قراءة في مقترح تعيين مبعوث خاص لمكافحة "الإسلاموفوبيا"

قراءة في مقترح تعيين مبعوث خاص لمكافحة "الإسلاموفوبيا"


02/01/2022

منصور الحاج

في الخامس عشر من شهر ديسمبر الجاري، وافق مجلس النواب الأميركي بأغلبية بسيطة على قانون قدمته النائبة الديمقراطية المسلمة عن ولاية منيسوتا، الصومالية الأصل إلهان عمر ويقترح إنشاء مكتب خاص بوزارة الخارجية وتعيين مبعوث خاص لمراقبة ما يسمى بـ"الإسلاموفوبيا" ليس فقط في الولايات المتحدة وإنما في كل أنحاء العالم.

للوهلة الإولى، قد يظن القارئ المسلم العادي بأن المقترح فكرة جيدة للتصدي لظاهرة العداء ضد المسلمين وقد يرى البعض في تبنيه فرصة للولايات المتحدة تستطيع من خلالها تحسين صورتها في أعين المسلمين حول العالم وترسيخ فكرة اهتمامها بحقوق المستضعفين وتلطيف المناخ العام داخليا بعد فترة الرئيس السابق دونالد ترامب التي تفشت فيها مظاهر العداء والكراهية للأقليات وخاصة المسلمين من قبل العنصريين من مناصريه والجماعات المتطرفة التي تدعمه. 

لكن معارضي المقترح يرون أنه فكرة سيئة لا يستفيد منها سوى المتطرفون نسبة إلى عدة عوامل أهمها أن "الإسلاموفوبيا" مصطلح فضفاض ابتكره الإسلامويون لاستهداف كل من يطرحون آراء وتصورات تختلف عن توجهاتهم وفهمهم المتشدد للإسلام. 

أبرز معارضي هذا المشروع هو رئيس المنتدى الإسلامي الأميركي للديمقراطية الطبيب السوري الأصل زهدي جاسر الذي اعتبر أن استحداث منصب المبعوث الخاص لمكافحة "الإسلاموفوبيا" هو بمثابة تعيين "مفتي عام أميركي" لتقرير الأقوال والأفعال التي تتوافق مع الإسلام وتلك التي تتعارض معه. 

وشدد جاسر في مقال له حمل عنوان "مشروع قانون الإسلاموفوبيا الذي قدمته إلهان عمر سيمتدحه المتطرفون الإسلاميون في كل أنحاء العالم" على أن "كل أميركي مسلم وتحديدا من يعارضون الإسلامويين سيتعرضون للتهميش على يد هذا القاضي الأميركي الجديد المختص بالشؤون الإسلامية." 

ويختصر جاسر "الإسلاموفوبيا" في أنها "مصطلح يُستخدم من أجل إقصاء كل من يعارضون الاستبداد الذي تجسده الشريعة الإسلامية الذين يوصفون بالمجدفين" في الدول الإسلامية. أما في البلدان الغربية، بحسب جاسر، فإن تهمة "الإسلاموفوبيا" تطلق على أي شخص ينتقد الإسلام أو الإسلامويين أو الجهاديين وبالتالي فإن جرائم الإرهابيين الإسلامويين ومن يدعمونهم يتم التغاضي عنها حول العالم والتشويش عليها لمصلحة أنصار الصوابية السياسية "Political Correctness" .

وتساءل جاسر عما سيفعله المبعوث الخاص بـ"الإسلاموفوبيا" حين "يواجه الحقيقة المزعجة المتمثلة في أن الغالبية العظمى من الاعتداءات التي يتعرض لها المسلمون حول العالم تُرتكب على يد مسلمين." واختتم جاسر مقاله بالاعتراف بأن هناك خطابا معاديا للمسلمين حقيقة إلا أنه شدد على أن "الإسلاموفوبيا" "فضيلة مصطنعة تعمل على إظهار البعض على أنهم مدافعون عن العدالة الاجتماعية." 

من جانبها، اعتبرت الإعلامية الأميركية من أصل عراقي داليا العقيدي أن مشروع القرار هو جزء من محاولات الإسلامويين لـ"اختراق النظام السياسي في الغرب وتطويعه ليتلاءم مع أجنداتهم السياسية التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي." كما طالبت الأميركيين باستيعاب أن الإسلامويين هم من يضطهدون الآخرين في بلدانهم وأنهم على استعداد لعمل أي شيء من أجل خداع المواطن الأميركي العادي المجبول على حب الخير والذي يحترم الحريات الدينية ويتوقع من الآخرين احترامها." 

ودافعت العقيدي عن النواب الجمهوريين الذين عارضوا مشروع القرار ونفت عنهم تهمة "الإسلاموفوبيا" قائلة: "على العكس، لقد اتخذوا هذا القرار الشجاع للدفاع عن أمثالي من المسلمين الذين يؤمنون بالدستور الأميركي ويتم استهدافهم من قبل الأسلامويين الأميركيين بسبب ذلك. لقد قاموا بذلك لحماية التعديل الدستوري الأول الذي يكفل حرية التعبير ومن أجل منع الكونغرس من تقييد الصحافة أو الأفراد من التعبير بحرية." 

وخلاصة القول فإن القانون الأميركي يكفل حقوق الأفراد سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودا أو غير ذلك ويحميهم من التعرض للتمييز بسبب معتقداتهم الدينية، أما الدين الإسلامي الذي يحاول الإسلامويين حمايته من النقد فإنه كغيره من الأديان لا ولن يحظى بأي استثناء في القانون الأميركي وستطاله أقلام وألسنة النقاد والباحثين والمفكرين سواء شاء الإسلامويين ذلك أم أبوا.

عن "الحرة"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية