كيف تبدو علاقة السعودية بالصين وتعقيدات الانفصال عن واشنطن؟.. "بلومبيرغ" تجيب

كيف تبدو علاقة السعودية بالصين وتعقيدات الانفصال عن واشنطن؟.. "بلومبيرغ" تجيب


05/05/2021

أشار تحليل نشرته شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية أمس إلى أنه بعد خمس سنوات من كلام ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن أنّه "في عام 2020 يمكننا العيش بدون نفط"، ها هي شركة أرامكو العملاقة تسعى لجمع الأموال؛ وذلك بعدما أشار الأمير في حديثه التلفزيوني المطوّل والمهم الأسبوع الماضي إلى احتمال بيع 1٪ من أرامكو إلى "شركة ضخمة" في بلد مستورد للنفط. ويتساءل كاتب التحليل (Liam Denning): من سيدفع 19 مليار دولار مقابل قطعة صغيرة من الحلم السعودي؟ المرشحون الواضحون هم في آسيا، حيث تتدفق معظم صادرات النفط السعودية.

 

"بلومبيرغ": مغازلة بكين للرياض لها تكلفة، يجب على السعودية أن توسع خياراتها ولكن عليها أن تتجنب استعداء واشنطن

 

وتقول "بلومبيرغ" إنه يجب على الرياض أن توسع خياراتها، وفي الوقت نفسه تراعي علاقتها مع واشنطن؛ فمع أنّ "الانفصال عن العلاقة الأمريكية أمر حتمي إلى حد ما، لكن العملية محفوفة بالمخاطر"، على حدّ وصف الشبكة الأمريكية.

وتتابع "بلومبيرغ": يُقال إنّ الصين تجري مناقشات للاستحواذ على الحصة، وفقاً لتقرير لـ"رويترز" نشرته الأسبوع الماضي. يتضمن السيناريو البديل إحياء صفقة تأخذ بموجبها أرامكو حصة في قسم الطاقة في شركة ريلاينس إندستريز المحدودة في الهند مقابل مخزون بدلاً من النقد- مع أنه يبدو، كما كتب ديفيد فيكلينج سابقاً في شبكة "بلومبيرغ"، أنّ ذلك يتعارض مع المسار الذي تتجه إليه شركة ريلاينس.

وبحسب التحليل المنشور في الشبكة الأمريكية، فإنه "لا يوجد سبب تجاري واضح لشراء شركة نفط 1٪ من أرامكو. ففي أفضل الأوقات، تأتي حصص الأقلية في شركات النفط الوطنية بفوائد مشكوك فيها (ما لم يتم خصم هذه الحصة بشدة). وفي عالم يطالب فيه المستثمرون باستعادة الأموال من شركات النفط، أو يدفعون نحو خيارات أكثر خضرة (وصديقة للبيئة)، يبدو من الصعب تبرير تبذير ما يقرب من 20 مليار دولار على حصة منخفضة السيولة وعائد منخفض".

الأبعاد الإستراتيجية

وتلمح "بلومبيرغ" إلى أبعاد إستراتيجية للصفقة تتجاوز قيمتها المباشرة، مشيرة في هذا الصدد إلى أنه "عندما اشترت العديد من الشركات الغربية الكبرى خصخصة الصين لشركاتها النفطية الكبرى قبل عقدين من الزمن، كان جزءاً من الأساس المنطقي لذلك هو الفوز بالدخول إلى سوق سريعة النمو".

اقرأ أيضاً: إيران تعلن استعدادها الحوار مع السعودية... توجه حقيقي أم مراوغة؟

وتضيف: هذا أقل وضوحاً في حالة أرامكو. أكثر ما تريده دول مثل الصين هو نفط المملكة العربية السعودية. ومع نمو الطلب بشكل كبير في آسيا، يجب على المملكة العربية السعودية التنافس لبيعه لهم على أي حال. وتتابع "بلومبيرغ": في مقابلته التلفزيونية الأسبوع الماضي، أكد الأمير محمد بن سلمان بشكل لافت للنظر أنّ الولايات المتحدة الأمريكية "لن تكون دولة منتجة للنفط في غضون 10 سنوات". قد يشكل ذلك حجة مضادة جريئة وليس مجرد تمنٍ.

 

تظل أمريكا القوة العسكرية المهيمنة في منطقة الشرق الأوسط، ومن خلال قواتها البحرية، فهي الضامن الفعلي لناقلات النفط التي تبحر شرقاً

 

إنّ المملكة العربية السعودية، بحسب تحليل "بلومبيرغ"، هي التي "تحتاج إلى تأمين العملاء. وفي الواقع، فإنّ شراء 1٪ من أرامكو سيكون عملاً سياسياً إلى حد كبير". ومنذ ذلك الحين، تعمقت العلاقات بين الصين والمملكة العربية السعودية، التي بدأت ببيع الصواريخ في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، بسبب تعطش الصين للنفط، وفي الآونة الأخيرة، بسبب طموحاتها الجيوسياسية. ومع رغبة المملكة العربية السعودية في تحويل اقتصادها بعيداً عن النفط، تبدو هدفاً عملاقاً لمبادرة الحزام والطريق الثقيلة في الصين. في هذا السياق، يبدأ مبلغ 19 مليار دولار في الظهور كمجرد دفعة أولى للوصول إلى الاستثمار الصيني في مدينة نيوم، وفقاً لـ"بلومبيرغ".

بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإنّ عوامل الجذب واضحة. وتشرح "بلومبيرغ" ذلك بالقول: "تعثرت الخطة الأصلية للاكتتاب العام العالمي لشركة أرامكو بسبب الصدام بين الضرورات السياسية وواقع السوق. في الآونة الأخيرة، أخذت المملكة العربية السعودية ورقة من كتاب دولة الإمارات العربية المتحدة، وبدأت في توجيه أجزاء من قطاع الطاقة نحو أنواع معينة من المشترين، مع نتائج أفضل". وتضيف: "تمثل الصين زبوناً رئيسياً، ومصدراً محتملاً للاستثمار الأجنبي المباشر، وهي خيار للتحوط الجيوسياسي ضد الولايات المتحدة المتناقضة بشكل متزايد"، على حد تعبيرها.

التكلفة

وتستطرد "بلومبيرغ" بالتنبيه إلى أنّ "مغازلة بكين لها تكلفة أيضاً. قبل كل شيء، يجب على الرياض أن توسع خياراتها ولكن عليها أن تتجنب استعداء واشنطن-على سبيل المثال، إذا تم التعاقد مع شركة Huawei لبناء مدينة ذكية جديدة في الصحراء السعودية. ومع أنّ الانفصال عن العلاقة الأمريكية أمر حتمي إلى حد ما، فإنّ العملية محفوفة بالمخاطر. فعلى الرغم من كل تعقيداتها، تظل الولايات المتحدة الأمريكية القوة العسكرية المهيمنة في منطقة الشرق الأوسط، ومن خلال قواتها البحرية، فهي الضامن الفعلي لناقلات النفط التي تبحر شرقاً، ولا تزال الصين على بعد سنوات عديدة من إظهار هذا المستوى من القوة في الشرق الأوسط، على افتراض أنها قد ترغب في ذلك"، بحسب ما أوردت الشبكة الأمريكية. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية