كيف ولماذا تحول أنقرة دون المصالحة الكردية - الكردية في سوريا

كيف ولماذا تحول أنقرة دون المصالحة الكردية - الكردية في سوريا


19/05/2020

أثارت المفاوضات الجارية بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، من أجل تشكيل إدارة جديدة مشتركة للمنطقة التي تديرها الإدارة الذاتية الكردية، حفيظة السلطات التركية التي استنفرت قواها وأتباعها من أجل الحؤول دون إتمام المفاوضات ووصولها لأية نتيجة يمكن أن تساهم بتأسيس نواة لإدارة كرديّة جديدة محتملة في سوريا.

ويشكّل أيّ تقارب كرديّ - كرديّ، سواء في سوريا، أم في الدول المجاورة، مصدر قلق ورعب للسلطات التركية التي تحارب أيّ مشروع كرديّ يمكن أن يؤسّس لأيّ كيان مستقبليّ محتمل، ذلك أنّ الرعب من الأحلام الكردية يظلّ هاجسها الدائم، ويقود بوصلتها نحو التورّط في الأزمات في المنطقة، بزعم محاربة الإرهاب..

ويجد أردوغان في التشدّد حيال المسألة الكردية في سوريا سبيلاً لتعزيز تحالفه مع حزب الحركة القومية اليميني المتطرّف، وتمتيناً له، وذلك في وقت تتصاعد فيه حدّة الانتقادات لسياساته الداخلية، وتعاطيه مع الأزمات، ومع أزمة كورونا بشكل خاصّ، بحيث يعمل على تحوير الأنظار إلى الخارج، وتضخيم الخطر الكرديّ على الحدود، لترحيل الأزمة الداخلية، والتغطية عليها، إلى حين، حتّى يعثر على مخرج يلائمه، ويحرج معارضيه.

وجاءت الأخبار بشأن الحوارات بين المجلس الكردي، والاتحاد الديمقراطي، والتي وصفت بأنّها تعقد في سرية وبرعاية أميركية وفرنسية، لتشكّل ضغطاً على أنقرة التي استشعرت الخطر الكرديّ، الذي يقضّ مضجع الرئيس أردوغان الذي يوصف بدوره أنّه يعادي كلّ ما من شأنه بلورة إدارة كردية في سوريا، ويعتبرها تهديداً على أمن بلاده القومي.

ومن هنا يتساءل مراقبون إلى أيّ حدّ يمكن أن تلعب أنقرة دوراً في الضغط على الولايات المتّحدة وفرنسا من أجل إفشال أيّ مساعٍ لتشكيل إدارة كردية مشتركة، ولإزاحة حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تنعته بالإرهاب عن إدارة المناطق الكردية شمال شرق سوريا، وهل ترضخ واشنطن وباريس لضغوطها أم ستمضيان في سياستهما بتوحيد الصف الكردي السوري، للانتقال إلى مرحلة جديدة من التنسيق وإدارة مناطق الإدارة الذاتية الكردية.

ويبدو أنّه في ظلّ التطوّرات المتسارعة في المنطقة لن يملك أردوغان، وهو يتخبّط في أزماته الاقتصادية والسياسية، أوراق قويّة تساعده في الحؤول دون إتمام التفاهم الكردي – الكردي، وبخاصّة أنّ واشنطن تبدو مصمّمة على المضيّ في المسألة لحين إنجاز مخطّطاتها، التي لا تتقاطع مع مخططات تركيا في المنطقة الكردية بسوريا.

وتدّعي تركيا أنّ الولايات المتحدة وفرنسا تمارسان ضغوطاً على المجلس الوطني الكردي للانسحاب من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وتشكيل كتلة سياسية جديدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي. وأنّ ذلك يأتي ذلك ضمن مساعٍ من البلدين لإضفاء مشروعية دولية على الاتحاد الديمقراطي الذي تصفه تركيا بالإرهاب، من خلال استغلال شرعية المجلس الوطني الكردي.

والمجلس الوطني الكردي الذي تأسس في 26 أكتوبر 2011، في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، من 15 حزبا وفصيلا من أكراد سوريا، برعاية الرئيس السابق لكردستان العراق مسعود بارزاني، منضوٍ في إطار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والذي يوصف من قبل شريحة كبيرة من السوريين بأنّه يتبع أوامر الحكومة التركية، ويلبّي إملاءاتها وطلباتها، ويتبع سياساتها، وينفّذ أجنداتها في سوريا، ما يضعه في موقف التابع للسياسة التركية في سوريا، ويفقده استقلاليته المفترضة. 

ومع انتشار تسريبات حول احتمال انسحاب المجلس الوطني الكرديّ من الائتلاف الوطني السوري المعارض، فإنّ السلطات التركية سارعت إلى تصدير تشكيل كردي آخر على عجل في الائتلاف، ليسدّ أيّ فراغ محتمل حين انسحاب المجلس الكردي، وليؤكّد مزاعمها بأنّ الائتلاف يمثّل جميع المكونات السورية، ولا حاجة للمجلس الكردي أو غيره، وستبدأ بكيل الاتهامات للمجلس الوطني الكردي الذي ظلّ قريباً منها لسنوات.

عن "أحوال" التركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية