لماذا أقصى رئيس الوزراء العراقي شخصيات طائفية عن مواقع حساسة؟

لماذا أقصى رئيس الوزراء العراقي شخصيات طائفية عن مواقع حساسة؟


09/07/2020

يسعى رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إلى استعادة ثقة الشارع المحلي في النظام مجدداً، عبر إجراء سلسلة تغييرات في مرافق الدولة المدنية والأمنية، شملت شخصيات مصنفة حزبياً وطائفياً، لدى الجمهور الساخط على أوضاع البلاد برمّتها، حيث تصاعد هذا السخط في أعقاب اغتيال الخبير الأمني العراقي، هشام الهاشمي.

الكاظمي يجري عدة تغييرات في المواقع الأمنية والمدنية... والفياض والمالكي أكبر الخاسرين منها وكتل سنّية تنتقد عدم منح شخصية سنّية منصباً من الدرجات الخاصة في الدولة

وقررت السلطات العراقية، أول من أمس الثلاثاء، تشكيل هيئة تحقيق قضائية تختص في جرائم الاغتيالات في أعقاب مقتل الهاشمي.

وبحسب بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية عن مجلس القضاء الأعلى بالبلاد، فإنه تقرر تشكيل هيئة تحقيق من 3 قضاة وعضو ادعاء عام تختص بالتحقيق في جرائم الاغتيالات بالعاصمة بغداد وبقية المحافظات.

ومن المقرر أن تقوم هيئة التحقيق الجديدة في العراق بالتنسيق مع وزارة الداخلية في هذا الصدد.

في غضون ذلك، طاولت التغييرات، التي أجراها الكاظمي، الأطراف المحسوبة على الجناح السياسي الموالي لإيران، الذي ما لبث أن هاجم الكاظمي واتهمه بالابتعاد عن تنفيذ البرنامج الحكومي المطلوب منه، والذي وعد بتنفيذه في الأيام الأولى لوزارته.

اقرأ أيضاً: اغتيال الهاشمي.. هل يُعجل تقليم أظافر إيران في العراق؟


وانتقدت كتل سنّية أيضاً رئيس الحكومة العراقية؛ لعدم اعتماده "سياسة التوازن الوطني" في توزيع المناصب الجديدة، محذرة من العودة إلى منهج "الطائفية السياسية"، فيما أعلنَ في بغداد تشكيل جبهة "عراقيون" النيابية، التي تهدف إلى إسناد الوزارة الجديدة داخل البرلمان، والحدّ من محاولات الابتزاز السياسي التي تمارسها بعض الكتل، فضلاً عن دعم مسار الدولة نحو "الوسطية والاعتدال" في القضايا الداخلية والخارجية.

وأجرى رئيس الوزراء العراقي، خلال الأسبوعين الماضيين، سلسلة تغييرات في عددٍ من الهيئات والدرجات الخاصة، شملت مواقع أمنية وإدارية داخل جسم الدولة العراقية.

تجريد "الفياض" من سلطاته المتعددة

بعد هيمنته على ثلاث وزارات في آنٍ واحد، على مدار ثلاث دورات حكومية ماضية، فقد فالح الفياض هيمنته على وزارتين، بعد إناطة منصبَي مستشار الأمن الوطني لوزير الداخلية الأسبق، قاسم الأعرجي، ورئيس جهاز الأمن الوطني للفريق المتقاعد، عبد الغني الأسدي، واكتفاء الفياض برئاسة هيئة الحشد الشعبي.



وتعدّ مستشارية الأمن الوطني، وجهاز الأمن الوطني، وهيئة الحشد الشعبي، درجات وزارية داخل الهيكلية الحكومية العراقية، وقد هيمن الفياض على تلك المناصب؛ نتيجة قربهِ من صاحب القرار الإيراني في العراق، والقوى السياسية الشيعية المقربة من طهران أيضاً، كما يعدّ ساعي بريد إيران للعراق وسوريا.

وجاء إنهاء تكليف الفياض بالوزارتَين أعلاه بقرار من الكاظمي، السبت الماضي، في مسعى من الأخير إلى تغيير ملامح حكومته، والاستعانة بوجوه مقبولة شعبياً، في ظلّ تحدي استعادة الثقة الذي يخوضه الكاظمي مع الشارع المحلي في العراق.

اقرأ أيضاً: القمار والاتجار بالبشر.. ملاذ مليشيات إيران بالعراق من الإفلاس

ويعدّ الأعرجي، وهو قيادي بمنظمة بدر (بزعامة هادي العامري)، ووزير داخلية في حكومة حيدر العبادي، من الشخصيات المقبولة شعبياً، لنجاحهِ إبان استيزاره السابق، فيما يعدّ الأسدي من أبرز قادة جهاز مكافحة الإرهاب، الذي خاض الحرب ضدّ تنظيم داعش.

تغييرات وزارية طالت حزب المالكي

ومن ضمن التغييرات الجوهرية التي يجريها رئيس الحكومة العراقية الجديدة، أنّه نحّى مؤخراً رئيسَي هيئتَي الاتصالات وشبكة الإعلام العراقي، التابعتَين لكتلة دولة القانون (بزعامة نوري المالكي)، وتعد الهيئتان أيضاً بمثابة وزارتَين استولى عليهما حزب المالكي لفترةٍ طويلة.



وتمّ إسناد منصب رئيس هيئة الاتصالات لبسام صالح، بدلاً من صفاء ربيع، ومنصب رئيس شبكة الإعلام العراقي، للإعلامي نبيل جاسم، بدلاً من فضل فرج الله، كما طالت التغييرات رؤساء الوقفَين الشيعي والسنّي، وهيئة التقاعد الوطنية.

وإثر ذلك؛ هاجم عدنان الأسدي، عضو حزب الدعوة الإسلامية/ جناح المالكي، التغييرات الأخيرة للكاظمي، وقال: "لا أدري لماذا يبتعد رئيس الوزراء عن الأزمات الحقيقية التي تمرّ بها البلاد، ويذهب نحو إثقال كاهل الموازنة بالتعيينات الجديدة لرؤساء الهيئات الجدد".

اقرأ أيضاً: كيف يستعين أردوغان بأحلام عثمانية للتوسّع في سوريا والعراق

وأضاف لـ "حفريات": "الحكومة الجديدة مطالبة بتنفيذ وعودها للشعب العراقي، ويتقدمها في ذلك إجراء الانتخابات المبكرة، وإخراج القوات الأمريكية، كما نطالبها بوضع حلول واقعية لأزمتَي كورونا والانهيار الاقتصادي"، مؤكداً أنّ كتلته "ستمارس مهامها الرقابية داخل قبة البرلمان".

نواب سنّة ينتقدون غياب "التوازن الوطني"

من جهةٍ أخرى، انتقد نواب في كتل سنّية متفرقة، غياب التمثيل السنّي في التغييرات التي حصلت في المواقع الحكومية الجديدة، مطالبين بضرورة مراعاة "سياسة التوازن الوطني" بين مختلف أطياف الشعب العراقي في منظومة إدارة الدولة.

اقرأ أيضاً: من سوريا والعراق إلى ليبيا.. التدخل التركي "عرض مستمر"

وأكّد يحيى المحمدي، النائب عن تحالف القوى العراقية بزعامة (محمد الحلبوسي)، أنّ "التغييرات الأخيرة لم تأخذ بعين الاعتبار معيار التوازن الوطني بين مختلف شرائح المجتمع العراقي"، لافتاً إلى "ضرورة خلق مشاركة تضامنية في إدارة مواقع الدولة العراقية، سواء كانت مواقع مدنية أو عسكرية".



وبيّن المحمدي لـ "حفريات"؛ استعداده لدعم "أيّ إجراء يسهم في بناء دولة القانون"، وأنّه لن يقف حجر عثرة أمام أيّ إجراء إصلاحي يرتقي بالحكومة، مضيفاً: "لكنّنا نريد مراعاة المهنية والتوازن في ذلك".

أما خالد الخطيب، النائب عن كتلة المناطق المحررة بزعامة (خميس الخنجر)، فقد قال لـ "حفريات": "الكاظمي، بتغييراته الأخيرة، همّش المكوّن السنّي من مناصب الدرجات الخاصة "، مطالباً بـ "ضرورة إسناد موقع أمني لشخصية من المناطق المحررة من داعش، احترازاً من الحساسيات الطائفية والاختلاف السياسي".


"عراقيون" جبهة نيابية مساندة للكاظمي

وفي سياق منفصل، أعلن زعيم تيار الحكمة الوطني، عمار الحكيم، تشكيل جبهة سياسية جديدة، تحت مسمى "عراقيون"، تسعى لدعم الحكومة وتقوية مؤسساتها وتجنيب البلاد التخندقات الإقليمية.

اقرأ أيضاً: لماذا يقف أردوغان على أطرافه في العراق؟

الجبهة، التي تتكون من "41" نائباً، قال عنها الحكيم: "التحالف الجديد يدعم الدولة، ويعبّر عن مواكبة مخلصة للتحولات المتلاحقة الحاصلة في البلاد، كما يتخذ الاعتدال والوسطية ودعم المشروع الوطني والخطاب الوحدوي أساساً متيناً لتمثيل قوى الدولة".


وأشار خلال الإعلان عن انبثاقها، الثلاثاء الماضي، إلى أنّها "تهدف لدعم القوات المسلحة، التي تضمّ الجيش والشرطةَ والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب، والبشمركة، في إطارها المؤسساتي والتزامها بواجباتها ضمن سياقات القانون وسياسات الدولة".

وأضاف الحكيم: "التحالف يهدف أيضاً إلى جعل العراق لاعباً أساسياً للتقارب بين الأشقاء والأصدقاء، وحلّ الأزمات والتقاطعات في المنطقة، والتشجيع على مدّ جسور العلاقة والمصالح المتبادلة مع دول المنطقة والعالم".

اقرأ أيضاً: هل ينجح الكاظمي في استعادة هيبة الدولة العراقية؟

وتعليقاً على ذلك، يقول المحلل السياسي جبار الحمد لـ "حفريات": "الحكيم، ومن معه، يحاولون حماية حكومة الكاظمي من أيّ تهديد يوجَّه لها من قبل الكتل النيابية المعارضة، لا سيما تلك الكتل الإسلامية المتشددة".

اغتيال "خبير أمني" يهزّ الراهن العراقي

وعلى الصعيد الأمني؛
قتل مسلحون مجهولون، مساء أمس، الإثنين، الخبير الأمني العراقي، هشام الهاشمي، قرب منزله، في منطقة زيونة شرق بغداد.

وقال بيان وزارة الداخلية إنّ "ثلاثة مسلحين يقودون دراجات نارية اعترضوا سيارة الهاشمي وأطلقوا النار عليه، ونقل بعدها إلى مستشفى ابن النفيس، حيث توفَّي".

ويعدّ الهاشمي من أبرز الشخصيات العراقية الباحثة في شؤون الجماعات المسلحة، كما عرف بقربه من مصدر القرار الحكومي العراقي.

وفور مقتل الهاشمي (47 عاماً)، نددت مختلف القوى السياسية والاجتماعية العراقية، والبعثات الدولية، بعملية اغتياله، فيما تعهد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بالكشف عن الجناة، قائلاً: "لن نسمح بأن تعود عمليات الاغتيالات ثانية إلى المشهد العراقي، لتعكير صفو الأمن والاستقرار".

اقرأ أيضاً: هل أصدر الكاظمي حقاً قراراً بإزالة صور قادة إيران من شوارع العراق؟

ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي رسائل خاصة بين الهاشمي وأصدقائه، يكشف الأول فيها تلقيه تهديداً بالتصفية، في حال اتهامه للمليشيات عبر وسائل الاعلام بـ "تهديد السلم الأهلي".

وخاطب الناشط السياسي، غيث التميمي، رئيس الوزراء، عبر حسابه بتويتر، قائلاً: "لدي وثائق تحدد الجهة المتورطة بقتل هشام الهاشمي، زوّدني بها الشهيد، وأنا على أتمّ الاستعداد لتزويدكم بكافة التفاصيل، وقد تمّ تهديدي قبل قليل من الجهة نفسه، بسبب إعلاني عن وجود الوثائق".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية