فيلم يسرد أسرار الحياة العاطفية والاجتماعية للمرأة المسلمة

فيلم يسرد أسرار الحياة العاطفية والاجتماعية للمرأة المسلمة


14/02/2018

على مدار نشأتي، لم أرَ حقّاً أيّ شخص يُشبهني على شاشة التلفزيون. كانت هناك قصص معيّنة تظهر في الأخبار من وقت لآخر - تدور حول ضحايا جرائم الشرف. وفي بعض الأحيان، يمكنكَ أن ترى نساء آسيويّات يرتدين ملابس مضحكة ويتحدّثن بلَهْجَات مضحكة؛ وإذا كنتَ محظوظاً حقّاً، فإنّك ربّما رأيت الفتاة التي شعرت باضطّهاد كبير يقع عليها من قِبل دينها وثقافتها إلى حدّ أنّها ولّت هاربة وأصبحت راقصة متعرّية.

لكلّ هذا، باعتباري مخرجة أفلام وثائقيّة، شعرتُ بمسؤوليّة تمثيل غالبيّة النّساء المسلمات البريطانيّات - من أمثالي - الّلواتي ظلّت أصواتهن، حتّى الآن، غير مسموعة في أكثر الأحيان.

نساء يتحدّثن بلا وسيط

إنّ النّساء المسلمات، بشكل لا يمكن إنكاره، هنّ أكثر مجموعة يجري التحدّث بالنّيابة عنها في العالم؛ بل يبدو أنّ المجتمع مشغول جداً بالتحدّث بالنّيابة عن هذه المجموعة الأقلّويّة المقموعة والمسكَتة. إنّهم ينكرون عليهنّ منصّة فعليّة يمكنهنّ من خلالها التحدّث بالنّيابة عن أنفسهم.

باعتباري امرأة مسلمة باكستانيّة بريطانيّة، أقضي نصف وقتي في الاستماع إلى العالم يقول لي إنّني مقيّدة بسبب ديني، أو إنّني لست متديّنة بما فيه الكفاية.

بيغ: الذين يستخدمون النصوص الدينيّة لإساءة معاملة النّساء جهلة بالحسّ السليم ومنعدمو القيم الإسلاميّة

لذلك، خطّطت في فيلمي الأخير، الإسلام والنّساء وأنا، للِقاء أكبر عدد ممكن من النّساء المسلمات، للتحدّث إليهن مباشرة حول طريقة تسيّيرهنّ لهويّتهن الإسلاميّة البريطانيّة وطريقة موازنتهنّ بين عالمين غالباً ما يقدّمان على أنّهما متناقضين.

ولم يكن ذلك مجرّد إعداد لبرنامج تلفزيونيّ جيّد؛ بل كانت هذه هي حياتي أنا.

 

الحياة العاطفيّة والاجتماعيّة للمرأة المسلمة

كان من المهم أن يبدو هذا أصيلاً قدر الإمكان؛ فالاكتفاء بلِقاء نسوة شعرن بالتّمكين بسبب إيمانهنّ، لم يكن ليحقّق شيئاً. كنتُ بحاجة إلى معالجة التصوّرات السلبيّة التي لدى النّاس حول المرأة في الإسلام، وليس تجاهلها أو التّظاهر بأنّها غير موجودة.

لقد أردتُ الّلقاء بالنّساء الّلواتي رأين أنّ الدّين هو بطبيعته يشتمل على كراهية للنّساء، وكذلك النّساء الّلواتي وجدن التحرّر في الإسلام، في محاولة لفهم سبب وجود هذا الانقسام.

باعتباري امرأة مسلمة باكستانيّة بريطانيّة، أقضي نصف وقتي في الاستماع بإنّني مقيّدة بسبب ديني

ونتيجة لذلك، أُلقي الضوء على عدد من الموضوعات المهمّة: نقاش صريح (وإن كان محرجاً قليلاً) حول الجنس؛ عدد من المحادثات الصادِقة والعاطفيّة مع والد يُفرط في حماية بناته؛ وسلسلة مقابلات تعارف ومواعدة كانت لي مع رجال مسلمين.

لم تكن محادثات المواعدة التي حظيت بها مماثلة لما قد يسمعه المرء في أيّ مكان آخر على التلفزيون البريطانيّ. عوضاً عن إنفاق المحادثة الأولى في تحديد أسماء حيوانات أليفة أو هوايات، شملت بعض مناقشاتنا الأولى السؤال عمّا إذا كان من المتوقّع أن أنتقل للعيش مع أمّهاتهم، أو ما إذا كانوا يتوقّعون منّي أن أرتدي ملابس مغايرة بعد الزواج.

شهر التّاريخ الأسود

ولن أنسى أبداً العشاء الذي حضرته للاحتفال بـ "شهر التّاريخ الأسود" [حيث يتم التذكير بالتّضحيات التي قدّمها المواطنون من أصول أفريقيّة لبلادهم]، عندما قالت لي امرأة شابّة بحماسة عن الحجاب: "مهما كان الفعل الذي أوجبه عليّ إلهي، فإنّه يمنحني خياراً. إنّني أرتدي هذا عن حب، وهذه هويتي... وأنا أملكها".

لكن كانت هناك أيضاً لقاءات غير مريحة بشكل لا يمكن إنكاره، بل إن بعضها جعلني أبكي: كان أوّل لقاء أقوم به من أجل البرنامج مع امرأة شابّة اختارت ترك الإيمان كليّة. قالت لي إنّها تشعر بأنّه ليس ثمّة مساواة بين الجنسين في الإسلام وقد أسهم ذلك في تخلّيها عن الدّين حتّى لا "تتلاشى".

وُجّهت إليّ نصيحة مفادها أن أجعل نفسي متاحة كلّما قال لي زوجي إنّه على استعداد

وفي ندوة حضرتها حول الزّواج، وُجهت إليّ نصيحة مفادها أن "أجعل نفسي متاحة كلّما قال لي زوجي إنّه على استعداد". لم أكن مقتنعة بأنّني قد أكون قادرة في أيّ لحظة على التقيّد بهذه التوقّعات التي يفترض أن تلتزم بها "الزّوجة المسلمة الجيّدة" وتركت المحاضرة قلقة حول خلودي الوشيك في العنوسة.

مواجهة البطريركيّة والتنميط

ما الّذي آمل أن يخرج به النّاس من ذلك؟ حسناً، أريد من المجتمع الإسلاميّ أن يفكّر في الأسباب التي تؤدي إلى التّشديد على الجوانب البطريركيّة للإسلام على حساب المزيد من القيم الأساسيّة للمساواة. وهناك الكثير من النماذج النسائيّة الإسلاميّة التي ينبغي على فتياتنا الصغيرات التعرّف إليهنّ من أجل فهم قيمتهن. إنّ حقوقهن أكيدة في الدّين نفسه، ولكن يجري محوها في السّرد الحاليّ.

في "شهر التّاريخ الأسود" يتم التذكير بالتّضحيات التي قدّمها المواطنون من أصول أفريقيّة لبلادهم

أمّا بالنسبة إلى المجتمع غير الإسلاميّ، فأتمنّى أن يخلق البرنامج الوعي بأنّ هناك الآلاف من النّساء المسلمات المؤمنات الّلواتي هن أيضاً نسويّات فعّالات وقويّات وطموحَات ومثقّفات وواثِقات - وقد تعبن من الاضّطرار للدّفاع عن أنفسهن ودينهن. وكما قالت لي الدكتورة أمرا بون، وهي قاضية في مجلس الشريعة، فإنّ الذين يستخدمون النصوص الدينيّة لإساءة معاملة النّساء وقمعهن هم مجرّد جهلة بالحسّ السليم وتنعدم لديهم القيم الإسلاميّة الأساسيّة.

مهرين بيغ، التلغراف


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية