كيف يمكن أن "يستعيد" لبنان علاقاته بالسّعودية؟

كيف يمكن أن "يستعيد" لبنان علاقاته بالسّعودية؟


18/11/2021

فارس خشّان

على الرغم من أنّ "ألفاظ" وزير الإعلام جورج قرداحي، كانت السبب المباشر لقطع المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة واليمن علاقاتها الدبلوماسية بلبنان، إلّا أنّ "ألفاظاً" مناقضة لن تفتح أبواب بدء إصلاح الأحوال.

من الواضح، هنا في الرياض، أنّ القيادة السعودية "يئست"من الطبقة الحاكمة في لبنان، بعدما تراكمت الأدلّة لديها على أنّ "لسانها" الحريص على العلاقات المميّزة معها، في مكان، وقلبها أو قدراتها، في مكان آخر.

وفي نقاش مع عدد من الشخصيات السعودية، سمعتُ سؤالاً يعتمده كثيرون: "مع مَنْ تريدوننا أن نتواصل في الحكم اللبناني؟".

بالنسبة لهم، وبما تراكم من أدّلة لديهم: "هناك نوعان من الحكّام في لبنان. الأوّل يعمل مباشرة لمصلحة "حزب الله"، والثاني يخضع له، إنْ لم يكن في الكلام ففي الأفعال".

ويشير هؤلاء الى أنّ "المملكة في نهجها المعتمد تجاه لبنان، تحمي نفسها من العدوان الذي يستهدفها انطلاقاً منه".

بالنسبة لهم، إنّ هذه الحال لا يمكن أن تغيّرها الوساطات، من أيّ جهة كانت، لأنّ كلّ الإجراءات التي اتُّخِذت "وسوف تُتّخذ"، تسقط بمجرّد أن يخرج لبنان من أزمة الحكم التي أدخلته فيها هيمنة "حزب الله" الذي أخرج لبنان من عروبته، ويعمل بلا أيّ مقاومة حقيقية على "عجمنته".

ويلفت هؤلاء الانتباه الى أنّ الشعب اللبناني، إذا وجد نفسه متضرّراً من الخطوات السعودية "الحمائية"، فليس عليه سوى ممارسة ما يكفي من ضغوط على سلطته، حتى تعود سلطة يمكن للسعودية و"شقيقاتها" في مجلس التعاون الخليجي التعامل معها والوثوق بتعهداتها.

وتثير معهم المقولة التي يردّدها دبلوماسيون وسياسيون وصحافيون ومفكّرون، عن أنّ إهمال لبنان سينتج وقائع تتعارض مع الهدف السعودي في لبنان، أي أنّ هذا النهج سوف يوسّع نطاق النفوذ الإيراني في لبنان، بدل أن يحِدّ منه.

لا تجد لدى محاوريك السعوديين من يوافق على "هذا التحليل"، على قاعدة أنّ "هذه الوصفة" سبق أن جرى تطبيقها في التعامل السعودي مع لبنان، فكانت النتيجة "استفحال المرض"، وذلك لأنّ النفوذ الإيراني لا يعتمد في مساره التوسّعي لا على المنطق ولا على "الإغراء"، بل على الترهيب والسلاح.

ويقول هؤلاء: "كيف يمكن لعاقل أن يعتقد، لوهلة، بإمكان أن نبقى مكتوفي الأيادي تجاه حكم يقف مكتوف الأيادي تجاه من يتجنّى علينا ويهيننا ويعتدي على أمننا الاستراتيجي وعلى مصالحنا القومية وعلى مجتمعنا؟".

وتسأل: "ما الحل الذي تقترحونه؟".

وتأتيك الإجابة: "نحن لا مشكلة لدينا، فالإجراءات التي تتّخذها قيادتنا تحمينا، ولذلك فإنّ هذا السؤال مردود الى الحكم اللبناني عموماً وإلى الفئات التي تتضرّر من إجراءاتنا خصوصاً، وتالياً عليها هي أن تتّخذ خطوات كفيلة بحماية مصالح اللبنانيين والمزارعين والصناعيين ورجال الأعمال".

وعن قلق اللبنانيين المقيمين في السعودية وعدد من الدول الخليجية، يلفت هؤلاء الى أنّ القيادة السعودية تفكّر ملياً في ما تنطق به، وهذا يعني أنّها حين فصلت بين هؤلاء والسلطة اللبنانية، كانت تقصد ما تقول.

ويلفتون الانتباه في هذا السياق الى منح الجنسية السعودية، في الأيام القليلة الماضية، الى ست شخصيات لبنانية ليستنتجوا: "هذه رسالة أخرى من القيادة السعودية بأنّ اللبناني الذي يعطي المملكة تعطيه المملكة بدورها، من دون تحميله وزر سلطة كان هو ضحيتها قبل أيّ بلد آخر".

في الكلام الذي تسمعه من الشخصيات السعودية، تدرك أنّ العقلية العملية التي تتلمّس نتائجها في ورشة تطوير المملكة الهائلة، تفرض تحدّيات كبيرة على لبنان حتى يصلح ما أفسدته عقلية المتراس التي يفرضها "حزب الله" عليه وعلى شعبه وعلى سلطته.

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية