كيف ستغير معركة طرابلس مستقبل الأطراف المؤثرة بالمشهد الليبي؟

كيف ستغير معركة طرابلس مستقبل الأطراف المؤثرة بالمشهد الليبي؟


07/04/2019

زايد هدية

مع بداية الدخول والتغلغل الفعلي للجيش الليبي في مدينة طرابلس عاصمة البلاد ما يعني بداية حسمه للمعركة العسكرية وسيطرته على مفاصل الدولة، تطرح جملة من التساؤلات حول ما بعد معركة العاصمة، كيف سيتعامل الجيش مع المؤسسات السياسية المتعددة والمنقسمة شرقاً وغرباً، وما مستقبل التيارات السياسية التي شغلت الساحة طوال السنوات الماضية والمجموعات القبائلية والجهوية المتنافسة منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي تاركاً خلفه فراغاً سياسياً ومؤسساتياً عميقاً جداً.

اللاعبون الأساسيون في المشهد الليبي

وقبل البحث عن الإجابة عن هذا السؤال الكبير الذي ربما ستجيب عنه الأيام المقبلة بتتابع الوقائع والأحداث، لا بد من البحث في الأجسام السياسية والمدنية والاجتماعية التي شغلت الساحة وخلفياتها وتوجهاتها ما يسهل الإجابة عن مستقبلها ودورها بعد معركة العاصمة.

البرلمان والحكومة الموقتة وقبائل برقة

في الشرق الليبي، معقل قيادة الجيش الليبي، وأول الأقاليم التاريخية الثلاثة في البلاد الذي احتضن قيادته وافراده، ودان له بالولاء، وكان له الدور الأكبر في هذا الجيش خلال السنوات الماضية، وللبرلمان في طبرق، والحكومة الموقتة في البيضاء ، فضلاً عن الثقل الذي تجسده القبائل في إقليم برقة تحديداً وتأثيرها الكبير على الشارع وتوجهاته، كل هذه الأجسام البارزة بوضوح في الشرق كانت دائماً وأبداً وراء الجيش ودعمت حربه ضد التشكيلات المسلحة والجماعات المتطرفة سواء كان هذا الدعم سياسياً أو مادياً، أو لوجستياً، وحتى بشرياً.

فالنواة الأساسية للجيش تشكلت من أبناء قبائل برقة ولذلك يتوقع أن تستمر هذه الأجسام في أداء دورها السابق على المدى القريب، على الأقل حتى ينجز الاستحقاق الانتخابي الذي دعمه الجيش أكثر من مرة، ودعا إلى تسريعه لعدم رضا الشارع عن أداء المؤسسات والأجسام السياسية في ليبيا خلال السنوات الماضية.

مخاطر على حكومة الوفاق

في قلب معركة طرابلس تقبع حكومة الوفاق التي خرجت من رحم مفاوضات مدينة الصخيرات المغربية والتي أشرفت عليها بعثة الأمم للدعم في ليبيا، وهي أحد الأطراف المعنية مباشرة بالحرب في العاصمة وتحارب كتائب تابعة لها لمنع دخول الجيش الليبي للمدينة، ولهذا يبدو واضحاً ان سيطرة الجيش على طرابلس تعد نهاية فعلية لهذه الحكومة التي كانت تعول على الدعم الدولي لها.

معضلة مصراتة

يبقى السؤال الكبير الذي يدور في أذهان الليبيين هو كيف سيتعامل الجيش مع مدينة مصراتة التي تقع على بعد 200 كيلومتراً عن العاصمة طرابلس، باتجاه الشرق لأن هذه المدينة تمثل ثاني أكبر معاقل الميليشيات في ليبيا بعد طرابلس، ومصراتة التي يتهمها العديد من الليبيين بأنها أكثر مدينة ساهمت في تأزم المشهد الليبي بحروب ميليشياتها وغزواتها على أكثر من مدينة ليبية، والتي عبر أغلب أطيافها عن رفضها لمشروع حفتر من اليوم الأول لظهوره بل ودعمت الجماعات المتطرفة التي واجهها عسكرياً في بنغازي ودرنة والهلال النفطي وغيرها من المناطق، ويبدو مستقبل هذه المدينة إزاء كل ما سبق مبهماً ويجعل من التعامل معها بعد نهاية معركة طرابلس معضلة  بكل ما في الكلمة من معنى.

بقايا الجماعات الإرهابية

منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر عمليته العسكرية التي سماها عملية الكرامة، قال بوضوح إن الهدف والمبتغى منها هو حرب الجماعات الإرهابية وإنهاء وجودها في كل أرجاء ليبيا، والسؤال الذي يطرح بعد كل المعارك التي خاضها الجيش في ليبيا شرقا وجنوباً وأخيراً غرباً حتى بات يدق أبواب العاصمة، السؤال هل زال خطر الإرهاب في ليبيا؟ وما مدى نجاح الجيش في تفتيت الجماعات المتطرفة؟

الإجابة بدقة كافية وشافية عن هذا السؤال تبدو صعبة، ولكن من المؤكد أن نسبة كبيرة من خطر الإرهاب قد أزيحت شرقاً بانتصار الجيش في درنة وبنغازي وجنوباً بتحرير سبها وتبقى للجماعات الإرهابية معاقل ومدن محددة تتمركز فيها مجموعات منها يختلف خطرها وتأثيرها.

وتتمركز هذه البقايا التابعة للجماعات الإرهابية في مدن طرابلس والزاوية ومصراتة، وتحديداً تتشابه عقائدها وتختلف انتماءاتها ما بين الولاء لداعش والقاعدة، وانضوت تحتها أخيراً مجموعات صغيرة نجت من معارك درنة وبنغازي وفرت إلى هذه المدن، كما أن مستقبل هذه الجماعات والمجموعات يبقى مرتهناً بدخول الجيش إلى المدن المتحصنة فيه، وعندها، فإن مستقبلها يبدو بلا شك واضح المعالم ومشابهاً لما وقع لها في بنغازي ودرنة وسبها.

أنصار القذافي... وجود بلا تأثير

ويبقى طرف أخير، ويتألف من المناصرين والمؤيدين لنظام القذافي، ولضعف تأثير هذا الطرف أسباب منها أنهم أقل من هم في المشهد تسلحاً بعد تجريدهم من السلاح عقب سقوط نظامهم عام 2011 وغياب قيادة فعلية لهم خصوصاً مع تواري سيف الإسلام عن الأنظار بعد إطلاق سراحه من سجون الزنتان وأيضاً انضمام مجموعة كبيرة منها لعملية الكرامة بقيادة المشير حفتر واقتناعها بمشروعه للملمة جروح البلاد وإنهاء سنوات الفوضى التي عمتها.

ودخول الجيش إلى طرابلس سيغير الكثير في المشهد الليبي، وستبرز وجوه لتلعب دوراً فاعلاً في المرحلة المفصلية المقبلة وستتوارى وجوه أخرى كانت دائماً لاعبة أساسية ومؤثرة في المشهد الليبي، كما يشير مراقبون ويؤكدون أن ليبيا بعد دخول الجيش لطرابلس لن تكون كما كانت قبله.

عن "اندبندنت" عربية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية