قرار الميليشيات الشيعية بالهدنة مع أمريكا.. كيف أحرج الكاظمي؟

قرار الميليشيات الشيعية بالهدنة مع أمريكا.. كيف أحرج الكاظمي؟


12/10/2020

قبل انجراف العراق إلى شقاق مع الولايات المتحدة الأمريكية، كان قد تُرجم في تهديد من قبل وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى الرئيس العراقي، برهم صالح، بإغلاق السفارة الأمريكية في العراق جرّاء استمرار استهداف المصالح الأمريكية، قبل ذلك خرجت ميليشيا "حزب الله" العراقية تعلن عن هدنة من قبل الميليشيات المدعومة من إيران صوب الأهداف الأمريكية شريطة تنيفذ سحب قواتها من العراق.

اقرأ أيضاً: بسبب الفساد والهدر وسوء الإدارة: العراقيون بلا رواتب

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أكد خلال استقباله في واشنطن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في آب (أغسطس) الماضي، نية الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق، قائلاً: إنّ بلاده "لديها عدد محدود من القوات في العراق، ونتطلع إلى اليوم الذي لا تكون فيه حاجة لوجودها هناك".

الرئيس العراقي برهم صالح

وقد نفذت الولايات المتحدة بالفعل عملية سحب عدد من القوات المشاركة في التحالف الدولي لمواجهة داعش، ورغم ذلك استمرّت الهجمات من قبل ميليشيات إيران، لإحراج العراق وتهديد التوازن الدولي الذي يسعى الكاظمي لتحقيقه، للإفلات من سطوة ونفوذ إيران على بلاده.

الهدنة

على الرغم من مفصلية الخطوة التي أعلنت عنها الميليشيات وحتميتها، لإنقاذ العراق المتهاوي اقتصادياً والمضطرب سياسياً والمنفلت في السلاح، فإنها على الجانب الآخر تنضوي على إحراج للحكومة العراقية، التي تظهر في مرتبة ثانية من حيث القدرة على السيطرة على مجريات الأمور وضبط الأمن، بعد الميليشيات.

اقرأ أيضاً: الحكومة العراقية بين مطرقة ميليشيات إيران وسندان الضغوط الأمريكية

ويمنح قرار "الهدنة"، بالصيغة التي تمّ الإعلان بها، وزفها المتحدثون باسم الميليشيات إلى وكالات الأنباء العالمية، من "رويترز" إلى "أسوشيتدبرس"، الأفضلية للميليشيات المسلحة، التي تستطيع أن تخرج معلنة عن نفسها كالمتورطة في تلك الهجمات على مدار سنوات، والتي أسقطت مئات الضحايا المدنيين بين قتلى وجرحى، وهدّدت المصالح العراقية، فيما الحكومة عاجزة عن محاسبتهم أو توقيفهم.

يمنح قرار "الهدنة" بالصيغة التي تمّ الإعلان بها الأفضلية للميليشيات المسلحة، التي تستطيع أن تخرج معلنة عن نفسها كالمتورطة في تلك الهجمات

في المقابل، تبوء بالفشل محاولات الكاظمي منذ تشكيله الحكومة في نيسان (إبريل) الماضي للسيطرة على الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران داخل العراق، في الوقت الذي تتعمد فيه تلك الميليشيات تحدّي سلطة الدولة وإحراجها.

وقد اجتمع الكاظمي في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي بسفراء 25 دولة، وتعهد أمامهم بحماية البعثات الدبلوماسية وضبط الأمن في العراق، وفي غضون أيام استأنفت الميليشيات من جديد استهدافها للمنطقة الخضراء التي تضمّ المصالح الحكومية والسفارات والمصالح الأمريكية.

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي

ويعكس تهديد الولايات المتحدة الأمريكية شديد اللهجة، الذي تجاوز الكاظمي، وتمّ إبلاغه إلى الرئيس العراقي، زعزعة ثقة الإدارة الأمريكية في قدرة رئيس الحكومة على تحقيق اختراقات في الملف، ما جعلها تتصدر المشهد من جديد وتقرر الرد بنفسها.

وعلى الجانب الآخر، فإنّ الميليشيات حاولت إلباس مشهد تراجعها أمام التهديدات الأمريكية ثوب "الهدنة المشروطة" الذي يحمل تهديداً وقدرة على المواصلة.

اقرأ أيضاً: لماذا ترتفع حالات الانتحار بين الشباب العراقي؟

 وقال المتحدث باسم "كتائب حزب الله" محمد محيي، في حديث لوكالة "رويترز" أمس: إنّ الاتفاق على تعليق الهجمات على أهداف أمريكية يشمل كافة فصائل ما أسماه المقاومة في العراق، وخاصة تلك التي ربما تستهدف أيضاً القوات الأمريكية.

وأضاف محيي: على الحكومة العراقية أن تنفذ قراراً برلمانياً صدر في كانون الثاني (يناير)، ودعا لانسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق، لافتاً إلى أنهم لا يضعون جدولاً زمنياً أمام الحكومة.

 

اجتمع الكاظمي بسفراء 25 دولة، وتعهد أمامهم بحماية البعثات الدبلوماسية، وفي غضون أيام استأنفت الميليشيات استهدافها للمنطقة الخضراء

 

وكان البرلمان العراقي قد قرر سحب القوات الأجنبية من العراق، عقب غارة أمريكية استهدفت قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وقائد قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، في 17 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

في غضون ذلك قال المتحدث باسم قوات حزب الله العراقي: إنّ إطلاق قذائف الكاتيوشا على مواقع القوات الأمريكية والبعثات الدبلوماسية "لم يكن سوى رسالة مفادها أنكم لستم موضع ترحاب في هذا البلد"، وأنّ هجمات أكثر شدة سوف تأتي لاحقاً.

وأمام التهديدات والتهديدات المضادة، تقف الحكومة العراقية في موقف محرج، حيث إنّ قرار الهدنة يضعها في اختبار مع قدرتها على تقليم أظافر الميليشيات الشيعية، وما إذا كانت ستواصل حملتها لضبط الأمن وسحب السلاح، أم أنها سوف تستسلم أمام واقع الأزمات الاقتصادية والسياسية، والاضطراب في الشارع العراقي، وأزمة كورونا.

وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو

ويرى مراقبون أنّ قرار الميليشيات خرج ليس فقط لتجنب استهدافها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن أيضاً من أجل تجميد حملة أمنية عراقية كانت ستستهدف تلك الميليشيات، ما يضعها في مواجهة مزدوجة ربما تعجز عن مجابهتها، لا سيّما في ظل الأوضاع الصعبة في طهران المرتبطة بها تلك الفصائل.

اقرأ أيضاً: كيف استقبل العراقيون لقاء مبعوثة أممية مع قائد في الحشد الشعبي؟

وفيما كان الكاظمي قد شدد خلال اجتماع في 6 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري مع لجنة تحقيق عن الخروقات الأمنية واستهداف البعثات الدبلوماسية على أنه "لا أحد غير الدولة العراقية يملك قرار الحرب أو السلام"، بحسب بيان حكومي نقلته "روسيا اليوم"، مخوّلاً اللجنة للحصول على أيّ معلومات تطلبها من أيّ جهة للخروج بنتائج تستردّ هيبة الدولة، خرجت الميليشيات الشيعية لتعلن هدنة رغم أهميتها، لكنها تضع هيبة الدولة في اختبار جديد.

اقرأ أيضاً: "يكفي لبناء دول".. خبراء يكشفون بالأرقام حجم "أموال العراق الضائعة"

وفي غضون ذلك، نفت الحكومة العراقية توصلها إلى "هدنة مشروطة" مع الميليشيات المسلحة. ونقلت جريدة "العرب" اللندنية عن مصدر في مكتب رئيس الوزراء العراقي نفيه أن تكون الحكومة قد تفاوضت مع أيّ فصيل مسلح لوقف الهجمات على السفارة الأمريكية في بغداد.

وقال المصدر: إنّ "الحكومة لم تتوصل إلى هدنة مشروطة مع أيّ فصيل مسلح لوقف استهداف السفارة الأميركية"، مشيراً إلى أنّ إعلان الكتائب جاء بعدما بدأ الجيش العراقي عملية إعادة انتشار في العديد من المناطق داخل العاصمة العراقية لملاحقة مطلقي صواريخ الكاتيوشا على مطار بغداد والسفارة الأمريكية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية