كيف يستخدم العنصريون في كندا مواقع التواصل الاجتماعي؟

كندا

كيف يستخدم العنصريون في كندا مواقع التواصل الاجتماعي؟


29/01/2019

تعرَّف العنصرية بأنّها؛ شعور أو سلوك يُظهره شخص تجاه آخر، أو ضدّ مجموعة معينة من الناس، بناءً على انتمائهم العرقي أو الديني أو الثقافي أو السياسي أو غيره، وكثيراً ما تكون هذه التصرفات والمشاعر مصحوبة بكراهية أو عداء، وقد يتمادى الشخص ذو النزعات العنصرية الى أبعد من ذلك، فيلجأ إلى استعمال العنف أو الإكراه، أو منع شخص من مجموعة تختلف عن مجموعته من الحصول على حقّ ما.

وجه ناشطون كنديون اتهامات حادّة لإدارة فيسبوك مفادها أنّ الموقع لا يبذل الجهد اللازم لمواجهة العنصرية

ويُحاسب القانون الكندي أيّ منتهك لحقوق الإنسان، ويعاقب أيّ شخص يظهر مشاعر عنصرية أو تمييزية على أساس عرقي أو جنسي أو قومي أو ديني، وجميع الناس من مواطنين ومقيمين في كندا محميون من التمييز العنصري.

كما يحظر القانون نزعات التمييز التي تكون مبنية على واحد أو أكثر من هذه التصنيفات الآتية: اللون، والجنسية، والأصل العرقي، والعقيدة، والدين، والسنّ، والجنس، والتوجه الجنسي، والحالة الزوجية والأسرية، والقدرة الجسدية أو الفكرية، والمعتقد السياسي، وطبيعة الأصدقاء، ومصدر الدخل ومقداره، وبسبب الإدانة الجنائية.

 مشاعر عنصرية أو تمييزية

ولأن الواقع، وفق ما سبق، قد يحاصر العنصريين في كندا، فإنّهم يجدون في الإنترنت ملاذهم ومتنفّسهم لبثّ كراهيتهم؛ حيث يمكن الاختباء خلف أسماء مستعارة في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثمّ نشر الكراهية، وإخراج مكنونات الأنفس بلا قيود، وممارسة الاضطهاد ضدّ الآخرين بكلّ حرية، وقد حدا ذلك بكثير من المنظمات الحقوقية والإنسانية الكندية للتحذير من مخاطر هذه الممارسات، وتعمل هذه المنظمات على تجريم الأفعال ذات الطبيعة العنصرية، أو نشر كراهية الآخرين؛ من خلال تطبيقات وأنظمة الحاسوب.

اقرأ أيضاً: هذه الأمور تكشف عنصرية الصينيين ضد الأفارقة

وقد أطلق ناشطون كنديون اتهامات حادّة لإدارة "فيسبوك"؛ مفادها أنّ الموقع لا يبذل الجهد اللازم لمواجهة العنصرية، وأنّ رسائل الكراهية قد تحوّلت إلى ظاهرة عبر صفحاته، رغم سياسات الاستخدام الصارمة الجديدة التي أقرتها الشركة الأمريكية، وقد طالب هؤلاء الناشطون بإزالة المشاركات المسيئة التي تحرض على الكراهية، ورغم تلكؤ "فيسبوك" بالاستجابة لهذه المطالب، فقد قام بمراقبة وحذف بعض التعليقات العنصرية في كندا، وصرّحت متحدثة باسم فيسبوك؛ بأنّ الموقع الاجتماعي سيتعقب خطاب الكراهية وهو جادّ في اتباع سياسات تحترم المعايير الاجتماعية بصورة أكثر فاعلية.

اقرأ أيضاً: بين الضمير والقانون في المسألة العنصرية

وأشارت تقارير حقوقية كندية إلى أنّ كثيراً من الجرائم العنصرية تمّ التحريض على فعلها عبر موقعي "توتير" و"فيسبوك"، وكانت غالباً ضدّ المهاجرين الجدد واللاجئين أو الأقليات، ولفتت تلك التقارير الانتباه إلى أنّ كثيرين من العنصريين لجؤوا إلى الإنترنت، لإظهار حالة الكراهية والتحريض ضدّ اللاجئين، ولخلق تيار اجتماعي رافض لوجود أقليات معينة؛ عرقية أو دينية، والدعوة إلى طردهم أو إقصائهم.

اقرأ أيضاً: لماذا حجب فيسبوك رسالة امرأة تعرضت لإساءة عنصرية في النمسا؟

وأكدت التقارير أنّ الأجهزة المعنية لم تستطع رصد ومتابعة العديد من الصفحات والتعليقات والمنشورات، التي تتضمن عنصرية وتمييزاً اجتماعياً، وذلك بسبب إغلاق حسابات مستخدميها من قبل المنصات الاجتماعية، أو بسبب حظر تعليقاتهم العنصرية، وبذلك يفلت الكثير من أصحاب "الحسابات المزيفة" من العقاب، وينجحون بالتهرّب من الملاحقة القانونية.

صفحات عنصرية في فضاء التواصل الكندي

هناك كثير من الصفحات التحريضية والإقصائية التي يتم إنشاؤها على مواقع مثل: فيسبوك وتوتير وإنستغرام ويوتيوب، لتهييج المشاعر ضدّ فئة معينة من المجتمع الكندي، ويتقن القائمون على هذه الصفحات، مهارة التخفي خلف أسماء مستعارة، ولا يمكن معرفة القائمين على إدارة هذه الصفحات، وذلك للحيولة دون تعقّبهم وإحضارهم للعدالة، ومنها صفحات التواصل الاجتماعي التالية:

1. صفحة "بيقيدا كندا" (Pegida Canada) على فيسبوك وتوتير ويوتيوب

"بيقيدا كندا" (Pegida Canada)

تأسّست حركة "بيقيدا" اليمينية في ألمانيا، عام 2014، وهدفها العمل على منع أسلمة أوروبا والعالم الغربي، وقد انتقلت فكرة هذه الحركة غرباً عبر الأطلسي، ووصلت إلى كندا، وانضمّ العديد من الكنديين لهذه الحركة، وقد قامت بأول مسيراتها في مدينة مونتريال الكندية، عام 2015، وتمّت مواجهتها من مسيرات مناهضة للعنصرية الدينية، وعندما وجدت هذه الحركة رفضاً من الشارع، لجأت إلى الفضاء الإلكتروني، وأنشأ القائمون على الحركة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من أجل الوصول للمتعاطفين والأنصار في منازلهم، ومن خلال حواسيبهم وهواتفهم الذكية، ولم يكتفوا بصفحة واحدة لعموم كندا؛ بل أنشأوا صفحات للمحافظات، مثل: بيقيدا وأونتاريو وبيقيدا ألبرتا وبيقيدا كيبيك، وغيرها.

اقرأ أيضاً: العنصرية والشعوب.. حين نسخر منها سنتجاوزها

وينشر القائمون على هذه الصفحات عنصرية دينية ضدّ المسلمين، ويطلقون منشورات عن حالات فردية شارك فيها مسلمون متطرفون، ويعملون على تعميم صورة المسلم الإرهابي والمتشدّد؛ لإثارة الكراهية في أوساط الكنديين من أتباع ديانات وعقائد غير الإسلام، ويتمّ حظر العديد من التعليقات والحسابات، لكن سرعان ما يعود هؤلاء بأسماء جديدة وحسابات مزيفة جديدة.

فيديو من صفحة بيقيدا كندا على اليوتيوب:

2.  صفحات تواصلية لمنظمات مثل "الأغلبية الكندية الصامتة" و"كندا تهمنا"

تثير صفحات مثل: "الأغلبية الكندية الصامتة"، و"كندا تهمّنا"، على موقع فيسبوك، حفيظة وهواجس الأغلبية الكندية من الأصول الأوروبية، خاصة تخويفهم من الهجرة غير القانونية عبر الحدود لمجموعات من اللاتينيين وذوي البشرة السوداء، من مهاجري جزر البحر الكاريبي، الذين يعبرون الحدود الأمريكية الكندية الطويلة مع أسرهم، مشياً على الأقدام، خاصة بعد قرارات الحكومة الأمريكية الجمهورية، القاضية بترحيل العمال اللاتينيين والسود إلى ديارهم الأصلية في أمريكا الجنوبية والوسطى، وقد دفعت قرارات الحكومة الأمريكية هذه  المجموعات من الناس للهروب شمالاً إلى كندا.

اقرأ أيضاً: لهذا السبب تتنامى العنصرية ضدّ المسلمين

وإن كان نشاط هذه المنظمات يتماشى مع القانون الكندي، الذي يجرّم الدخول خلسة عبر الحدود بقصد الهجرة للبلاد، إلّا أنّ المنشورات، التي يكتبونها على صفحاتهم، تتوجه للقطاعات الشعبية بكلام يثير المشاعر ويزيد الحنق في هذه الأوساط من تواجد هؤلاء المهاجرين، من غير ذوي الأصول الأوروبية، فوق التراب الكندي.

تقارير حقوقية كندية: كثير من الجرائم العنصرية تمّ التحريض عليها عبر توتير وفيسبوك

3.  صفحات تواصلية لمنظمات مثل "حركة حزب الشاي الكندي" أو "الوطنيون الكنديون"

وللشعبويين الكنديين منصاتهم أيضاً؛ حيث تبثّ صفحات، مثل: "حركة حزب الشاي الكندي"، أو "الوطنيون الكنديون"، منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحاول إعادة تعريف من هو الكندي الأصيل، ومن هو الكندي من الدرجة الثانية والثالثة، وتعلي من شأن الأجداد الأوروبيين البيض، الذين شيّدوا أوّل صروح الدولة الكندية.

ينشر قائمون على "بقيدا كندا" منشورات تصف المسلم بالإرهابي ورغم حظر العديد من التعليقات لكنها سرعان ما تعود بأسماء مزيفة

وتحاول مثل هذه الصفحات، على مواقع التواصل، أن تهاجم أيّة توجّهات أو قرارات للحكومات الليبرالية، وتنشر البغضاء والكراهية ضدّ الليبراليين، على خلفية اقتراب هؤلاء الليبراليين من المهاجرين الأفارقة والآسيويين واللاتينيين، كما وتحاول أن تجيّش مشاعر الأغلبية الأوروبية البيضاء، للتصويت ومؤازرة المرشحين من الأحزاب المحافظة والشعبوية.

اقرأ أيضاً: حادثة عنصرية جديدة.. ماذا تعرف عنها؟

وبسبب توجهات هذه الصفحات، التي تستخدم الفضاء الإلكتروني، الأكثر حرية والأقل مراقبة؛ فإنّ هناك انقساماً غير ظاهر داخل المجتمع الكندي، على أساس لوني وعرقي وديني وثقافي، ففي حين يحتشد الكنديون الأوروبيون خلف حزب المحافظين، يلتفّ المهاجرون من دول العالم الفقيرة حول مرشحيهم من الحزب الليبرالي، بزعامة جاستن ترودو، أو الحزب الديمقراطي الجديد، الذي يتزعمه الكندي من أصول هندية، والسيخيّ المعتقد؛ جاغميت سنغ.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية