لبنان يعنون مرحلته الجديدة بالانفتاح على الدول العربية والقفز على الأزمات...فهل ينجح؟

لبنان يعنون مرحلته الجديدة بالانفتاح على الدول العربية والقفز على الأزمات...فهل ينجح؟


12/09/2021

يسري نوع من التفاؤل بين اللبنانيين بالخطوة التي استغرق إتمامها أكثر من عام، وأخيراً بات في لبنان حكومة جديدة، منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 آب (أغسطس) 2020، وما تبعه من انزلاق الدولة إلى هوة تتعمق فيها الأزمات كل يوم، وترتفع فاتورتها، ما يعني أنّ الحكومة الجديدة التي شُكلت الجمعة الماضية برئاسة رجل الأعمال نجيب ميقاتي تحمل إرثاً وعبئاً ثقيلاً.

وفي رسم النهج الأول للحكومة التي تتكون من 24 وزيراً، وتقفز على أزمة "الثلث المعطل" التي أثارها الرئيس اللبناني ميشيل عون، وعرقلت تشكيل الحكومة لشهور، صرّح ميقاتي بأنّ لبنان منفتح على كافة دول العالم، وخصوصاً الدول العربية.

اقرأ أيضاً: الغاز المصري إلى لبنان بعد هذا الاتفاق

ويقفز إلى الذهن مباشرة دول الخليج العربي، خصوصاً السعودية، التي توترت علاقتها بلبنان على مدار الأعوام الماضية، وتقلصت المساعدات التي تصل من الرياض إلى بيروت، في الوقت الذي استأثرت فيه إيران بالنفوذ والسلطة عبر حزب الله اللبناني.

يرى مراقبون أنّ تصريح ميقاتي يعني محاولة عمل توازن في علاقة لبنان بالدول الصديقة، مدفوع بحمل اقتصادي ثقيل، وأوضاع معيشية صعبة للغاية، وكذلك بدعم غربي خصوصاً فرنسي، لتحقيق ذلك.

وكانت فرنسا قد أطلقت مؤتمراً لدعم لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت، جمعت فيه الدول المانحة المستعدة لتقديم المساعدات للبنان لتجاوز أزماته، لكنها ربطت ذلك بعدد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، كان في مقدمتها تشكيل حكومة "إنقاذ وطني".

واعتبرت السفيرة الفرنسية في بيروت آن جريو أنّ تأليف حكومة لبنانية جديدة يشكل مرحلة أولى لتعافي لبنان، ورأت أنّ الوضع في البلاد يتطلب التزاماً بنّاءً من قبل القوى السياسية لتتمكن حكومة نجيب ميقاتي من تحقيق الاستقرار.

وأضافت السفيرة عبر تغريدة على موقع "تويتر"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية، أنه   "بعد 13 شهراً من الشغور (...) من المُلح الآن البدء بالعمل".

 

السفيرة الفرنسية: أيها الأصدقاء اللبنانيون الأعزاء، تبقى فرنسا ملتزمة إلى جانبكم، وستتأكد من أنه سيتم تلبية حاجاتكم والتجاوب مع تطلعاتكم من خلال أعمال ملموسة

 

ورأت السفيرة الفرنسية أنّ الوضع المأساوي في البلد يتطلب "التزاماً بنّاءً من قبل كل القوى السياسية، بحيث تتمكن الحكومة التي يقودها الرئيس نجيب ميقاتي من العمل بتصميم في سبيل تحقيق الاستقرار والوحدة والازدهار في لبنان ومن أجل كافة اللبنانيين".

وأضافت جريو: "أيها الأصدقاء اللبنانيون الأعزاء، تبقى فرنسا ملتزمة إلى جانبكم، وستتأكد من أنه سيتم تلبية حاجاتكم والتجاوب مع تطلعاتكم من خلال أعمال ملموسة، ميدانياً سأظل أحرص على ذلك وسأواصل العمل معكم وإلى جانبكم".

اقرأ أيضاً: هل دخل لبنان موجة الهجرة الجماعية الثالثة؟

وتوجُّه لبنان نحو الدول العربية لا يقتصر فقط على المملكة العربية السعودية، فقبل أيام من تشكيل الحكومة رسمياً وقعت مصر ولبنان والأردن وسوريا اتفاقية يتم بموجبها إيصال الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، ما يعني عند تحقيقه رسمياً خلال الشهور القادمة انفراجة كبيرة في أزمة المحروقات في لبنان.

وكانت إيران قد وجهت شحنات من المازوت إلى لبنان خلال الأسابيع الماضية، في ظل اشتداد أزمة المحروقات فيه، وتهديد شح المحروقات للمرافق الحيوية بالتوقف مثل المخابز والمستشفيات.

أولويات ميقاتي

في غضون ذلك، اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية أنه "يتعين عليه اتباع منهجية حكومية وسياسية جديدة، عنوانها استعادة العلاقات مع كل الدول، وخصوصاً الدول العربية".

وأضاف في تصريحات لصحيفة "المدن"، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم": "أنا منذ اليوم الأول لتكليفي بتشكيل الحكومة أبلغت الجميع بأنني لا يمكن أن أمنح الثلث المعطل لأيّ فريق ولأيّ طرف... صحيح أنه كانت هناك محاولات كثيرة للحصول عليه، لكنني نجحت في تجاوزها، بالتركيز على آلية عمل مجلس الوزراء، والبرنامج الذي لا بدّ من وضعه، والعمل بناء عليه، لتحقيق الإصلاحات والحصول على المساعدات الدولية".

اقرأ أيضاً: الأردن يرسل طائرة مساعدات جديدة إلى لبنان

وأكمل ميقاتي: "انطلاقاً من التنسيق والانسجام بيني وبين الوزراء، فإنّ معادلة الثلث المعطل تسقط بشكل كامل، وأستطيع أن أقول إنّ لدي في هذه الحكومة أكثر من ثلثي وزرائها، انطلاقاً من دوافع العمل والتنسيق"، مؤكداً أنّه "الآن ليس وقت الاحتساب السياسي بالنقاط أو بالحصص، وإنما وقت إطلاق ورشة عمل للنهوض بلبنان من أزماته المتوالية، والحد من الانهيار، والإسراع في العمل على إنجاز ملفات أساسية تتعلق بأزمة الكهرباء وإيجاد الحلول السريعة لها، بالإضافة إلى ملف المحروقات وتوفيرها، لتسهيل انطلاق العام الدراسي".

 

توجّه لبنان نحو الدول العربية لا يقتصر فقط على السعودية، فقبل أيام من تشكيل الحكومة رسمياً وقعت مصر ولبنان والأردن وسوريا اتفاقية يتم بموجبها إيصال الغاز المصري إلى لبنان

 

ولتحقيق الإنجازات المطلوبة، رأى ميقاتي أنّ "هذا يجب أن يبدأ من اتباع منهجية حكومية وسياسية جديدة، عنوانها استعادة العلاقات مع كل الدول، وخصوصاً الدول العربية، وأنّ هذا ما يجب التركيز عليه في البيان الوزاري، وفي المنهجية السياسية التي ستتبعها الحكومة".

ونقل موقع "لبنان 24" عن رئيس الحكومة نيته التوجه سريعاً إلى صندوق النقد الدولي: "جزء من مهمة حكومتي إجراء محادثات جديدة بين لبنان وصندوق النقد الدولي"، وذلك عبر حديثه لقناة "الشرق"، متحدثاً عن حاجة حكومته إلى شهر لبدء التفاوض؛ أي بعد أن تكون قد أنجزت بيانها الوزاري، وحصلت على ثقة البرلمان.

وفي تقرير آخر يرى الموقع ذاته أنّ ثمّة "3 مهام رئيسية تنتظر هذه الحكومة؛ الأولى وقف الانهيار والحد من تفاقم الأزمات، والثانية إطلاق المفاوضات مجدداً مع صندوق النقد الدولي لإدخال عملات أجنبية إلى البلد، والثالثة إدارة الانتخابات النيابية والحرص على إنجازها في موعدها". 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية