في الهند ملايين المسلمين مهدّدون..لماذا؟

في الهند ملايين المسلمين مهدّدون..لماذا؟


31/07/2018

استبعدت الهند، أمس، أكثر من أربعة ملايين شخص من مسودة قائمة بأسماء المواطنين في ولاية آسام الحدودية؛ لأنهم لم يتمكنوا من تقديم وثائق سليمة، وذلك في تحرك يؤجج المخاوف بشأن مستقبل الآلاف في المنطقة.

الهند تستبعد أكثر من أربعة ملايين شخص من مسودة قائمة بأسماء المواطنين في ولاية آسام الحدودية

وجرى تشديد الإجراءات الأمنية عبر الولاية المتاخمة لبنغلادش، فيما يخشى آلاف المسلمين الذين يتحدثون البنغالية من إرسالهم إلى مراكز احتجاز أو ترحيلهم، وفق ما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء.

وقالت الحكومة: إن المسودة لا تهدف لطرد الناس، وإن من لم تدرج أسماؤهم في القائمة، سيحصلون على فرصة لإعادة التقدم بأوراقهم.

وقال سايليش، مفوض تعداد السكان في جواهاتي، كبرى مدن الولاية، للصحفيين: "بناء على هذه المسودة، لا يوجد مجال لإحالة أي شخص إلى مراكز احتجاز أو لمحاكم الأجانب".

وذكر سايليش؛ أنّ أكثر من 30 مليوناً، تقدموا بأوراقهم، وأنّه جرى استبعاد 4007707 من القائمة.

ويتعيّن على كلّ سكان آسام تقديم وثائق تثبت أنّهم، أو أسرهم، كانوا يعيشون في البلاد قبل 24 آذار (مارس) 1971، كي يتم الاعتراف بهم كمواطنين هنود.

ويرى منتقدون، أنّ اختبار المواطنة هو إجراء آخر يدعمه حزب بهاراتيا جاناتا، بقيادة مودي، ويستهدف الأقلية المسلمة، وينفي الحزب أيّ تحيّز، لكنّه يقول إنّه يعارض سياسة استرضاء أيّة طائفة من طوائف المجتمع.

وولاية آسام، التي تشتهر بزراعة الشاي وحقول النفط، محور لتوترات اجتماعية وطائفية؛ إذ يشنّ السكان المحليون حملات ضدّ مهاجرين غير شرعيين، في معركة أيدتها حكومة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، التي يقودها الهندوس القوميون.

وهرب مئات الآلاف من الناس إلى الهند من بنغلادش، خلال حرب الاستقلال عن باكستان، في أوائل السبعينيات، واستقر معظمهم في ولاية آسام التي تمتد حدودها مع بنغلادش لمسافة 270 كيلومتراً.

وعام 1983؛ لاحقت حشود العشرات وقتلتهم بأسلحة بيضاء، بنية طرد المهاجرين المسلمين.

حملة "الهندوس أولاً" التي يشنها حزب بهاراتيا جاناتا اشتدت مع اقتراب الانتخابات العامة في 2019

وتسارعت وتيرة العمل في سجل المواطنين، في ظلّ حكومة حزب بهاراتيا جاناتا، الهندوسي القومي، بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

ويقول المنتقدون، وفق ما نقلت شبكة "يورو نيوز": إنّ "وتيرة حملة "الهندوس أولاً" التي يشنها حزب بهاراتيا جاناتا، اشتدت مع اقتراب الانتخابات العامة عام 2019، فركز على قاعدته الأساسية ببرامج حاسمة: مثل اختبار المواطنة هذا في ولاية تكثر فيها التوترات العرقية والدينية.

وفي مناطق أخرى بشمال البلاد؛ كثرت حوادث قتل تجار الماشية المسلمين في عهد مودي، في بلد يقدس فيه كثير من الهندوس البقر، الأمر الذي عمق الخلافات الاجتماعية.

ونفى الحزب الحاكم أية صلة بين حوادث القتل وتوليه السلطة في البلاد، وتحدث مودي علانية، مرتين، مبدياً معارضته للجان الشعبية التي تطارد تجار البقر.

 وقال سانتانو بهارالي، المستشار القانوني لرئيس وزراء الولاية، من حزب بهاراتيا جاناتا: "السجل الوطني للمواطنين في غاية الأهمية لإشعار أهل آسام بالحماية".

وأضاف: "هو انتصار معنوي؛ فقد أصر الآساميون العرقيون دائماً على وجود الأجانب، وهذا سيثبت ذلك."

وامتنعت شرطة الحدود المحلية عن مناقشة حالات بعينها، لكنها قالت إنّ بعض الوثائق التي يقدمها الأفراد الذين يعتقد أنهم مهاجرون غير شرعيين ليست سليمة.

أما فيما يتعلق بحالات هجرة أخرى، أصدر مودي أوامر تنصّ على عدم اعتبار أيّ هندوسي أو فرد من الأقليات الأخرى، في باكستان أو بنغلادش، مهاجراً غير شرعي، حتى إذا دخل البلاد دون وثائق سليمة قبل عام 2014.

وقال ريبون بورا، عضو مجلس النواب عن حزب المؤتمر: "الهدف الوحيد لحزب بهاراتيا جاناتا هو تنفيذ الألاعيب السياسية الطائفية، بما في ذلك السجل الوطني للمواطنين".

وقال حزب بهاراتيا جاناتا: "السجل الوطني للمواطنين يخضع لرقابة أرفع محاكم البلاد، والتمييز على أساس الدين غير وارد".

وفي أعقاب انتقادات من جانب جماعات حقوقية لاستهداف المسلمين في آسام، قال وزير الداخلية، راجناث سينغ: إن العمل يجري بأسلوب حيادي وشفاف في السجل الوطني للمواطنين.

كما أكّد سينغ من جديد، أنّ من لا يجدون أسماءهم في القائمة يمكنهم تقديم اعتراضات وطعون، وقال إن السلطات لن تزجّ بهم في مراكز اعتقال.

ويقول معارضون: إنّ حكومة مودي التي تواجه استياء لعدم تحقيق وعودها فيما يتعلق بالوظائف والرخاء، ستعمد إلى تصعيد التعبئة الدينية في مختلف أنحاء البلاد.

وقد أكدت المسودة الأولى للسجل الوطني، التي نشرت في 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي؛ أنّ عدد المواطنين يبلغ 19 مليوناً، الأمر الذي أبهج البعض، وأثار الحسرة في نفوس البعض الآخر.

غير أنّ مكتب السجل الوطني أبلغ المحكمة العليا هذا الشهر بأنّ 150 ألفاً ممن وردت أسماؤهم في القائمة الأولى، ثلثهم من النساء المتزوجات، سيسقطون من النسخة التالية، وذلك لأسباب على رأسها أنهم قدموا معلومات زائفة أو وثائق غير مقبولة.

ويقول ناشطون سياسيون في آسام، إنّ أغلب هؤلاء من المسلمين الناطقين باللغة البنغالية.

وامتنع براتيك هاجيلا، رئيس السجل الوطني، الذي تحققت إدارته من 66 مليون وثيقة، وأنفقت ما يقرب من 180 مليون دولار على المشروع، عن التعليق على ديانة من تمّ استبعادهم من السجل.

وقال هاجيلا، الذي تتولى فرقة من الشرطة حراسته على مدار الساعة: "نحن نؤدي مهمة غير مسبوقة، وبالطبع إذا كان الأمر يتطلب تصحيحات فسيتعين علينا أن نفعل ذلك".

وأضاف؛ "أغلب الناخبين المشكوك فيهم في آسام، وعددهم 126 ألفاً، وحوالي 150 ألفاً من نسلهم، سيستبعدون من السجل الوطني تنفيذاً لأمر قضائي".

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية