كندا إذ تخالف المبادئ والمواثيق الدولية

كندا إذ تخالف المبادئ والمواثيق الدولية


08/08/2018

عبدالرحمن الجديع


تعتمد طبيعة العلاقات بين الدول على الاحترام والالتزام بمبادئ القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، والحرص على التقيّد بالأعراف والتقاليد الدبلوماسية. وبالتالي فإنّ تفاعل الدول بعضها مع بعض يأخذ هذه المفاهيم والممارسات بعين الاعتبار، ويضمن عدم الإخلال بها.

ومن الجدير بالذكر أنّ عدم التدخل في الشؤون الداخلية مبدأٌ اعترفت به وأقرته الدول، حتى قبل ميلاد الأمم المتحدة، وأكدته العديد من الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية هافانا 1928.

ومن أهم المبادئ التي أكد عليها ميثاق الأمم المتحدة هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. وجاءت المادة الثانية من الفقرة السابعة من مقاصد الأمم المتحدة لتنص على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ (للأمم المتحدة) أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما".

ولأنّ الطابع العام للعلاقات الدولية يقوم على مبدأ السيادة، لاسيما سيادة الدول على شؤونها الخاصة، بما في ذلك حقوق الإنسان، فقد أكدت العديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التزامها بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة على أساس سيادة الدول في شؤونها الخاصة، ما يكشف، بلا أدنى ريب، أنّ قرارات المجتمع الدولي تستهدف مراعاة هذه الالتزامات الدولية المرتبطة باستقلالية الدول في إدارة شؤونها، من أجل بناء عالم تسوده الثقة وعلاقات الصداقة والتحضر.

وإزاء هذه المعطيات القانونية والأعراف الدولية الواضحة، فإن تصرفات وزارة الخارجية الكندية، التي تملك سفارة لها في الرياض، تعد مخالفة لهذه الأعراف وتعدياً صارخاً على القوانين الدولية، وتتنافى مع الممارسات الدبلوماسية في المجتمع الدولي.

إنّ تدخل كندا في شؤون هي من اختصاص الدولة السعودية وحدها، يمثّل تصرفاً غير ودي ومرفوض، وتتحمل الحكومة الكندية، بالتالي، مسؤولية آثار هذه الأزمة الدبلوماسية العبثية، التي افتعلتها الخارجية الكندية، والتي تمس بشكل أساسي مصالح البلدين والشعبين.

إنه لمن العجب أن تقوم دولة، ترفع شعارات التحضر والالتزام بالمواثيق الدولية بالتدخل، في أمر يخضع للقضاء السعودي، وهو السلطة الوحيدة المختصة بمعالجة ما حاولت الخارجية الكندية أن تعتبره ساحة مواجهة.

إنّ الإجراءات التي اتخذتها المملكة بحق كندا تتفق مع الممارسات الدولية في مثل هذه الظروف، إذ كيف تسمح دولة مستقلة ذات سيادة لنفسها أن ترى دولة أخرى تتدخل في شؤونها الداخلية، وتتنمّر عليها، من دون أي مبرر، ثم تقف مكتوفة الأيدي، فلا تقوم بما يوقف التصرفات التي تستهدف إسالة لعاب الإعلام العالمي، بشكل غير مسؤول، وبعيد عن أبجديات الحكمة.

إنّ من يقدر القضاء ويوقّره لا يتدخل في قراراته، ولا يحاول التأثير عليها، وهذا ما تتعامل معه المملكة بكل شفافية، وهذا ما أكده بيان وزارة الخارجية السعودية الذي شدّد على أن "التدخل بالشؤون الداخلية للمملكة خط أحمر"، موضحاً أنّ توقيف الأشخاص الذين تحدثت عنهم كندا "تم من قبل الجهة المختصة وهي النيابة العامة لاتهامهم بارتكاب جرائم توجب الإيقاف وفقاً للإجراءات النظامية المتبعة".

وأشار البيان السعودي بشجاعة وشفافية واقتدار إلى أن هذه الإجراءات "كفلت لهم حقوقهم المعتبرة شرعاً ونظاماً، ووفرت لهم جميع الضمانات خلال مرحلتي التحقيق والمحاكمة".

واستهجنت الخارجية السعودية مطالبة كندا "بالإفراج الفوري" عن الموقوفين. وقالت إنّ استخدام هذه العبارة "مؤسف جداً"، مضيفة أنه "أمر مستهجن وغير مقبول في العلاقات بين الدول".

بيان الخارجية السعودية واضح كسطوع الشمس في رابعة النهار، وهذا نهج مستمد من التاريخ الطويل للمملكة العربية السعودية، التي تعتز بأنها دولة مستقلة ذات سيادة ولا تخضع لأحد، ولا تقبل من أحد التدخل في شؤونها الداخلية، كما أنها لا تتدخل في شؤون الدول الداخلية وتحترم قراراتها.

الإجراءات السعودية السريعة والحاسمة تثبت أنّ القرار السياسي في المملكة أقوى من أن تنال منه أية دولة، مهما رفعت من شعارات تحسبها برّاقة. وعلى كندا أن تتحمل تبعات سلوكها، وتكفّ عن ممارسة أدوار ستكلّفها أكثر من طرد سفيرها، و"تجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة بين المملكة وكندا"، حيث أشار بيان الخارجية السعودية الصائب، إلى احتفاظ المملكة "بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى".


عن "العربية"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية