في أيّ سياق جاءت خشية جنبلاط من فرض نشيد الثورة الإيرانية على لبنان؟

لبنان

في أيّ سياق جاءت خشية جنبلاط من فرض نشيد الثورة الإيرانية على لبنان؟


25/11/2018

في احتفال لبنان بعيدِ استقلاله الماسيّ، تصاعدت بين اللبنانيين نبرة التساؤل، الصريح أو المتململ، عن أيّ لبنان يتحدث اللبنانيون اليوم، وكيف ينظرون إلى حاضرهم ومستقبلهم. وفيما قال رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، إن "اللبناني يكاد ييأس من تناتش المصالح، وملَّ الوعود... وواجبنا طمأنته"، واصل الزعيم الدرزي اللبناني رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي"، وليد جنبلاط، تغريداته اللاذعة التي يطلقها منذ أن ازدادت تعقيدات أزمة تأليف الحكومة اللبنانية، والتي كان بدأها بحديث صحفي مطلع هذا الشهر، قال فيه إن إيران تعاقب لبنان بتعطيل الحكومة، كما أوردت صحيفة "الحياة".

اقرأ أيضاً: حزب الله اللبناني يتدخّل في تشكيل الحكومة العراقية
وقال جنبلاط مساء الخميس الماضي عبر "تويتر": "إننا نشكر شركة Alfa (للهاتف النقّال في لبنان) التي أحبّت أن تطربنا بالنشيد الوطني اللبناني في عيد ما يسمى بالاستقلال، على أمل ألّا تفرض علينا في العام القادم نشيد القتل، نشيد البعث السوري أو نشيد جمهورية "الفرح"، عنيتُ الجمهورية السلامية الإيرانية". أما زعيم حزب "القوات اللبنانية، سمير جعجع، فأكد في هذه المناسبة أنّ "الاستقلال يبقى ناقصاً غير ناجز طالما بقي القرار الإستراتيجي العسكري-الأمني خارج الدولة، وطالما بقي سلاحٌ خارج الدولة".

اقرأ أيضاً: لبنان والاستيلاء الإيراني

جنبلاط: "لبنان فيروز وزكي ناصيف انتهى"
وكانت شبكتا الهاتف الخلوي في لبنان، بادرتا أول من أمس، كما نقلت "الحياة"، إلى بث تسجيل للمقطع الأول من النشيد الوطني اللبناني على نظام طلب الأرقام بحيث يسمعه طالب الرقم قبل رنّة الهاتف عند الطرف الثاني الذي يتصل به، احتفاء بعيد الاستقلال اللبناني الخامس والسبعين.
جنبلاط أطلق سلسلة تغريدات في الأسبوعين الماضيين، بينها إشارته إلى "مطامع وأحقاد دول الطوق والممانعة"، متهماً إياها بالتسبب بهجرة الشباب اللبناني. كما نعى في إحداها اتفاق الطائف، وقال إنّ "لبنان فيروز وزكي ناصيف انتهى".

اقرأ أيضاً: تفاصيل إحباط مخطط إرهابي في لبنان

عون "يصطدم" بإصرار الفرقاء على مواقفهم
وقد عكست أجواء الخلوة الثلاثية التي جمعت رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في قصر بعبدا الخميس الماضي في ذكرى الاستقلال الواقع المأزوم للمشهد الحكومي؛ إذ لم يسجل أي خرق في جدار حل عقدة نواب السنة الستة الذين يطالبون بتوزير واحد منهم بدعم من "حزب الله"، على ما قالت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ "الحياة". ولفتت المصادر المقربة من قصر بعبدا إلى أنّ رئيس الجمهورية لا يألو جهداً في محاولة تفكيك العقد، لكنه يصطدم بإصرار كل فريق على موقفه.
الحريري يتهم نصرالله بتعطيل الحكومة
وفي منتصف الشهر الجاري ردّ الرئيس المكلف بتأليف الحكومة اللبنانية، سعد الحريري على ما وصفه بـ"التهديدات" التي أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله قبل أسابيع متهماً قيادة الحزب بأنها أخذت قراراً بـ "تعليق تأليف الحكومة"، عبر إصراره على تمثيل النواب السنّة الستة الحلفاء له والمنضوين في "اللقاء التشاوري".

أطلق جنبلاط سلسلة تغريدات بالأسبوعين الماضيين من بينها إشارته إلى أنّ "دول الطوق والممانعة" تسببت بهجرة الشباب اللبناني

واستخدم الحريري حينها نبرة عالية في تعليقه على الهجوم الذي شنه نصرالله ضده، وقدم روايته المختلفة عن رواية نصرالله حول المفاوضات في شأن مطلبه تمثيل هؤلاء النواب السنّة الستة في الحكومة. وكشف الحريري أن "الكل كان ينتظر إعلان الحكومة مساء التاسع والعشرين أو في الثلاثين من الشهر الماضي، والرئيس نبيه بري وأنا كنا جاهزين للذهاب إلى قصر بعبدا". وأوضح أنه اصطدم بحاجز كبير، أكبر بكثير من النواب الستة عبر عنه نصرالله. وتابع: "يعتبرون أن دساتير الأحزاب والطوائف يجب أن تتقدم على دستور الدولة". وذكر الحريري أنه "أبو السنّة في لبنان، وأعرف مصلحتهم، ولن نقبل أي طغيان من السنّة على الطوائف الأخرى لأننا لا نقبل بأي طغيان عليهم".

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة تهرّب إيران الأسلحة لحزب الله اللبناني

الحريري فتح باباً على مخرج حول مسألة تمثيل فرقاء من غير "تيار المستقبل"
لكن الحريري فتح باباً على مخرج حول مسألة تمثيل فرقاء من غير "تيار المستقبل"، وقال: "غير صحيح أنني أحتكر تمثيل السنّة، والدليل أن هناك سنّياً يسميه رئيس الجمهورية، وهناك سنّي اتفقت عليه مع الرئيس نجيب ميقاتي، الوحيد الذي أتى إلى الاستشارات على رأس كتلة".
وشدد على أنّ المشكلة داخلية وليست خارجية، وحين قيل له إن وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء ذكرت أنّ لخطاب نصرالله أبعاداً إقليمية، قال إنّ جريدة "المستقبل" ترد عليهم.

اقرأ أيضاً: كيف تمكّنت الشابة ميشيل حجل من توحيد لبنان المنقسم؟
من جانبها، ذكرت صحيفة "النهار" اللبنانية أن الحكومة توقفت على ما سمي بـ"عقدة سنّة 8 آذار"، وها هي تجر البلد الذي يحتفل بالذكرى الـ75 للاستقلال معها، فيعيش أهله الفراغ الحكومي على وقع الخلاف بين مشاريع تكرّس الإنقسام ولا تفتح على أي أفق للحل. وتابعت "النهار" بالقول إنّ ذكرى الاستقلال تحلّ والبلد يعاني جروحاً لا أحد قادر على تضميدها أو تفكيك آلة التعطيل الداخلية المرتبطة على ما يبدو بالتزامات خارجية ورهانات لا تقف عند حدود العقوبات الأمريكية (على إيران)، بل تتعداها إلى احتمالات مفتوحة على المواجهة قد يكون لبنان أحد أهدافها.
الجيش اللبناني والمصرف المركزي
وفي مقابل الحديث السابق، ينبّه محللون بأنّ "للعرب والأمريكيين والفرنسيين حصصاً لبنانية لا يستهان بها، وأدواراً لا يمكن استبدالها"، بحسب ما يرى الصحفي اللبناني ساطع نور الدين، في صحيفة "المدن" الإلكترونية. ويؤكد نور الدين أنّ هذا المعطى، برأيه، "هو ما لا يسمح لإيران ولا لحلفائها اللبنانيين أن ينسخوا تجربة اليمن الأخيرة في لبنان، على سبيل المثال، ولا أن يمسوا المؤسستين اللبنانيتين الوحيدتين اللتين تختزلان الاستقلال الوطني في حالته الراهنة، وهما الجيش والمصرف المركزي".
لبنانات غير قابلة للتلاقي
وفي تعليقه على هذا السجال السياسي والطائفي في لبنان يلفت الكاتب اللبناني حازم صاغية في مقال نشره موقع "24" إلى أن "الاستفحال الطائفي بات يتخذ أشكالاً متزايدة التوكيد والفجور"، ويضيف (يكفي القول، مثلاً لا حصراً، إن تجرّؤ "حزب الله" أخيراً على تسمية مَن يمثل الطائفة السنية في الحكومة يُعد نقلةً نوعيةً في ذاك الاستفحال. ولا نضيف جديداً إذا قلنا إنّ شيئاً كهذا ما كان ليحصل لولا الاستقواء بسلاح لا يملكه إلا الحزب المذكور).

عكست أجواء الخلوة الثلاثية التي جمعت رئيس الجمهورية اللبناني ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة بذكرى الاستقلال الواقع المأزوم للمشهد الحكومي

وذهب صاغية في مقال آخر نشره موقع "درج" إلى التركيز على أن الصراع هو على الهوية والدور وعلى العلاقة مع الذات والنظرة إلى العالم، وكيف ينظر اللبنانيون إلى حاضرهم ومستقبلهم، وفي هذا الإطار يقول صاغية: ("أيّ لبنان نريد؟"، (هو) السؤال الذي كان بيار الجميّل، الجَدّ، يُكثر من طرحه، أُجيبَ عنه سلباً وبالممارسة وأكثر من مرّة: كلٌّ منّا يريد لبنان ما، وهذه اللبنانات التي نريدها غير قابلة للتلاقي، أو حتّى التقاطع في ما بينها). واستطرد المعلّق اللبناني بالقول: (مختلفون نحن في ما خصّ الماضي، وفي ما خصّ تأويله أيضاً، على ما علّمنا كتاب أحمد بيضون المرجعيّ "الصراع على تاريخ لبنان". مختلفون بالطبع في الحاضر وعليه: بشقّ النفس تمكنّا من انتخاب رئيس للجمهوريّة، وبشقّ النفس نحاول التوصّل إلى حكومة ونفشل في ذلك. مختلفون أيضاً على المستقبل، على موقعنا منه وموقعه منّا).

اقرأ أيضاً: فيلم "بيروت": السرديّة الأمريكيّة عن الحرب الأهليّة اللبنانيّة
هل تكون المفاجأة من خلال تمسك الرئيس عون بمواقفه وصلاحياته؟

هل يضرب عون على الطاولة انتصاراً لصلاحياته؟
وفي تحليل نشره نجم الهاشم على الموقع الإلكتروني لحزب "القوات اللبنانية" أول من أمس، قال إن "حزب الله" يخشى اليوم أن يختلف موقف العهد العونيّ في حال ارتفاع حدة الضغوط الدولية على الحزب مع سريان العقوبات الأمريكية على إيران، ولذلك هو يريد أن يشكّل (بالتعطيل أو تمثيل سنّة 8 آذار) نقاط قوة لحماية نفسه، خصوصاً أنه يتوقع أيضاً مواجهة الحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في ربيع العام المقبل.

اقرأ أيضاً: اليمن للبنان: اكبحوا جماح حزب الله
ويتساءل الهاشم: "هل سيستطيع الحزب أن يستمر في التعطيل؟ وهل سيبقى الرئيس عون صامتاً وهو يرى سقوط عهده ووعوده؟ وإذا كان الحزب يريد أن يقع الخلاف بين الرئيسين عون والحريري، فهل تكون المفاجأة من خلال تمسك الرئيس عون بمواقفه وصلاحياته بحيث يضرب على الطاولة ليقول: إنّ القرار له ولن يشرك فيه أحداً؟".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية