كيف تصنع إرهابياً؟

كيف تصنع إرهابياً؟


17/01/2018

تتعدّد آليات ووسائل التجنيد، داخل الحركات الإسلامية، بمرجعياتها المختلفة وتنظيماتها المتعددة، خاصة، منذ سبعينيات القرن الماضي، وحتى اندلاع ثورات الربيع العربي، التي تجب الإحاطة بها؛ حيث يمكننا الاستعانة فيها بالمناهج التربوية التي يعتمدونها، التي تشكّل صورة كلية حول ذلك الفرد المؤهل للانضمام إليهم، وتجنيده في صفوف التنظيم، ومن ثم، معرفة الشروط التي ينبغي توافرها، في العناصر المستهدفة، واختلاف ذلك في المراحل الزمانية والمكانية المختلفة، والعوامل المؤثرة عليها.

ظهرت في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم، عدد من التجارب، منها: تجربة الجماعة الإسلامية، التي خاضت حرباً مسلحة مع النظام المصري، كما ظهرت تجارب جماعة الجهاد المصرية، وهي متنوعة؛ منها ما ترجع في أصولها إلى جماعة التكفير، أو إلى السلفية الجهادية، وأغلب تلك الجماعات. أو متشابهة، انبثقت عن جماعة الإخوان المسلمين، واستفادت من طريقتها ودستورها في التجنيد، بشكل رئيس.

اعتمدت الجماعات على سرية الدعوة والتشكيل التنظيمي وشكّلت منهجاً خاصاً للتجنيد على أساس الاستفادة من السلفيين

اعتمدت على ما يسمى "علنية الدعوة وسرية التنظيم"، بخلاف المجموعات الأخرى والخلايا الصلبة، مثل: خلية الزيتون، أو خلية التوحيد والجهاد، وظهرت جميعها في التسعينيات؛ حيث كان أغلبها يتسم بالسرية الشديدة. فيما اعتمدت على سرية الدعوة، وسرية التشكيل التنظيمي، وشكّلت منهجاً خاصاً بها للتجنيد على أساس الاستفادة من السلفيات المنتشرة بمصر، خاصة سلفية القاهرة، التي أطلق عليها السلفية الحركية، التي كانت لها طريقة خاصّة بها، تتدرج من، الوصول لمرحلة القابلية إلى مرحلة الاتصال المباشر، ثم التكليف.

في المرحلة الأولى: تتمّ دراسة شخصية الفرد واختبارها، ومدى قابلية انخراطه في النشاط القتالي؛ سواء لتسلّفه الجهادي، أو لوجوده في بيئات اجتماعية، يعيش فيها حالة تفكك الهوية، أو العزلة النفسية، لأسباب سياسية وثقافية. ثم تكون مرحلة الاتصال وتلقي الرسالة الثقافية الجهادية، ويحصل، هنا، التغير في الشخص وانتمائه، فتبدأ حركة التحوّل. ثم، يعاد تشكيل شخصية الفرد، في حالتها النهائية في الميدان القتالي.

عقب ثورات الربيع العربي انبثقت تجارب جهادية جديدة كما في الثورة السورية 

عقب ثورات "الربيع العربي"، انبثقت تجارب جهادية جديدة، كذلك في الثورة السورية، ودخول تنظيم الدولة "داعش"، إلى الموصل في العراق؛ فتعمقت ما تسمى سياسة إمساك الأرض، وإقامة إمارات إسلامية، وبدأت تجارب التجنيد تنبثق من هذا المنعطف، متنوّعة بشكل جديد ومغاير عن التقليدي تماماً.

فبعد أن كان هدف التجنيد، ضمّ عناصر لتنظيمات هرمية، أصبح الهدف منه أوسع، ما بين التجنيد للهجرة إلى دولة الخلافة، وإمارات إسلامية أخرى، أو التجنيد بغية الانخراط في خليه ذات صلة بالتنظيم، أو مجموعة منفردة، أو تحويل العنصر المستهدف إلى ذئب متوحد.

إذاً، اختلفت أساليب التجنيد وتنوعت؛ فجماعة الإخوان كانت تصنع حواضن لها لتجنيد العنصر الذي تستهدفه، وتعميق صلاته العضوية بالتنظيم، وتوحيد فكره وتصوراته عن القضايا المختلفة، وفق الرؤية التي تتبناها، وذلك من خلال عدة وسائل للتنشئة، وصياغة الوعي وضبطه، بداية من المسجد، في حلقات تلاوة القرآن وحفظه، وهي محاضن عامة للمسلمين.

وثمة محاضن خاصة للإخوان، من بينها الأسر الإخوانية، وهي من أهم المكونات التنظيمية والإدارية والتعليمية للجماعة، وتتسم أركانها بـ "التعارف والتفاهم والتكامل والثقة"، إضافة إلى الفرق الرياضية والكشفية، والمعسكرات، والكتل الطلابية والنقابية.

بعد أن كان هدف التجنيد ضمّ عناصر لتنظيمات هرمية أصبح الهدف منه أوسع وأخطر

تنقسم الدعوة في عرف الإخوان والجهاديين معاً إلى: الدعوة الجماعية العلنية، والدعوة الفردية السرية المباشرة، وبحسب ما ورد في كتاب مصطفى مشهور "الدعوة الفردية"، فإنّ مراحلها هي: إيجاد صلة بمن تريد دعوته، وإشعاره عملياً باهتمامك به، والسؤال عنه إذا غاب، وغير ذلك، دون الحديث في أيّ أمر من أمور الدعوة، حتى ينفتح قلبه، ويتهيأ لاستيعاب ما يقال له كي يستفيد منه. وقد عرف أبو عمر القاعدي، في دورته للتجنيد، في العقيدة السلفية الجهادية.

الدعوة الفردية؛ تقوم على اتصال الداعية بالمدعو اتصالاً شخصياً مباشراً، بهدف إحداث نقله في مقدار تمسكه والتزامه بالإسلام؛ حيث تتحقق فيه سمات المسلم الصالح، وينشأ لديه الاستعداد، للقيام بواجب الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله، من خلال الانتظام في صفوف الدعاة المجاهدين.

نجحت "القاعدة" ومثيلتها الجديدة "داعش"، في استغلال المنابر والمنصات الإلكترونية، مثل: فيس بوك وتويتر، للتواصل والتبشير والتجنيد، عبر ما يسمى "ميثولوجيا الجهاد"، وأيقونة الشهداء. ووضع متخصصو الشبكات، داخل التنظيمين الكبيرين، تقنية الكلمات البديلة، والمفردات المرمزة، وبرامج التشفير والتشويش، على الاتصالات والرسائل.

يستهدف الجهاديون بجهادهم الإلكتروني فئة الشباب في الأعمار المبكرة مما يعني أنّهم يستخدمون التقنيات الحديثة 

ويستهدف "الجهاديون"، في جهادهم الإلكتروني، فئة الشباب في الأعمار المبكرة، وهذا يعني أنّهم يستخدمون التقنيات الحديثة في الإعلام، بعد أن كان اعتمادهم على الأقراص المدمجة، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة.

وبمتابعة خطط الجهاديين على شبكات التواصل الاجتماعي؛ يتّضح أنّهم يظهرون رومانسية رغم توحشهم، وذلك من خلال التحاق بعض الفتيات، ومنهنّ القاصرات، بالقتال مع داعش، بعد توريطهنّ في علاقات حبّ على الشبكة العنكبوتية.

وحول ما يتصل بطريقة عرض الرهائن وذبحهم؛ فقد كان موضع اهتمام وكالات الاستخبارات الدولية، أكثر من الاهتمام الإعلامي، وأبرزها: ظهور الرهينة قبل ذبحه هادئاً ومستسلماً ومتماسكاً، وهذا ما أثار كثيراً من التساؤلات، بشأن الهدوء الذي يتمتع به الضحية قبل أن يواجه مصيره.

ويتمثل البعد الإعلامي للجهاديين وفصائلهم المنتشرة على الخارطة الآن، بهدفه وأغراضه باستقطاب مقاتلين جدد، من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت، أو باستغلال العلاقات الاجتماعية داخل المجتمعات.

تستخدم التنظيمات وسائل الاتصال الحديثة لإثارة زوبعة إعلامية بين الشباب والجمهور، سواء عبر التعليقات المتواترة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وما تثيره من ردود فعل متباينة، أو إصداراتهم الإعلامية ومجلاتهم التي تصدر باللغتين العربية والأجنبية، مثل: دابق وأنسباير.

لقراءة البحث الخاص بأساليب التجنيد عند الجماعات الجهادية الإرهابية انقر هنا


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية