كشفتها قضية "قنطار".. منظمة "إيسنا" الإخوانية بوابة أردوغان لاختراق أمريكا

كشفتها قضية "قنطار".. منظمة "إيسنا" الإخوانية بوابة أردوغان لاختراق أمريكا


12/06/2019

يستغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعيات الإسلامية المتطرفة لاختراق المجتمعات الغربية والأمريكية، معتمداً على التجمعات الإخوانية، خصوصاً في الولايات المتحدة، بهدف النفوذ إلى دوائر صنع القرار الأمريكي، ومحاصرة معارضيه في الخارج.

قضية لاعب كرة السلة التركي أنس قنطار، الذي يلعب في صفوف نادي بورتلاند تريل بليزر، بدوري كرة السلة الأمريكية، والذي تطارده سلطات أنقرة، في أعقاب مسرحية الانقلاب الفاشل، عام 2016، لانتقاده الرئيس رجب إردوغان، أزاحت الستار عن حقيقة علاقة بين نظام إردوغان بالجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، وهي واحدة من أقدم وأشهر الجمعيات الإخوانية المتوغلة في الولايات المتحدة، ولها صلات واضحة بجماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة .
أردوغان وصف قنطار بـ "الإرهابي" بعد أن صرح الأخير بأن الشيء الوحيد الذي يرهبه هو حلقة السلة، ردا على تهديدات أنقرة، ليصبح اللاعب الشهير شخصًا غير مرغوب فيه في بلده الأم، وملاحق من قبل أجهزة أردوغان الأمنية داخل الولايات المتحدة نفسها.
واستخدم أردوغان أذرعته لمطاردة قنطار، وهي المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة، وعلى رأسها جمعية "إيسنا" لمقاطعة معسكرات كرة السلة الخاصة بقنطار، وفقا لموقع أمريكان ثينكر الأمريكي.

الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية
هي واحدة من أهم أذرع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، ويدعمها رجب أردوغان بقوة، ويستخدمها لبسط نفوذه داخل الولايات المتحدة، بسبب تشعب هذه الجماعة ونفوذها القوي وعلاقاتها داخل أروقة الحزب الديمقراطي، أحد الحزبين السياسيين الرئيسيين في الولايات المتحدة.
تأسست الجمعية في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، وتعتبر إحدى أهم أذرع وأدوات الجماعة للسيطرة على مقاليد الأمور في واشنطن، وحلقة الوصل بين الجماعة الأم والتنظيم الدولي والإدارة الأمريكية، خاصة البيت الأبيض والكونجرس الأمريكي، بعد قدوم المئات من شباب المسلمين إلى الولايات المتحدة للدراسة، خصوصا في جامعات الينويس، وإنديانا وميتشيجان، فأسست رابطة شباب المسلمين في عام 1963.
المؤسس هو الدكتور أحمد القاضي، المراقب العام في الولايات المتحدة، مصري من محافظة كفر الشيخ، ولد في 1 أغسطس 1940.
والإمام محمد ماجد هو الرئيس الحالي للجمعية، سوداني الأصل، ولد في شمال السودان عام 1965، والده كان أحد أهم أئمة مسلمي السنة في إفريقيا، وكان مفتي السودان لسنوات، جاء إلى الولايات المتحدة عام 1987، أكمل تعليمه الديني في التخصصات الإسلامية المختلفة، وهو باحث مقيم في معهد المدينة المنورة، وعمل أستاذا في تفسير القرآن في جامعة "هوارد" في عام 1997، وأصبح المدير التنفيذي لجمعية المساحة التي تضم مساجد مدينة دالاس.

وفي عام 1981 تحولت إلى الرابطة الإسلامية لأمريكا الشمالية "ISNA" ومولتها في ذلك الوقت بعض الدول الإسلامية، والتي أسست جزئياً بدورها من قبل جماعة الإخوان.
وطوال العشرين عاما الماضية، تلقت الجمعية الدعم من قبل قيادات التنظيم الدولي للجماعة، وفي مقدمتهم  الشيخ يوسف القرضاوي، وأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، والرئيس رجب إردوغان، وحزب العدالة والتنمية التركي.
تسيطر "إيسنا"، بالتعاون مع الأمانة العامة الإسلامية في أمريكا الشمالية، على 50 إلى 80 %  من المساجد في أمريكا وكندا، هذا النفوذ يسهل سيطرة أنقرة بشكل كامل على دور العبادة، وتوجهاتها في الشارع الأمريكي.

العلاقة بين التنظيم والإدارة الأمريكية

الجمعية لها علاقات قوية بالحزب الديمقراطي بالولايات المتحدة، وهناك أعضاء بالمنظمة تقلدوا مناصب استشارية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، والتقى العديد منهم.
كما أن القوات المسلحة الأمريكية اختارت رجلي دين، ينتميان للإخوان المسلمين، ضمن برنامج تديره "إيسنا"، وهما عبد الرشيد محمد، مدير خدمات العبادة، والوكيل المصدق بالجمعية، والذي خدم في الجيش الأمريكي ما يزيد على 15 عاماً، ومنجي ملك عبد المتعالي نويل الابن.
فقد أعدت "إيسنا" مؤتمراً إسلامياً سنوياً، تلقى فيه خطبٌ لرجال دين في الجيش وفي أنظمة السجون الأمريكية، ضمن برنامج "اختيار رجال الدين المسلمين في الجيش الأمريكي" أعدته قيادات البنتاجون في عام 1993.
ومنذ وصول الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى البيت الأبيض، وهو يختار عناصر إخوانية في إدارته، ويأتي أبرز مَن ضمهم الفريق الرئاسي لأوباما، الإمام محمد ماجد رئيس الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، والذي عين مستشاراً لأوباما في الشؤون الإسلامية لمسلمي أمريكا، رغم وجود صلاتٍ بين إيسنا وجماعات إرهابية عدة، إذ إن الوكيل المصدق نفسه، عبد الرشيد محمد، متهمٌ بإقامة صلاتٍ مع تنظيم القاعدة، وهو أمر كان محل انتقادات داخل المجتمع الأمريكي مؤخرا، خاصة من قبل الأوساط المحافظة.
بدأت مغازلة أوباما للجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية في مرحلة مبكرة، حيث تمت دعوة رئيستها السابقة، "إنجريد ماتسون" للمشاركة في صلاة تنصيب أوباما في الكاتدرائية الوطنية، في 21 يناير 2013.

علاقة "إيسنا" بالقرار الأمريكي بدأت قبل ولاية أوباما الثانية، فقبل أسبوع من موعد الانتخابات الرئاسية، كان المدير الإقليمي لمكتب الجمعية المشبوهة، المعني بالشؤون الدينية والدعم المجتمعي، سيد سعيد، جزءاً من المفوضين الذين قاموا بلقاء مديري فريق أوباما الانتقالي.
ومثلت إنجريد ماتسون المسلمين الأمريكيين في الانتخابات الرئاسية، وفي العشاء الرمضاني الذي أعده أوباما في البيت الأبيض.
وفي يونيو 2009، قامت مساعدة أوباما فاليري جاريت بدعوة السيدة ماتسون للعمل في مجلس البيت الأبيض للنساء والبنات، والذي تقوم هي برئاسته.
وعقب تنصيب أوباما لمرحلته الثانية بشهر واحد، قامت وزارة العدل الأمريكية بوضع منصة معلومات في معرض أقامته إيسنا في العاصمة واشنطن، وخلال ذلك الشهر أيضا، قامت "فاليري جاريت"، مستشارة أوباما، ذات الأصول الإيرانية، بافتتاح المؤتمر السنوي السادس والأربعين للجمعية، وشاركت جاريت في الافتتاح، كجزء من حملة أوباما الرامية إلى التواصل مع المسلمين.

صلات بالجماعات الإرهابية
كشفت أعمال المنظمة عن وجود صلات ظاهرة، وأخرى خفية، مع جماعات إرهابية عدة، وسط صمت أو حتى تواطؤ أمريكي رسمي في بعض الأحيان.
وعقب توسع علاقات "إيسنا" بالجماعات الإرهابية والمنظمات الإسلامية ذات الفكر المتشدد، اعتبرت المنظمة في مايو 1991 واحدة من الجماعات الموالية في التفكير لجماعة الإخوان، وتهدف إلى تدمير أمريكا، وذلك في مذكرة صادرة عن الإخوان المسلمين، بشأن الهدف الاستراتيجي العام للجماعة في أمريكا الشمالية.
كما تعتبرها وزارة العدل الأمريكية، "متآمرة" بسبب جمعها تمويلاتٍ لحركة حماس، فرع جماعة الإخوان في قطاع غزة،
وصف ستيفن شوارتز، المختص بشؤون الإسلام، "إيسنا" بأنها واحدة من القنوات الرئيسة التي يمر عبرها المتطرف للولايات المتحدة، كما يصنفها ستيفن إيمرسن الخبير في قضايا الإرهاب، جماعة متطرفة، تختبئ تحت غطاء كاذب من الوسطية، حيث تقوم بنشر مجلة نصف شهرية بعنوان "آفاق إسلامية" والتي دائماً تمجد الميليشيات المتطرفة، بالإضافة إلى أن الجماعة تعد مؤتمرات سنوية تدعو لها ميليشيات متطرفة، وتعطيها المنصة لنشر العنف وخطابات الكراهية.
وتورطت الجمعية - فرع كندا- في دعم وتمويل جماعة مسلحة، هي حزب المجاهدين، التي تنشط في إقليم كشمير بالهند، ما ترتب عليه قرار من مصلحة الأمن الكندي بحظر نشاطها الذي يتخذ من العمل الخيري ستارًا.

العلاقة بأردوغان
كشف موقع "أمريكان ثينكر" أن يوسف كافاكشي، وهو رجل دين مؤيد لأردوغان، كان في السابق عضوا بالجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، وعمل لفترة رئيسا للمحكمة الإسلامية التي أثارت ضجة لإعلانها أنها ستستخدم الشريعة لحل النزاعات داخل المجتمع المسلم، خلال فترة حكم العمدة بيت فان دوين، لمدينة إيرفينج بولاية تكساس، والذي يعد واحدا من أخطر أذرع إردوغان في تركيا، وحلقة الوصل بينه وبين الجمعية.

وكشف الموقع الأمريكي تولي بنات كافاكشي وأحفاده مناصب حكومية في تركيا، حيث تعمل ابنته الصغرى، رفزا كافاكشي، نائبة بحزب العدالة والتنمية عن مدينة إسطنبول، إلى جانب عضويتها بهيئة القرار والتنفيذ المركزي للحزب التركي الحاكم، ابنته كافاكشي الكبرى تدعى مروة، هي سفيرة أنقرة في كوالالمبور، ومستشارة الكونجرس للعالم الإسلامي، وكاتبة عامود، بصحيفة (Vakit) المحافظة.
وكما ورد سابقا في موقع "أمريكان سبكتاتور"، فإن نظام إردوغان يستغل على نحو متزايد الاتصالات مع الجماعات الإسلامية داخل الولايات المتحدة، مثل الجمعية الإسلامية الأمريكية، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، والدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية، للنفوذ إلى دوائر القرار في واشنطن، والآن يستغل تلك العلاقات لوضع ضغوط على معسكر تعليم كرة السلة للأطفال في ضواحي دالاس بولاية تكساس، انتقاما من قنطار.
رجال النظام التركي شاركوا أكثر من مرة في فعاليات المؤتمرات الخاصة بالجمعية، والكثير من المؤسسات التركية، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، مثلت تركيا في المؤتمر الذي نظمته جمعية الأمريكيين المسلمين، والجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية "ماس"في مدينة شيكاغو، وفقا للخبر الذي نشرته صحيفة "بورصادا بوجون" يوم 28 ديسمبر 2016، ما يؤكد العلاقة القوية بين الجمعية وأنقرة.
وخلال المؤتمر، بعث أردوغان رسالة إلى جمعيتي"إيسنا" و"ماس"، الذي انطلق في أواخر ديسمبر 2018، معربا عن سعادته لفوز عضوتين بالجمعية في انتخابات التجديد النصفي لمجلس النواب  الأخيرة بالولايات المتحدة.
وكانت رشيدة طليب، وإلهان عمر، قد تمكنتا من الفوز بانتخابات ولايتي ميتشغان ومينيسوتا، لتصبحا أول مسلمتين تحصلان على مقعد في مجلس النواب، خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي.

كما قامت سمية أردوغان، وزوجها سلجوق بيراكتار، والسفير التركي في واشنطن، سردار كيليتش، ونائبة حزب العدالة والتنمية في مدينة أسكي شهير، أمينة نور جوناي، بافتتاح معرض يتبع المؤتمر الذي نظمته الجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية، بالتعاون مع جمعية الأمريكيين المسلمين، وفقا للخبر الذي نشرته صحيفة "مرمرة هبر" يوم 27 ديسمبر 2016.

عن "عثمانلي"

الصفحة الرئيسية