قراءة حقوقية في أحوال اللاجئين: هل هم من أبناء السبيل الذين ذكروا في القرآن؟

تحقيقات

قراءة حقوقية في أحوال اللاجئين: هل هم من أبناء السبيل الذين ذكروا في القرآن؟


27/03/2018

تحقيقات
ملبورن- أستراليا

في أواخر عام 2015، شاركت كمترجم في المؤتمر التأسيسيّ للهيئة الوقفيّة الأولى في أستراليا، والتي حملت اسم "أوقاف أستراليا". ومن بين ما تعلّمته أثناء ترجمتي لأوراق العمل الثريّة، لفت انتباهي أنّ "ماء السبيل"- بعد بناء المساجد- كانت أكثر أنواع الأوقاف شيوعاً على مدى أربعة عشر قرناً من هذه السنّة الكريمة. لا شكّ وأنّ ذلك مردّه إلى أنّ "ابن السّبيل" هو أحد مستحقّي الزّكاة الثّماني، وذلك امتثالاً للأمر الإلهيّ في الآية الستّين في سورة التّوبة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.

ابن السبيل هو المسافر المحتاج الّذي بعد عن أهله وماله أو المنقطع يريد الرجوع لبلده ولا يجد ما يتبلغ به

وبعد المؤتمر بأيّام، نشرتُ تقريراً بعنوان "سياسات المفوضيّة السّامية للأمم المتّحدة لشؤون اللّاجئين (UNHCR) تجاه اللّاجئين من فلسطينيّي سورية" (1)، وهو عبارة عن دراسة بحثيّة مطوّلة أعدّتها جمعيّة (أسباير)- التي أرأسها- بعد أربعة أعوام من المتابعة وجمع البيانات في كلّ من لبنان والأردنّ وتركيا ومصر، عن استثناء هذه المجموعة من اللّاجئين من خدمات المفوضيّة. وقد جاء هذا التّقرير بالتّنسيق مع منظّمة العفو الدوليّة- فرع أستراليا- والّتي عرضت نتائجه في الاجتماع السنويّ للمفوضيّة في جنيف.

أنهيت التّقرير ووجدت نفسي أطرح هذا التّساؤل: أليس هؤلاء أبناء سبيل؟

تعريف
السبيل عند العرب هو الطريق. ويسمّى الضّارب (المسافر) فيه "ابن السبيل" للزومه إيّاه. كما قال الشاعر:
أنا ابنُ الحَرْبِ رَبَّتْني وَلِيدًا * * * إلى أنْ شِــبْتُ واكْـتَهَلَتْ لِـدَاتِي
(لداتي: أترابي)
ويقول المتنبّي:
أبِنتَ الدّهر عندي كلُّ بنتٍ* * * فكيف وصلتِ أنتِ من الزّحام؟

وكذلك تفعل العرب: تسمّي اللازم للشّيء "ابنه" لأنّه يُعرف به.

أمّا في التّفاسير، فابن السبيل هو "المسافر المحتاج الّذي بعد عن أهله وماله" (تفسير الميسّر) (2). أو "المسافر المنقطع يريد الرجوع إلى بلده ولا يجد ما يتبلغ به" (معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية) (3). ويمكن القول إن جمهور السّادة الفقهاء يتفقون مع التعريف الذي ورد في تفسير الطبري أن ابن السبيل هو "المسافر المجتاز من أرض إلى أرض، والذي تقطّعت به السّبل وليس معه ما يكفيه، حتّى لو كان غنيّاً في بلده".

اللّاجئ يكون في فترة تسمّى "الفترة الانتقاليّة"، والّتي قد تمتدّ لسنوات طويلة "رويترز"

إشكاليّات في التطبيق

إنّ التطبيقات المعاصرة لمصارف الزكاة عبر باب ابن السبيل قد تنطوي على بعض الإشكاليّات:
- أنّ بعض العلماء المعاصرين أسقط هذا المصرف بالكامل وذهب إلى أنّ صنف “ابن السبيل” لم يعد له وجود في عصرنا (4).
- أنّه على الرغم من التعريف الواضح للاجئ في اللغة، وهو بحسب المعجم الوسيط "مَن لاذ بغير وطنه فِراراً من اضطهاد أو حرب أَو مجاعة"، أو بإضافة "أو ظلم" حسب معجم اللغة العربية المعاصر (5)، إلّا أنّ الغالبية العظمى من السّادة الفقهاء المعاصرين لا يذكرون اللاجئ أو النازح أثناء استعراضهم لأسباب السفر، ويكتفون بالحجّ والعمرة وطلب العلم والتّجارة والعلاج وحتى السّياحة. مع استثناءات تعدّ على الأصابع ممّن ذكروا اللجوء أو النزوح من أسباب السفر (مثل فضيلة الشيخ د. علاء الدين الزعتري) (6)،
- أنّ بعض السادة الفقهاء المعاصرين يستثنون من كان غنيَاً في بلده من ابن السبيل (مثل فضيلة الشيخ/ صالح المغامسي (7)، وفضيلة الشيخ/ زيد البحري) (8)،
- أنّ رعاية ابن السّبيل بقيت متروكة في جزء كبير منها للمشاريع الوقفيّة، وليس لبيت الزّكاة.

الغالبية العظمى من السّادة الفقهاء المعاصرين لا يذكرون اللاجئ أو النازح أثناء استعراضهم لأسباب السفر، ويكتفون بالحجّ والعمرة

- أنّ هذه المشاريع الوقفيّة في غالبيّتها بقيت محصورة في ماء سبيل، فلماذا لا توجد أوقاف إيواء- مثلا- لابن السّبيل؟

وقد يقول أحدهم إنّ اللاجئين مستحقّون للزكاة من أبواب أخرى، كبابَيْ الفقراء والمساكين. وهذا الرّأي- على صحّته- إلّا أنّه يستبطن إشكاليّات أخرى:
- هذا التصنيف يضع اللاجئين في سلّة كبيرة وقد يضيع أو يقلّ حقّهم.
- هذا التصنيف يحرم الأغنياء منهم ومن كان منهم غنيّاً في بلده، فكلّ لاجئ هو ابن سبيل، ولكن ليس كل لاجئ فقيراً أو مسكيناً.

فالأوْلى إذاً، أن يُعامل اللاجئون كأبناء سبيل وليس كفقراء أو مساكين.

قراءة فقهيّة للقانون الدوليّ
يوفّر القانون الدوليّ والمؤسّسات الحقوقيّة خزّاناً هائلًا من المعلومات والدّروس الّتي يمكن الاستفادة منها لرفد السّادة الفقهاء بتعريف دقيق لابن السبيل في يومنا هذا.

حسب التّعريف الوارد في اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين (والمعروفة باتفاقية جنيف للاجئين)، والمعتمد لدى مفوضية اللاجئين، فإنّ اللاجئ هو شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر/ العرق، أو الدين، أو القومية/ الجنسية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع- أو لا يريد- بسبب ذلك الخوف العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد (9).

يحدث نزاع مسلّح في بلد ما، يبدأ الناس باللجوء إلى بلد آخر أو النّزوح داخله، يسكن المحظوظون منهم في شقق، والباقون في مخيّمات تبنى على عجل، تهرع المفوضية لفتح مكاتب في أماكن تواجد اللّاجئين والنّازحين، تقوم في البداية بجرد أسمائهم، ثم بتحديد مواعيد لإجراء مقابلات- قد تصل في بعض الحالات إلى عامين أو أكثر، ثمّ بإجراء المقابلات لتقييم الحالات وتقرير فيما إذا كانت مستحقّة للحماية، وإذا كانت نتيجة المقابلة إيجابيّة، يُمنح اللّاجئ شهادة "تسجيل وحماية"، وهي بمثابة إقرار من المجتمع الدوليّ أنّ حاملها مستحقّ شرعيّ للدّعم، وأنّ على الدولة المتواجد فيها أن تعامله كلاجئ- وليس كمقيم غير شرعي أو سائح أو زائر أو عابر.
وتتلخّص الأهداف التي تسعى المفوضيّة لتحقيقها في واحد ممّا يلي (10):
- السعي لمنح اللاجئ حقوق عمل وتعليم وعلاج - وربما إقامة دائمة- في بلد الاستضافة المؤقتة، أو ما يعرف بالاندماج.
- السعي لتأمين عودة طوعيّة للاجئ لبلده الأصليّ بعد انتهاء النّزاع.
- السعي لتوطين اللاجئ في إحدى الدول الموقّعة على اتفاقيّة جنيف للاجئين إن تعذّر ما سبق.

يقرّر اللاجئ ترك بيته بعد أن يكون قد وصل إلى مرحلة قد يعني فيها الانتظار ساعة أخرى المجازفة بحياته أو حياة أحد أفراد أسرته


وحتى يتحقّق أحد هذه الأهداف الثّلاثة، فإنّ اللّاجئ يكون في فترة تسمّى "الفترة الانتقاليّة"، والّتي قد تمتدّ لسنوات طويلة: فترة يكون فيها اللّاجئ ابن سبيل. 
بعبارة أخرى، إنّ حيازة اللاجئ المسلم، أو ذلك الّذي لجأ من دولة ذات أغلبيّة مسلمة، على بطاقة تسجيل من المفوضية السامية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تعني أنّ هذا اللاجئ يكون تلقائيّاً ابن سبيل مستحقّاً للزكاة.
يقول الخبير معتصم حياتله، الموظّف السّابق في مفوضيّة اللّاجئين في سورية، والباحث في مركز المعلومات والتحليل التابع لدائرة الهجرة السويديّة: يعتبر اللجوء صفة إعلانيّة لا تسقط عن الفرد إلّا في حالة زوال سبب الاضطهاد، ويحملها معه في انتقاله من مكان لآخر".

في السنوات العشر التي أمضيتها في العمل الحقوقيّ التطوعيّ للاجئين، اطّلعت على مئات التقارير والمقالات الإعلاميّة والحقوقيّة ذات الصّلة، واستمعت لآلاف القصص عن اللجوء، وزرت عدّة مخيمات وأماكن تجمّع للاجئين. كانت كلّها تجمع على شعور اللاجئ بالخوف من المجهول، وبتخلّي الجميع عنه أثناء عبوره السبيل: تخلّي دولة الاستضافة المؤقّتة، وتخلّي مؤسّسات وأحزاب وفصائل وقيادات الوطن، وتخلّي الدول العربيّة والإسلاميّة، وتخلّي الهيئات الأمميّة، وتخلّي المجتمع الدولي، وتخلّي الجمعيّات الخيريّة، بل وتخلّي الأهل والأصدقاء (11).

يقرّر اللاجئ ترك بيته بعد أن يكون قد وصل إلى مرحلة قد يعني فيها الانتظار ساعة أخرى المجازفة بحياته أو حياة أحد أفراد أسرته . يخرج دون أن يعرف إذا كان سيصل إلى نقطة الحدود، وإذا وصلها فلا يعرف إذا كان سيجتازها، وإن اجتازها فلا يعرف إن كان سيُسمح له بالإقامة المؤقّتة، وإن سُمح له فلا يعرف إلى متى، ولا إن كانت الإقامة قابلة للتجديد، ولا إن كان سيُعامل كلاجئ أو زائر أو عابر أو متسلّل، ولا من أين سيغطّي نفقات إقامته، ولا الحقوق الّتي ستمنح له- بل ستسلب منه- من عمل وتعليم وصحّة وحريّة تنقّل، ولا إن كانت مفوضيّة اللاجئين ستقوم بتسجيله. وبانتظار العودة أو الحصول على دولة تمنحه حقّ الإقامة الدائمة، قد يطول السبيل بالبعض إلى أكثر من دولة، في رحلة مغمّسة بالمعاناة والعوز والذلّ والخوف والبرد والاستغلال.

أزمة ضاغطة
منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، لم يسبق أن أصبحت قضيّة اللجوء أزمة ضاغطة عالميّاً كما هو الحال في يومنا هذا. تختلف قصص اللجوء ومسبّباته، وتقصر أو تطول أو تدوم مدته، وتتنوّع أشكال المعاناة والاستغلال في خِضمّه، وتدور في فلكه قطاعات ظاهرة من مؤسّسات الحكومة والمجتمع المدنيّ- وخفيّة من شبكات التهريب، ويسبح في فضائه الخيّرون والأشرار، وينسج على منواله الإعلامُ الحسنَ والقبيح من الأثواب، وينشغل فيه منظّرو علم الاجتماع، ويختصم حول الموقف منه ومن تبعاته السّاسة، ولكن إن كان ثمّة شيء واحد مشترك في كلّ قصص اللاجئين قاطبة فهو الطّريق- السبيل..
الإحصائيّات تعني أنّ لدينا شعباً من أبناء السّبيل بتعداد يزيد على 25 مليون نسمة "رويترز"

اللجوء قضيّة إسلاميّة

إنّ قضيّة اللاجئين اليوم هي بجزء كبير منها إسلاميّة؛ لأن معظم اللاجئين هم ببساطة من دول إسلامية. فحسب تقارير مفوضية اللاجئين ومنظمة العفو الدولية في نهاية 2015، وبنظرة سريعة على البلدان العشرة الأكثر مساهمة في صناعة مشكلة اللاجئين في العالم- ودون احتساب النازحين الداخليّين، نرى أن ستّاً منها دول إسلاميّة، وبتعداد يتجاوز 9 ملايين عابر سبيل من هذه الدول الستّ.
سورية: 4.9 مليون، أفغانستان: 2.6 مليون، الصومال: 1.2 مليون، السودان: 0.7 مليون، جنوب السودان، الكونغو، ميانمار، أفريقيا الوسطى، العراق: 0.37 مليون، إريتريا: 0.33 مليون (12).

والمشهد يزداد قتامة بالنسبة لتعداد النّازحين الداخليّين- ما يعرف بـ Internally Displaced Persons- أي أولئك الذين نزحوا من بيوتهم ولكنهم لم يغادروا البلد. ففي الفترة نفسها، تأتي سورية في صدارة التّرتيب العالميّ بما يزيد على 7 ملايين نازح، العراق بـ3.6 مليون، السودان: 2.2 مليون، الباكستان: 1.4 مليون، نيجيريا 1.2 مليون، الصومال: 1.1 مليون (13).

عاش اللاجئون المسيحيّون السّوريّون أو العراقيّون جنباً إلى جنب مع إخوتهم في الوطن من المسلمين والأقليّات الأخرى


أما اليوم، والعالم يطوي السنة السابعة على الثورة السورية، فإن أعداد اللاجئين السوريين الواردة أعلاه ارتفعت لتصل إلى 5.6 مليون لاجئ (14).

هذه الإحصائيّات تعني أنّ لدينا شعباً من أبناء السّبيل بتعداد يزيد على 25 مليون نسمة من المستحقّين للزّكاة، علما بأنّ هذه الأرقام لا تشمل اللاجئين الفلسطينيّين المسجّلين في الأونروا (5.34 مليون حسب بيانات الأونروا في يناير 2017) (15)- بمن فيهم اللاجئون من فلسطينيّي سورية في دول الجوار السوريّ، وهو السبب الذي دفعنا في جمعية "أسباير" لكتابة التّقرير المشار إليه أعلاه.

لنتأمّل هذه الحالة: عائلة فلسطينيّة هُجّرت من بغداد عام 2006 على خلفيّة العنف الطائفيّ. وبعد أن علقت على الحدود الصحراويّة العراقيّة- السوريّة لأكثر من سنة، سُمح لها بالانتقال للعيش في مخيّم اليرموك في دمشق حيث استقرّت حتى 2008، ومنه إلى تركيا لمدة عام ونيف، فقبرص التركيّة لعدّة أشهر، ثم قبرص اليونانيّة لعامين، فالهند لأشهر. وهي الآن في ماليزيا منذ 2012 بإقامة مؤقّتة تجدّد كل عام وبدون تصريح عمل، وبانتظار أن تقوم الأمم المتّحدة بتحويل ملفّ العائلة إلى دولة تمنحها حق الإقامة الدائمة- كون ماليزيا ترفض ذلك باعتبارها غير موقّعة على اتّفاقية جنيف للاجئين المشار إليها أعلاه، وهو ما يعني أنّ أفراد هذه العائلة هم من أبناء السّبيل منذ اثني عشر عاماً.

ملحق بابن السبيل
يتساءل أحدهم: هل اللاجئون الفلسطينيّون أبناء سبيل؟
الإجابة السريعة: لا. لأنّهم وإن طال بهم السبيل لأجيال، إلا أنّهم في غالبيتهم مقيمون دائمون في أماكن تواجدهم- باستثناء فلسطينيّي سورية خارج سورية، وفلسطينيّي العراق خارج العراق، ممّن لم يتمّ توطينهم بعد. ولكن علينا أن نتأنّى ونفكّر ربّما بما يشبه الملحق بابن السبيل، خاصة بالنّسبة لأولئك المحرومين من حقوق مواطنة أساسية، كفلسطينيي لبنان، والذين يعيشون في تجمّعات أقلّ ما توصف بأنّها غير صالحة للحياة الكريمة. أضف إلى ذلك ما تبقّى من فلسطينيّي العراق، والذين تمّ تجريدهم مؤخّراً من كثير من الحقوق التي منحتها إيّاهم الأنظمة السابقة، وبعض فلسطينيّي الخليج (وهم الجزء المسكوت عنه من جرح الشّتات الفلسطيني). إذاً، فالمعيار هنا هو أنّ اللاجئين الفلسطينيّين المحرومين من حقوق المواطنة يعتبرون "ملحقين بابن السبيل"، لأنّهم يتوارثون- مع حقهم في العودة- حياة التّرحال والحرمان جيلاً بعد جيل وإن مُنحوا إقامات دائمة.

وقد يندرج في هذا الملحق أيضاً الأقلّيات غير المسلمة التي لجأت من دول ذات أغلبيّة مسلمة. فالواجب الدينيّ والوطنيّ والعروبيّ والأخلاقيّ والإنسانيّ يحتّم ألّا يتمّ استثناؤهم من أبناء السبيل. لقد عاش اللاجئون المسيحيّون السّوريّون أو العراقيّون- مثلاً- جنباً إلى جنب مع إخوتهم في الوطن من المسلمين والأقليّات الأخرى، وأدّوا واجبات المواطنة على أكمل وجه، ودافعوا عن أوطانهم بكلّ ما أوتوا من قوّة، وليس من العدل في شيء أن نتذكّرهم في الواجبات وننساهم في الحقوق. ولنا في المؤسّسات الخيريّة الكنسيّة خير مثال، والتي عملت مع العديد منها في أستراليا على مشاريع خاصّة باللاجئين، ولم أسمع أيّاً منها تسأل يوماً عن دين اللاجئ قبل أن تقدّم المساعدة. 

مؤتمر لتجلية المفهوم وإدارة العمل
لا شكّ وأنّه من المبكّر وضع- أو تصوّر- آليّات لتفعيل هذه الفكرة، ولكنّ المدخل المقترح لذلك قد يكون من خلال التّأسيس لسلسلة حوارات بين مفوضيّة اللاجئين ومؤسّسات حقوقيّة معنيّة باللاجئين من جهة، وبين ممثّلي وزارات الأوقاف في بعض الدول الإسلامية (وإن تعذّر ذلك فعدد من السادة الفقهاء والعلماء الذين لا يمثّلون بالضرورة جهات رسميّة) بالإضافة إلى هيئات خيريّة إسلاميّة من جهة أخرى، ربّما عبر مؤتمر يستضيف هذا الحوار، والذي يؤمل منه أن يفضي إلى توصيات قابلة للتّطبيق نحو توسعة مفهوم "ابن السبيل" ليشمل اللاجئ، والّذي ما يحتاجه في عبوره السُّبُل هو أكثر بكثير من مجرّد شربة ماء..

*مدير مركز ابن رشد للثقافة العربية- وناشط إعلاميّ وحقوقيّ


روابط ومراجع:
1-    https://apanaustralia.files.wordpress.com/2015/08/falling-through-the-cracks.pdf
2-    https://www.almaany.com/quran/2/177/ابن-السبيل/
3-    https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/ابن-السبيل/
4-    http://alrashedoon.com/?p=2272
5-    https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/لاَجِئ/
6-    https://www.youtube.com/watch?v=tfqPQAS2HlY
7-    https://www.youtube.com/watch?v=ANjKOor-wZ8
8-    https://www.youtube.com/watch?v=D3xEkDJDQO0
9-    http://www.unhcr.org/ar/4be7cc27201.html
10-  http://www.unhcr.org/en-au/solutions.html
11: https://www.youtube.com/watch?v=QB9K2GUT80o&t=2s
12-   https://www.amnesty.org/en/latest/news/2015/10/global-refugee-crisis-by-the-numbers/
13-  http://www.unhcr.org/576408cd7.pdf
14-  http://www.unhcr.org/ar/news/latest/2018/3/5aa2e0c94.html
15-  https://www.unrwa.org/sites/default/files/content/resources/unrwa_in_figures_2017_english.pdf


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية