كورونا والاحتلال الإسرائيلي يفرضان نظام التعليم عن بُعد

كورونا

كورونا والاحتلال الإسرائيلي يفرضان نظام التعليم عن بُعد


19/03/2020

تجاوباً مع قرارات الحكومة الفلسطينية تعليق العمل الأكاديمي والإداري في مؤسسات التعليم الفلسطينية، للحدّ من انتشار وباء "كورونا"، لجأ المعلمون في المدارس والجامعات إلى تشكيل مجموعات طلابية خارج المؤسسات التعليمية، لمواصلة المحاضرات الدراسية عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي والمنصات التعليمية المتخصصة، وذلك بعد إعلان وزارة التربية والتعليم الفلسطينية تبنّي التعليم الإلكتروني خلال فترة الطوارئ، وتعميم التعليم عن بُعد للاستفادة من الوسائل التقنية والتكنولوجية الحديثة.

وجود الحواجز الإسرائيلية التي تنتشر على مداخل المدن وتعيق وصول الطلبة إلى جامعاتهم ومدارسهم تجعل التعليم عن بُعد ضرورياً

وفرض وباء كورونا على المؤسسات التعليمية الاستعانة بنظام التعلم عن بعد، لتفادي تعطيل الدراسة حفاظاً على صحة الطلاب واستمرارية العملية التعليمية لحين الانتهاء من أزمة "كوفيد – 19"، وعودة المؤسسات التعليمية والأكاديمية لنظامها الاعتيادي قبل إعلان حالة الطوارئ.

وعلقت الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، في السادس من آذار (مارس) الدراسة الأكاديمية والإدارية في كافة فروعها، استجابة لإعلان الرئيس الفلسطيني حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية، بعد تسجيل إصابات مؤكدة بفيروس كورونا.

فرض وباء كورونا على المؤسسات التعليمية الاستعانة بنظام التعلم عن بعد لتفادي تعطيل الدراسة

وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قد أصدر في 5 آذار (مارس) الحالي، قراراً بإعلان حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية لمدة 30 يوماً، للتعامل مع وباء كورونا الذي وصل العديد من دول العالم ومن بينها فلسطين، كما منع رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد إشتية، كلّ مظاهر التجمهر والتجمّع، إضافة إلى إلغاء كامل حجوزات السياح.

اقرأ أيضاً: كيف لوّث فيروس كورونا الاقتصاد العالمي؟

وأقرّ قانون التعليم العالي الفلسطيني لعام 2018، ثلاثة أنظمة تعليمية، وهي نظام التعليم المنتظم الذي يتيح للطالب الالتحاق بالمؤسسة التعليمية وحضور المحاضرات بصورة منتظمة، ونظام التعليم المفتوح الذي يتيح فرص التعلم لكلّ شخص راغب فيه، بغضّ النظر عن عمره ومدى تفرغه للدراسة وحضور المحاضرات، ونظام التعليم الإلكتروني عن بُعد.

اقرأ أيضاً: "كورونا" والمساجد... وتناقضات "الإخواني"

ويوجد في الأراضي الفلسطينية نحو 17 جامعة في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يبلغ عدد الطلبة 218 ألف و113 طالباً، فيما يبلغ عدد المدارس 3 آلاف و79 مدرسة، منها 2267 حكومية بواقع 1852 في الضفة، و415 مدرسة في غزة.

اقرأ أيضاً: الدجل والخرافة في زمن "كورونا"

وتفيد بيانات الإحصاء الفلسطيني بأنّ أكثر من ثلث الأسر الفلسطينية لديها جهاز حاسوب، وأنّ حوالي 65% منها لديها نفاذ للإنترنت في المنزل عدا عن الإنترنت في الهواتف الخلوية، وأنّ أكثر من 80% من الأفراد يمتلكون المهارات الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

اقرأ أيضاً: فتوى جديدة لدار الإفتاء المصرية بشأن "غسل المتوفى بفيروس كورونا"

ودعت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، في 10 آذار (مارس)، إلى الاعتماد على بدائل في قطاع التعليم حال اقتضى الحال إغلاق المدارس مؤقتاً، بسبب فيروس كورونا المستجد.

جامعات تقليدية

من جهتها، تقول عميدة كلية العلوم التربوية ومديرة مركز التعلم الإلكتروني في جامعة النجاح الوطنية، سائدة عفونة، لـ "حفريات: إنّ "جاهزية بعض الجامعات الفلسطينية لخوض غمار التعليم عن بعد ليست عالية لكونها جامعات تقليدية نظامية؛ حيث يحتاج هذا النظام إلى بنية تحتية مناسبة، وتدريب وتأهيل المدرسين والأكاديميين، ووجود إستراتيجية مختلفة في التعليم للتعامل معه"، مشيرة إلى أنّ هناك جامعات فلسطينية تعمل بالتعلم عن بعد منذ فترات طويلة ليكون مسانداً للتعليم التقليدي، وهناك جامعات أخرى ما تزال في حاجة إلى العمل بهذا النظام بشكل أكبر".

نظام التعليم عن بعد من شأنه أن يحقق الأهداف المرجوة

وتضيف: "نظام التعليم عن بعد من شأنه أن يحقق الأهداف المرجوة في حال توفرت مهارات التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة من قبل المدرّسين والمحاضرين، خاصة أننا نعيش الآن في حالة طوارئ تتطلب من الطلبة والهيئة التدريسية العمل بطريقة مختلفة، لإنجاح هذا النظام بشكل دائم، وليس فقط خلال المرحلة الحالية التي يمر بها التعليم في الأراضي الفلسطينية".
التعليم عن بعد
وتابعت: "فكرة التعليم عن بعد تقوم على التعلم؛ حيث يكون الطلبة والمدرسون داخل منازلهم، ويتم تلقي الدروس والمحاضرات التعليمية بواسطة عدة برامج إلكترونية مسبقة الدفع، وأخرى مجانية، كبرنامج سكايب، والفيديو كونفرنس، أو على تطبيقات متعددة كزووم وغيرها، ويتوقف نجاح هذه العملية على مدى تفاعل المعلمين والطلبة مع بعضهم، للاستمرار في هذه العملية التعليمية".

اقرأ أيضاً: كيف يمكن "صناعة السعادة" مع وباء كورونا؟

ودعت عفونة من أجل الاستفادة من التعلم عن بعد بشكل دائم في كافة مراحل العملية التعليمية وليس فقط في أوقات الطوارئ، إلى ضرورة وضع سياسة واضحة من قبل وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية للتعلم عن بعد والتعلم الإلكتروني؛ لأنّه دون اعتماد هذه السياسة، لن يتم الانطلاق بهذا النظام، وسيتم الاقتصار على العمل به في أوقات الأزمات فقط.

اقرأ أيضاً: "كورونا" يقلب المعادلات ويخلط الأوراق

ويتمثل أبرز التحديات التي تواجه نظام التعلم عن بعد في فلسطين بحسب عفونة، في "ضعف شبكة الإنترنت في داخل الأراضي الفلسطينية بشكل كبير، وهو من شأنه أن يكون عائقاً أمام تلقي الطلاب للمواد التعليمية بشكل إلكتروني"، مبينة أنّ "وزارة الاتصالات يقع عليها دور كبير في تذليل العقبات، وتوفير شبكة الإنترنت بشكل مجاني للطلبة، وتحديداً الفقراء منهم، لتسهيل تلقيهم موادهم التعليمية دون أيّة عوائق".

تحديات أخرى

بدوره، يقول الخبير التربوي، عبد اللطيف عمايرة: "نظام التعليم عن بعد يجابه بالعديد من التحديات والمشكلات، من أبرزها أنّ البيئة التعليمية الفلسطينية غير مؤهلة لتقديم هذه الخدمة الإلكترونية، في ظلّ عدم وجود بنية تحتية، ومناهج تعليمية، وكوادر بشرية مؤهلة، حتى تتوافق مع النظام التعليمي الجديد، مع افتقار معظم المؤسسات التعليمية والأكاديمية الفلسطينية في توظيف التكنولوجيا الحديثة ضمن خططها التعليمية".

نظام التعليم عن بعد يجابه بالعديد من التحديات والمشكلات

ويضيف عمايرة، في حديثه لـ "حفريات": "النظام الجديد لن يقوم بتلبية رغبات الطلبة في التعلم عن بعد، لعدم تهيئتهم مسبقاً من قبل مؤسساتهم التعليمية على هذه البيئة الجديدة مقارنة بالنظام التعليمي الاعتيادي، التي تفتقر إلى الاتصال المباشر بين الطلبة ومعلميهم، وكذلك صعوبة متابعة الأهالي لأبنائهم أثناء العملية التعليمية، مع وجود أكثر من طالب داخل العائلة الواحدة".

اقرأ أيضاً: في ظلّ كورونا: 10 أفلام تنبأت بنهاية العالم

ولنجاح نظام التعليم الإلكتروني عن بعد، يقول عمايرة: "لا بدّ من إدراج التعليم الذاتي في المناهج التعليمية، وتدريب الطلبة على كيفية التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، ونشر بعض المناهج التعليمية التقليدية إلكترونياً بطريقة تعتمد تقنية التعليم عن بعد، لتهيئة الطلبة للاستفادة منها ومواصلة العملية التعليمية بشكل مستمر ودائم، وليست فقط في أوقات الأزمات والطوارئ".

بين الرفض والتأييد
ويرى أحمد معالي، الطالب في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الخليل؛ أنّ "التعلم عن بعد خطوة مفاجئة للكثير من الطلبة داخل الجامعة، وأعتقد أنّني غير مستعد لخوض غمار التعليم الإلكتروني لأسباب متعددة، أهمها؛ أنّ معظم الجامعات الفلسطينية غير مؤهلة لذلك النوع من التعليم على غرار التعليم التقليدي، كما أنّ التعليم عن بعد لطالما كان ينظر إليه بأنّه غير معترف به من قبل الجهات الرسمية المختصة".

أبرز التحديات التي تواجه نظام التعلم ضعف شبكة الإنترنت في داخل الأراضي الفلسطينية وهذا يقع على عاتق وزارة الاتصالات

وبين في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "نظام التعليم عن بعد لن يحقق أهدافاً ومخرجات العملية التعليمية المرجوة، مع سوء الخدمات التقنية والإلكترونية في فلسطين، وضعف خدمة الإنترنت، والذي بدوره لن يمكّن الطلاب من تلقي المواد التعليمية بطريقة فعالة".

أما توفيق العواودة، الطالب في كلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة القدس، فيقول لـ "حفريات" إن "المؤسسات التعليمية في حاجة إلى اعتماد نظام التعليم الالكتروني عن بعد على نطاق واسع، وهو ضرورة ملحة للعديد من الطلاب ليتم استخدامه بشكل أساسي في العملية التعليمية، وليس في أوقات الطوارئ، خاصة أنّ هناك العديد من الطلبة لا تسمح لهم الظروف الحياتية، وكذلك المنطقة الجغرافية من الانتظام بداخل مقاعد الدراسة، لوجود عوائق متعددة، كالحواجز الإسرائيلية، التي تنتشر على مداخل المدن وتعيق وصولهم إلى جامعاتهم ومدارسهم".


وتابع: "استخدام التعليم الإلكتروني يبقى أفضل من تعطيل العملية التعليمية بشكل كامل، تجنباً للإضرار بالمسيرة التعليمية"، مبيناً أنّ "من أكثر ما يساعد على نجاح النظام الحالي هو الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها الطلبة في استخدام التكنولوجيا الحديثة، والتعامل مع شبكة الإنترنت".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية