كيف تحاسب "الروبوتات" إذا تسببت بحوادث خطيرة؟.. إليك الإجابة

توجد قاعدة قانونية سائدة في كل المجتمعات البشرية منذ الأزل، تقول إنه إذا قتل شخص شخصاً آخر أو تسبب في إصابته، فإنه يكون مسؤولاً عن جريمته أمام القانون، ولكن السؤال، ما هو التصرف حيال قيام روبوت بالتسبب في حادث خطير أو قاتل؟

اقرأ أيضاً: البوح لروبوت بدل الأصدقاء لحل المشكلات الشخصية

إنّ ظهور ما يعرف باسم الذكاء الاصطناعي يثير مشكلات جديدة عند التعامل مع مثل هذه الجرائم، فإذا تسبب روبوت ما بحادث إو إصابة، لن يكون بوسع قاض أن يأمر الروبوت بدفع تعويض أو بوضعه داخل السجن.

مناقشات متزايدة تدور داخل الدوائر القضائية والسياسية، حول الملابسات القانونية التي تحيط بتطورات الذكاء الاصطناعي، كما تثار مخاوف حول هذه الملابسات في الدوائر الصناعية ومشكلات تتعلق بعمل شركات التأمين.

بدأ الباحثون في مجال القانون بالفعل في دراسة تساؤلات بعيدة المدى حول الآثار القانونية لعمل الروبوتات

ويتفق الخبراء على أنّه في غضون بضعة عقود ستصبح استخدامات السيارات ذاتية القيادة والروبوتات الذكية العاملة في المجال الصناعي، وكذلك الآلات التي تعمل بشكل مستقل عن الإنسان، شائعة وواسعة الانتشار مثلما هو الحال اليوم مع الكهرباء والهواتف، بحسب "العرب" اللندنية.

وما تزال المسائل العملية المتعلقة بالقانون المدني سائدة، خاصة في ما يتعلق بالسيارات ذاتية القيادة بالكامل أو في بعض عملياتها.

قال يواخيم موللر، مدير التأمين على الممتلكات والحوادث بشركة "أليانز دويتشلاند أي.جي" للتأمين ومقرها ميونيخ "لكي نجعل القيادة الذاتية الكاملة تلقى قبولاً مجتمعياً واسع النطاق، يجب على الدوام توضيح على من تقع المسؤولية القانونية في حالة وقوع حادث".

اقرأ أيضاً: ما الذي تتعلمه الروبوتات من البشر؟

ترى سوزان بيك، أستاذة القانون الجنائي وفلسفة القانون بجامعة هانوفر الألمانية، أن "القانون الجنائي الذي تم وضعه للتعامل مع الأفراد من البشر، يواجه صعوبات في مسايرة تطوير الآلات المستقلة عن الإنسان في العمل وكذلك التصرف مع تطورات الذكاء الاصطناعي".

مناقشات متزايدة تدور داخل الدوائر القضائية والسياسية حول الملابسات القانونية التي تحيط بتطورات الذكاء الاصطناعي

وقالت "ينص القانون الجنائي بشكل طبيعي على تحمل مشغل الآلة المسؤولية، فمثلاً إذا قدم "غوغل" لك معلومات زائفة واتخذت قراراً يستند عليها فستكون أنت من يتحمل المسؤولية".

غير أن الوضع يكون أكثر بساطة بالنسبة للقانون المدني، فيقول نيكولاس وولتمان، يعمل مساعداً في مركز أبحاث قانون الروبوت جامعة فورتسبورغ بألمانيا، إن "قائد السيارة يكون في الوقت الحالي مسؤولاً أيضاً عن الحوادث المتعلقة بسيارته حتى لو لم يكن متورطاً فيها".

وأضاف أن "الشركة يمكن أن تكون أيضاً مسؤولة عن الحوادث في القانون المدني" بعكس القانون الجنائي، موضحاً أن "الأفراد فقط يمكنهم ارتكاب جرائم وليست الشركات أو الآلات".

وأوضحت بيك أنه "في ما يتعلق بالسيارات ذاتية القيادة لا يتعين على الراكب فيها أن يقود أو يتخذ قراراً بالنسبة للطريق، وفي حالة تحمل قائد السيارة المسؤولية القانونية الكاملة فليست له حاجة حينئذ إلى استخدام القيادة الذاتية، لأنه يتعين على قائد السيارة التركيز في تسيير المركبة على الطريق، وأعتقد أن ذلك يمثل مشكلة".

اقرأ أيضاً: روبوت صغير داخل خلايا جسمك.. ماذا يفعل؟

وتابعت "قبل إلقاء المسؤولية الجنائية على شخص ما، يجب إلقاء نظرة متفحصة على ما إذا كان قد مارس أي سيطرة على الآلة"، مضيفة أنه "قد يتعين علينا إلى حد كبير أن نتخلى مستقبلاً عن إصدار أحكام قضائية حول الحوادث التي تتسبب فيها الآلات"، وتقر بأنه "من المؤكد أن عدم إمكانية العثور على عقوبة سيكون أمراً مزعزعاً لاستقرار المجتمعات".

في غضون بضعة عقود ستصبح استخدامات السيارات ذاتية القيادة والروبوتات الذكية العاملة في المجال الصناعي

وتقترح بيك "التفكير في حلول أخرى، مثل التوسط بين الضحية ومرتكب الجريمة أو حلول تتضمنها أنظمة قانونية أخرى مثل القانون المدني". ولا يفضل معظم الخبراء إدخال تغييرات جوهرية على القانون الجنائي للتعامل مع هذه التطورات التقنية الجديدة.

وأفاد وولتمان أن "الباحثين في مجال القانون بدأوا على سبيل التجربة مناقشة ما إذا كان ينبغي علينا أن نتخلى عن المبدأ الذي يقول إن الأفراد وحدهم هم الذين يمكنهم التصرف بشكل يمثل جريمة، والرأي السائد هو أنه في المرحلة الحالية من التطور التكنولوجي ليست هناك ضرورة للتخلي عن القاعدة القانونية الراسخة".

غير أنّ هذا لن يمثل عزاء لضحايا الحوادث وأسرهم، وفي هذا الصدد قال وولتمان "على المستوى الفردي من المؤكد أن عدم القدرة على توجيه اتهام جنائي بعد وقوع حادث خطير سيكون أمراً غير مقبول، وهذا يمثل مأزقاً".