لماذا تخشى إسرائيل امتلاك إيران القمر الصناعي الروسي؟

لماذا تخشى إسرائيل امتلاك إيران القمر الصناعي الروسي؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
26/06/2021

ينتاب إسرائيل القلق، بعد المعلومات المتواردة من قبل مسؤولين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط، بأنّ روسيا ستزود إيران بقمر صناعي حديث يتمّ استخدامه لأغراض الاستخبارات وجمع المعلومات، وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، فإنّ القمر الصناعي يستطع أن يصل إلى العديد من القواعد الإسرائيلية، وسيمنح الإيرانيين قدرة غير مسبوقة على تتبع قواعد عسكرية إسرائيلية وأمريكية ومراقبتها، إضافة إلى القدرة على تتبع أهداف إستراتيجية أخرى في الشرق الأوسط ومراقبتها أيضاً.

في حال حصل تقدّم ملموس في مفاوضات فيينا بين أمريكا وإيران حول الاتفاق على البرنامج النووي، فمن شأن ذلك أن يعرقل محاولات روسيا تزويد إيران بالقمر الصناعي

وشهدت العلاقات الإيرانية الروسية تحسناً ملحوظاً منذ عام 2012؛ إذ رافق ذلك تبادل للزيارات بين مسؤولي الدولتين ونشاط عسكري مشترك في سوريا، ووضع خطط مشتركة لتوسيع نطاق العلاقات بين البلدين في قضايا تزويد إيران بالسلاح الروسي، فيما تنظر إسرائيل إلى هذا التقارب بأن له تداعيات سلبية على أمنها، خصوصاً تزويد طهران بسلاح متطور سيصل قسم منه في نهاية المطاف إلى حزب الله، الذي يشكّل تهديداً لإسرائيل من الشمال، كما أنّ محاولات إضعاف التأثير والنفوذ الأمريكي في المنطقة، سيخدم في نهاية المطاف التفوق الروسي دولياً وبالمرتبة الثانية إيران إقليمياً.

وقالت القناة العبرية الرسمية "كان"؛ إنّ الحديث يدور عن قمر صناعي روسي سيمنح الإيرانيين قدرة غير مسبوقة على تتبع ومراقبة قواعد عسكرية إسرائيلية؛ إذ إنّ القمر الذي يحمل اسم "كانوبوس في"، مزود بكاميرا عالية الدقة يمكن أن تساعد طهران في المراقبة المستمرة للمنشآت، مثل القواعد العسكرية الإسرائيلية والمنشآت الأمريكية في الشرق الأوسط.

تدريب طواقم إيرانية

وتحدثت تقارير استخباراتية أمريكية عن أنّ خبراء روساً سافروا في وقت سابق إلى إيران، للمساعدة في تدريب طواقم أرضية تعمل على تشغيل القمر الصناعي من منشأة تمّ بناؤها حديثاً بالقرب من مدينة كرج، غرب طهران، فيما يبدي مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون قلقهم من نقل إيران صوراً يلتقطها القمر الصناعي لاحقاً إلى الميليشيات الموالية لها في جميع أنحاء المنطقة.

اقرأ أيضاً: نجاد يفجر مفاجأة من العيار الثقيل تتعلق بأحد أقارب خامنئي.. ما علاقة إسرائيل؟

في المقابل، نفى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، المعلومات المسربة عن تقديم بلاده القمر الصناعي المذكور لطهران، واصفاً ما نشرته الصحف الأمريكية بـ "الكذب"، ولم يخفِ بوتين في تصريحاته التي أدلى بها لقناة "إن بي سي" الأمريكية، أنّ لدى روسيا خطط قادمة للتعاون مع إيران بما في ذلك التعاون العسكري والتقني.

زيادة النفوذ والقدرات

في سياق ذلك، يقول المختص في الشأن الإيراني ومدير المركز العربي للبحوث الإستراتيجية، هاني سليمان: إنّ "روسيا تحاول البحث عن موطئ قدم لها في المنطقة على حساب هيمنة الولايات المتحدة والعمل على زيادة نفوذها وقدراتها، لذلك تجد روسيا في إيران بوابة للدخول إلى المنطقة وتحقيق مصالحها، لكنّ هذه الخطوة حساسة في هذا التوقيت، في ظلّ تصاعد الخلافات بين واشنطن وموسكو".

 المختص في الشأن الإيراني ومدير المركز العربي للبحوث الإستراتيجية، هاني سليمان

ويضيف سليمان، في حديثه لـ "حفريات": "روسيا تحاول الضغط على أمريكا والتأثير عليها من خلال الدور الإيراني، خاصة مع استمرار المفاوضات الجارية في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني، واحتمالية احتدام الصراع بين الجانبين في ظلّ وجود رئيس جديد ومتشدّد لإيران في هذه المفاوضات، إلى جانب أنّ روسيا تحاول الخروج من أيّة مواجهة مباشرة مع أمريكا، وتخوّل المهمة لإيران خوفاً من فرض المزيد من العقوبات على موسكو".

اقرأ أيضاً: "إخوان" إسرائيل و"إخوان" حماس

ويشير إلى أنّ "وجود مثل هذا القمر الصناعي لدى إيران يشكّل قلقاً وتهديداً كبيرَين على إسرائيل، التي تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على التفوق النوعي في المنطقة، باعتبارها اليد العليا فيما يتعلق بالجانب الاستخباراتي والأمني ولها خبرة نوعية في هذا المجال، لكنّ دخول إيران، التي تقيم عداء حتى وإن لم يكن مباشراً مع إسرائيل، على هذا الخطّ، سيؤدي إلى خلق توازن في الردع وهذا ما يخيف إسرائيل".

تقوية إيران

ويوضح المختص في الشأن الإيراني؛ أنّ "هناك ترابطاً بين روسيا وإيران، وتسعى روسيا مؤخراً إلى تقوية إيران إقليمياً، لأنّها ترى فيها أحد أهم الدول المؤثرة في المنطقة، التي من الممكن أن تساعدها في تحقيق مصالحها في الشرق الأوسط، نظراً إلى وجود خلافات قائمة مع إسرائيل والولايات المتحدة حول البرنامج النووي".

الباحث هاني سليمان لـ"حفريات": امتلاك إيران القمر الصناعي يشكّل قلقاً وتهديداً كبيرَين على إسرائيل، التي تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على التفوق النوعي الاستخباري في المنطقة

وتابع: "التغيير الرئاسي الجديد في إيران سيفتح لها بناء المزيد من العلاقات الخارجية مع دول لا ترغب إسرائيل بها، كالعلاقات مع روسيا والصين، إضافة إلى أنّ الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، يعدّ من أكثر المتشددين، ويتوقّع أنه لن يقدّم أيّ شيء إيجابيّ على صعيد الخلافات الإقليمية، بل سوف تتجه الأمور إلى مزيد من التصعيد، سواء مع أمريكا أو إسرائيل والخليج أيضاً، كما أنّه سيعمل على تعظيم دور إيران الإقليمي بشتى الأساليب والطرق".

اقرأ أيضاً: حكومة "الإخوان - الإسرائيليين"

ورغم فشل إيران المتكرر في إطلاق أقمار صناعية، إلا أنّ هذه المحاولات تشكّل هاجساً لدى إسرائيل، حيث تتيح الأقمار الصناعية السماح لإيران في تطوير صواريخ باليستية عالية الدقة وعابرة للقارات وإنتاج قنابل نووية، ويمنحها ذلك القدرة على تهديد خصومها وتهديد الاستقرار الإقليمي.

 المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور عمر جعارة

بدوره، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور عمر جعارة؛ أنّ "مسألة الأقمار الصناعية ومحاولات إيران تطوير قدراتها في هذا المجال، من خلال امتلاك قدرات استخباراتية وتجسسية لمراقبة تحركات إسرائيل، سواء على صعيد الجيش أو الأفراد، يعدّ أمراً مقلقاً لإسرائيل، ومن الممكن أن يدفع امتلاك إيران للقمر الصناعي الروسي إلى تدخّل عسكري إسرائيلي أحادي الجانب".

ويؤكد جعارة، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "الخطر بالنسبة إلى إسرائيل يكمن في أن تصبح لدى إيران إمكانية مستقلة للحصول على معلومات حول إسرائيل ومشاركتها مع تنظيمات مثل حزب الله اللبناني وحماس، كما أنّ هناك خوفاً من إمكانية مراقبة البنية التحتية للجيش، بما في ذلك نشر بطاريات القبة الحديدية ونشر القوات في الميدان وكذلك القطع البحرية".

خلافات هامشية

ويوضح "رغم وجود علاقات على مستوى التعاون العسكري بين روسيا وإيران، ومحاولات روسيا دعم إيران بقدرات عسكرية استفزازية في المنطقة، إلا أنّ هناك خلافات هامشية قائمة بين الجانبين؛ فروسيا تستخدم إيران أداة لها، وليس في المستوى نفسه الذي تتعامل فيه روسيا مع دول أخرى، وفي المقابل لا يمكن إغفال الخلافات الكبيرة التي دارت بين الطرفين في سوريا، وعدم رغبة روسيا في التموضع الإيراني داخل سوريا". 

اقرأ أيضاً: "الغزل الحرام" بين "الإخوان" وإسرائيل وإيران

ويشير إلى أنّ "روسيا تقيم تنسيقاً أمنياً عالي المستوى مع إسرائيل، خاصة في سوريا، إلى جانب وجود تنسيق أمني آخر بين روسيا وإيران في المنطقة، ولكن كلّ هذه الجهود التي تقيمها روسيا لا فائدة منها، فهي تسعى من خلالها للضغط على أمريكا من أجل تخفيف ورفع العقوبات عن موسكو".

وتوقع المختص في الشأن الإسرائيليّ؛ أنّه "في حال حصل تقدّم ملموس في مفاوضات فيينا بين أمريكا وإيران حول الاتفاق على البرنامج النووي، فمن شأن ذلك أن يعرقل محاولات روسيا تزويد إيران بالقمر الصناعي، من خلال فرض أمريكا ضغوطات على إيران لمعارضة هذه الخطوة الحساسة، التي تشكّل خطراً على أمنها ومصالحها في المنطقة، كون امتلاك القمر الصناعي سيدفع إيران لتطوير سلاحها النووي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية