قواسم مشتركة وصراع تاريخي.. هل يستفيد الإخوان من سيطرة طالبان؟

قواسم مشتركة وصراع تاريخي.. هل يستفيد الإخوان من سيطرة طالبان؟


22/08/2021

يبدو أنّ جماعة الإخوان المسلمين قد وجدت في سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان، مخرجاً للأزمة الطاحنة التي تعصف بالتنظيم وتهدد بنهايته، وهو ما جعل قيادات بارزة تسارع بتقديم التهاني للحركة بعد ساعات من وصولها العاصمة كابل رافعين شعار "طالبان هي الحل"، على حد وصف القيادي المحسوب على التنظيم مصطفى البدري.

وتؤكد مصادر مصرية مطلعة أنّ عدة اتصالات جرت بين قيادات التنظيم الدولي للإخوان في تركيا وبريطانيا ومسؤولين من حركة طالبان على مدار الأشهر الماضية، لطلب المساعدة، وبحث إمكانية نقل عناصر التنظيم المطاردين في تركيا ودول أوروبية إلى أفغانستان في حال سيطرة الحركة على الحكم.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"حفريات"، فإنّ التواصل لم ينقطع بين قيادات الحركة وحلفائها من التنظيم الدولي، خاصة وقت وصول الجماعة للحكم في عدة دول عربية والإفراج عن المتهمين في قضايا الإرهاب (العائدين من أفغانستان) في القاهرة، بأمر مباشر من الرئيس الإخواني محمد مرسي.

وتشير المصادر إلى أنّ قيادات التنظيم الدولي طلبت دعماً مباشراً من طالبان خلال الأشهر الماضية، وبالتزامن مع التضييق الذي عاشته الجماعة في تركيا على وقع محاولة التفاهم مع القاهرة.

وصف مراقبون تحركات الجماعة بأنّها محاولة للخروج من الأزمة الطاحنة التي تمر بها في ظل تضييق الخناق عليها، وتصاعد وتيرة الخلافات الداخلية بمساعدة طالبان التي تحمل نفس الأيديولوجيا المتطرفة وتربطها بتنظيم الإخوان علاقة تاريخية، مشيرة إلى سعي التنظيم الدائم لفتح قنوات للتواصل مع الحركة وتجاوز الخلافات القديمة لطلب المساعدة وتوفير ملاذات بديلة آمنة لعناصره الهاربين من عدة دول.

قواسم مشتركة ونزاع تاريخي

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي، عمرو فاروق، إنّه "بالرغم من القواسم الفكرية المشتركة بين جماعة الإخوان وحركة طالبان، لكنْ ثمة خلاف تاريخي تنافسي على السلطة منذ سيطرة الثانية على كابول في أيلول (سبتمبر) 1996، انحازت فيه الجماعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد طالبان وإسقاطها العام 2001".

ويوضح فاروق في تصريحه لـ"حفريات"، أنّ "جماعة الإخوان داخل أفغانستان كانت لا ترغب في وجود فصيل منافس لها في السلطة التي تتشارك فيها مع الحكومة الأفغانية منذ بداية الألفية الجديدة، وتقديم نفسها القوى الأصولية الأكثر هيمنة على المشهد الداخلي الأفغاني من خلال سيطرتها على مفاصل المؤسسات السيادية والسياسية والاجتماعية".

 جماعة الإخوان وجدت في سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان مخرجاً للأزمة الطاحنة التي تعصف بالتنظيم

وأشار  إلى أنّ "ملامح الصراع المحتدم والمتوقع بين أتباع حسن البنا، وتلاميذ الملا عمر (مؤسس حركة طالبان)، يدفع بحالة عبثية في كابول، في ظل إصرار كل طرف منهما على الانفراد بالساحة الأفغانية، وتطبيق سيناريوهات الوصول لدولة الخلافة المزعومة والمستحيلة، وفقاً لمعطياته الأيديولوجية والتنظيمية".

ولكن فاروق يشير في الوقت نفسه إلى مواقف الدعم التي قدمتها جماعة الإخوان للحركة وقت حربها على السوفييت قائلاً: "إن مع اشتعال الحرب الأفغانية السوفيتية التي استمرت بين عامي 1979 و1989، كانت جماعة الإخوان الداعم الأساسي والممول الرئيسي لجبهات المقاتلين الأفغان، تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية، التي أطلقت عليهم "السلاح السري" في حرب الظل ضد الاتحاد السوفييتي، وفقاً لكتاب "النوم مع الشيطان"، لضابط الـ CIA  المتقاعد، روبرت باير، المسؤول عن عمليات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، كاشفاً توظيف المخابرات الأمريكية لجماعة الإخوان، في القيام بأعمال منبوذة في كل من اليمن وأفغانستان".

 ملاذ آمن

من جانبه لفت أحمد عاطف رئيس تحرير موقع أمان، المختص بالإسلام السياسي، إلى أنّ "تنظيم القاعدة كان أول المهنئين لحركة طالبان بعد سيطرتها على المدن الأفغانية، مؤكداً لـ"حفريات"، أنّ "الأخيرة حاولت بعث رسائل طمأنينة للعالم بشأن تعليم النساء وتوفير بيئة آمنة للأهالي، لكنها رسائل لا تخرج عن "المناورة"، لأنّها حركة راديكالية "إرهابية" ولن تتوقف عن ممارستها الدموية السابقة".

وأوضح عاطف أنّ "قيادات التنظيم الدولي للإخوان رحبوا بعودة طالبان إلى الحكم بشكل يعكس رغبتهم في التنسيق بين الجانبين"، مشيراً إلى أنّ بعض عناصر التنظيم عبر منصات التواصل الاجتماعي بدؤوا بترويج شعار "طالبان هي الحل"، بديلاً عن شعار الجماعة التاريخي "الإسلام هو الحل"، وهو ما رأى فيه عاطف أنّ "الجماعة قد وجدت أخيراً، وفي ظل تفاقم الأزمات التي تحاصرها وتضييق الخناق عليها، متنفساً لحل أزمتها".

يتابع عاطف أنّه "بالرغم من أنّ طالبان قد تعهدت، ضمن اتفاق السلام مع أمريكا أنها لن تستضيف على أراضيها أياً من عناصر التنظيمات الإرهابية سواء القاعدة أو داعش أو الإخوان، بما يشكل خطراً على الدول الغربية في الأساس، لكنها حتماً ستتراجع عن هذا التعهد، وستفتح البلاد أمام تلك العناصر من جميع البلدان لتوفير مأوى آمن لها".

وحول طبيعة العلاقة بين جماعة الإخوان وحركة طالبان يقول عاطف إن لها امتدادات تاريخية، مشيراً إلى الزيارة المعروفة للقيادية الإخوانية زينب الغزالي إلى أفغانستان لتقديم مساعدات مالية ولوجستية للحركة وقت الحرب على السوفييت، و"إن كانت قد شهدت تحولات بسبب النزاع بينهما فيما بعد".

ويؤكد الباحث المصري أنّ ما سيحدث في أفغانستان هو أشبه بتجمع لحواضن الفكر الإرهابي الدولي، بين مختلف الجماعات ذات الأيديولوجيا المتطرفة، وهو ما ستسعى طالبان إلى تحقيقه وستكون جماعة الإخوان أحد أهم أضلع هذا المخطط.

مناورة لكسب تأييد المجتمع الدولي

تحاول حركة طالبان إقناع المجتمع الدولي والمحلي بأنّها لم تعد حاضنة للتنظيمات الإرهابية، وأنها تحتكم للديمقراطية، وتلتزم بالحريات، وتعهدت باحترام حقوق المرأة، وحماية الأجانب والأفغان على السواء، لتحصد مكتسبات سياسية على أرض الواقع بعد استيلائها على السلطة في أفغانستان.

وقالت الحركة، في بيان لها نقلته وكالة "فرانس برس": "صدر عفو عام عن الجميع، لذا يمكنكم معاودة حياتكم الطبيعية بثقة تامة".

عدة اتصالات جرت بين قيادات التنظيم الدولي في تركيا وبريطانيا ومسؤولين من الحركة على مدار الأشهر الماضية

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال": إنه في اليوم الأول من سقوط كابول سيطر مقاتلو طالبان على الشوارع وفتشوا منازل ومكاتب المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام، وخيّم الخوف والخطر على جميع أنحاء العاصمة الأفغانية.

 وأضافت: "نصب مسلحون نقاط تفتيش في أنحاء المدينة التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة، وفرضوا في تمام الـ9 مساء حظر التجول، واستولوا على مواقع الجيش والشرطة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية