كوالالمبور.. ولقاء المزايدات

كوالالمبور.. ولقاء المزايدات


25/12/2019

أحمد الحوسني

لتوجيه دعوة إليه لحضور القمة، تحدّث رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فأجابه الملك بهدوء، قائلاً إنّ هذا النشاط يمكن أن تقوم به منظمة التعاون الإسلامي، ولا داعي لصنع هيئات ومفوضيات ومنتديات جديدة. وما إن اعتذر الملك عن الحضور، حتى قام أحد أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر بالهجوم على المملكة، بسبب اعتذارها واعتذار رئيس إندونيسيا ورئيس وزراء باكستان.
ووفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الماليزية الرسمية، فقد قال مهاتير محمد للملك سلمان: «من الأفضل أن تستمر السعودية في لعب دورها.. إن ماليزيا صغيرة للغاية عن الاضطلاع بالدور المبتغى.. والقمة تهدف إلى إيجاد حلول جديدة للأمة الإسلامية».
وقد أكد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن إضعاف منظمة التعاون الإسلامي سياسة لا تتسم بالحكمة، وليس من مصلحة العالم الإسلامي ودوله. كما أشار إلى أن سياسة المحاور تجاه المنظمة وأعضائها هي أيضاً سياسة قصيرة النظر وتفتقر للحكمة، وأن العالم الإسلامي لن ينهض من خلال الاستقطاب والتفريق والتحزب، مؤكداً أن لا نهضة للعالم الإسلامي بغياب السعودية والأزهر الشريف.
ومن حق الدول الإسلامية وشعوبها أن تتساءل: ما الجديد الذي كان سيأتي به لقاء كوالالمبور؟ فإذا كانت المآخذ على منظمة التعاون الإسلامي، بقصورها في الأداء، وتناولاتها للقضايا الإسلامية التي تبرزها بعد كل اجتماع في بيانها الختامي، فما هي نتائج لقاء كوالالمبور، سوى بيان ختامي خرج من هناك بتوقيت المشرق؟!
لقد قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف العثيمين، إن الدعوة لعقد أي لقاءات أو قمم إسلامية خارج المنظمة، تمثل سلوكاً غير مسبوق. وأضاف العثيمين، في تصريحات خاصة لـ«سكاي نيوز عربية»، إنه ليس من مصلحة الأمة الإسلامية، عقد القمم واللقاءات خارج إطار المنظمة. وأشار إلى أن قيام عضو بعقد اجتماعات تخص العالم الإسلامي، خارج إطار المنظمة، هو شق للتضامن الإسلامي وتغريد خارج السرب. ووصف العثيمين منظمة التعاون الإسلامي بأنها «الصوت الجامع والمنصة الكبيرة التي تجمع العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه».
وقد قامت المنظمة عام 1969 إثر إحراق الصهاينة للمسجد الأقصى، وذلك بمبادرة من المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية، وقد ظلت تتوسع إلى أن بلغ عدد أعضائها 57 دولة.
ورغم أن النسبة الأكبر من تمويل المنظمة تقدمها المملكة العربية السعودية، فقد توالت على أمانتها العامة شخصيات من مختلف الدول، منها ماليزية وتركية وغيرها. وظلت المنظمة «الصوت الجامع والمنصة الكبيرة التي تجمع العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه».
ولا يخفى على أحد أن قمة كوالالمبور الفاشلة جاءت سعياً إلى إيجاد تحالف بين الإسلام السياسي بفرعيه السني والشيعي، بغية الالتفاف على الأزمات التي يعانيها النظامان التركي والإيراني، ومعهما الممول الخليجي المنشق.
وإذا كانت المزايدات على القضية الفلسطينية التي تستخدمها بعض دول قمة كوالالمبور في كل مناسبة، للمزايدة في مواقفها المكشوفة، فإن هذه الدول قدّمت في كوالالمبور مساهمة كبيرة أخرى في زيادة شق الصف الفلسطيني وتعظيم انقسامه، وذلك بدعوتها حركة «حماس» لحضور اللقاء وتجاهل السلطة الوطنية الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
لذلك يمكن القول بأن لقاء كوالالمبور لم يكن أكثر من محاولة لـ«تلميع» تحالف رباعي فضح توجهاته كغطاء لجماعة «الإخوان».

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية