في مذكرات أوباما: كذب الإخوان ولو صدقوا

في مذكرات أوباما: كذب الإخوان ولو صدقوا


23/11/2020

أيمن سمير

منذ أن بدأت المؤشرات الأولية على فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن تعالت صيحات وهتافات تنظيم الإخوان وكل المحسوبين على تيار ما يسمى «الإسلام السياسي»، وكأن سيد البيت الأبيض الجديد هو «المرشد العام» وليس رئيساً مخضرماً يعي جيداً خطورة الجماعات المتطرفة والظلامية. ووصل الأمر بالمحسوبين على جماعة الإخوان أن وصفوا السنوات الأربع القادمة لجو بايدن بأنها «ولاية ثالثة» لباراك أوباما، وأطلقوا خيالهم لما يمكن أن تكون عليه المنطقة العربية والشرق الأوسط في عهد بايدن، وأن ما يسمى «الربيع العربي» قادم قادم، وأن نسخة جديدة من سنوات 2011 و2012 ستشهدها المنطقة على يد «ظل أوباما» جو بايدن.

وقد تصدُق توقعات الإخوان وتتشابه سياسات بايدن مع سياسات أوباما. لكن أوهامهم بأن تلك السياسات ستتبنى منهجهم وتدعمهم سرعان ما ثبت كذبها مع صدور الجزء الأول من مذكرات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تحت عنوان «أرض موعودة». فقد جاءت كلمات أوباما عن الإخوان في أكثر من مناسبة صادمة للجماعة ولتصوراتها عن أوباما وبايدن، فكثير من مواقف أوباما لم تكن في صف الإخوان كما يدعي التنظيم، ورغم أن الأحداث في 2011 جاءت في صالح الإخوان إلا أن سطور كتاب «أرض موعودة» أكدت أنه كان «الخيار المر» للإدارة الديمقراطية في البيت الأبيض حينئذ برموزها الكبار أوباما وبايدن وحتى هيلاري كلينتون، وأشار الكتاب في أكثر من موضع إلى جماعة الإخوان باعتبارها «الرحم الحقيقي» الذي خرج منه دعاة العنف والقتل والإرهاب باسم الدين.

عنف الجماعة ضد عبدالناصر

تحدث أوباما طويلاً عن الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر وعن مشروعاته القومية وقرارات التأميم ودعمه لمنظمة التحرير الفلسطينية ومشاركة عبدالناصر في تأسيس منظمة عدم الانحياز، لكن حين جاء إلى علاقة عبدالناصر بالإخوان، قال إن الجماعة سعت إلى إقامة «حكومة إخوانية» من خلال وسائلها المعروفة في التعبئة الشعبية والمشروعات والأعمال التي يحاول التنظيم أن يصبغها بالطابع الخيري. وأكد أوباما أن الجماعة في هذا التوقيت المبكر من الخمسينيات والستينيات عندما اصطدمت بالرئيس عبدالناصر كان من بين أعضائها الكثيرون الذين حاولوا أن ينفذوا أجندتها عن طريق «العنف»، وقال أوباما بالنص «إن الكثير من عناصر الإخوان تحولوا للعنف».

وقال أوباما إن الإخوان لا يمكن الوثوق بهم كرعاة لقيم الديمقراطية.

وما يؤكد حرص أوباما ومعه بايدن والجيل الأكبر في البيت الأبيض على عدم وصول الإخوان للسلطة محاولتهم إقناع مبارك بالتنحي «حتى لا يسيطر الإخوان على الانتخابات القادمة» بحسب ما ورد في المذكرات. وكشف أوباما أن فريقه كان منقسماً حول تنحي مبارك، والمفاجأة أن نائب الرئيس الأمريكي وقتها جو بايدن، الذي يروج الإخوان أنه داعم لهم، كان إلى جانب وزير الدفاع روبرت جيتس، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون يرفضون توجيه إنذار لمبارك بالتنحي، بينما كان المستشارون الأصغر سناً مع التضحية بمبارك.

العنف أو الإخوان

ومن المشاهد البارزة والأحاديث الواضحة عن قلق أوباما من سيطرة الإخوان على المنطقة العربية ما جاء في اتصالات أوباما مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، عندما حذّر الشيخ محمد بن زايد أوباما من «خطر الإخوان المسلمين» ومن الضغط على مبارك وقت الاحتجاجات في 2011، قائلاً إن الضغوط الأمريكية على مبارك سيكون لها تأثير سلبي على استقرار المنطقة برمتها وعلى مصداقية أمريكا كحليف يعتمد عليه. ويقول أوباما بالنص: «تذكرت محادثة أجريتها مع سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، مباشرة بعد أن طالبت مبارك بالتنحي، فالشيخ محمد بن زايد شاب محنك وربما أذكى زعيم في الخليج.. أخبرني أن التصريحات الأمريكية عن مصر تخضع لمراقبة عن كثب في الخليج، بقلق متزايد».

وأضاف أوباما: «أخبرته أنني أتمنى العمل معه ومع آخرين لتجنب الاضطرار إلى الاختيار بين جماعة الإخوان والاشتباكات العنيفة المحتملة بين الحكومات وشعوبها».

كان أوباما إذن يبحث عن مخرج يجنبه أن يكون الإخوان خياراً يلجأ إليه، على عكس ما يقوله الإخوان بأن أوباما كان السند والداعم لهم في أحداث «الربيع العربي» وأن بايدن سيسير على خطى أوباما.

وأكد أوباما في أكثر من موضع في الجزء الخاص بالربيع العربي صحة ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد عندما حذر أوباما من أنه أنه إذا سقطت مصر وتولى «الإخوان» زمام الأمور، فقد يسقط قادة عرب آخرون وتعم الفوضى.

قلق من أردوغان

وما يؤكد توجس أوباما من مشروع الإسلام السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجماعة الإخوان، ما كشفه أوباما من تقييمه لتصرفات أردوغان.

وقال أوباما في كتابه إن «وصول حزب العدالة والتنمية وأردوغان إلى السلطة في فترة 2002-2003 كان باستخدام الخطاب الشعبوي والإسلامي.. وتعاطف أردوغان الصريح مع كل من الإخوان وحماس أزعج واشنطن». وهذا الانزعاج لإدارة أوباما من التداخل بين الحزب الحاكم في تركيا والتنظيم الدولي للإخوان وحماس ينفي كل ما يشيعه الإخوان عن أوباما وبايدن.

وأشار إلى أن الانطباع عن أردوغان كان إيجابياً في بداية صعوده وحزبه إلى السلطة، وحاول أوباما أن يعكس هذا التفاؤل أثناء زيارته للبرلمان التركي وأثناء لقاء مع طلاب جامعيين في إسطنبول. لكن «بسبب أحاديثي مع أردوغان، ساورتني الشكوك».

ويضيف أنه طوّر «علاقة عمل» مع أردوغان على مدى سنواته الثماني في البيت الأبيض لكن «حين كنت أستمع إليه يتحدث، يتولد لدي شعور قوي بأن التزامه بالديمقراطية وحكم القانون قد يدوم فقط طالما يحفظ سلطته».

ربما يحتاج الإخوان إلى قراءة مذكرات أوباما الصادرة حديثاً قبل أن يواصلوا الترويج لكذبة أنه كان يثق بهم ويدعمهم، وأن بايدن سيفعل ذلك.

عن "الرؤية" الإماراتية

الصفحة الرئيسية