كيف يهرب الجيل الجديد في إيران من القيود الدينية والاجتماعية؟.. "فايننشال تايمز" تجيب

كيف يهرب الجيل الجديد في إيران من القيود الدينية والاجتماعية؟.. "فايننشال تايمز" تجيب


26/05/2021

قالت الكاتبة الإيرانية (Najmeh Bozorgmehr) في مقال رأي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" أمس إن شباباً وشابات في إيران ممن يتشككون في أنّ الجمهورية الإسلامية ستتغير، يتهربون من القيود الدينية والاجتماعية بالتجمع والتخييم معاً في الريف والبرية.

وتبيّنُ الكاتبة في مقالها أنّه منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، أنّه: بسبب الغضب من القيود وعدم رؤية أي فرصة لتغيير جوهري، يهرب جيل جديد من الأقارب المحافظين المتحمسين ومن القيود الرسمية عبر التوجه إلى البرية. هذا لا يتعلق فقط بحب الطبيعة. بمجرد الخروج إلى غابات البلاد وجبالها وصحاريها وجزرها، تتخلى الشابات عن ملابسهن الإسلامية ويتشاركون مع مجموعات الأصدقاء الذين يرقصون ويغنون..، على حدّ قولها.

تحدي القواعد بحثاً عن الحرية

وتشير الكاتبة إلى أنه كلّما كانوا أصغر سناً، زاد احتمال تحديهم قواعد الجمهورية الإسلامية في إيران. واستطرد مقال "فايننشال تايمز" نقلاً عن الكاتبة: بصفتي متسلقة منتظمة في الجبال المحيطة بطهران وأماكن أخرى، أرى أعداداً متزايدة من المجموعات من خلفيات اجتماعية مختلفة تستخدم الأماكن الرائعة في الهواء الطلق للعثور على الحرية. يقول حميد نعيني، الذي كان مرشداً محترفاً منذ 16 عاماً، إنّ عدد مجموعات التخييم قد تضاعف عشرة أضعاف في السنوات الأربع الماضية، وما يصل إلى 100 مرة مقارنة بالعقد الماضي. إنه يعتقد أنّ Instagram لعب دوراً مهماً. يقول: "النوع الاجتماعي (الجندر) ليس قضية في هذه الرحلات، حتى في المناطق الدينية". ويضيف: "الناس في المناطق الريفية يتأثرون بالأعراف المتغيرة."

الكاتبة الإيرانية (Najmeh Bozorgmehr)

وتنقل كاتبة المقال عن فاطمة طهراني البالغة من العمر 19 عاماً، أنها كانت تُخيّم في الغابات طوال العامين الماضيين "للعثور على الحقيقة" والهروب من حياتها "المملة والمتكررة" في العاصمة. وتقول: "لدينا الكثير من الحرية هناك، بل إنني أبكي عندما أضطر إلى العودة إلى طهران". وتتابع: "الجميع سعداء حقاً.... الفطر [السحري] هو هدية الطبيعة لنا".

"فايننشال تايمز": العديد من العائلات تخشى أن يهرب صغارهم من واقع القيود الاجتماعية في إيران. لكن من يقومون بالتخييم يردون بأن النظام يرفض الاعتراف بواقع الحياة الحديثة

وتؤكد مقالة "فايننشال تايمز" بأنّ العديد من العائلات تخشى أن يهرب صغارهم من واقع القيود الاجتماعية في إيران. لكن من يقومون بالتخييم يردون بأن النظام الإسلامي يرفض الاعتراف بواقع الحياة الحديثة.

خارج السيطرة

وتضيف مقالة "فايننشال تايمز":  بالنسبة للسلطات الإيرانية، يثبت أسلوب التحدي الجديد هذا أنه من الصعب السيطرة عليه. فقد حذر عباس علي سليماني، إمام صلاة الجمعة في مدينة كاشان -وهي مدينة تبعد حوالي 250 كيلومتراً جنوب طهران محاطة بالصحاري المذهلة التي تعتبر مقاصد سياحية شهيرة- هذا العام من "التحديات الأخلاقية" التي تواجه البلاد. وقال "ما يحدث تحت اسم السياحة هو يقلل من كرامة الجمهورية الإسلامية المقدسة، وهو [خيانة] لدماء شهدائنا".

الفجوة بين التنازلات التي من الممكن للجمهورية الإسلامية تقديمها وبين مطالب الشباب الإيرانيين آخذة في الاتساع على مدى عقود، وأكثر من 20 عاماً من محاولات الإصلاح ذهبت سدى

وتضيف الصحيفة: أثار مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع لعناصر إسلامية أهلية وهم يهاجمون متسلقي الصخور بالقرب من مدينة أصفهان التاريخية غضب الشعب الإيراني في وقت سابق من هذا العام. وقد جادلت تلك المجموعة المهاجِمة أنه في منطقتهم، لا يمكن للنساء والرجال ممارسة الرياضة معاً. لكن، بحسب الصحيفة، لا شيء من هذا يردع أولئك المصممين على الهروب من قيود البلاد. مهرداد، 24 عاماً، هو واحد من العديد من المرشدين السياحيين غير الرسميين الذين يستخدمون "إنستغرام" لتنظيم رحلات إلى وجهات شهيرة مثل جزيرتي Hengam و Hormuz في الجنوب، وكذلك الغابات والصحاري في أجزاء أخرى من إيران.  ويضيف مهرداد: "ليس لدى الشباب أي طرقٍ أخرى للاستمتاع. لم أسألهم أبداً عما يدخنون أو يشربون، أو مع من ينامون في خيمتهم"، وفق الصحيفة. ويشرح كيف أثرت التحولات بين الأجيال على مجموعاته السياحية بقوله إنّ المجموعة الأولى بعد عام 1979 مرت بأكثر فترة تقييد اجتماعي وأرادت ممارسة الرياضة فقط، مضيفاً أنه لم يعد يأخذ من هم أكبر من 35 عاماً في جولاته لأنهم "جادون للغاية". ويشير إلى أنّ المجموعة العمرية التالية تمردت قليلاً، لذا فهم يمارسون "اليوغا وبعض الألعاب الرياضية" ويشربون الكحول، كما يقول، بينما يتطلع أولئك الذين ولدوا بعد عام 2000 إلى الغرب على وسائل التواصل الاجتماعي، ويشاركون طريقة حياته.

وتذكر "فايننشال تايمز" أنّ الفجوة بين التنازلات التي من الممكن للجمهورية الإسلامية تقديمها وبين مطالب الشباب الإيرانيين آخذة في الاتساع على مدى عقود، وأكثر من 20 عاماً من محاولات الإصلاح ذهبت سدى، وهناك الكثير من الاقتناع لدى الأجيال الشابة بأن السلطات لن تتغير أبداً، ومن الصعب العثور على أشخاص لا يزالون يؤمنون بإمكانية حدوث إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية داخل الجمهورية الإسلامية.

وتختم الصحيفة بأنّ كثيرين من هؤلاء الشباب لن يصوّتوا في الانتخابات الرئاسية الوشيكة الشهر المقبل. وتنقل الصحيفة عن "فاطمة" قولها "هذه مجرد لعبة، وأنا أفضل قضاء وقتي في الطبيعة بدلاً من مساعدة السلطات على خنقنا".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية