كيف نقرأ بيان الاتحاد التونسي للشغل المؤيد لقرارات سعيد؟.. وما مصير الإخوان؟

كيف نقرأ بيان الاتحاد التونسي للشغل المؤيد لقرارات سعيد؟.. وما مصير الإخوان؟


10/08/2021

أيدت قوى سياسية عديدة في تونس، القرارات الرئاسيّة، وباتت داعمة لكافة توجهات قصر قرطاج، بيد أنّها تعمل في ذات الوقت، نحو الدعوة إلى ضبط مسار تطور الأحداث خلال الفترة المقبلة، من خلال تشكيل حكومة عاجلة؛ تسعى نحو تعديل مسار الاقتصاد الوطني، ومقاومة جائحة فيروس كورونا، وتخفيف تداعياتها الصحية والاجتماعية على المواطنين.

وفي إطار ذلك، دعا الاتحاد التونسي للشغل، إلى تشكيل حكومة مصغرة من عشرين وزيراً، بعيداً عن المحاصصة، وطالب الاتحاد بالإسراع في تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنّ البرلمان أصبح جزءاً من الأزمة، وما يشهده غير مقبول. وأشاد الاتحاد بقرارات الرئيس قيس سعيّد، معتبراً أنّها كانت حلاً لتفاقم الأزمة المركبة في البلاد.

الاستقواء بالخارج

وفي ذات البيان، ندّد الاتحاد بما اعتبره "مساعي أطراف في حركة النهضة، لتأليب الرأي العام الدولي، والتحريض على تونس، من خلال الاستقواء بقوى أجنبية". حيث أكّد الناطق الرسمي باسم الاتحاد، سامي الطاهري، "أنّ أطرافاً داخل حركة النهضة، تحاول تحريك لوبيات، من أجل الضغط؛ لحمل بلدان غربية على التدخل في الشؤون الداخلية لتونس".

وعبّر الطاهري في تصريحاته الإعلامية، عن رفض المنظمة العمالية هذه المحاولات، قائلاً: "إنّ الاتحاد تحصل على معلومات ثابتة حول هذه المساعي، التي تبذلها أطراف بحركة النهضة ،من أجل ابتزاز القرار السيادي".

وبيّن "أنّ هذه المحاولات، تستهدف إقناع لوبيات خارجية، بالضغط على حكومات البلدان الغربية، ومن بينها دول أوروبية، والولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تعليق المساعدات الصحيّة الموجهة إلى تونس".

  دعا الاتحاد التونسي للشغل إلى تشكيل حكومة مصغرة من عشرين وزيراً بعيداً عن المحاصصة

إلى ذلك أوضح نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، أنّ "وجود رجل ذي خبرة على رأس هذه الحكومة، يستطيع أن يرسل إشارات إيجابية للتونسيين، وللمانحين الدوليين"، مضيفاً في حديثه لـ"حفريات": "لا يستقيم الحديث عن تخوفات من ارتهان سياسة البلاد إلى محاور بعينها، في ظل حاجة تونس لمساعدات من الدول، خاصّة إثر تدهور الوضع الصحي بالبلاد".

كما لفت إلى أنّ الهيئة ستبقى في حالة انعقاد، في انتظار توضيح رؤية رئيس الجمهورية، واستراتيجية عمله مستقبلاً، وستتبعها هيئات تنظر في تطور الوضع في البلاد.

وطن بلا إخوان

على خلفية ذلك ذهب إلياس بن ميلاد، الكاتب العام المساعد المكلف بالعلاقات الخارجية، للجامعة العامة للنقل، عبر تعليقه على البيان، إلى أنّ "موقف الاتحاد العام التونسي للشغل واضح، ولا يحتاج إلى شرح، سوى لمن يغفل عن أهمية وقدر الاتحاد، وكونه منظمة وطنية عريقة، تستمد شرعيتها الوطنية والتاريخية من الشعب التونسي، الذي خرج في 25 تموز (يوليو)، معلناً رفضه للأوضاع التي آلت إليها البلاد، وفشل منظومة الحكم، التي سعت نحو جر الوطن للخراب"

وأضاف في تصريحه لـ"حفريات": "ومن خلال ذلك لا يمكن أن يجد الاتحاد التونسي للشغل نفسه سوى مع الشعب، ولهذا تعددت البيانات التي أيدت موقف الرئيس قيس سعيّد، وقراراته التي أصدرها بذات الصدد، بيد أنّ الاتحاد أيضاً لا يمنح أيّ جهة الحقوق المطلقة، ويدعو للحفاظ على المسار الديمقراطي، وتعديل كفة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن التونسي، وكذا السعي بكل قوة للنهوض بالبلاد اقتصادياً واجتماعياً وصحياً، بعدما خضنا خلال العقد الماضي داخل مسارات مأزومة، وصلت لحد الانسداد السياسي مع نهاية الشهر الماضي، ما دفع المواطنين للخروج ضد الأوضاع السيئة، وذلك ما يضع علينا مسؤولية تاريخية، ويدفعنا نحو المناداة بضرورة تسمية عاجلة لرئيس حكومة يعمل بدأب ووطنية؛ لرفع مقدرات البلاد، وتحسين حياة المواطنين".

ندّد الاتحاد بما اعتبره مساعي أطراف في النهضة للتحريض على تونس من خلال الاستقواء بقوى أجنبية

ويلفت بن ميلاد، إلى أنّ "ما أشار إليه بيان الاتحاد التونسي للشغل، من استقواء حركة النهضة بالخارج، وتلويحها باستخدام العنف، هو دليل ضعف وإفلاس سياسي من قبل الحركة، حيث إنّ ذلك يغفل كون تونس بلداً مستقلاً وذا سيادة، ولا يمكن بأيّ حال أن يقبل أيّ إملاءات، أو شروط تمارس على قراراته السيادية، لكن يبدو أنّ حركة النهضة ربما لم تستوعب الدرس بعد، ولم تدرك بعد الدلالات الحقيقية لخروج هذا الكم الهائل من الجماهير ضدها، وضد سياساتها التي كادت أن تدفع البلاد نحو نقطة سوداء، لم تدركها تونس من قبل".

ساعة الحساب حانت

من جهته، يقول عدنان منصر، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي، إنّ "البيان الأخير للهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل، جاء متناغماً مع التوجهات العامة لإجراءات الرئيس قيس سعيّد"، مستدركاً في حديثه لـ"حفريات": فيما عدا بعض ردود الفعل المرتبكة والمتحفظة، إثر لقاء الرئيس سعيّد، بالأمين العام للاتحاد، يعتبر هذا البيان الصادر عن أعلى سلطة قرار في الاتحاد، أكثر المواقف وضوحاً، حتى مقارنة بالمنظمات الوطنية الأخرى.

وبتابع: من اللافت أنّ بيان الهيئة الإدارية، استعاد كل الانتقادات الأساسيّة الموجهة لما تسميه منظومة الحكم، وبخاصّة حركة النهضة من قبل الاتحاد، وذلك طيلة السنوات المنقضية، وبالرغم من أنّ منظومة الحكم قد كانت في أحد وجوهها، إنتاجاً للحوار الوطني، الذي قاده الاتحاد قبل سبع سنوات، غير أنّ الهيئة الإدارية حمّلت حركة النهضة المسؤولية الكبرى، عن تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والحقوقي في البلاد، مع التذكير بقضية الاغتيالات، وتطويع القضاء للتعمية على حقيقة الضالعين فيها، وقضية الإرهاب.

  إلياس بن ميلاد: استقواء حركة النهضة بالخارج وتلويحها باستخدام العنف دليل ضعف وإفلاس سياسي

ويؤكد منصر أنّ "أهم ما ينبغي إدراكه من هذا البيان، هو محاولة الاتحاد اللحاق بالحركة التي قام بها الرئيس قيس سعيّد. بطريقة أو بأخرى، وبالرغم من الموقف المتحفظ في البداية، فإنّ النقابيين قد فهموا، فيما يبدو، أنّ مواصلة الاتحاد لعب دوره الوطني، مرتبط بصياغة علاقة جيدة مع الرئيس قيس سعيّد أولاً، وبتحجيم أطراف سياسية ناصبوها العداء، وكانوا باستمرار على خلاف معها، مثل حركة النهضة أساساً".

ويوضح: الرئيس يؤكد على ضرورة القصاص من كل من أساؤوا الحكم، بل وحيوية تطبيق القانون على الجميع، وتحريك القضايا العالقة في أدراج المحاكم، وبصفة خاصّة القضايا ضد السياسيين، وضد النواب الذين ألغيت حصانتهم. إنّ وضع القاضي بشير العكرمي، الذي يتهم بإخفاء الحقيقة حول اغتيال كل من شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، رهن الإقامة الجبرية، وقطع أيّ اتصالات عنه، قد استقبل من قبل قيادات الاتحاد بكثير من الارتياح، وإذا ما نظرنا في تركيبة الهياكل النقابية، من المهم ملاحظة سيطرة بعض التيارات السياسية على هذه الهياكل، وخاصة منهم اليساريين والقوميين، وهما العائلتان السياسيتان المنتمي إليهما الشهيدان. إجمالاً، فإنّ تلك التيارات كانت من التيارات المرحبة بما أعلنه سعيّد في 26 تموز (يوليو)، بل والمساندة له. وهذا أيضاً بإمكانه أن يضيء وجهاً آخر من المسألة".

مناورات حركة النهضة

من جانبه، طالب مجلس شورى حركة النهضة، بحتمية قيام الحركة "بنقد ذاتي معمق لسياساتها خلال المرحلة الماضية، والقيام بالمراجعات الضرورية، والتجديد في برامجها وإطاراتها، من خلال مؤتمرها الحادي عشر، المقرر نهاية هذا العام؛ لإعادة النظر في خياراتها، وتموقعها بما يتناسب مع الرسائل التي عبّر عنها الشارع التونسي".

جاء ذلك في بيان للحركة الخميس الماضي؛ إذ أكد مجلس الشورى بعد عقد دورته الــ52 من أجل التداول في الوضع العام بالبلاد، ''حرص حركة النهضة على نهج الحوار مع جميع الأطراف الوطنية، وفي مقدمتها رئيس الجمهورية، من أجل تجاوز الأزمة المركبة، وتحقيق السلم الاجتماعي، وإنجاز الإصلاحات الضرورية".

ودعت الحركة، إلى ضرورة العودة السريعة إلى الوضع الدستوري الطبيعي، ورفع التعليق الذي شمل اختصاصات البرلمان، واستعدادها للتفاعل الإيجابي؛ للمساعدة على تجاوز العراقيل، وتأمين أفضل وضع لاستئناف المسار الديمقراطي، بحسب البيان.

  محسن النابتي: الغنوشي مستعد لتقليص نصيب الجماعة ليشتري جماعات المتهافتين

الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي، محسن النابتي، علّق على هذا البيان بقوله إنّ "القراءة الدقيقة لهذا البيان، ينبغي أن تعي أنّ رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، لا يمل من ممارسة مناوراته التكتيكية، في إطار الوضع الداخلي التونسي، الذي تأسس على شرعية جديدة فرضتها الجماهير، خلال مظاهرات 25 تموز (يوليو) الماضي، سيما بعد أن تخلى عنه الدعم الخارجي".

ولفت النابتي لـ"حفريات" أنّ "الولايات المتحدة الأمريكية، أنهت المهام التي كانت أوكلتها لقوى الإخوان في الشرق الأوسط، وأيضاً الاتحاد الأوروبي بات موحداً في المواقف، والجميع يعلن الآن تخليه عن خدماتهم".

ويذهب النابتي، إلى أنّ "راشد الغنوشي، أعاد المناورة في الداخل، مراهناً في ذلك على تهافت أغلب النخب السياسية، التي لا يعنيها سوى الحصول على شيء من الغنيمة؛ الغنوشي مستعد لتقليص نصيب الجماعة؛ ليشتري جماعات المتهافتين، والدليل أنّ الإعلام الخاضع أغلبه للغنوشي، مايزال يصر على جوقة التوافق والانتقال".

ويختم محسن النابتي، تصريحاته بالقول إنّ الشعب وحده الذي استوعب درس 2011 و 2013، قادر على دفع الرئيس والمؤسسات السيادية بقوة الشارع إلى حسم الأمر، ومنع شبكات المصالح ووكلاء الخارج، من إعادة التشكل والالتفاف عليه مرة أخرى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية