قراءة في دلالات زيارة أمير قطر لواشنطن

قراءة في دلالات زيارة أمير قطر لواشنطن


29/01/2022

تكتسب زيارة أمير دولة قطر، الشيخ تميم آل ثاني، لواشنطن واللقاء الأول المرتقب مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الإثنين المقبل أهمية خاصة في ظل الملفات المطروحة على طاولة المباحثات، تلك الأهمية يبدو أنّها دفعت بالرئيس بايدن لتوجيه دعوة "عاجلة" لأمير قطر، لارتباط ملفات المباحثات بقضايا دولية من بينها التصعيد الذي تشهده العلاقات الأمريكية- الروسية على خلفية الملف الأوكراني، والدور القطري المحتمل على هامشه، إضافة إلى ملفات تتعلق بالمفاوضات الأمريكية ـ الإيرانية ودور قطر في أفغانستان، بما في ذلك استمرار الوساطة في التفاوض مع حركة طالبان وتشغيل مطار كابول.

اقرأ أيضاً: قطر وهنية والثقافة: النفاق إذ يُعطل الممكنات

 ففي إطار أزمة التصعيد الأمريكي ـ الروسي حول أوكرانيا، أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأمريكي سيناقش مع أمير قطر "أمن الطاقة"، وهو ما يعني أنّ مساهمة دولة قطر ستكون عبر  هذا الملف، بوصف الغاز القطري سيشكّل بديلاً للغاز الروسي المصدّر إلى أوكرانيا وأوروبا، وخاصة بالنسبة إلى ألمانيا، التي تبدي تحفظات على الذهاب بعيداً مع أمريكا في مواجهة روسيا والضغط عليها، لا سيّما أنّ إمدادات روسيا من الغاز لأوروبا تشكّل ما نسبته حوالي (40%) من احتياجات أوروبا، ومن المرجح أن تستجيب قطر للطلب الأمريكي، خاصة أنّها تملك حرية تسويق الغاز بعيداً عن منظمة "أوبك"، لكنّ هذا الموضوع يطرح تساؤلات حول حقول الغاز المشتركة مع إيران والدور الإيراني المفترض وردود الفعل الروسية المتوقعة، في الوقت الذي تحاول فيه إيران توثيق تحالفها مع روسيا، لمواجهة الضغوطات الأمريكية والغربية عليها، على خلفية مفاوضاتها في فيينا.

احتمالات نجاح الوساطة القطرية بين طهران وواشنطن تبدو واقعية في ظل تأكيدات أوساط إيرانية أنّها تثق بالوسيط القطري أكثر من ثقتها بوسطاء آخرين

ويبدو أنّ التنسيق حول الغاز القطري الإيراني المشترك، إضافة إلى موقف إيراني سينقله أمير دولة قطر بخصوص المفاوضات المباشرة بين طهران وواشنطن، كان ضمن مباحثات وزير الخارجية القطري مع نظيره الإيراني؛ إذ تشير تسريبات إيرانية إلى أنّ وزير الخارجية القطري ناقش في طهران قضية التصعيد الحوثي ضد الإمارت وهو ما وافقت عليه طهران، وأبدت استعداداً للمساهمة بذلك ارتباطاً بمصالحها التجارية مع دولة الإمارات، كما ناقش الوزير القطري مع طهران إمكانية عقد مفاوضات مباشرة بين طهران وواشنطن، وهو ما أكدته تسريبات أمريكية وإيرانية حول عدم ممانعة الطرفين لعقد مثل تلك اللقاءات، وبالتزامن فإنّ أمير دولة قطر سيحمل معه ملفاً آخر وهو ملف تبادل السجناء بين إيران وأمريكا، وهو من بين الملفات التي تحظى بعناية البيت الأبيض في إطار حقوق الإنسان، ولدور مثل هذه الملفات في الانتخابات الأمريكية.

اقرأ أيضاً: ملفات العمالة الوافدة في قطر... هل تتحول تصفيات المونديال إلى فعاليات حقوقية؟

 ومن بين الملفات التي سيطرحها أمير دولة قطر مع الرئيس الأمريكي الدور القطري في الملف الأفغاني، بما في ذلك تشغيل وإدارة مطار كابول بإدارة مشتركة تركية قطرية، وتواصل الدوحة لقاءاتها مع أنقرة وحكومة كابول لإنجاز اتفاق تشغيل المطار بعد توقف الرحلات، وتُعدّ قضية تشغيل مطار كابول من القضايا المهمّة بالنسبة إلى إدارة بايدن لمواصلة إجلاء رعايا أمريكيين وغربيين من جنسيات أوروبية قوبل تركهم من قبل أمريكا بموجة انتقادات حادة لقرار انسحاب القوات الأمريكية وتعريض حياة الآلاف للخطر.

اقرأ أيضاً: تركيا وقطر تتفقان على تشغيل 5 مطارات في أفغانستان... ما علاقة الإمارات؟

ولا شكّ أنّ قطر تريد عبر هذه الزيارة تأكيد دورها الإقليمي والدولي، فهي على صعيد التصعيد بين أمريكا وروسيا تُقدّم موقفاً مميزاً تحتاجه واشنطن في هذه المرحلة لتصدير الغاز إلى أوروبا بديلاً للغاز الروسي، رغم ما يمكن أن يُعرّض علاقاتها لردود فعل روسية، فيما ستكون مقترحات التفاوض المباشر بين طهران وواشنطن إحدى أوراق قطر التي تأتي على غرار وساطة الدوحة مع حركة طالبان وإنجاز اتفاق تاريخي انسحبت بموجبه القوات الأمريكية من أفغانستان، وتمّ تسليم الحكم لحركة طالبان.

من بين الملفات التي سيطرحها أمير قطر مع الرئيس الأمريكي الدور القطري في الملف الأفغاني، بما في ذلك تشغيل وإدارة مطار كابول بإدارة مشتركة تركية قطرية

 احتمالات نجاح الوساطة القطرية بين طهران وواشنطن تبدو واقعية في ظل تأكيدات أوساط إيرانية أنّها تثق بالوسيط القطري أكثر من ثقتها بوسطاء آخرين، سواء في المفاوضات المباشرة أو في المفاوضات السرّية لتبادل السجناء، وعلى أهمية هذا الملف الذي يبدو أنّه جاء بمبادرة من الدوحة لطرح المزيد من أوراقها مع واشنطن والأدوار التي يمكن أن تلعبها، إلّا أنّ ملف الغاز القطري لدول أوروبا سيكون الملف الأكثر حيوية بالنسبة إلى واشنطن، وهو ما وافقت عليه الدوحة، وأكدت طلبها من واشنطن التدخل لدى مستهلكي الغاز القطري في شرق آسيا للبحث عن مصادر أخرى.

اقرأ أيضاً: توتر بين تركيا وقطر قبل زيارة أردوغان الدوحة... ما علاقة شرق المتوسط؟

وبالرغم من التسريبات التي تشير إلى وساطة قطرية لدى طهران للضغط على الحوثيين لوقف هجماتهم الصاروخية على أبو ظبي، فمن غير المحتمل أن تكون الدوحة قد طرحت هذا الملف مع طهران إلّا من زاوية المصلحة الأمريكية، وعلى خلفية الضغط الذي تتعرّض له إدارة الرئيس بايدن لإعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، لا سيّما أنّ مواقف طهران غير موحدة تجاه الحوثيين، علاوة على أنّ إيران في حال إجبارها الحوثيين على وقف هجماتهم ستؤكد شراكتها مع الحوثيين في استهداف أبو ظبي، وسيرتّب على طهران ضغوطاً في مفاوضاتها النووية، وأيّ مفاوضات قادمة مع الحوثيين.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية