرافية والثقافة والشعر، وكتب أخرى عديدة، "وقد جرى تسليم الدفعة الأولى من هذه الكتب؛ في شهر أغسطس (آب) الماضي إلى سفيرة الجمهورية العراقية في الأردن، من قبل وفد فلسطيني رفيع المستوى، تمهيداً لتسليمها لجامعة الموصل".

المكتبة المركزية لجامعة الموصل

استجابة واسعة

وأكد خليل أنّه سيتمّ خلال الأشهر المقبلة تجهيز الدفعة الثانية من الكتب، التي يجري تحضيرها وجمعها لتسليمها لجامعة الموصل، "التي تشهد حالياً تحدياً كبيراً لإعادة بنائها بعد التدمير الكبير التي تعرضت له، لتطرح عدة تساؤلات، ويسلّط الضوء على سبب قيام التنظيمات الإرهابية بحرق هذا الصرح العلمي الكبير؟ وما الخطر الذي كانت تشكله الجامعة والكتب العلمية عليهم؟ والتي تعود في معظمها لحقب تاريخية عدة".

اقرأ أيضاً: الموصل تصارع للتخلص من إرث داعش

ويشير إلى أنّ الحملة لاقت قبولاً ودعماً منقطع النظير من قبل المؤسسات، الرسمية وغير الرسمية، في الأراضي الفلسطينية، "الذي ينمّ عن ثقافة هذا الشعب في الوقوف بجوار أشقائه العرب في محنهم ومشكلاتهم، لإصرارهم على تغيير ما حدث بمكتبة جامعة الموصل، ورفدها بالكتب، لمحو آثار وجرائم تنظيم داعش الإرهابي بحق المؤسسات التعليمية العراقية". وتابع قائلاً "للوهلة الأولى؛ كان مشهد جامعة الموصل وقد احترقت بناياتها يمزق قلوبنا جميعاً، كعرب ومثقفين لعراقة هذه الجامعة، وعلى ما تحتويه مكتبتها من مخطوطات وكتب نادرة، التي جرى تحويلها إلى رماد، فكان لا بدّ من تنظيم مثل هذه المبادرات لإعادة الحياة والأمل لهذه الجامعة ومكتبتها العلمية العريقة، لتعود نواة تنبع بالعلم والثقافة في الوطن العربي والشرق الأوسط"

مكتبة الموصل بعد الدمار الذي لحق بها من قبل داعش

وتمنّى خليل "أن تعود الروح لمكتبة الموصل المنكوبة من جديد، وأن تختفي ملامح الدمار عنها، التي سعى الإرهابيون لسلبها، وتغيير ملامحها العلمية، لنشر الجهل والظلام في العراق كاملاً، وأن تعود لهذه الجامعة مكانتها وموقعها، كثروة معرفية ومصدر للإشعاع والتنوير، وبناء العقل العربي لإزالة الظلام الذي أحدثه لإرهابيون بمبانيها العلمية؛ فبالقراءة والمعرفة والعلم تحيا الأمم، وتبني الشعوب حضارتها ووجودها".

 

 

رداً على الإرهاب

من جهته قال أحمد عبد العزيز، عضو رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين إنّ "التجاوب السريع مع حملة الدعم والمساندة مع جامعة الموصل يدل على أصالة الشعب الفلسطيني، وإيمانه بدعم العلم والثقافة والحضارات في الدول العربية الشقيقة، رغم المعاناة والمؤامرات الكبيرة التي تحاك ضدّ الفلسطينيين والعراقيين على السواء"، مضيفاً في حديثه  لـ"حفريات" أنّ "الوقوف إلى جانب العراق وأهله ومؤسساته التعليمية؛ هو واجب على كلّ فسلطيني وعربي يرفض الإرهاب، ويدعم المعرفة بكافة أشكالها للنهوض بهذه الأمة، وأنّ كلّ شيء يتحرّر بتحرّر الكتاب والمعرفة والفكر، باعتبار الجامعات والمراكز العلمية والبحثية في العالم هي أمكنة لصناعة الحياة لطلبتها وروادها".

المبادرة تمكّنت خلال المرحلة الأولية من جمع أكثر من 5 آلاف كتاب في شتى المجالات

يقول عبد العزيز: إنّ "جامعة الموصل هي من الجامعات العريقة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وتعدّ ثاني أكبر الجامعات في العراق، التي تم تأسيسها عام 1959، وتضمّ أقدم الكليات في الوطن العربيّ، ككلية الطب، التي قضى الدمار على معالمها القديمة كاملة، وحوّل كتبها النادرة والنفيسة إلى رماد، دلالة على الوجه الأسود والحاقد للعناصر الإرهابية، التي تحاول القضاء على المسيرة التعليمية والثقافية المزدهرة التي شهدتها العراق منذ أعوام عديدة".

دعت عدة جهات "اليونسكو" والمجتمع الدولي والدول العربية لدعم جامعة الموصل

دعوة لتضافر الجهود

ويتابع عبد العزيز أنّ "مكتبة جامعة الموصل تعد من أكبر المكتبات الثقافية والعلمية في العراق، وكانت تضمّ أكثر من مليون كتاب في المجالات العلمية والثقافية والدينية والشعر والأدب، التي تعود للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، ومن بينها نسخة قديمة للقرآن الكريم، يعود تاريخها للقرن التاسع الهجريّ، واستطاعت الجامعة على مدار أعوام عديدة تخريج العديد من الطلاب المبتعثين إليها من عدة دول عربية، وأنّ ما تمّ من مبادرة لدعم هذه الجامعة يدلّ على روح الشعب الفلسطيني الحيّة، التي ترفض الموت لهذه الجامعة العريقة لتبقى منارة وصرحاً علمياً تزدهر به الأمة العربية".

اقرأ أيضاً: الإمارات تعرض التكفل بإعادة بناء جامع النوري ومنارة الحدباء في الموصل

وحثّ عبد العزيز منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلم "اليونسكو" والمجتمع الدولي والدول العربية، على العمل على دعم جامعة الموصل لتعود لاستقبال طلبتها من جديد، "وضرورة إحياء مكتبتها المركزية ومرافقها المختلفة، كون وجودها عامل رئيس لاستمرار المسيرة التعليمية للطلاب والباحثين العرب والعراقيين"، داعياً إلى تضافر الجهود العربية لإعادة تأهيل الجامعة وتأمين الاحتياجات الأساسية الكاملة لها في أسرع وقت ممكن". وأشار إلى أنّ "المراكز الثقافية والعلمية في العراق، طالما كانت هدفاً للأعداء، لتدميرها وسحقها منذ الاحتلال الأمريكي، العام 2003، حتى سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من العراق، ومن بينها مدينة الموصل، واحتلالها لما يزيد على عامين"

عدة مؤسسات تعليمية وثقافية قامت بتلبية نداء جامعة الموصل

يذكر أنّ مؤسسات تعليمية وثقافية دولية قامت بتلبية نداء جامعة الموصل بدعمها وترميمها؛ فقد تكفلت جامعة بوسطن الأمريكية، وجامعة "سانت أندروز" الأسكتلندية، بدعم وصيانة المكتبة المركزية المنكوبة لترميمها، وكذلك تعهّدت جامعة "برايتون" البريطانية، بقيامها بأعمال رفع الأنقاض وتنظيف الجامعة من الدمار الذي أتى على جميع مرافقها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية