كاد المريب أن يقول خذوني: هل فجّر حزب الله ميناء بيروت؟

كاد المريب أن يقول خذوني: هل فجّر حزب الله ميناء بيروت؟


14/10/2021

ما زال حزب الله يتحكّم في لبنان ويمنعه من التنفس. هذا أمر تدعمه الوقائع كل يوم؛ حيث يتأكد أنّ الحزب الذي يهيمن على الفضاء والماء والهواء اللبناني، مدعوماً بسلطة الولي الفقيه في طهران، لا يريد لأي طرف أن يمسسه من قريب أو بعيد، ويريد كما يقول خصومه أن يظل بعيداً عن المساءلة والمحاسبة والمحاكمة.

وهذا ما يفسر الانفعال السياسي الذي بلغه أمين عام الحزب حسن نصرالله وهو يتوعد الحكومة اللبنانية: إما أن يتنحى القاضي طارق البيطار، أو ينفرط عقد الحكومة، ولا خيار ثالث في هذه القضية التي جعلت الحزب وأنصاره يصابون بالفوبيا: فوبيا اتهامهم بالمسؤولية عن تفحير ميناء مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) 2020.

اقرأ أيضاً: حزب الله وأمل يهددان بالانسحاب من الحكومة اللبنانية... ما علاقة مرفأ بيروت؟

وقدر مراقبون لبنانيون أن تكون ورقة البيطار الضربة القاصمة التي تطيح حكومة نجيب ميقاتي، كما أطاح الانفجار لحظة وقوعه حكومة حسان دياب.

أمس، نفد صبر حزب الله الذي اتهم واشنطن بالتدخل بتحقيقات انفجار مرفأ بيروت بعد معلومات تحدثت عن توجه لجنة التحقيق التي يقودها البيطار لاتهام حزب الله بالمسؤولية عن الانفجار.

القاضي طارق البيطار يضع حزب الله في قفص الاتهام

واتهم نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، حزب الله بتهديد القضاء اللبناني، ووضع مصالحه ومصالح إيران فوق مصالح الشعب اللبناني، فيما ردّ حسن فضل الله النائب عن حزب الله أنّ هذه التصريحات تمثل انتهاكاً للسيادة اللبنانية وتظهر "مستوى التدخل للسيطرة على التحقيق في انفجار ميناء بيروت".

البيطار يتجه لاتهام حزب الله

ونقلت وسيلة إعلامية لبنانية عن مصادر في حزب الله وحركة أمل تحذيرهما من أنّ "القاضي طارق البيطار يتجه لاتهام حزب الله بجريمة تفجير المرفأ، ولا يمكن للحزب أن يتحمل نتيجة جريمة لم يرتكبها"، بحسب موقع "العربية نت".

التنمر الذي يقوده حزب الله وحلفاؤه بشأن القاضي البيطار يهدد بتصاعد التوتر ويدفع لبنان في أتون أزمة سياسية جديدة في اختبار لحكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي

وتابعت المصادر أنّ "المطلوب كف يد البيطار عن التحقيق وإلا".

وعلى وقع تهديدات حزب الله لقاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول لبناني قوله إنّ الحكومة اللبنانية أجلت جلستها المخصصة لبحث إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.

وفي هذا الإطار، أرسلت الأمانة العامة لمجلس النواب كتاباً لوزارة الداخلية والبلديات اعتبرت فيه أنّ "السير بالإجراءات اللازمة فيما يتعلّق بجريمة انفجار مرفأ بيروت لا يعود اختصاصه للقضاء العدليّ"، مشدّدة على أنّ "أيّ إجراء من قبله يتعلّق بأحد الرؤساء والوزراء والنواب يعتبر تجاوزاً لصلاحيته".

كيف يتم الاعتراض على تحقيق في جريمة قتل أكثر من مائتي شخص؟

من جهته، طالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيسيْ الجمهورية والحكومة برفض الإذعان لترهيب حزب الله بشأن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.

وأضاف جعجع بأنّ على رئيسي الجمهورية والحكومة الاستقالة فوراً إذا خضعا لتهديدات حزب الله، داعياً إلى الاستعداد لإغلاق عام سلمي في حال حاول الفريق الآخر فرض إرادته بالقوة، مؤكداً أنّ خضوع رئاستي الجمهورية والحكومة لأي ابتزاز إضافي سيكون بمثابة مسمار إضافي وأخير في نعش ما تبقى من الدولة اللبنانية.

اقرأ أيضاً: حزب الله يفتح النار على قاضي التحقيق بقضية المرفأ.. ما الجديد؟

وأثار هجوم أمين عام حزب الله على المحقق العدلي البيطار، ومطالبة الحكومة اللبنانية بالتدخل، جملة أسئلة عن أسباب مخاوف الحزب من هذا التحقيق، كون الاستدعاءات لم تطل الحزب مباشرة، بل طالت شخصيات حليفة له، وهو ما ينظر إليه خبراء على أنه ناتج عن "إحراج الحزب وقلقه" من الادعاءات القائمة.

حزب الله يطالب بقاض "صادق وشفاف"

ودخل الحزب مباشرة في مواجهة مع البيطار، بالمطالبة بقاض "صادق وشفاف" لاستكمال التحقيق في الملف. وقال حسن نصر الله مساء الإثنين: "نعتبر ما يحدث خطأ كبيراً جداً جداً... ولن يوصل إلى حقيقة ولن يوصل إلى عدالة بل إلى ظلم وإخفاء الحقيقة". واتهم نصر الله المحقق البيطار بـ"الاستنسابية والتسييس"، وبالعمل "في خدمة أهداف سياسية".

اقرأ أيضاً: حزب الله يدين نفسه في تفجيرات مرفأ بيروت... ما الجديد؟

وفي رده على كلام نصرالله، قال جعجع إنّ هذا كلام "غير مقبول لا شكلاً ولا مضموناً"، لافتاً إلى أنّ حزب الله "لا يريد التحقيق من أصله، "أو على الأقل يريده شكلياً حتى لا يصل القضاء إلى الحقيقة كما فعل في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري".

وذكر جعجع أنّ "القوات اللبنانية تعتبر أنّ لا حصانة على أحد في ملف كبير مثل ملف انفجار المرفأ بدءاً من رئيس الجمهورية وصولاً إلى أصغر موظف في الدولة". وقال: "حزب الله غير راض عن المحقق العدلي ومحكمة الاستئناف ومحكمة التمييز، ومجلس القضاء الأعلى لا يعجبه، يعني كل القضاء في نظره غير مقبول، إلا إذا كان طيعاً بين يديه. هذا الأمر بات واضحاً، وهذا الأداء يدل على مسؤولية ما لحزب الله في الانفجار".

استجواب مسؤولين للاشتباه بأنهم كانوا على علم بالمواد الكيميائية المخزنة في الميناء

وصرح عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب طوني حبشي  لصحيفة "الشرق الأوسط" بأنّ الهجوم على القاضي "يأتي من أركان السلطة وهو ما يثير الخوف على المسار القضائي الذي يقوم به القاضي البيطار"، وقال إنّ ما يجري "بدأ يطرح الشكوك حول نوايا المعترضين على المسار القضائي ووقوفهم بوجه البيطار"، موضحاً أنه "بدأ يرخي بظلال الشك حول تورط من يريد أن يوقف هذا التحقيق ومنعه من التوصل إلى نتيجة، وبالتالي يرفض أن تكون هناك محاكمة بأي ملف".

اقرأ أيضاً: كيف أحيا اللبنانيون الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت؟

وشدّد حبشي: "من المعيب أن يعترض أي طرف على هذا التحقيق في جريمة قتل أكثر من مائتي شخص وتدمير نصف العاصمة، وبالتالي يجب أن يُترك البيطار في مساره حتى يعطينا النتائج وهناك نحكم عليها".

ومهد الحزب لهجومه على البيطار بجملة تصريحات بدأت في أغسطس (آب) الماضي، بالتلميح إلى "استنسابية" في الادعاءات، واستتبع ذلك برسالة بعث بها رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا إلى البيطار، وتوعد فيها بإزاحته بالقانون، قبل أن يُستكمل الهجوم في تصريح نصر الله الذي طالب بتنحية البيطار عن الملف واستبداله بواسطة قاضٍ آخر.

عون يعارض نصرالله

وفي سياق التوازنات السياسية التي تتوارى في هذه القضية، يتجلى موقف واضح للتيار الحر الذي يقوده جبران باسيل ويمثل رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث يقول الكاتب علي الأمين لـ"الشرق الأوسط": "من الطبيعي أن يدرك التيار الوطني الحر أنّ هذا التفجير استهدف مناطق المسيحيين بشكل خاص، وهناك إجماع من الكنيسة إلى الجهات السياسية المسيحية على ضرورة التحقيق بالملف، وبالتالي، فإنّ التيار لن يستطيع أن يواجه البيطار في هذا الملف، حتى لو تعرض لضغوط من حزب الله"، موضحاً أنّ وقوف التيار في مواجهة القاضي "سيعني نهايته السياسية في الشارع المسيحي، وبالتالي فإنّ التيار يعمل لمصلحته، لذلك لا يستطيع أن يراعي الحزب في هذا الملف".

سمير جعجع: كل القضاء في نظر حزب الله غير مقبول، إلا إذا كان طيعاً بين يديه. وهذا الأداء يدل على مسؤولية ما لحزب الله في الانفجار

التنمر الذي يقوده حزب الله وحلفاؤه يهدد بتصاعد التوتر ويدفع لبنان في أتون أزمة سياسية جديدة في اختبار لحكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الجديدة، التي تبذل فيه جهوداً مضنية لانتشال البلاد من الانهيار الاقتصادي، في وقت تواجه جهود القاضي العدلي لاستجواب كبار المسؤولين للاشتباه بأنهم كانوا على علم بالمواد الكيميائية المخزنة ولكنهم لم يفعلوا شيئاً لتجنب الكارثة، عقبات سياسية، بحسب "رويترز".

وسعى البيطار إلى استجواب أحد كبار السياسيين في البلاد، وهو وزير المالية السابق علي حسن خليل الذي قال إنّ جميع الخيارات مفتوحة للتصعيد السياسي عندما سُئل خلال مقابلة أول من أمس الثلاثاء عما إذا كان من الممكن استقالة بعض الوزراء.

خليل هو الذراع اليمنى لرئيس مجلس النواب نبيه بري وحليف وثيق لحزب الله. وقال لقناة "الميادين" إنّ مسار التحقيق يهدد بدفع لبنان "نحو حرب أهلية".

ويرى نزار صاغية رئيس المفكرة القانونية، وهي منظمة أبحاث، بأنّ الحكومة لا تملك سلطة عزل البيطار، لكنها قد تلغي قراراً سابقاً يقضي بإحالة التحقيق إلى المجلس العدلي، وهذا سيكون اعتداء كبيراً على "فصل السلطات".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية