لماذا ترغب إسرائيل في قمع إيران النووية قبيل الانتخابات الأمريكية؟

لماذا ترغب إسرائيل في قمع إيران النووية قبيل الانتخابات الأمريكية؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
29/09/2020

ترجمة: إسماعيل حسن

تستعدّ الإدارة الأمريكية لجولة انتخابات رئاسية، مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، في حين تبقى الأشهر القليلة المتبقية ساخنة وحرجة على صعيد الصراع ضدّ إيران وتطلعاتها النووية والإقليمية، ويلزم ذلك مواصلة دونالد ترامب حملة الحدّ الأقصى من الضغط على إيران، وأن يبني بالتوازي مع ذلك آليات تمنع العودة إلى الاتفاقات النووية الماضية.

مصدر إسرائيلي قدّر بأنّه في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، عام 2018، واستئناف العقوبات الاقتصادية؛ فهذا يشير إلى احتمال جيد بأن تركع إيران على ركبتيها

 وكبداية أولى، الإدارة الأمريكية ملزمة بإدخال 13 بنكاً إيرانياً، وهما متبقيان في المنظومة البنكية التي تضع بنوك إيران في القائمة السوداء، باستثناء بنك واحد يبقى لغرض التجارة الإنسانية، إنّ هذا الإجراء سيقطع الأكسجين الاقتصادي عن طهران، وسيواصل تغذية الاحتجاجات والإضرابات الاقتصادية ضدّ النظام وسيبني رافعة لمفاوضات مستقبلية، وعلى الإدارة أن تكمل بناء سور العقوبات الذي يتشكّل من ردع سياسي، سور يبنى من عقوبات تركّز على دعم النظام للإرهاب، وبرنامج الصواريخ الباليستية، وخرق حقوق الإنسان.

في المقابل؛ على الجمهوريين أن يوضحوا من خلال قرار في الكونغرس، أنّه إذا انتخب جو بايدن، وقرّر رفع العقوبات، فسيكون هذا مؤقتاً، وستفهم الشركات الدولية بأنّها ستفقد استثماراتها في إيران، عندما يعيد الجمهوريون السيطرة على الحكم بعد أربعة أعوام، ويعيدون كلّ العقوبات، لقد استخدمت الإدارة الأمريكية، منتصف آب (أغسطس) الماضي، آلية تحت مسمى "سناب بلاك"، وهي مرتبطة بالاتفاق النووي، بحسب هذه الآلية، من حقّ الولايات المتحدة أن تطالب من طرف واحد بإعادة العقوبات التي رفعت عن إيران، وتنفيذ الـ "سناب بلاك" سيلغي في مقابله انتهاء مفعول حظر السلاح التقليدي، ويعيد الحظر على إنتاج المواد المشعة نووياً على أراضي إيران، لكن على فرض أنّ العملية ستنجح، نوصي بايدن باستخدام الرافعة، ويمكن بعد ذلك أن تدير الولايات المتحدة مفاوضات على اتفاق أفضل، يوسع حظر السلاح والصواريخ ويلغي إنتاج اليورانيوم والبلوتونيوم.

بايدن: العودة إلى صفقة النووي الإيراني

يعمل مستشارو بايدن على بعض الأوراق المهمة والمستقبلية لمرشحهم الرئاسي، وفي مقدمة الأعمال العودة إلى صفقة النووي الإيراني، من عام 2013، وبحسب الأوراق تدرس بشكل مغلوط تماماً تسهيلات مسبقة في العقوبات وذلك لعودة إيران إلى الطاولة، لقد كانت هذه فكرة سيئة، وهي كذلك اليوم لأجل الامتناع عن تكرار الأخطاء، وصل إلى إسرائيل موظفون أمريكيون كبار من هيئة الأمن القومي ووزارة الخارجية في زيارة سرية للقاء نظرائهم، وعلى حدّ قولهم؛ فإنّ على الولايات المتحدة أن تتيح لإيران سبيلاً للخروج من الطريق المسدود في النووي.

إنّ اقتراحهم الذي عرّفوه بخطوات لبناء الثقة، قام على أساس التخفيف من العقوبات مقابل تنازلات إيرانية طفيفة في النووي، وتحوّل هذا النهج لاحقاً إلى حجر أساس في موقف إدارة أوباما من المفاوضات، ويبدو أنّ فريق بايدن يتبنّاه مجدداً. لقد حذّرت إسرائيل حينها من السير إلى هذا المنزلق، وتوقّعت أن يكون للمفاوضات زخم خاص بها، بالنسبة إلى إسرائيل؛ فهي قلقة من نتائج جولة الانتخابات الأمريكية المقبلة، فخسارة ترامب من خسارة تطلعات إسرائيل، وتعني لها مأساة وكارثة، فقد حقّق مطالب إسرائيل، التي لطالما تمنّت تحقيقها، وما يزال ترامب عند وعوده للإسرائيليين.

عرض الأمريكيون سابقاً جملة من الحلول الكاملة، وفي نهاية المسيرة ستتضمن الحلول قرارات قائمة على مبدأ واحد، وهو: صفر تخصيب يورانيوم، وصفر بلوتونيوم، وصفر مياه ثقيلة

 في المقابل؛ فإنّ منافسه، جو بايدن، يعدّ من الليبراليين المعتدلين، وتختلف وجهات نظره بشكل كبير عن تطلعات ترامب، فهو مع فكرة إيجاد حلّ دبلوماسي مع إيران والعودة للتفاوض حول البرنامج النووي، ومؤيد للسلام، وضدّ مخطط الضمّ، وتخوف إسرائيل من سياسات بايدن دفعها لأن تطالب وبشدة طواقم ترامب وبايدن بالتنسيق بينها، لرسم السياسة المستقبلية تجاه إيران، لكن يمكنهم أن يسيروا منقسمين، ويبقوا موحّدين في ظلّ التعلّم من أخطاء الماضي. هذا جيد للأمريكيين ولأصدقائهم في الشرق الأوسط، الذين وجدوا أنفسهم في مدى الصواريخ الإيرانية ويخافون من إيران نووية.

إسرائيل والتهديد الإيراني

 إنّ السبب الأساس، الذي جعل السياسة الخارجية الإسرائيلية تصل إلى نقطة الفصل هذه، وانتهت فيها عقائد ومسلمات انقضى زمنها، هو بالطبع التهديد الإيراني، والتعاون من قبل بعض البلدان معها كفيل بأن يكون مقدمة لجملة كبيرة من الأخطار العنيفة، والتي تعرض استقرار هذه الدول في أمنها وسياساتها، ادّعت إسرائيل أنّ السبيل الوحيد حالياً هو المطالبة بطاعة إيرانية كاملة لكل القرارات القائمة لمجلس الأمن، ومحظور إعطاء إيران تسهيلات في العقوبات كثواب مسبق.

عرض الأمريكيون سابقاً جملة من الحلول الكاملة، وفي نهاية المسيرة ستتضمن الحلول قرارات قائمة على مبدأ واحد، وهو: صفر تخصيب يورانيوم، وصفر بلوتونيوم، وصفر مياه ثقيلة، وحلّ مشكلة الأبعاد العسكرية للبرنامج من الماضي، ووقف تام للتطلعات النووية الإيرانية، نعرف كيف انتهى هذا، فقد حقّق الإيرانيون في المفاوضات كلّ مطالبهم وأكثر، وذلك من فريق أمريكي وجه لضمان صفقة قبل انتهاء ولاية أوباما، صفقة عام 2013 منحت الإيرانيين المليارات واعترافاً غير مسبوق بحقّهم في التخصيب، وسار الاتفاق، عام 2015، شوطاً أبعد، ومنح تسهيلاً واسعاً في العقوبات، وإلى جانب مسار واضح نحو القنبلة، منحت الصفقة إيران حقاً فورياً في البحث والتطوير لأجهزة طرد مركزي متطورة يسمح بإخفائها، ومجال عمل لتطوير صواريخ باليستية، وطريق وصول إلى سلاح ثقيل.

حين يرفع الحظر

 حين يرفع حظر السلاح والصواريخ التقليدية في غضون ثمانية أعوام، تحصل طهران على تطبيع دبلوماسي واقتصادي ونووي كامل، دون تحقيق أيّ هدف من تلك التي وعدت المحافل الأمريكية إسرائيل بها، كيف يمكن منع تكرار مثل هذه الأخطاء، الولايات المتحدة ملزمة بأن تعزّز مساعي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتدعمها، ولا سيما بعد رحلة المدير العام، رفائيل غروسي، إلى طهران، على الوكالة أن تواصل المطالبة بالالتزام الكامل بالاتفاقيات، بما في ذلك اتفاق الأسبوع الماضي، الذي منح الوكالة الدولية الحق في زيارة موقعين أخفى الإيرانيون فيهما نشاطاً نووياً غير قانوني، خلافاً لتعهداتهم، وكالات الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والغربية الأخرى، ملزمة بمواصلة مساعيها السرية لوقف البرنامج النووي والنشاطات الإرهابية الإيرانية، وبحسب التقارير، بما في ذلك تقارير الوكالة الدولة للطاقة الذرية؛ فإنّ التخريب الذي جرى في تموز (يوليو) الماضي، في مفاعل نطنز ضدّ برامج أجهزة الطرد المركزي المتطورة في إيران، أعاد إلى الوراء هذا العنصر الحرج في البرنامج لعام أو لعامين، قد تكون الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرهما ضالعة، ويتعين عليها أن تواصل ضرب منشآت النووي والبنى التحتية لتطوير وإنتاج الصواريخ، والبنى التحتية العسكرية والقوات الإيرانية في المنطقة.

إنّ موافقة إيران على إدخال مراقبي الوكالة إلى موقعين مشبوهين بتنفيذ نشاطات نووية فيهما، بحسب بيان الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إنّما يشكّل تطوراً مهماً في مفترق القرارات الذي تقف فيه إيران، تصدّت طهران في الأشهر الأخيرة لسلسلة خطوات دبلوماسية، استهدفت في نظرها التقويض النهائي لما تبقى من الاتفاق النووي؛ ففي لقاء منتدى الأمناء الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، حزيران (يونيو) الماضي، اتّخذ قرار يطالب إيران بالسماح لمراقبي الوكالة في الدخول إلى موقعين علم بوجودهما في أعقاب اقتحام الموساد أرشيف النووي الإيراني، والردّ على أسئلة بشأن موقع ثالث وجدت فيه بقايا يورانيوم طبيعي.

خطوة في مجلس الأمن

 وبالتوازي قادت واشنطن خطوة في مجلس الأمن لتمديد مفهوم حظر السلاح على إيران، الذي سينفّذ، في 18 تشرين الأول (أكتوبر)، وانضمّت هذه التطورات إلى سلسلة أحداث، على رأسها الانفجار الذي وقع في 2 تموز (يوليو) الماضي، في منشأة لتركيب أجهزة الطرد المركزي المتطورة في نطنز، الذي شكّل ضربة للمخططات الإيرانية للانتقال إلى مراحل متطورة أكثر في المشروع النووي، يبدو مع ذلك أنّ الخطوات الدبلوماسية، بقيادة الولايات المتحدة، تصطدم، حتى الآن، بمصاعب مهمة؛ ففي منتصف آب (أغسطس)؛ ردّ مجلس الأمن، وبأغلبية ساحقة، الاقتراح الأمريكي لتمديد حظر السلاح، وفي أعقاب ذلك فعّلت الولايات المتحدة آلية العقوبات التي في الإتفاق النووي، المسماة "سناب بلاك"، بحجة أنّ إيران تخرق الاتفاق، غير أنّ 13 من أصل 15 دولة عضوة في مجلس الأمن، أعربت عن معارضتها للخطوة، بدعوى أنّه ليس لواشنطن الحقّ في تفعيل الآلية؛ لأنّها انسحبت من الاتفاق النووي، في أيار (مايو) 2018.

 في مقابل ذلك؛ فإنّ تخفيف الضغط الدبلوماسي عن إيران كفيل بأن يكون مؤقتاً، وفي كلّ الأحوال؛ لا يحلّ الأزمة الاقتصادية الحادة، وضائقة كورونا، التي أودت، حتى الآن، بحياة أكثر من 21 ألف شخص، ومع ذلك؛ فإنّه يسمح لإيران في اجتياز الأسابيع المتبقية حتى الانتخابات الأمريكية، على أمل أن تسمح لها الظروف الناشئة بعدها بأن تدير الأمور في ظروف أفضل.

اقرأ أيضاً: بعد تشييد مبنى لإنتاج أجهزة طرد مركزي... هل تفي إيران بالتزاماتها النووية؟

 مصدر إسرائيلي رفيع المستوى قدّر بأنّه في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، عام 2018، واستئناف العقوبات الاقتصادية؛ فهذا يشير إلى احتمال جيد بأن تركع إيران على ركبتيها، فإيران الآن ضعيفة مستضعفة وفي حالة هستيريا، غير أنّها، بعد سنتين من ذلك، ورغم الضربات القاسية التي نزلت عليها، تصرّ على رفضها العودة إلى طاولة المفاوضات إلا بشرط رفع العقوبات، وبعد الانتخابات في الولايات المتحدة كلّ شيء يبقى مفتوحاً، ويبقى الأمر مرهوناً بمن سيفوز في انتخابات الرئاسة القادمة، وما هي طبيعة جدول أعماله مستقبلاً.

مصدر الترجمة عن العبرية:

https://www.israelhayom.co.il/article/796639



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية