في إيران.. لماذا يقف كل هؤلاء ضد دخول النساء إلى الملاعب؟

في إيران.. لماذا يقف كل هؤلاء ضد دخول النساء إلى الملاعب؟


18/09/2019

ترجمة: الشيماء أشيبان


الذين يعارضون حضور النساء في الملاعب في إيران ليسوا فرداً أو مجموعة واحدة أو مؤسسة؛ إنّهم شبكة من السلطات النافذة من رجال دين كبار ومرجعيات تقليدية وقادة في الحرس الثوري والشرطة ومدَّعين عامين وقضاة ووسائل إعلام موالية ووعاظ وأئمة جمعة وممثلي المرشد الأعلى في مختلف مؤسسات الجمهورية الإسلامية..، إنّ هؤلاء هم من يقفون في وجه دخول النساء إلى الملاعب.

اقرأ أيضاً: إيران والأحلام المستحيلة!

حتى السلطات الحكومية والمسؤولون في وزارة الرياضة والشباب واتحاد كرة القدم الإیرانیة الذين أعربوا عن موافقتهم على دخول النساء إلى الملاعب، فإنّ مواقفهم المواربة والغامضة ساهمت بشكل غير مباشر في دعم موقف الطرف المعارض، كما أنّهم في بعض الحالات لم يتوانوا عن إعلان مخالفتهم للأمر حين رأوا الظرف مناسباً لذلك.
فمن هم أفراد هذه الشبكة وما هي مؤسساتها؟ ولماذا رفضها مؤثر ومصيري في دخول النساء إلى الملاعب؟

تعتبر المرجعيات التقليدية المقيمة في مدينة قم الدينية أشدّ المخالفين لدخول النساء الى الملاعب

مراجع التقليد يتصدرون الصفوف الأمامية للمعارضين

تعتبر المرجعيات التقليدية المقيمة في مدينة قم الدينية أشدّ المخالفين لدخول النساء الى الملاعب، وتعتبر آراؤهم حجّة للمخالفين في طرحهم وعائقاً أمام المؤيدين في تفعيل وجهة نظرهم على أرض الواقع.
وتدور فكرة المرجعيات التقليدية في هذا الشأن على أنّ دخول النساء الى الملاعب يناقض الشرع؛ إذ يقول أحد رجال الدين النشطين، المقيم في قُم والبالغ من العمر 93 عاماً وهو ناصر مكارم الشيرازي: "الأجواء في الملاعب غير مناسبة للنساء، واختلاطهن بالشباب سيؤدي إلى مشاكل أخلاقية واجتماعية، كما أنّ في بعض أنواع الرياضات يرتدي الرجال ملابس غير ملائمة أمام النساء، وبما أنّه يمكن مشاهدة هذه البرامج على وسائل الإعلام فإنّه لاضرورة لدخولهن إلى الملاعب".

تعتبر المرجعيات التقليدية المقيمة في مدينة قم الدينية أشدّ المخالفين لدخول النساء إلى الملاعب

لطف الله صافي گلبیگانی (101 عام)، رجل الدين الأكثر تشدداً حول هذا الموضوع وأكثر رجال الدين نفوذاً في قُم، يذهب بعيداً حين يقول "إنّ وضعية النساء في الجمهورية الإسلامية مخالفة للإسلام". ويؤكد "لا فخر في تواجد النساء في الملاعب ولابد من حفظ الحدود بين الرجل والمرأة".
ومن بين المراجع الكبار السابقين المخالفين لتواجد النساء في الملاعب: محمد فاضل لنكراني وميرزا جواد تبريزي.
أهمية معارضة مراجع التقليد لهذا الأمر لا تتجلى فقط في تأثيرهم ونفوذهم بين مقلديهم (وإن كانت هذه أيضاً لها أهميتها)، بل في عدم قدرة أي مسؤول في الجمهورية الاسلامية بمن فيهم مسؤولون في الحكومة والاتحادات الرياضية على الوقوف في وجههم وتعريض أنفسهم ومراكزهم للخطر.
لطالما سعت الحکومات المتعاقبة في الجمهوریة الإسلامیة إلى إرضاء رجال الدين ومراجع التقليد لتضمن بذلك تسيير شؤونها، ولطالما وفرت لهم الغطاء لفتاواهم  في الأمور الشرعية مقابل حصولها على الحماية منهم.

لطف الله صافي گلبیگانی

أئمة الجمعة والخطب المعادية للمرأة

يعد أئمة الجمعة من المخالفين المهمين والمؤثرين في قضية دخول النساء الى الملاعب، خاصة أئمة الجمعة في المدن الكبرى مثل؛ طهران، أصفهان، قم، مشهد؛ فآراء هؤلاء تشكل ضغطاً كبيراً على المسؤولين الذين يبدون موافقة أو قبولاً لتواجد المرأة في الملاعب.

اقرأ أيضاً: حرب إيران التجريبية في مواجهة العالم
يقول أحمد علم الهدى وهو إمام جمعة مدينة مشهد الدينية المتشدد "أن يجتمع مجموعة من الشباب والشابات ويشتعل الحماس فيهن ويصفقن ويصفرن ويقفزن في الهواء هذا يسمى ابتذال، والابتذال من مظاهر الخطيئة".
أما محمد سعيدي إمام جمعة مدينة قم فيقول "مراجع التقليد يعارضون دخول النساء إلى الملاعب ولا يجب مناقشة هذا الموضوع مجدداً".

لطالما سعت الحکومات المتعاقبة في إيران إلى إرضاء رجال الدين ومراجع التقليد لتضمن بذلك تسيير شؤونها

نادراً ما تجرأ مسؤول في المدن الكبرى على الوقوف في وجه أئمة الجمعة؛ فهذا كفيل بأن يعرضه إلى الإقصاء أو العقوبة من طرف هذا الإمام وممثل علي خامنئي في المدينة، ولا يوجد أي مسؤول في المدينة أو المحافظة  مستعد لأن يضع نفسه في هذا الوضع.
أما في  المدن الصغرى والقرى؛ حيث يتمتع أئمة الجمعة وممثلو الولي الفقيه بسلطة أقوى من المدن الكبرى إلا أنّ المسؤولين المحليين رغم الضغط الهائل عليهم استطاعوا اعتماداً على العرف السائد هناك من السماح للنساء بالدخول إلى الملاعب في بعض الأحيان.

ممثلو الولي الفقيه في الحرس الثوري

جزء آخر مهم من المخالفين وهم ممثلو الولي الفقيه في الحرس الثوري والإدارات الحكومية والذين يسيطرون فيها على منابر مؤثرة عدة.
عبد الله حاجي صادقي ممثل الولي الفقيه في الحرس الثوري صرح خلال السنة الماضية أنّ حضور النساء في الملاعب "مدخل للخطائين"، واتّهم الذين يصدرون التراخيص بأنّهم يريدون استغلال حضور النساء في الملاعب حتى يشعر الآخرون بالسعادة.

اقرأ أيضاً: من سيغلب: "الحد الأقصى" من ضغوط واشنطن أم "حافة الهاوية" الإيرانية؟
إنّ معارضة ممثل الولي الفقيه في الحرس الثوري لحضور النساء في الملاعب ليست ذات أهمية تذكر من الناحية الدينية خارج أسوار الحرس لكنها مؤثرة وشديدة الأهمية داخله.
فمخالفته  في هذه القضية تعني عملياً أنّ الحرس الثوري بكل تفرعاته ومؤسساته الواسعة المنضوية تحته بكل وسائله وإمكاناته سيعمل على تفعيل وجهة نظره على أرض الواقع في المدن التي ينشط فيها وسيكون ذاك السد المنيع أمام تواجد المرأة في الملاعب الرياضية.

المدعي العام والمدعون العامون في المحافظات القضاة الفعليون في اعتقال النساء

محمد جعفري منتظري، المدعي العام الإيراني، واحد أبرز المخالفين وضوحاً في هذا الشأن، صرّح بأنّ حضور النساء في الملاعب هو مثال لتغلغل العدو، والهدف منه هو القضاء على المقاومة وإذا استمر هذا الموضوع فإنّه سيتم التعامل معه قضائياً.

وفرت الحكومات في الجمهورية الإسلامية الغطاء لرجال الدين وفتاواهم في الأمور الشرعية مقابل حصولها على الحماية منهم

وتفوق أهمية معارضة المدعي العام في البلاد لموضوع دخول النساء إلى الملاعب البعد النفسي والسياسي كأهم محاكم البلاد، إلى كونه يقود شبكة من المدعين العامين في أنحاء البلاد وهؤلاء قادرون خلال دقائق على إصدار مذكرة اعتقال في حق أي شخص ومنهم النساء اللاتي يحاولن دخول الملاعب.
وكما هو معروف فإنّ أهم الاعتقالات التي طالت النساء في الملاعب والأماكن التي حولها تتم بأمر من محمد جعفري منتظري ووسيلته في ذلك الشرطة.

قوات الشرطة المخالفة لحضور النساء إلى الملاعب والمعتقلة لهن أيضاً

تتصدر قوات الشرطة الصف الأول في اعتقال الفتيات اللواتي يحاولن الدخول إلى الملاعب، وأكبر عملية اعتقال كانت عام 2018 حين سعت مجموعة من النساء الدخول إلى ملعب آزادي في طهران.
في السنوات الأخيرة كل النساء اللواتي حاولن الدخول إلى الملعب  لمشاهدة دربي طهران بشكل خاص تم اعتقالهن من طرف الشرطة وأصبحت، فيما بعد، كل الفتيات اللواتي يحاولن تكرار التجربة يعرفن بـ "فتيات آزادي" أو "فتيات الحرية".

اقرأ أيضاً: ضرب منشآت النفط السعودية.. النيران تتسع وأمريكا تتهم إيران والعراق ينفي
وأدى هذا بطبيعة الحال إلى أن تزيد الشرطة من تشديد إجراءاتها في اعتقال الفتيات سواء خارح الملعب أو حوله وأحيانا من داخله.
ويعرف قادة الشرطة أنفسهم على أنّهم منفذون للقانون وليسوا مشرعين له، لكن هناك حالات أظهروا تأييدهم لرأي السلطة في قرار المنع؛ إذ يقول العميد حسن اشتري قائد قوات الشرطة في دفاعه عن هذا القانون: "معارضة حضور النساء في الحفلات الموسيقية والملاعب والدفاع عن القيم نابع من وظيفة ذاتية وشرعية لقوات الشرطة". وهنا تظهر حقيقة أن رؤساء الشرطة ليسوا فقط منفذين للقانون بل هم من مؤيديه أيضاً.

"الباسيج" اليد اليمنى للشرطة في اعتقال النساء

قوات الباسيج أكثر المؤسسات شبه العسكرية في إيران انتشاراً ودائماً ترى أثرها في أي تجمع تُنتقد فيه الحكومة، وإضافة إلى تعاونها مع الشرطة في اشتباكها مع النساء اللواتي يحاولن دخول الملعب؛ فإنها تبرر أيضاً هذا المنع وتدعمه.
ويعتبر الشق النسائي لهذه القوات، شبه العسكرية، أكثر نشاطاً وفعالية في التصدي للنساء اللواتي يردن دخول الملاعب وجاء على لسان رئيسة قوات التعبئة بفرعها النسائي مينو أصلاني "حضور النساء له أضرار وعواقب سيئة، وفي ظل المناخ غير الأخلاقي في الملاعب من سيتحمل المسؤولية إذا تعرض شرف الناس للاعتداء؟"
الباسيج وفقاً لقانون وعرف الجمهورية الإسلامية له الحق في اعتقال من يراه مخالفاً بمن فيهم النساء باعتباره سلطة قضائية، سواء كان ذلك في وجود الشرطة أو في غيابها .

القضاة والمحققون

جزء آخر من شبكة المعارضين لدخول المرأة إلى الملاعب هم المحققون والقضاة والذين يحققون في قضايا النساء اللواتي اعتقلن أثناء محاولتهن دخول الملعب.
وفي آخر قضية وهي وفاة سحر خداياري كان قد حكم عليها القاضي بستة أشهر بالسجن ولم يعن باعتراضها على الحكم، وكان هذا سبباً مهماً في إضرام النار في جسدها الذي أدى لاحقاً إلى وفاتها.

مجلس أمن الأقاليم.. إصدار ترخيص دخول النساء إلى الملاعب في يد مجلس أمن الدولة

تقع على عاتق المجالس الأمنية في كل محافظة ومدينة وظيفة اتخاذ القرار حول المسائل الأمنية، أو ذات الطابع الأمني والتي ليست أمنية في حد ذاتها، مثل حضور جمهور المتفرجين في الملاعب، خاصة في الألعاب المهمة.
في كل أنحاء إيران تعارض هذه المجالس الأمنية بشكل واضح دخول النساء إلى الملاعب وحسبما يدل اسمها المركب فإن لهذه المجالس طابعاً أمنياً واستخباراتياً.
وتتجلى أهمية معارضة هذه المجالس كونها هي الجهة المسؤولة على إصدار التراخيص في هذا الشأن، وفي أغلب الحالات أصدرت قرارات بمنع النساء- إلا استثناءات قليلة – من الدخول إلى الملاعب وقامت قوات الشرطة والقوات المسلحة بتنفيذ القرار.

اقرأ أيضاً: بأي معنى جاءت العقوبات الأمريكية ضدّ إيران؟
وتجدر الإشارة إلى أنّ المجلس عارض الإجراء العام المعمول به الذي لايسمح بدخول النساء إلى الملاعب وأصدر تصريحاً لعدد من النساء لحضور مباراة المنتخب الوطني الإيراني مع منتخب بوليفيا في ملعب آزادي وكانت هذه الموافقة  نوعاً من الدعاية للمجلس.

وسائل الإعلام ووکالات الأنباء الموالية للسلطة

تلعب وسائل الإعلام ووكالات الأنباء دوراً فعالاً في الدعاية لقضية دخول النساء إلى الملاعب.
عادة كلما زاد الضغط الاجتماعي واتجهت الأفكار العامة للمجتمع نحو السماح للنساء بالدخول إلى الملاعب، تقوم هذه الجهة ممثلة في الإذاعة والتلفزيون ووكالات الأنباء المقربة من السلطة بإنتاج برامج خاصة تتحدث عن أضرار هذا الأمر بشكل مباشر أو غير مباشر عبر تسليط الضوء على أضرار دخول النساء إلى الملاعب ومنافاة ذلك للشرع أو أنّ الملاعب ليست مناسبة لحضور النساء.
سعت بعض وسائل الإعلام وفي قضايا مثل؛ حادثة وفاة سحر خداياري الملقبة بـ "فتاة الأزرق" عبر إعداد تقارير تؤيد فيها رواية السلطة الحاكمة، إلى التعامل مع الحادث من منظور أمني- إعلامي. وكان هذا واضحاً وجلياً في وسائل الإعلام المقربة من السلطة حيث أكدت أنّ وفاة "فتاة الأزرق" لها أسباب شخصية وعائلية ولا علاقة لها بموضوع معارضة دخول النساء إلى الملاعب.

سحر خداياري الملقبة بـ "فتاة الأزرق"

مسؤولو وزارة الرياضة والشباب والاتحادات الرياضية: من الصمت إلى المواقف المبهمة والمزدوجة

تعتبر وزارة الشباب والرياضة التي تنضوي تحتها كل إدارات التربية البدنية المدير الأصلي لكل الملاعب الرياضية في إيران.

نادراً ما تجرأ مسؤول في المدن الكبرى على الوقوف في وجه أئمة الجمعة فهذا كفيل بتعريضه للإقصاء أو العقوبة

المسؤولون الكبار في الوزارة والاتحادات الرياضية خاصة اتحاد كرة القدم يلعبون دوراً مزدوجاً فيما يتعلق بموضوع حضور النساء في الملاعب .
مهدي تاج، رئيس اتحاد كرة القدم الإيراني، وبالرغم من أنه المسؤول المباشر على هذا الموضوع وبرغم تأييده حضور النساء  في الملاعب، إلا أنّه عادة ما يتستر وراء عبارات مبهمة ومزدوجة.
يقول مهدي تاج: "حضور النساء في الملاعب من الحقوق المعروفة للنساء في العالم" ويقول أيضاً "حضور النساء يحتاج قراراً من كل الجهات المعنية".
لكن حين يلتقي بالمعارضين يقول:"ملاعبنا غير مؤهلة لاستقبال النساء وهذا الموضوع حالياً ليس أولوية للمرأة والمجتمع".
صحيح أنّ المسؤولين الكبار في الوزارة يوافقون على حضور النساء في الملاعب من جهة ويقولون إنّ هذا من حقهن، إلا أنّهم من جهة أخرى يؤكدون أنّه من الضروري  الحصول على موافقة مراجع التقليد والجهات القانونية في هذا الشأن.
  وبما أنّ هؤلاء معروفون بمخالفتهم الشديدة لحضور النساء في الملاعب إلا أنّ المسؤولين في الوزارة يتجنبون القيام بأي إجراء عملي في هذا الخصوص.

حسن روحاني.. الوعود الانتخابية وواجبات رئيس الجمهورية

من القضايا المحورية في الدعاية الانتخابية الرئاسية للرئيس حسن روحاني كان موضوع المرأة، وفي خطابه الانتخابي الذي ألقاه يوم 6 أيار (مايو) 2017  في  قاعة" آزادي" التي تسع 12 ألف شخص وقف أمام جمهور من النساء اللواتي أتين يدعمن حملته وقال: "لماذا لا تملك هؤلاء النسوة المليئات بالحماس الحق في الحضور إلى الملاعب الرياضية؟"
وقال أيضاً أثناء الانتخابات "إذا دخلت النساء إلى المشهد الانتخابي فإننا سنفوز".
لكنه بعد الانتخابات تعامل مع الموضوع مثلما تعامل المسؤولون الكبار في وزارة الرياضة والاتحادات الرياضية حين وقفوا وجهاً لوجه أما مسألة منع دخول المرأة الى الملاعب؛ إذ تعاطى هو أيضاً مع الموضوع من زاوية أنّه استغله  للظهور كرئيس موال لحقوق المرأة في خطاباته.

خامنئى عمل مؤيداً لآراء وإجراءات لأشخاص قام هو بتعيينهم في مؤسسات تؤيد قرار منه دخول النساء إلى الملاعب

کما تمت الإشارة أعلاه فإنّ الدعاية الانتخابية للرئيس روحاني في سباق رئاسة الجمهورية خلال الدورتين 2013 و 2017  قامت على موضوع حقوق المرأة.  والوعود التي تم ذكرها سابقاً كان عليه استغلالها في معركته الانتخابية لكسب أصوات الفتيات والنساء لكن ما لم يكن يوضحه آنذاك هو كيف سيتم الضغط لتحقيق هذه الوعود بعد الانتخابات.
حال هذه الوعود كحال بعض الوعود الانتخابية الأخرى التي أطلقها روحاني منها رفع الحظر عن زعماء الاحتجاجات عامي 2009/2010  والتي أكد منتقدوه أنّه لم يفِ بها.
في الحقيقة بعد الانتخابات وأثناء فترة الرئاسة الجمهورية عادة ما يشير حسن روحاني في خطاباته إلى حق المرأة في دخول الملاعب وإلى توجيهاته التي يبعث إلى أعضاء حكومته حول هذا الشأن، لكنه كرئيس للجمهورية ورئيس للسلطة التنفيذية ورئيس لكل الوزارات بما فيها وزارة الرياضة لم يأت على ذكر أي إجراء عملي لتحقيق الحضور الدائم للنساء في الملاعب، كما أنه إذا كان يرى نفسه المسؤول عن تطبيق القانون الأساسي، فما هي الإجراءات التي اتخذها لإنهاء حالة المعارضة؟

اقرأ أيضاً: إيران النووية تهدد الوضع البشري
وقد سار وزير الرياضة في حكومة روحاني مسعود سلطاني فر أيضاً على نفس خطى  رئيس الجمهورية  حين واجهته ضغوط الفيفا بشأن دخول النساء إلى الملاعب فقال "كل بلدان العالم لها قوانينها الداخلية الخاصة بها، وإضافة إلى ذلك فإنّ المؤسسات الدولية أيضاً تراعي القوانين والاعتبارات الثقافية الداخلية للدول".
تقول شهيندخت مولاوردي النائبة السابقة لشؤون المرأة والأسرة في رئاسة الجمهورية "حكومة روحاني وبسبب احترامها للمراجع الدينية لم تتابع موضوع حضور المرأة في الملاعب".
أما معصومة ابتكار النائبة الحالية لشؤون المرأة في رئاسة الجمهورية في حديثها عن الإجراءات التي قامت بها المؤسسة التي ترأسها في متابعتها لحالة "سحر خداياري" بعد أن أضرمت النار في جسدها  أنّها أرسلت أحد مساعديها إلى المستشفى للقاء الفتاة وأنه أعد تقريراً كتابياً لإرساله إلى السلطات القضائية.
وفي الجلسة الحكومية أيضاً تحدث وزير الرياضة عن التدابير الخاصة لدخول النساء إلى الملاعب.

خامنئي قائد المؤسسات والشخصيات المعارضة لحضور النساء

وأخيراً، يبقى موقف آية الله خامنئي كقائد وكأقوى شخص في الجمهورية الإسلامية مؤثراً في موضوع دخول النساء وذلك من خلال زاويتين: الأولى، حين كان محمود أحمدي نجاد رئيساً للجمهورية وتحدث آنذاك عن تواجد النساء في الملاعب وقامت المراجع الدينية بمعارضة هذا الأمر، قال خامنئى إن آراء المرجعيات التقليدية تُحترم، وصوت لصالح المعارضین لدخول النساء للملاعب وبعث بمعارضته هذه إلى المرجعيات التقليدية.
أما الزاوية الأخرى فهو مكانته كموجّه أعلى لكل المؤسسات والشخصيات في الجمهورية الإسلامية الذين يخالفون دخول النساء إلى الملاعب؛ فالقاء نظرة على مجموعة المؤسسات السيادية التي تحول دون هذا الأمر تظهر أنّ هذه الشبكة تعمل برعايته وتأتمر بأمره.

اقرأ أيضاً: أجندات الإخوان وإيران تتواءم على أرض اليمن
خامنئى لم يستغل سلطاته وخياراته اللامحدودة في الجمهورية الإسلامية لحل مشكلة دخول النساء إلى الملاعب فقط، بل عمل مؤيداً لآراء وإجراءات لأشخاص قام هو بتعيينهم في مؤسسات تؤيد قرار المنع.
كما أنّ العديد من المنابر الرئيسية التي تغذي أفكار المعارضين هو من يقوم بتعيين القائمين عليها سواء بشكل مباشر منه أو بواسطته.

وفي الأخير، إنّ إلقاء نظرة على كل المؤسسات الرئاسية وغير الرئاسية والعسكرية والاستخباراتية والأمنية، الدعائية والدينية والحكومية وغير الحكومية التي تعمل تحت إمرة روحاني أو خامنئى تكشف أنّ المعارضين لدخول النساء إلى الملاعب وما ترتب عنه من أحداث أخيرة أدت إلى إحراق سحر خداياري الملقبة "بفتاة الأزرق" نفسها وبالتالي وفاتها، لم يأت نتيجة قرار شخص أو مؤسسة؛ بل جاء نتيجة مباشرة وغير مباشرة لقرارت وتدابير مجموعة من الأفراد والمسؤولين والمؤسسات في الجمهورية الإسلامية والتي تعمل على شكل شبكة مترابطة يلعبون فيما بينهم دور المكمل والحامي ليظهر كل هذا بشكل عملي في "منع النساء من الدخول الى الملاعب".


مراد ويسي
صحفي وعضو تحرير في موقع راديو فردا الإيراني المعارض

رابط المقال باللغة الفارسية:
https://www.radiofarda.com/a/network-of-who-are-against-presence-of-Iranian-women-in-stadiums/30158693.html



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية